فرجينيا وولف هى ساحرة النساء، والمحامية الأولى عن حقوقهن. كانت من أوائل الرافضات للتمييز النوعى فى ظل مجتمع لم يكن قد اعترف بعد بحقوقهن، وعالم غارق فى الحروب والصراعات التى لا تنتهى. وتميزت إبداعات فرجينيا وولف بلغة شعرية مبهرة تحوّل السرد إلى سحر وتصاوير فريدة لاقت استحسان وتقدير أدباء العالم فى ذلك الوقت. وولدت فرجينيا عام 1882 فى بريطانيا وكانت من أوائل الروائيات التى مثلت المدرسة الواقعية خاصة عندما كتبت روايات «غرفة يعقوب»، «الليل والنهار»، «أورلاندو»، و«مسز دالواى»، و«رحلة بحرية». وقد حازت شهرة واسعة إلا أنها لم تحتمل أهوال الحروب المحيطة بعالمها فانتحرت عام 1941 بإلقاء نفسها فى نهر أووز بالقرب من منزلها بعد ان ملأت جيوبها بالحجارة، وتركت رسالة لزوجها تقول له فيها «إننى اقترب من الجنون ثانية وأشعر أننى لن أستطيع الصمود أمام تلك الأوقات الرهيبة مجددا.. لا أستطيع أن أستمر فى إفساد حياتك». فى رواية «مسز دالواى» تجسيم صارخ لمأسأة الحرب ودمارها وما تخلفه من أحزان وخراب وفقدان للأحبة. بطلة الرواية سيدة ثرية تدعو الناس لحفل كبير تقيمه لزوجها الحاصل على جائزة فى الأدب والذى كان مقاتلا متطوعا فى الجيش وأصيب بقذيفة دفعته إلى العزلة عن الناس. إنها سيدة لا تكترث جديدا لمشاهد الحزن التى تركتها الحرب وتواصل حياتها فى استمتاع على عكس زوجها الذى يعانى ويتعذب مع كل لحظة يتذكر فيها مآسى الحرب. فى يوم الحفل تستعيد البطلة ذكرياتها مع الحرب والمجتمع والحب والفراق. تتذكر حبيبها القديم الذى مازال يحبها بجنون، ويدفعها إخلاصها لزوجها أن تقف إلى جواره. تدعو أصدقاءها ووجهاء المجتمع للحفل، وتحاول أن تدفع المحارب القديم لحضور الحفل بعد اعتزاله الناس سنوات طويلة ، وبعد حوار قصير بينها وبينه يخبرها أنه يجب أن يذهب إلى الموت قبل أن يأتى إليه. وبعد حضور المدعوين يجرى المحارب المنعزل إلى الشرفة ويلقى بنفسه منها راسما صورة رفض لحزن يفرضه العالم المتوحش. لكن الغريب أن مسز دالواى تمارس حياتها بعد ذلك ببرود شديد وكأنها نموذج للحياة الأوروبية المادية التى تجرف الناس دون عواطف.