لا يخفى على أحد مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي عمل الولاياتالمتحدة على اقامته منذ سنوات طويلة، بهدف جعل اسرائيل القوة الوحيدة في المنطقة، وذلك بعد تفتيت الدول العربية وتحويلها الى كيانات ودويلات صغيرة متناحرة.. هذا المشروع الذي أعدته امريكا كأحد الأهداف الاستراتيجية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ورصدت له مئات المليارات منذ الحرب على العراق وتدميره وتركه يعج في صراعات طائفية وعرقية، قد شجعها في المضي في سيناريو الفوضى الخلاقة في الدول العربية بديلاً عن الحرب العسكرية المباشرة التي تكبدها خسائر بشرية ومالية وأدبية هائلة، ونفذته في السودان وتقسيمه الى دولتين. ثم بدأ الدور على دول ما يسمى بالربيع العربي وهى مصر وسوريا وليبيا وتونس واليمن التي مهدت لها أمريكا جيداً منذ سنوات من خلال منظمات المجتمع المدني والاعلام الموجه وفتح قنوات اتصال مع تيار الاسلام السياسي وتدريب كوادرها ورصد وإنفاق المليارات لهذا الغرض كأحد الأهداف الاستراتيجية لوصول الاسلاميين الى الحكم، وهو الأمر الذي سيؤدي لا محالة الى نزاعات طائفية وعرقية لإنهاك هذه الدول وتصفيتها تماما أو تؤدي الى عمليات تقسيم في دولة مثل مصر حتى تصبح اسرائيل هى القوة الوحيدة وسط العالم العربي المفتت والمتناحر. هذا السيناريو تكشفت ملامحه بجلاء بعد اندلاع ثورة يناير في مصر عندما ظهر الدعم الأمريكي غير المحدود لجماعة الإخوان المسلمين مالياً واعلامياً ولوجستيا، على عكس المتوقع من دعم للقوى الليبرالية والمدنية التي تضم شخصيات سياسية كثيرة لها باع وخبرة طويلة في العمل السياسي على المستويين الدولي والمحلي مثل: عمرو موسى ومحمد البرادعي والأحزاب المدنية التي يمكن أن تنقل البلاد فعلياً الى المرحلة الديمقراطية.. ثم تلا ذلك تكشف الوجه القبيح للادارة الأمريكية عندما غضت الطرف عن كل جرائم النظام الحاكم واستمرت في دعمه خلال فترة حكمه رغم كل التجاوزات التي حدثت وفاقت كل ما كان يحدث من الأنظمة السابقة، ليجد الشعب المصري نفسه تحت وطأة حكم فاشي بعد أن تخلص من حكم ديكتاتوري، والأخطر انه استشعر أن الدولة المصرية تختطف من جماعة لا تعرف الا نفسها وأعضاءها، وتسعى الى تنفيذ سيناريوهات أمريكية وغربية لا تخدم الا مصلحة اسرائيل والغرب، وهو أمر يهدد الدولة المصرية الوطنية بالانهيار!! بعد أن فاق الشعب المصري وقرأ المشهد جيداً أذهل العالم في 30 يونية ثم عاد ولبى دعوة الرجل الوطني الفريق عبد الفتاح السيسي في تأكيد على أن مصر أكبر من أن تختطف أو تنفذ عليها هذه السيناريوهات القذرة.. شعرت أمريكا بالسقوط المروع في مصر، وتحطمت كل أهدافها لذلك جن جنونها وباتت تتخبط على كل المستويات بعد أن استنفدت كل جهودها لإعادة مرسي وجماعته الى صدارة المشهد السياسي مرة أخرى دون جدوى.. وعلى الشعب المصري العظيم أن يدرك أننا في حرب حقيقية مع أمريكا ربما تكون أصعب من الحروب العسكرية، الا أن إرادة الله شاءت أن تحقق الأجهزة المصرية انتصاراً ساحقاً على الادارة الامريكية بفضل الجيش المصري العظيم، على الرغم من استخدام الادارة الامريكية كل أوراق اللعب العربية والأوروبية وكل الأدوات إلا أنها جميعاً قد تحطمت بفضل تلاحم هذا الشعب مع جيشه العظيم وأجهزته الأمنية ومساندة بعض الاشقاء العرب وعلى رأسهم السعودية والامارات والكويت الذين أيقنوا السيناريو ورفضوا الضغوط الأمريكية.. لذلك على الشعب المصري أن يطمئن ويستمر في الانتباه ولا يشغله أو يؤرقه ما يحدث في رابعة العدوية لقلة من الاخوان وكثرة من المستأجرين والعملاء لأنها لا تعدو أكثر من حلاوة روح لذبيحة، ومن المؤكد أن التاريخ سوف يكشف مستقبلاً عن مفاجآت كثيرة في هزيمة امريكا في مصر، وعودة العالم العربي من جديد كقوة اقليمية ودولية.