محمد مرسى رئيس حكم مصر اثنى عشر شهراً بالتمام والكمال، ارتكب خلال هذه الشهور مآسى كثيرة فى حق المصريين، الذين أدركوا فى التو والحال خطورته على البلاد والعباد، وعزلوه بعزيمة وإصرار شديدين، وانتهى به المطاف إلى السجن نظير ما اقترفت يداه من جرائم فى حق هذا الشعب العظيم.. جرائم مرسى أو لائحة اتهامه كارثية لم يسبقه أحد ممن تولوا شئون حكم مصر على مر تاريخها الطويل أحد.. الوحيد من حكام مصر الذى تشابه معه «مرسى» إلى حد ما هو الخديوى توفيق الذى كان ولاؤه الشديد للإنجليز فى مقابل تثبيته فى الحكم، وخلعه المصريون أيضاً. قد يتحمل المصريون فساداً كما حدث فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، لكن طبيعة المصريين ترفض تماماً العمالة أو الخيانة أو الارتماء فى حضن المستعمر، والدليل أن المصريين وحدهم دون سائر الشعوب فى العالم الذين لم يتأثروا بالمستعمرين، بل إن المصريين منذ عهد الفراعنة ومروراً بالإسكندر الأكبر هم الذين يؤثرون فى الدول المستعمرة حتى الغزو الفارسى لمصر قديماً لم يؤثر فى المصريين وتأثر الغزو بطبيعة المصريين.. والممعن فى التاريخ المصرى يجد أن غزو الهكسوس لمصر لم يؤثر فى طبيعة الشعب المصرى، لكنه أثر فى الاستثمار الهكسوسى نفسه.. الذى خلع «مرسى» بعد مرور اثنى عشر شهراً من حكمه هو ولاؤه للأمريكان وإسرائيل وأرى دولة أخرى حتى ولو كانت جماعة من أجل تثبيت حكمه وتمكين جماعته.. ولذلك نجد أول تهمة لاحقت الرئيس المعزول هى تهمة التخابر مع حركة حماس، والمصريون كما قلت بطبيعتهم يرفضون العمالة والخيانة خاصة لو كانت ممن يتول شئون أمرهم أو يحكمهم... والمعروف أن حركة حماس تمارس عمليات إرهابية واسعة فى حق الوطن المصرى والشعب المصرى العظيم، ولكن «مرسى» استعان بهم واستقوى بهم على الشعب الذى يحكمه.. وكان الأجدر والأنفع له أن يستقوى بالمصريين فهم السند الحقيقى لمن يحكمهم.. ولأن جماعة الإخوان لديها غباء سياسى بشع، ظنت وتصورت وتخيلت أن الاستقواء بالخارج من الممكن أن يثبت حكمها فى البلاد، وتجاهلت المصريين أنفسهم الذين هم أولى بالاستقواء.. وأى رئيس يحكم هذا الشعب العظيم ذا الطبيعة الخاصة محكوم على حكمه بالفشل الذريع فى حالة تجاهله والاستقواء بالآخرين.. وهل هناك أقوى من أمريكا للاستقواء بها، ورغم ذلك سقط مرسى وانتحرت جماعته سياسياً، لأنهم تجاهلوا هذا الشعب الأبى الذى يرفض العمالة والخيانة. «مرسى» وجماعته استولوا على الحكم بشرعية صندوق مزيفة، عندما ضللوا المصريين البسطاء وأقنعوهم أنهم قادرون على تحقيق الحياة الكريمة لهم، وتمادوا فى خداعهم خاصة البسطاء بأكياس السكر وزجاجات الزيت، وتصوروا بهتاناً أن الدنيا ستدوم لهم، ونسوا أن المصريين لديهم قدرة فائقة على تمييز النفيس من الردىء.. وفى مدة قصيرة تكشفت الأمور لدى البسطاء والدهماء على أن مرسى وجماعته خدعوهم وكذبوا عليهم، فانقلبوا عليهم شر انقلاب وأزاحوهم عن الحكم إلى غير رجعة. لائحة اتهام «مرسى» مليئة خاصة اتهامه بارتكاب أعمال عدائية ضد البلاد وأبرزها هدم مؤسسات الدولة والهجوم على منشآت الشرطة واقتحام السجون وإشعال النيران عمداً فى سجن وادى النطرون الهارب منه وعمليات اختطاف جنود وضباط واحتجازهم رهائن لدى من تخابر معهم... وهذا هو سر إعلانه الحرب على كل مؤسسات الدولة بلا استثناء أنه استقوى بالخارج وتجاهل المصريين..