د. ريم خلف العيسى السياسة الأمريكية أخطأت حين ظنت أن دعم الإخوان هو استجابة لرغبة أغلبية المسلمين الولاياتالمتحدةالأمريكية دعمت ومازالت تدعم الاخوان المسلمين في مخططهم للسيطرة على الدول العربية والعالم الإسلامي. ولكن ما الهدف من ذلك وكان معروفاً عنهم بانهم يعتبرون الاسلام دين ارهاب وكلمة ارهابي دائماً كانت ترتبط بالمسلم؟ لم ذلك الموقف الغريب مع الإخوان المسلمين؟ ايعقل انهم يدعمون الديموقراطية في الشرق الاوسط بهذه الطريقة؟ ومن قال لهم ان الديموقراطية لن تطبق إلا على يد الإخوان المسلمين؟ جاء موقف الولاياتالمتحدة الراهن عن خطة استراتيجية مدروسة ذات اهداف محكمة، خطة تتمتع بشيء من المنطق «إن تم تنفيذها في مكان غير الشرق الاوسط»، ولذلك فقد باءت بالفشل الذريع كما نرى الآن. ويركز التحليل السياسي لخطة البيت الابيض عند تولي اوباما زمام الرئاسة الامريكية على ثلاثة محاور جدلية: اولاً: ان الولاياتالمتحدة تحالفت مع حزب الحرية والعدالة في مصر وحزب العدالة والتنمية في تركيا بهدف تحقيق الديموقراطية في الشرق الاوسط. الحزبان تبع الاخوان المسلمين. وذكرت العديد من التقارير الصادرة من البيت الابيض ان ادارة الرئيس اوباما تعتقد ان الاخوان المسلمين هم افضل جماعة اسلامية بحكم انها منظمة وتدعو الى الالتزام بالشريعة التي يريد تطبيقها «أغلبية» العالم الاسلامي حسب رأيهم ونشر الحرية والعدالة وتحقيق التنمية في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، كما تعتقد ادارة اوباما ان جماعة الاخوان هي جماعة معتدلة دينيا وتتمتع بشعبية كبيرة جداً في الشرق الاوسط مما سيساعدهم على تحقيق السلام في داخل الولاياتالمتحدة والذي لطالما كان مهدداً من قبل الجماعات الاسلامية المتطرفة. ولكن غاب عن وعي الرئيس اوباما نقطة سياسة الاقصاء التي تتخذها كل الجماعات والاحزاب الدينية بما فيهم الاخوان المسلمون، فلا احد يفهم ذلك سوى شعوبنا التي ذاقت المر والويلات من التعصب والتطرف.. من الواضح ان الرئيس اوباما لم ياخذ بعين الاعتبار ان شريعة الجماعات الدينية التي عرفها التاريخ في الشرق الاوسط هي شريعة «لا تفاهم إلا بالقوة»، أو شريعة «إما ان تكون معي او انت عدوي». وهذا هو سبب التمرد والصراعات والحروب التي مرت بها شعوبنا ومازالت مستمرة وسوف تستمر في منطقة الشرق الاوسط. وذلك فان السياسة الامريكية اخطأت حينما ظنت ان دعم الاخوان المسلمين هو استجابة لرغبة اغلبية المسلمين في تطبيق الشريعة، لان الحقيقة هي استجابة مخصصة لرغبة الاخوان المسلمين في تطبيق شريعتهم واقصاء كل من يعارضهم في رأي او ملة!! وكذلك فقد تاه عن وعي اوباما ان دعم الاخوان لا يعني للكثير من المسلمين شيئاً سوى تدخل ساذج من البيت الابيض في شأن شعوب تتعارك فيها الجماعات والاحزاب الدينية من اجل الوصول لعرش الحكم والسيطرة. ثانياً: الرئيس اوباما اراد ان يبين لشعبه ان السياسة الخارجية الجديدة لحزب الديموقراطيين الاحرار والمتمثلة في تحالفه مع الاخوان المسلمين هي الحل الجذري لجميع مشاكل سياساتهم الخارجية التي لطالما اخفق فيها الحزب الجمهوري وكره العالم الاسلامي بالولاياتالمتحدةالامريكية (حليفة اسرائيل الاولى والاقوى). ونحن نرد على الرئيس اوباما بقولنا: «والله لانك رجل طيب وليس لديك ادنى علم بما يحدث في بلداننا ايها الريس». امريكا تستمر في الاعتقاد بأنها قادرة على مساعدتنا في تحقيق الديموقراطية والسلام، فكل رئيس امريكي يأتي بأجندة يمليها عليه مزاجه ويطبقها علينا حسب ما يراه هو منطقيا وهو لا يعرف حقيقة ما يجري لدينا. الواقع هو ان امريكا لا تريد ان تفهم بأن العرب لن يعيشوا بسلام وامان طالما غضبهم وحرقتهم مستمرين لعدم تحقيق العدل فيما يخص القضية الفلسطينية، فهذا الغضب نابع من طعنة في قلب الامة العربية لا يمكننا محوها او نسيانها فقط بسبب رغبة الرئيس الامريكي بذلك، لا بالعنف ولا بالسلام. فما ان استشعر العرب والمسلمون بقصة تحالف الاخوان مع امريكا واحتمال فتح باب لإسرائيل للاستفادة من هذا التحالف الا وقد فتح باب جديد من الحروب والصراعات في داخل بلادنا العربية. ثالثا: يرى بعض المحللين ان الرئيس اوباما وضع خطة محكمة منذ بداية فوزه الاول بالرئاسة الامريكية تمخضت في كلمته التي القاها عن السلام في الشرق الاوسط. والتي ذكر فيها آيات من القرآن الكريم التي تدعو الى عدم قتل النفس البريئة بغير حق: «من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا ومن احياها فكأنما أحيا الناس جميعا» المائدة 32. ذكر هذه الآية في كلمته وفسرها بأسلوبه اللبق الذي حاز على تأييد ساحق من جميع ارجاء العالم. الا ان هناك بعض التحليلات التي قد شككت في نية الرئيس اوباما في الشرق الاوسط فإيران (الشيعية) تمثل عدواً لدوداً وتهديداً كبيراً لاسرائيل. وجماعة الاخوان (السنية) تحظى بالملايين من الموالين لها من جميع ارجاء العالم العربي. وذلك يرى بعض المحللين ان امريكا سعت الى دعم الاخوان لخلق قوة كبيرة مواجهة لإيران تحمي المصالح الامريكية في المنطقة وتضعف التهديد الايراني الذي لطالما شعرت به اسرائيل لسنوات عديدة. وان اشتعلت الحرب بين القوتين فستشتعل بعيدا عن المصالح الامريكية كما هو حاصل الآن في سورية ولبنان والعراق.. وقد يكون في هذا التحليل شيء من الصحة ولكن المنطق يقول ان وجود قوتين كبيرتين في المنطقة قد يكون خطراً على المصالح الامريكية وليس حماية لها. فالبالنهاية اسرائيل دوماً ستشعر بالخطر الذي يهدد وجودها في المنطقة ولن تنعم بالامان ابدا ويجب ان يتوقف البيت الابيض عن تناسي وتجاهل حقيقة في غاية الاهمية وهي انه «مهما اختلفت الجماعات والمذاهب الاسلامية فهي دائما تتفق في نقطة واحدة وهي القضية الفلسطينية. ان مست بأي خيانة او بأي شكل من اشكالها، فسينقلب العالم الاسلامي (شيعته وسنته) بأكمله وستشتعل حربا كبيرة هدفها هو القضاء على الظلم».