باريس: صدرت مؤخرا مذكرات الكاتبة فيرجينيا وولف في جزءين في نسخة جديدة بالانجليزية، والفرنسية عن "دار كوزموبوليت" في باريس لتروي يوميات امرأة عاشت شغف الأدب والكتابة إلى أقصى حد. قدّم لهذه المذكرات في نسختها الجديدة كونتين بيل وهو ابن شقيقتها، وذكر في مقدمته - كما نقلت عنه صحيفة "المستقبل" اللبنانية - أن هذه المذكرات المكتوبة بين العامين 1915 و1941، صدرت تباعاً منذ عام 1977 في خمسة أجزاء. مضيفا أن القراء الذين أحبوا نصوص وولف الطويلة من "الأمواج" إلى "نزهة إلى المنارة" أو من "السيدة دالواي" إلى "غرفة خاصتنا" قد يُسحرون من دون شك بهذه النسخة الجديدة من مذكراتها الموزعة بأسلوب جديد وشيق وسهل للمتابعة. يحمل الجزء الأول عنوان "المذكرات الكاملة: 1915 1941"، أما الجزء الثاني فعنوانه "مذكرات المراهقة: 1897 1909". الكتاب - وفقا لنفس المصدر - يقتفي أثر الأديبة في كل مراحل حياتها، وفي كل انطباعاتها حيال كتّاب ومؤلفين أحبتهم أو رفضت أعمالهم، وحيال شخصيات في مجتمعها وصفتها بحرية وصدق. وتبدو هذه المذكرات كمونولوج طويل وداخلي وعميق حيال مجتمعها وكل ما يجري من حولها في حقبة معينة من تاريخ حياتها وأيضا من تاريخ بلادها الأدبي والفكري، ولا تخلو مذكراتها من روح الفكاهة في كثير من المواقف. ومن أجمل المقاطع لوولف تلك التي تحاكي فيها روحها العطشى دوماً الى الكتابة والقراءة تقول: "ما أن أتوقف عن الكتابة، أنتقل إلى المطالعة، وأحب أن أقرأ شكسبير في هذه المرحلة، أحب أن أقرأه ونفسي مفتوحة على الكتابة وحمراء وملتهبة، في هذه اللحظات هو يبهرني وأستطيع أن أفهم شيئاً من هذه الشرارات الهائلة في كتاباته، حتى أنني كنتُ أصل إلى القول بأن أدب شكسبير هو فوق كل الآداب. ويا ليتني أعرف ماذا نقصد فعلاً بهذه الفسحة بالذات، التي هي فوق الأدب، أو ما أبعد منه". كما تشير هذه المذكرات الى اللحظات أو المراحل التي عمقت الكآبة في روح وولف. فهي كتبت أنها كانت دوماً تشعر بالكآبة ما إن تنتهي من كتاب معين "إنه الشعور عينه بالانزعاج الذي أشعر به الآن والذي انتابني أيضا مع الانتهاء من رواية "المنارة" وأيضاَ "عبور المظاهر". عام 1941، بدأ بكآبة لم تترك وولف حتى رحيلها. فهي كتبت في التاسع من يناير من ذاك العام: "الفراغ. كل شيء متجلد، جليد جامد..." ثم كتبت في 24 مارس: "لدي احساس هائل يشبه الاحساس بشاطئ البحر، حيث كل واحد يحارب ضد الهواء ويجد نفسه ممسوكاً من الفراغ، أو فارغاً من جسده". وبعد أربعة أيام على هذه الصفحة من مذكراتها، مشت فيرجينيا وولف نحو نهر أوسو تركت نفسها تغرق في مائه.