الناس فى مدينتى.. المحمودية بحيرة، حائرون.. يتساءلون مثل كل المصريين: ماذا بعد الأحد المتمم لشهر يونية. هل يتنحى الرئيس مرسى، ويجنب البلاد ويلات حرب أهلية تدق الأبواب، أم سيعاند كعادته، ولا يتنازل عن الكرسى بكل نفوذه وسلطته؟!!.. وهل لدينا البديل الجاهز الذى يمكنه قيادة البلاد فى مرحلة ما بعد مرسى وجماعة الإخوان. بصراحة، ورغم تفاؤل الكثير بيوم 30 يونية، إلا أننى لست من هؤلاء، فالإخوان لا يفرطون بسهولة فى حكم صبروا من أجله 80 عاماً فأكثر. وقد نفاجأ جميعاً بتحدى مرسى للجيش، والعمل على توريطه فى المواجهة، بإعلان حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وتتحول شوارع المحروسة إلى بحيرات دم. قبل يومين أفرغ الرئيس ما بداخله من هواجس على مائدة لقاء جمعه بقيادات الجيش والمخابرات والأمن، فعندما طالبوه بالاستجابة لمطالب المعارضة، بإقالة النائب العام، وتشكيل حكومة جديدة، وإعادة النظر فى بعض مواد الدستور، قال:«لا.. لن أتنازل.. حتى لا تفهم المعارضة أنى أخاف منها.. فابحثوا عن حلول أخرى..» هكذا يمنطق الرئيس الأمور بطريقته الخاصة، يضيع مستقبل بلد كبير مثل مصر، حتى لا يقال عنه إنه تراجع واستجاب لمعارضيه.. انظروا كيف يفكر رئيسنا«؟!». نفس التفكير والأسلوب يسير به أنصاره وحلفاؤه من تيار «اليمين الدينى المتأسلم» فهم لن يقبلوا بحاكم غير مرسى، فالإطاحة به تعنى عودتهم للسجون، وما حدث من حشود وتهديدات وتحذيرات من قيادات هذا التيار يوم نصرة سوريا، ويوم جمعة «لا للعنف» فى رابعة العدوية أقوى دليل على تمسكهم بمرسى، كرئيس منتخب لا يسقطه غير الصندوق من وجهة نظرهم. هذا الرفض، سيجبر قوى المعارضة على التصادم لا محالة، للحفاظ على مصداقيتها فى الشارع السياسى، فقد قرر المتمردون والثوار الشباب، استكمال مسيرة ثورتهم، وأقسموا أن لا يعودوا من ميادين الحرية فى مختلف المحافظات إلا بإسقاط رأس الحكم وتخليص البلاد من حكم الإخوان. هذا الصراع السياسى، الذى يتصدره شعار «الحشد والحشد المضاد» سينقل مصر لا محالة إلى مرحلة ثورية مختلفة قد يستيقظ فيها المصريون على ضوء فجر جديد، ونهار آخر، ربما تكون تفاصيله صعبة ومؤلمة، ولكنها ضرورية لإحداث التغيير، لإعادة بناء مصر الديمقراطية المدنية الحديثة، لا الدينية الفاشية المستبدة الفاشلة، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.. داخلياً وخارجياً. ساعات معدودة وفقاً للمتفائلين.. ويجبر الشعب المصرى رئيسه على التنحى وترك الكرسى لآخر يشغله، بانتخابات رئاسية مبكرة، تعيد لمصر مكانتها وأمانها المفقود، فتحرك الكتلة الصامتة «حزب الكنبة» مع المتمردين سينقل مصر إلى مرحلة ثورية أخرى، سبق وأن حذرت منها القوى السياسية الوطنية إذا لم يتراجع الرئيس عن إعلانه غير الدستورى وصحح خطأه التاريخى وأقال النائب العام غير الشرعى وأصدر قراراً شجاعاً بإعادة صياغة الدستور، وتشكيل جمعية تأسيسية جديدة، تعبر عن آراء ومطالب كل المصريين. وليس أمام المعارضة الآن سوى التوحد خلف قائد أو زعيم واحد، يكون بديلاً لمرسى، حتى لا نعود إلي حكم العسكر مجدداً، فكرسى الحكم يجب ألا يكون مغنماً في مثل هذه الظروف، التى تمر بها البلاد.. المشوار مازال طويلاً وشاقاً، طالما بقى هذا الاستقطاب السياسى الحاد،وطالما بقى تجار الدين والمتأسلمون الذين يعتبرون وجود مرسى فى الحكم مسألة حياة أو موت. لقد آن الأوان ليغسل آلاف المصريين، الذين عصروا الليمون أياديهم من حبر اختيارهم مرسى، ويصححوا مسار أعظم ثورة فى تاريخهم، ونأمل أن يستوعب الرئيس القادم الدرس ولا يكرر أخطاء مرسى وجماعته.. فمصر لن تكون أبداً لفصيل واحد وإنما لكل المصريين. وداعاً.. سيدى مرسى.. فلن تنفعك بعد اليوم ألاعيب الجماعة وحشود العشيرة فقد جاء وقت الخلاص والجلاء.