تعتبر المستشفيات الكبيرة والمركزية مؤسسات علاجية وتعليمية، الدور العلاجي معروف لعامة الناس من استقبال حالات الطوارئ والحوادث والمرضى في العيادات الخارجية، إلى إجراء كافة الفحوص والتحاليل والأشعات العادية وذات الطبيعة الخاصة والقيام بإجراء العمليات للمرضى.. أما دورها التعليمي فقد يكون مجهولاً للكثيرين وهو يبدأ من مكتباتها العلمية والطبية المزودة بأحدث الإصدارات الطبية وما يستجد من أبحاث ودوريات, بالإضافة إلى ما يقام بها من ندوات علمية يدعى إليها أكبر أطباء وعلماء العالم ويشارك فيها أيضاً كل الأجهزة الأخرى المعاونة من المهندسين المتخصصين والمدربين على هذا المجال والعلماء في مجال صيانة الأجهزة التشخيصية والعلاجية.. ومن هنا ينبغي أن نفرق بين الهندسة الطبية Medical Engineering والهندسة الطبية الحيوية Bio Medical Engineering.. أعمال صيانة الأجهزة الطبية بالمستشفيات وإصلاحها يقوم بها المهندسون المتمرسون من الحاصلين على دورات تأهيلية لهذه الأجهزة إضافة إلى مهندسي الهندسة الطبية.. أما الهندسة الطبية الحيوية فهي حلقة الوصل، في المصانع والشركات المنتجة للأجهزة الطبية، بين الطبيب والمهندس وإن كان هناك تداخل أحياناً بأن يعمل أي منهما في مجال الآخر.. ولعله يبدو غريباً أو مستغرباً على الكثيرين وبالأخص شباب الأطباء إذا علموا - وكانوا لا يعلمون! - أن مهندساً سبق تعيينه مديراً لأحد مستشفيات المعاقين بإنجلترا فقد خلف مهندس طبيباً كمدير لوحدة الأبحاث الطبية الحيوية والتنمية في روهامبتون بلندن Roehampton في عام 1967 ومنذ هذا الوقت أصبح هناك اتجاه للمفاضلة الدائمة لتولي هذا المنصب بين الأطباء والمهندسين!!.. يوضح كتاب سوانسون وفريمان أُسس التكامل بين جراح العظام والمهندسين وهناك أيضاً ما يؤيد ذلك مما ذكره العلامة إيفان إليش Ivan Illich عن التماثل المنطقي بين مهنتي الطب والهندسة!.. وهذا يقودنا إلى عنوان المقال لمن تكون إدارة المستشفيات؟!.. الإدارة علم وفن، وأي نوع من الفنون يحتاج أساساً إلى موهبة تُصقل إبداعاً بالتعليم ولا تكتسب به إن لم يكن الأساس موجوداً فطرياً!.. الإدارة تحتاج إلى حسم شديد بعكس السياسة تحتاج إلى مرونة ومناورة!.. يخطئ من يظن أن مديري المستشفيات أو رؤساء مجالس إدارتها يتحتم أن يكونوا من الأطباء، وإن كان الأفضل أن يكونوا من الموهوبين منهم في الإدارة.. أما أن يكون طبيباً وحسب فهذا غير كافٍ على الإطلاق حتى وإن كان حاصلاً على أعلى المؤهلات في تخصصه!.. فكم من مديرين أطباء لم يكن لديهم الحس الإداري فأساءوا إلى مستشفياتهم فعمت بها انحرافات وسرقات وإهمال جسيم في كل نواحيها!.. أما الاعتبارات الحاكمة في إمداد المستشفيات بالطاقة فيمكن إجمالها فيما يلي: (1) طاقة تشغيل محطات التكييف المركزية والوحدات القائمة بذاتها والمنفصلة وطراز الشباك ومراوح الشفط والتهوية. (2) طاقة تشغيل الغلايات والمطابخ والمغاسل وأجهزة التعقيم المختلفة. (3) طاقة تشغيل غرف تبريد اللحوم والأسماك والألبان والخضراوات وأفلام الأشعة والمطاط وغرف حفظ الدم والبلازما إضافة لمبردات المياه المركزية وثلاجات حفظ الدم بالمعامل وكل أنواع الأجهزة الطبية بكل عمليات المستشفى وغرف العناية المركزة والعيادات. (4) طاقة حمل الإنارة وحمل أسانسيرات المرضى والزوار وطاقم المستشفى وأوناش نقل المرضى على الأسرة وحمل أسانسيرات نقل الطعام وأسانسيرات المحرقة. (5) الطلمبات الخاصة بالبيارة ومحطة الري والأغراض الأخرى وأحمال أخرى خارج نطاق المقال ولهذا يجب توافر المصادر التالية: 1- التغذية من مصدرين مختلفين بالمدينة أو المحافظة فإذا أنقطع التيار عن أحدهما أمكن تشغيل الآخر بعد فصل الأول تماماً وعزله. 2- مولد كهرباء مستقل في حالة انقطاع الكهرباء عن الخطين.3- محطة بطاريات تيار مستمر D.C. لعمليات الطوارئ والإنارة بغرف العمليات إذا ما استدعت الضرورة.. ثم إلى المحطة الأخيرة لو أن أحداً من المسئولين كان حريصاً على ما ينشر بالصحف لكان قد أمكن تفادي مصائب وبلاوي كثيرة.. في مقالي حذرنا ولا حياة لمن تنادي! بوفد 2/7/2008 عن وفاة أربعة أطفال رضع بمستشفى المطرية إثر انقطاع التيار الكهربي بها لمدة تجاوزت الساعتين يوم 30/5/2008 وكنا قد حذرنا قبلها من احتمال تكرار هذه المأساة في مقالي «الإهمال الطبي المخيف»! بوفد 2/5/2001 أضع هنا فقط فقرة منه هاكم نصها: «.. مراجعة وسائل إمداد الموقع بالطاقة من أكثر من مصدر وتوزيع الأحمال به والتصرف السريع والفوري حال انقطاع التيار فقد يوجد بالموقع ماكينة توليد كهرباء احتياطية ولكن الطامة في أن يكون النوباتجي المكلف بتشغيلها غير متواجد أو متابعاً جيداً!!.. والأشد منها عدم إحكام السيطرة على بنوك الدم».. المتابعة الجيدة تقتضي تشغيل ماكينة الديزل الاحتياطية عدة ساعات أسبوعياً احتياطياً لتلافي ضياع الوقت عند تشغيلها بعد ركنها أو تركها لمدة طويلة دون تشغيل لعدم إطالة مدة التحضير لدورة الوقود والهواء وغيره!.. وهذا ما حدث هذا العام بمركز الأبحاث الطبية بجامعة الإسكندرية!!.