تحت عنوان "عندما تعطس مصر تصُاب ليبيا بالزكام!!"، أعد الموقع الرسمي لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية تقريرا عن طبيعة تأثر ليبيا بمجريات الأمور في مصر، وهو ما قد يقودها في النهاية إلى الغرق في نزاع مع الجماعات المسلحة. واستهل الموقع تقريره قائلاً: "في عام 2011، بعد وقت قصير من الإطاحة وخلع الرئيس المصري الأسبق "حسني مبارك"، اندلعت الاحتجاجات في شرق ليبيا. وبعد بضعة أشهر جاءت نهاية حكم العقيد الليبي السابق "معمر القذافي". وعلى الرغم من أن كل بلد أخذت مسارا مختلفا تجاه الثورة، إلا أن تطورات الأوضاع في القاهرة تؤثر في مجرى الأحداث في طرابلس. وأشار الموقع إلى أن الإطاحة بالرئيس المعزول السابق "محمد مرسي" والحملة اللاحقة على الإخوان على يد قوات الأمن المصرية تبُعت بتهليل من قبل المحتجين المناهضين للإخوان في عدد قليل من المدن الليبية. وعلى الرغم من أن ليبيا لديها طابع فصل خاص بالإخوان، كمنظمة سياسية تتماشى أيديولوجيا من خلال حزبهم العدالة والبناء، إلا أن ليبيا تعد أيضا موطنا لعدد من الجماعات المناهضة للإسلاميين ومعاداة الإخوان. فالإطاحة بمرسي شجعت هذه الجماعات، الذين يرون في الإخوان أنهم كيان أجنبي تقوم أولويته على الهيمنة الإقليمية بدلا من المصلحة الوطنية. وبالطبع، هذا الشرط ليس خاص بجماعة الإخوان، فكثير من الفصائل الليبية تضع مصالحها قبل الدولة. ومع ذلك فإن النقد المشترك لجماعة الإخوان أمر زايد عن الطبيعي، لأنه يقوم على فكرة أن الإخوان يطمحون سرا لأسلمة المجتمع، وأنهم يهددون بتلويث الإسلام عن طريق جره وتوريطه في الفوضى السياسة يوما بعد يوم. ومع ذلك، فإن الإخوان ليست الجماعة الإسلامية الوحيدة ذات النفوذ في ليبيا. فهناك أيضا السلفيين المتشددين، والجهاديين المحليين والعابرين للحدود الوطنية السابقة، والمتطرفين الذين يواصلون استخدام العنف ضد خصومهم السياسيين. والعديد من هذه الجماعات تخفي دائما التشكك في الحكم الديمقراطي، معتبرة إياه استيراد غربي. وبعد وفاة القذافي عام 2011 ، بذلت جماعات المجتمع المدني والزعماء الدينيين في ليبيا جهد كبير في تعزيز فضائل الديمقراطية للجماعات الإسلامية المتشددة. وقالوا أن الديمقراطية يمكن أن تسفر عن النظم السياسية المستوحاة من مبادئ الشريعة الإسلامية - مثل تلك المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، وهو النظام الذي يود الإسلاميين المتشددين تنفيذه كاملا في البلاد. وقالوا أيضا أن الديمقراطية تمكن الإسلاميين من تحقيق العدالة ضد هؤلاء الأفراد والشبكات التي كانت متواطئة في القمع العنيف للإسلاميين تحت حكم القذافي. وكان لنجاح الأحزاب الإسلامية كلإخوان والجماعات السلفية المتشددة في تونس و مصر قدمت مصداقية لهذه المطالبات. وسعى السلفيين الليبيين إلى المشورة من نظرائهم المصريين حول تجاربهم الخاصة حول الديمقراطية. ولكن، الإطاحة بمرسي كانت بمثابة ضربة موجعة لمثل هذه الحجج...فعلى المستوى السياسي....اعترف شيوخ السلفية وأعضاء قياديين في حزب العدالة و البناء التابع للإخوان علنا بأن الأحداث الأخيرة في مصر أضرت بمصداقية الديمقراطية في ليبيا. ورأى الموقع أن رد فعل الجماعات الإسلامية في ليبيا يبقى مجال للتكهنات، فقد تكون الاستجابات متنوعة. فالبعض يرجح أنه سيكون هناك مقاطعة للانتخابات المقبلة والعمل على تقويض المؤسسات المنتخبة. ومع ذلك، فإن تأثير هذه الإجراءات على انتقال ليبيا من المرجح أن يظل محدود. فشفافية العمليات السياسية والمشاركة المستمرة من قبل جماعات المجتمع المدني قد يشجع الإسلاميين إلى تبني الديمقراطية الوليدة في ليبيا، وربما يكون لإعادة إدماج الإخوان في مصر واستمرار مشاركة الأحزاب السلفية في السياسة المصرية أيضا مؤشرات إيجابية في هذا الصدد. وعلى المستوى الأمني....فإن الآثار المترتبة على الإطاحة بمرسي تجاه البيئة الأمنية في ليبيا يمكن أن تكون عميقة للغاية. فلا تزال ليبيا موطن لمجموعة واسعة من الجماعات المسلحة مع درجات متفاوتة من المشاركة مع الدولة، و مجموعة واسعة من الانتماءات السياسية والدينية والقبلية والعرقية. وختم الموقع قائلاً:" بعض الجماعات الإسلامية ترى أن الإبقاء على الأسلحة واستخدام العنف كالوسيلة الوحيدة القابلة للتطبيق لتحقيق أهدافهم السياسية. وهذا بدوره سوف يؤخر إعادة تشكيل قوات أمن الدولة في ليبيا، ويمكن أن يؤدي إلى مزيد من العنف بين الجماعات المسلحة في البلاد.