لا تظلموا حكومة الببلاوى ... وتوقفوا عن مهاجمة الرجل... فالرجل ليس بطيئا... ولا متهاونا ... لكنه يدرس قراراته قبل إصدارها... ويفكر مليا... ويحسب بخبرته وخبرة وزرائه آثار القرار... وتداعياته ... وذاك منهج نفتقده فى الحكومة ... أى حكومة ... وفى الدولة العميقة ... فالقرارات كانت تصدر فتزيد المشكلة.. ولا يستفيد منها إلا أصحاب المصالح والسطحية ... ويكفى أن الحكومة تدير البلاد وخزائنها شبه خاوية... ويكفى أن الحكومة نجحت فى حشد التأييد الاقتصادى العربى لمصر فى وقت تخلى عنا الحلفاء ... والأصدقاء ... وحتى المعارف ... وأصحاب المصالح المشتركة ... ولا يقلل من جهود حكومة الببلاوى موجات الغلاء ... فأساليب مواجهتها مسئولية مشتركة بين الحكومة ... ومؤسسات أخرى... منها جمعيات حماية المستهلك ... والمستهلك نفسه ... وجمعيات التوعية... حتى الدينية منها التى تخاطب ضمائر التجار ... والمنتجين... وأخيرا يأتى دور القانون. ونظرة محايدة ... ومنصفة لحكومة الببلاوى ... تؤكد أنها تولت أمر البلاد فى ظرف أقل ما يوصف به أنه عصيب ... وأن الببلاوى نفسه من رجال الاقتصاد المشهود لهم ... وأعضاء حكومته من الأكفاء كل فى مجاله ... لن تستطيع حكومة أن تحل مشكلاتنا الاقتصادية بين يوم وليلة ... لكن الشواهد تعطينا الأمل ... وتعافى البورصة يؤكد أننا نسير فى اتجاه التعافى... وكسر الامتناع السياحى مؤشر جيد ... والحديث الجاد عن الحدين الأدنى والأقصى من علامات التوجه نحو مشكلات البسطاء ... وفتح ملف أموال التأمينات إتجاه لعودة حقوق أصحاب المعاشات ... وإعفاء تلاميذ المدارس من المصروفات تخفيف عن الأسر الأقل. وأخيرا فإن عمر حكومة الببلاوى لم يتخط الشهرين ... وما أنجزته ليس بالقليل ... خاصة إذا قارناها بسابقتها ... وما قبلها ... بدءاً من حكومات التسيير ... وحتى حكومة النهضة ... فليس بينها حكومة اقتربت ... أو حاولت ... من الهم الحقيقى ... ولا وضعت مشكلات الفقراء ضمن اهتماماتها ... إلا فى الخطط المؤجلة ... والعناوين غير الرئيسية. وأحسب أن الهجوم على حكومة الدكتور الببلاوى لا يستهدف مصلحة البلاد ... ولا يصب فى اتجاه الفئات الأقل فقرا ... والأكثر احتياجا ... والذى يجب أن نعرفه أنها حكومة مؤقتة ... لكنها تتعامل مع قضايا تحتاج برامج طويلة الأجل وسياسات وخططاً قد تكون خمسية ... وتقتحم مجالات أقرب للحكومات الدائمة ... والذين يتحدثون عن مشكلات الحياة يتجاهلون أن التعامل مع بعض الفئات بغير رؤية قد يزيد المشكلات تعقيدا ... وأن الحلول النهائية قد تتطلب وقتا لا تملكه حكومة الببلاوى ... ولست أدعو إلى تصدير المشكلات لحكومات قادمة ... ولا للرضا بالقليل ... لكن أدعو إلى النظرة الموضوعية ... والحفاظ على الإنجاز القليل الذى يتحقق ... ونبنى عليه ... فبذلك ننجح فى عبور الأزمات ... ونخرج جميعا من عنق الزجاجة. مصطفى شفيق Email: