وداعاً محمد صفاء عامر عميد الدراما الصعيدية ..نجح في ترويض "ذئاب الجبل ".. ومزج قسوة الحياه في الصعيد برومانسية حالمة

منذ ساعات..رحل عن عالمنا الكاتب الروائي محمد صفاء عامر .. حيث كان يرقد في مستشفي دار الفؤاد منذ فترة نتيجة تدهور حالته الصحية ..ليعلن فجر الثلاثاء عن وفاته اثر اصابته بجلطة في المخ .
اقيمت مراسم الجنازة في جامع الجصري بمدينة 6 اكتوبر عقب صلاة الظهر ليدفن في مقابر الاسرة بالسيدة عائشة ..تاركا خلفه ميراثا ضخما من روائع الفن الدرامي والملاحم الشعبية المصرية.
هو مبدع الدراما الصعيدية ..رمز الدراما ..ابن محافظة قنا ... لم يكن غيره متخصصا في الدراما الصعيدية ..لم يكن غيره معبرا عن شخصياتها ولهجتها وامالها واحلامها ..هو صاحب اعظم ملحمة درامية في مصر والعالم العربي . الوحيد الذي رسخ لهذه الدراما وستظل لها رصيدا كبيرا لدي المشاهد المصري وسط هذا الطوفان من الاعمال الدرامية التي تعبر عن مشاكل القاهرة الصاخبة.
الكاتب الروائي صفاء عامر كتب 11 مسلسلا عن المجتمع الصعيدي .رسخ فيه مشاكله وعاداته وتقاليده ..مزج في هذه الاعمال الرومانسية بالقوة والجبروت واتضح هذا المفهوم جليا في مسلسل (حدائق الشيطان ) لسمية الخشاب وجمال سليمان..و (الفرار من الحب ) للفنانة اثار الحكيم ..ايضا في مسلسل (الموت خبا ) للفنان ممدوح عبد العليم .
ومن اهم كتاباته مسلسله الرائع (ذئاب الجبل ) الذي شكل لونا جديدا في مفاهيم الدراما الاجتماعية فقد رسخ فيه للكثير من عادات الصعيد ومزجها ايضا بالعادات القاهرية بل والغربية عندما تناول سفر البطلة سماح انور مع زوجها الي لندن للحصول علي الدكتوراة...ايضا العمل المتكامل (افراح ابليس) الذي ابدع فيه وتعرضه لظاهرة الثار واثرها علي تفكك الاسر في المجتمع الصعيدي.
جعل من واقع الصعيد مادة في متناول كل بيت واسرة ..فقد كان هذا اللون غائبا عن المجتمع القاهري ..كان حواره مزيجا من الحزن و الفرح المغلفة بالقوة كما في مسلسل ( الحلم الجنوبي ) للفنان صلاح السعدني ..هو اول من وثق قصص الحب الشعبية المصرية كما جاء في المسلسل الشهير (الضوء الشارد ) حيث جسم ملمحمة الحب العفوي العذري بين (فرح )و (رفيع بك ) البطل الشعبي ورمز للقوة والشهامة والحماية للعائلة بل وللمنطقة باسرها ..حيث لاقت نجاحا مبهرا واطلق عليها النقاد الضوء الساطع.
لم يذع له اعمال جديدة منذ عام 2009 ..وذلك لتغير الاحداث وايضا للتكلفة الباهظة للعمل الردامي الصعيدي الذي يتكلف العمل الواحد ما يقرب من 30 مليون جنية ما جعل المنتجين يعزفون عن هذا اللون من الاعمال ..اخر عمل كتبه هي الملحلمة الشعبية (شفيقة ومتولي ). ولم ير النور بل كان في مرحلة اختيار الابطال وقسط العمل وعقد ورش عمل للتحضير له..هذا العمل.قد اذيع قبل ذلك من خلال السينما وقامت ببطولته الفنانة الراحلة سعاد حسني ..والراحل احمد زكي..كما كان قد سلم لقطاع التليفزيون مسلسل (الميراث الملعون ) ولكنه سحبه اخيرا لتباطؤ القطاع في انتاجه، وكذلك من الاعمال التي كانت جاهزة لتمويلها (الحب الذي لم احبه ).