تجذب خصوصية الوجه القبلى بما تحمله من أزمات ومشاكل وأعراف وعادات وتقاليد، أنظار الكتاب والروائيين وهو ما جعل الفن الصعيدى أرضا خصبة يحرث فيها الكاتب بقلمه ويخطط بخياله نسيج عمل روائى درامى لينقل ليس للوجه البحرى بل للعالم أجمع مشاكل وقضايا وحياة الصعيد بكل تفاصيلها وبما تحويه من أفراح وأحزان فأهلتها تلك التفاصيل الغائبة عن الكثيرين لتنافس بقوة الدراما الاجتماعية العامة فى خطط البرامج التلفزيونية وفى نسب المشاهدة العالية فأصبح لا يخلو موسم رمضانى إلا وكان للدراما الصعيدية حظ منها. وكان الكاتب محمد صفاء عامر قد انفرد فى الكتابة عن أهل الصعيد وقد تميز بالفعل فى هذا اللون؛ حيث بدأ أول أعماله بمسلسل "ذئاب الجبل" عام 1992 وكان باكورة الأعمال المشتركة بين صفاء عامر والمخرج مجدى أبو عميرة والذى لاقى نجاحا منقطع النظير، وفى عام 1998 تكررت التجربة مرة ثانية بنجاح آخر مع المخرج نفسه والكاتب فى مسلسل" الضوء الشارد" الذى حقق نجاحا كبيرا. ومع تكرار موضوعات الدراما الصعيدية فقد يشعر المشاهد بالملل من مسلسلات تعالج قضايا الثأر، الزواج من خارج العائلة، الزعيم الصارم، لكن د. ثريا بدوى -أستاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام جامعة القاهرة- ترى أن ذلك الانحصار الموضوعى ينقل لنا واقعا موجودا بالفعل، لكننا كمجتمع مدنى نبتعد عنه بحكم المكان، لذلك تمثل الدراما الصعيدية عنصر جذب جيدا. وتضيف أنه كلما كتب السيناريو كاتب صعيدى متمكن مثل محمد صفاء عامر مثلا كلما منح العمل الدرامى ثقلا ومصداقية لأنه ينقل الواقع الذى عايشه كأحد أفراد المجتمع فينقل مشاكله، أفراحه، أحزانه كما عاصرها وتأثر بها، كما أن الدراما الصعيدية المكتوبة من قبل أحد أبنائها تعمل على ترويج وتسويق الصعيد فيجعلنا نتقبل لهجاتهم وأطباعهم ونتفهم عاداتهم وتقاليدهم، لذلك أصبح من المعتاد أن نشاهد على تترات المسلسل وجود مدققين أو مراجعين ومصححين للهجة الصعيدية والتراث بعاداته وتقاليده. من جانبه، يقول وليد سيف -كاتب سيناريو وناقد سينمائى- إن الدراما الصعيدية تلقى إقبالا كبيرا من المشاهد والبطل فى آن واحد؛ فبالنسبة للبطل تمثل له حالة ترقب عند الفنان ينتج من خلالها تحديا بمعنى الكلمة يظهر فى تمكنه من اللهجة وقدرته على تجسيد الشخصية الصعيدية بتركيبتها الخاصة التى تجمع بين الجدية والصرامة والعفوية أيضا فإن امتلك أدواته وتمكن منها استطاع أن ينفذ لقلوب المشاهدين. وتابع أن الدراما الصعيدية تمثل للمشاهد كشفا لمجتمع غامض بعيد عنه يحفزه لمتابعة أحداثه وتفاصيله، ومن هنا فإن المطلوب من كتاب الدراما الصعيدية أن يرصدوا طبيعة المجتمع ومتغيراته بتفاصيله ولهجاته لأن عالم الصعيد ثرى وخصب جدا للدراما التليفزيونية لما فيه من عفوية وبكارة.