بدأ فتح تحقيق جنائي ضد الرئيس الإسلامي المعزول "محمد مرسي" بعد فحص عدد من الشكاوَى تتهم قيادات الإخوان بالتجسس والتحريض على العنف وتخريب الاقتصاد، وبدورها خاطبت النيابة العامة القوات المسلحة للسماح لها باستجواب السجين الهارب من سجن وادي النطرون محمد مرسي وسبعة عشر من أعضاء مكتب الإرشاد، وهو ما وافقت عليه القوات المسلحة ؛ لإظهار الحقائق أمام الرأي العام. وقد تم وضع الرئيس السابق في مكان غير معلوم, منذ أن قام الجيش بعزله من السلطة بعد ثورة 30 يونيو، ومن وقتها لم يتم توجيه اتهامات تتعلق بارتكاب أية جرائم، لكن في الأيام الأخيرة وبعد أن طالبت الإدارة الأمريكية بضرورة إطلاق سراح مرسي ووقف اعتقال قادة من الإخوان المسلمين, تم تحريك بعض الدعاوَى القضائية؛ لبيان حقيقة قتل المتظاهرين والتخابر مع جهات أجنبية لاقتحام السجون إبان ثورة يناير 2011. تعتبر الشكاوَى ضد مرسي هي خطوة أولى في إجراء العملية الجنائية، مما يسمح لأعضاء النيابة العامة ببدء التحقيق وتوجيه التهم، حيث كان ينتظر النائب العام المستشار "هشام بركات" بلاغات ضد قادة الإخوان حتى يتم توجيه اتهامات، وبالفعل يقع مرشد الإخوان د."محمد بديع" والرئيس المعزول وعدد من قيادات الإخوان تحت طائلة اتهامات بتهمة التحريض على العنف وقتل المتظاهرين، لكن القليل منهم تم القبض عليه. ومن جانبها قالت "جين بساكي" المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية -في تصريحات سابقة-: إن السلطات المصرية لها كافة لحرية في توجيه اتهامات ضد الرئيس المعزول وقيادات الإخوان المسلمين.. لكن المهم هو كيفية اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، واحترام سيادة القانون وتجنب الاعتقالات والتحقيقات المسيسة، حتى لايثور مؤيدو مرسي في الشارع؛ رداً على الاتهامات الواردة بحقه. ورفض جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين، الاتهامات الواردة ضد الرئيس مرسي وبعض قادة الإخوان, مثل التخابر مع جهات أجنبية والتحريض على قتل المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد، ووصف الاتهامات بأنها سخيفة، نظراً لأن الانقلاب العسكري الذي حدث وأطاح بالشرعية الانتخابية, يحاول توريط مرسي وقادة الإخوان في جرائم سياسية لتبرير الانقلاب الذي حدث أمام الرأي العام الخارجي، وطالما لديك قوة شرطية جنائية وقضائية متواطئة، ستظهر الأدلة أمام القاضي من جانب الخصوم, حتى وإن كانت مزورة لإلهاء الشعب والمجتمع الدولي. لقد حددت السلطة المؤقتة في مصر خطة خارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة، لاستعادة الحكم المدني الكامل, وفقاً لما جاء في الإعلان الدستوري الصادر من الرئيس المؤقت "عدلي منصور"، مع وجود خطط لوضع دستور جديد, وإجراء انتخابات برلمانية في نحو ستة أشهر تليها انتخابات رئاسية، وفي حين أن رئاسة الجمهورية قدمت عروضاً للمصالحة السياسية مع الإخوان للمشاركة في الحكومة الجديده والدخول مجدداً إلى الحياة السياسية، إلا أن الجماعة ترفض جميع العروض, وتشترط أولاً عودة مرسي إلى الحكم ويقوم بنفسه بدعوة الشعب لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، المستشار عادل السعيد المتحدث الرسمي للنيابة العامة قال: إن النائب العام يبحث في بعض الشكاوى الجديدة ضد مرسي وعدد من قادة الإخوان، وتشمل الشكاوى المقدمة ضد رموز النظام الإخواني: التعاون مع جهات أجنبية للإضرار بالمصالح الوطنية، وقتل المتظاهرين السلميين، وحيازة أسلحة ومتفجرات، والاعتداءات على الثكنات العسكرية, والإضرار باقتصاد البلاد واستغلال النفوذ, موضحاً أن النيابة العامة تواصل التحقيق في هروب مرسي و30 من قادة الإخوان من السجن عام 2011 بمساعدة حركة حماس الفلسطينية. ويرى د. محمد البلتاجي عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، أن كل انقلاب عسكري لابد أن يكون له ضحايا، والإخوان هم ضحية انقلاب وزير الدفاع الفريق "عبد الفتاح السيسي" على الرئيس مرسي والشرعية الانتخابية، وإذا كان أعضاء الإخوان مطلوبين من أجهزة الأمن بأمر قضائي بالضبط والإحضار، فإن أيضاً من قاموا بالانقلاب ومن ساعدوهم على ذلك مطلوب ضبطهم وإحضارهم أمام الشعب ليدافعوا عن فعلتهم أمام التاريخ، لافتاً إلى ضرورة إعادة تنصيب مرسي رئيساً للبلاد لتحقيق المصالحة التي يزعمها الرئيس المؤقت ويدعو إلى إنتخابات رئاسية وسيعفو عن الانقلابيين. وفي رأى د. سمير صبري الخبير القانوني، أنه بعد قرار محكمة مستأنف الإسماعيلية بوضع مرسي وعدد من قادة الإخوان على قوائم الاتهام بالتخابر لصالح منظامات أجنبية، كان من المفترض وقتها أن يعلن خلو منصب رئيس الجمهورية لحين التحقيق معه في القضية –حسب الدستور الإخواني- المعطل حالياً بعد عزل مرسي إبان ثورة 30 يونيو، موضحاً أن الوضع الحالي يؤكد أنه لاشرعية للرئيس المعزول والتحقيقات سوف تكشف عن حقيقة اقتحام السجون ومدى تورط الإخوان في هذه الجريمة، مع حماس وحزب الله، الأمر الذي هدد الأمن القومي بما يؤدي إلى ثبوت تهمة الخيانة العظمى. في حين أوضح المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي القضاة الأسبق، أن الرئيس المعزول محمد مرسي أصبح مواطناً عادياً، والنيابة ستفتح معه ومع قيادات الإخوان كافة القضايا المغلقة منذ تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك، نظراً لأن بعض القضايا مثل اقتحام السجون تم اتهام قيادات أمنية مثل اللواء "حبيب العادلي" وزير الداخلية الأسبق بأنهم من خططوا لها ونفذوها لترويع الشعب والثوار لإخلاء الميادين، مؤكداً أن مرسي سيحاكم مثل مبارك تماماً بقانون الإجراءات الجنائية ولن تكون هناك محاكم استثنائية أو نيابة ثورة مثل التي أنشاءها الإخوان خصيصاً لرموز النظام السابق، كما سيتم التحقيق معه في جميع البلاغات المقدمة ضده بعد التأكد من صحتها، ولن تقف تهديد الإخوان للقضاة أو للمصريين بتزايد العنف أو الفوضى في البلاد دون إخضاع مرسي للمحاكمة العادلة. وفي السياق ذاته أكد سامح عاشور نقيب المحاميين، أن الرئيس المعزول يواجه عدة اتهامات أكثرها حكماً هو الإعدام بتهمة الخيانة العظمى؛ إذا ثبت أنه ضليع في تهمة اقتحام السجون والاستقواء بجهات خارجية، موضحاً أن النيابة العامة حريصة على محاكمة رموز الإخوان المسلمين؛ لإظهار الحقائق أمام الرأي العام الداخلي والخارجي، والساعات القادمة ربما تشهد سجن ثانِ رئيس مصري بعد مبارك، والنائب العام ووفقاً للتهم المتعدده ضد مرسي فإنه سيكون في انتظار صدور أمر بحبسه خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيق في قضية الهروب من سجن وادي النطرون, وتهمة التخابر وإهانة القضاء. ورفض عصام الإسلامبولي الخبير القانوني، إعطاء القوات المسلحة الرئيس المعزول وقيادات الإخوان خروجاً آمناً مقابل ترك العنف ووضع السلاح، وبالتالي يجب تطهير البلاد من الخونة وعملاء الخارج من الإخوان, خاصةً بعد أن استقووا بالخارج وطالبوا الولاياتالمتحدة بتحريك جيشها إلى مصر لإعادة مرسي إلى الحكم، موضحاً أن الإعلان الدستوري المحصن الذي أصدره مرسي يستوجب مساءلته عن دوافع إصداره وتقديم مبررات قوية، وإلا ستكون تهمة الحنث باليمين وإهدار الدستور والقانون وتعطيل مصالح البلاد تهم جديدة في قائمة الاتهامات التي تلاحق الرئيس السابق وحاشيته الإخوانية. بينما أكد د. محمود كبيش أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة، أن محاكمة الرئيس السابق محمد مرسي أصبحت مطلباً شعبياً، خاصةً وأن العشرات من المتظاهرين السلميين قتلوا في عهده وآلاف المصابين, وفي ثورة 30 يونيو، وهو مايجعل سيناريو محاكمة الرئيس الأسبق مبارك يلاحقه في تهم قتل المتظاهرين، موضحاً أنه إذا تم التحقق من تهمة الخيانة العظمى أو قتل المتظاهرين، فإن عقوبة الإعدام أو المؤبد ستلاحق مرسي، لأنها عقوبة متوقعة حال تأكد الجهات القضائية منها. أما محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي فأوضح، أن إلقاء التهم جزافاً بدون أدلة مادية أو ملموسة بحق الرئيس السابق محمد مرسي تعرض أصحابها للمساءلة القانونية، ومن يمتلك حقائق أو معلومات تدين النظام السابق يجب عليه تقديم بلاغات بها فوراً ووضعها أمام النيابة العامة للتحقيق فيها وبيان صحتها من عدمه، مشيراً إلى أنه لا يجب محاكمة مرسي أمام محاكم استثائية لأن هذا غير قانوني، كما يجب أن تكون معاملته مثل الرئيس مبارك تماماً دون تمييز لأحد منهما على الآخر، وفقاً للدستور ومواثيق حقوق الإنسان، كما أنه من حق مرسي أن يقدم دفوعه في الاتهامات الموجهة ضده، خاصةً في تهمتي التخابر مع جهات أجنبية لاقتحام السجون والاستقواء بالخارج إبان ثورة 30 يونيو قبل عزله من منصبه.