عامر نجح في أن يعيد اكتشاف عالم مجهول وجوانب خفية في قلب الصعيد وأعاد تسليط الأضواء عليه وعلي مشاكله من جديد بعد أن ظل ومازال مظلوماً وبعيداً عن أنظار الدولة.. قدم الراحل الكبير عشرات المسلسلات التي تدور في أعماق الصعيد خاصة ما يسمي «بالصعيد الجواني» في قلب محافظته قنا، لم يكن الكثير منا يعرف عادات وتقاليد العرب وهوارة الصعيد حتي كشف عنها محمد صفاء عامر النقاب في عمل درامي ملحمي رائع هو «ذئاب الجبل» هذا العمل الذي تعلقت به ومازالت عقول الجمهور ثم تبعها بتحفة درامية رائعة هي: الضوء الشارد الذي نجح في حصد أكبر نسبة مشاهدة في وقت عرضه الرمضاني في مكان مهمل في التليفزيون المصري وكان أول عمل درامي يخطف الأضواء بنجومه ممدوح عبدالعليم ومني زكي ومحمد رياض ويوسف شعبان وسميحة أيوب وكان أول ظهور للممثلة سمية الخشاب ولا أحد ينسي مسلسلاته «الفرار من الحب» لرياض الخولي وآثار الحكيم، «حلم الجنوبي» لصلاح السعدني، ف«مسألة مبدأ» لإلهام شاهين وجميل راتب وخالد النبوي ومن قبلها مسلسل «جسر الخطر» لصلاح السعدني أيضاً.. ولا ينسي جمهوره مسلسل «حدائق الشيطان» الذي حاول من خلاله الراحل إقناع الفنان الراحل أحمد زكي ببطولته وكان حلمه لكن زكي فضل اللعب في السينما فجاءت البطولة علي طبق من ذهب للممثل السوري جمال سليمان في دور «مندور أبوالدهب» الذي نجح به نجاحاً باهرا مع المخرج الراحل إسماعيل عبدالحافظ .. ثم قدمه في مسلسل «أفراح إبليس» مع عبلة كامل.. وقدم أيضا مسلسل «حق مشروع» لحسين فهمي وعبلة كامل.. مع المخرجة رباب حسين وقدم أيضا مسلسل «الموت عشقا» لممدوح عبدالعليم أيضاً. وللراحل عملان مازالا لم يريا النور هما «الميراث الملعون» و«شفيقة ومتولي» ونجح صفاء عامر في إعادة اكتشاف عالم خفي عنا جميعاً في صعيد مصر من عادات وتقاليد وكان مهموماً بمعالجة قضية الثأر والسلاح والمخدرات بالصعيد وتهريب الآثار والصراع علي كرسي البرلمان وتوابعه من قتل وخراب، وكان دائماً يرصد الصراع بين كبار العائلات ونفوذها في الصعيد وكيف تتحكم في انتخابات البرلمان والاتجار في السلاح.. تألق الراحل في كتابة الدراما الصعيدي وأعاد لدراما «الجلباب» كما يطلقون عليها بريقها وجمهورها وأعادت مسلسلاته اكتشاف نجوم مثل أحمد عبدالعزيز في «ذئاب الجبل» وممدوح عبدالعليم في «الضوء الشارد» ورياض الخولي في أول بطولة مطلقة ب«الفرار من الحب» وجمال سليمان في «حدائق الشيطان» وعشقه وحبه للكتابة خاصة عن الصعيد جعله يتخلي مبكراً عن فرصة القضاء كمستشار وتعمق في رصد تفاصيل بيئة الصعيد بقنا كواحد من أبناء الهوارة وقدم فيلمين للسينما «صعيدي رايح جاي» لهاني رمزي. و«اتفرج يا سلام» لماجد المصري وهاني رمزي.. عاش أواخر أيامه منزويا في مسكنه بحدائق الأهرام بسبب مرضه وضيقه مما يمر به الوطن في وقت الإخوان الذي كان يصفهم دائماً بإنهم لصوص سياسة، وزاد من ضيقه حادث سرقة سيارته وفشل في استعادتها بسبب تراخي الشرطة رحم الله صفاء عامر مبدعا وفارسا من فرسان الدراما المصرية. المخرج مجدي أبوعميرة يصف الراحل محمد صفاء عامر بالمبدع قائلاً: قدمت معه ثلاثية لا تنسي في تاريخ الدراما وخاصة دراما الصعيد التي أعاد عامر لها بريقها وجمهورها وجعلها في المقدمة دائماً في كل منافسة رمضانية.. وأضاف أنا نفسي اكتشفت وعرفت تفاصيل جديدة لأول مرة في حياتي عن عادات وتقاليد الصعيد بداية من عملي معه في «ذئاب الجبل» ثم «الضوء الشارد» و«الفرار من الحب» وكان الراحل - والكلام لأبوعميرة - يدقق في تفاصيل المشهد ويحرص دائماً علي الالتزام بكل ما جاء في السيناريو لأنها مشاهد لا تقبل التحريف وكان مهموماً ببيئته الصعيدية وتفاصيلها ومشاكلها من الصراع القبلي والصراع الانتخابي وتجارة السلاح والمخدرات وكان يسلط الضوء علي قضايا ومشاكل الصعيد مثل عادات الثأر وصراع العائلات وأضاف: عشقت الصعيد من خلال الصورة التي رسمها المبدع الراحل علي الورق وتعلمت فيه أن الالتزام في الكلمة يوازي الالتزام في الصورة وكانت أعماله فاتحة خير ونجومية علي كثيرين مدي حياتهم - رحمه الله. السيناريست مجدي صابر يقول عنه بصراحة شديدة: هو أستاذ لجيلي وواحد من أهم كتاب الدراما في مصر خاصة دراما الصعيد التي أعاد اكتشاف عالم نعيش فيه ولا نعرف الكثير عنه, ونجح في إبداع صور درامية رائعة مثل مسلسلات «ذئاب الجبل والضوء الشارد وحدائق الشيطان وحق مشروع» وغيرها ونجح كذلك في تسليط الأضواء علي قضايا الصعيد بكل متناقضاته من فقر ومال ونفوذ وسلطة وخير وشر بمنظور وصورة درامية جديدة ومتميزة واستطاع أن يربط المشاهد بأعماله في كل رمضان وقدم من خلالها نجوما أبدعوا وتألقوا في أدوار الصعيد, ولا أحد ينسي نجومية أحمد عبدالعزيز في «ذئاب الجبل» وسماح أنور وشريف منير ووفاء مكي والمبدع عبدالله غيث وكذلك «الضوء الشارد وحدائق الشيطان» وغيرها من الأعمال التي عبر فيها الراحل عن قضايا موطنه وخبرته في القضاء جعلته ينجح في مناقشة قضايا الثأر.. وأنهي صابر كلامه: بصراحة حزين لتساقط شجرة كبار الكتاب في الدراما بداية من الراحل أسامة أنور عكاشة وأخيراً صفاء عامر رحمه الله.