ليس أمام الجماعة إلا أن تكف عن ممارسة نشاطها السياسى من خلال مباريات صفرية، لا تتسع لأكثر من رابح واحد، يحصل على كل شىء، ويخرج «الخصم» بلا شىء على الإطلاق، فمثل هذا النهج لا يمكن اتباعه فى سبيل بناء نظام ديمقراطى حقيقي، ولا يمكنه التعبير عن طموحات ثورة شعبية. ولعل ذلك يأتى فى إطار إعادة صياغة شاملة لأفكار ومبادئ الجماعة، بما يتفق ومتطلبات المرحلة التاريخية التى يعيشها الوطن، ذلك إذا ما أرادت الجماعة أن تنهض بدورها كفصيل داخل النسيج الوطني. غير أن الرهان هنا يصح إذا ما انعقد على شباب الجماعة، دون شيوخها وقادتها، فلا شك أنهم التيار الأقرب، داخل الجماعة، إلى قبول مقتضيات التوافق الوطنى المنشود، والذى لا مفر منه فى مرحلة دقيقة فى مسار العملية الديمقراطية. فى هذا السياق، يكون من المفيد لشباب الإخوان، وهم يجددون استراتيجيتهم، أن يؤكدوا أن الدين لا يرتب حقوقًا سياسية، وأن ثوابت الدين أسمى من أن نضعها فى مواجهة متغيرات العمل السياسي، كما أن المبادئ الديمقراطية لا يندرج تحتها مبدأ «السمع والطاعة» الذى أدى إلى جمود فكر الجماعة، وأطاح بالشباب الإخوانى بعيدًا عن المشاركة فى بناء استراتيجية تنسجم بها الجماعة مع ثورة كان عمادها الشباب، فكان طبيعيًا أن تنفصل الجماعة وتغترب عن آمال ثورة 25 يناير. وهكذا... فإن الكثير من الأسس الفكرية الحاكمة لحركة وممارسات الجماعة، ينبغى إعادة النظر فيها، من داخل الجماعة، بما يجعل القضايا الوطنية محل جهد مشترك يجتمع حوله جميع أبناء الوطن، فتغيب عن أدبيات حياتنا السياسية مفاهيم التكفير والاستئثار والإقصاء والتمكين والغلبة... وغيرها من المفاهيم التى تُجسد ممارسات الجماعة منذ قيام ثورة 25 يناير.حينئذ تصبح الجماعة إضافة للعمل السياسى الوطني، ويظل أبناؤها رقمًا صحيحًا فى المعادلة الوطنية. «الوفد»