عندما أجريت انتخابات الرئاسة توقعت هنا أن أول رئيس للجمهورية يأتى بالانتخاب الحر سيكون هو الرئيس أبوكرتونة، حيث انه سوف يقوم بشراء أصوات بعض الفقراء والأميين بكرتونة تحتوى على السكر والسمن والزيت والأرز والمكرونة والصابون والعدس، وذكرت أن المرشح الذي يمتلك كراتين أكثر والقادر على الوصول للفقراء والمهمشين والأميين أكثر سيفوز بلقب الرئيس مرسى أبوكرتونة، وقلت إن التيار الإسلامي لديهم خبرة وقدرة ومهارة وتاريخ فى استخدام الكراتين فى الانتخابات البرلمانية، وأيامها طالبت فى مقالات عدة بتجريم الرشوة الانتخابية خاصة الكراتين التي تنزل إلى الأحياء والقرى الفقيرة، واقترحت شطب المرشح الذي يتم ضبطه هو أو أنصاره بتوزيع كراتين على المواطنين، واقترحت كذلك تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية، واقتصار هذه الحقوق على المتعلمين فقط، لأن الأمي لا يمتلك قدرة التمييز بين برامج الأحزاب، كما أن الدولة تحرمه من التوظف أو استخراج رخصة قيادة سيارة، فكيف نعطيه نحن حق اختيار من يدير البلاد لسنوات قادمة. وفى مقال آخر نشر قبل يوم من انتخابات المرحلة الثانية للرئاسة، قلت: غدا ستشهد البلاد أول انتخاب رئيس جمهورية لمصر، والمنتظر أن تأتى الصناديق بأبوكرتونة رئيسا منتخبا للبلاد، وتساءلت: هل مصر بكل تاريخها يتولى رئاستها الشخص الذي يقوم بشراء الأصوات بكراتين الزيت والسكر والأرز؟، هل الرئاسة المصرية وصل بها الأمر إلى أن يتولاها المرشح الذي سيوزع أكبر عدد من الكراتين؟، هل مصر بمكانتها الاستراتيجية والتاريخية سيمثلها أمام العالم الرئيس أبوكرتونة؟، وهل أبو كرتونة هذا سيجيد التعامل مع السياسة الدولية؟، وهل سيتعامل مع قيادات وسياسات وتحالفات العالم بنفس سياسة وأسلوب وثقافة ومنطق الكرتونة؟، هل أبو كرتونة هذا يصلح أن يدير شئوننا ويمثلنا أمام العالم أجمع؟. وبعد فوز الرئيس محمد مرسى بمنصب الرئاسة كتبت وتساءلت: هل يمكن عزل الرئيس أبوكرتونة؟، وما هى الآلية التى تساعدنا فى عزله؟، واستعرضت فى هذا المقال مواد الإعلان الدستورى الذى سبق وأصدره المجلس العسكرى قبل ان يلغيه الرئيس أبوكرتونة ويصدر إعلانا آخر يحصنه ويحصن قراراته. الإعلان الدستوري لا يتضمن أية مواد تعيننا وعزل الرئيس المنتخب، ولا تتضمن مواد لتقديمه إلى المحاكمة، والمؤسف أن الدستور المعطل لم يتضمن مواد لعزله أو لتقديمه إلى المحاكمة سوى فى حالة واحدة هى الخيانة العظمى، أم شراء الأصوات وتزوير الانتخابات واستغلال الفقراء والأميين والجهلة وغيرها من الجرائم الكبيرة والصغيرة فليست لها عقوبات فى الدستور المعطل، والمدهش أن الدساتير التى عرفتها مصر منذ حكم محمد على باشا حرصت على فرض حصانة وسياج من حديد حول الطبقة الحاكمة، كان من المستحيل معها تقديمهم للمحاكمة، ففي عهد محمد على باشا تضمنت مواد قانون العقوبات الذي صدر ضمن قانون السياستنامة عام 1837، مادتين ميز بهما كبار رجال الدولة عن باقي المواطنين، وقد كانوا من الباشاوات والبكوات والأفندية والأعيان والمشايخ، حيث نص البند الثامن عشر على محاكمة رجال كبار الدولة أمام مجلس خاص، يتم تشكيله من أعضاء الشورى الخاصة، وناظر ديوان تفتيش الحسابات، ونفر من الكبراء تتفضل الحضرة الخديوية الشريفة بتعيينه من لدنها، وذلك في قضايا الاختلاس وتحصيل الأموال بدون قرار والرشوة والتزوير، واشترطت السياستنامة في البند التاسع عشر ألا تكون أحكام هذه المجالس نهائية، وإحالة الحكم إلى الحضرة الخديوية، وله القرار النهائي بالقبول أو التخفيف أو العفو، وهذا التمييز الطبقي انتقل من السياستنامة إلى دستور سنة 1923، الذي وضعه شيخ القضاة يحيى باشا إبراهيم رئيس الحكومة في عهد الملك فؤاد، حيث تم إدراج بعض النصوص التي تتناول الوزراء وأعضاء البرلمان، وقد كانوا أيضا من الباشاوات والبكوات والأفندية والأعيان. على أى حال الأيام أثبتت صحة موقفنا من أبوكرتونة، واتضح للكافة أن من يصل لكرسى الحكم بالكرتونة عمره فى الحكم قصير، لأنه لا يمتلك أية قدرات سوى تقديم الرشاوى واستغلال حاجة الفقراء وجهل الأميين، لهذا يبقى طويلا وكما جاء بالكرتونة رحل بغيرها، والرئيس مرسى وصل لكرسيه بالكرتونة واليوم يرحل بإرادة وخيار المواطنين الذين لا تباع أصواتهم بالكرتونة.