أصبح حتمياً بعد 25 يناير أن تتغير ثقافات كثيرة كنا نسير في خطاها عن قصد أو بدون قصد لكنه من الأسباب الرئيسية لما فعله شباب مصر في ثورته المتحضرة هو غياب وانعدام التواصل مع الأجيال أو بالأوضح الاعتراف بالأجيال!! ولكن دعونا نطرح عدة أسئلة نستطيع من خلالها أن نصل الي معرفة مكمن الداء وما هي المشكلة التي كانت السبب الرئيسي في أحداث 25 يناير؟ في البداية وقبل الإجابة من الأفضل أن نتعرف علي المقصود بالتواصل بين الأجيال، فهي ضرورة التنسيق والتفاهم بين المراحل السنية التي توجد في المجتمع متمثلة في ثلاثة أجيال وهم جيل الكبار وجيل الوسط »أو كبار الشباب« والذين تتراوح أعمارهم بين »35 و55 سنة« وجيل الشباب وهم ما بعد البلوغ حتي سن »35 تقريباً«..وهذا التواصل يقتضي احترام كل جيل من الأجيال الثلاثة السابقة للآخر من خلال الاعتراف به وبدوره المجتمعي سواء في حاضر البلاد أو مستقبلها.. من هنا تبدو الاجابة واضحة جلية في المشكلة التي نعيش فيها حالياً والتي كانت السبب الرئيسي مع أسباب أخري كثيرة لثورة 25 يناير وهي مشكلة عدم الاعتراف بالأجيال.. فنحن أمام جيل الكبار وهم ما بعد »55 عاماً« وهو جيل يحدوه دائماً وأبداً في منطقة الأمور والالتزام التقليدي الذي يخلو في الغالب الأعم من الوعي العميق بالواقع بما يجعله ضعيف التأثير في التفاعل بين الجيلين الآخرين وذلك لكونه دائماً لا يعترف بجيل الوسط وينظر لجيل الشباب علي انه جيل ضائع يعاني من فراغ فكري، وأما بشأن جيل الوسط وهو المشكلة الحقيقية في الظروف الصعبة التي نعيشها الآن فهو الجيل المهمش الذي لا يجد له دوراً يلعبه ومساحته العمرية ضيلة بالمقارنة بجيل الشباب الذي يبدأ من البلوغ حتي سن »35 سنة« ولديه الأمل فيما بعد البلوغ لمرحلتي جيلي الوسط والكبار وأيضاً بالمقارنة بجيل الكبار الذي يبدأ من عام »55« حتي الوفاة الأمر الذي يجعل الجيل الثاني أو ما يسمي الوسط جيلاً متوتراً يفتقد الانتماء بين الجيلين الأول والثالث والمقصود بالانتماء هنا هو افتقاد الانتماء لأي من الجيلين الآخرين مما يفقده روح الربط بينهما.. ويبقي جيل الشباب والجيل الذي وجد نفسه وذاته من خلال عالم تكنولوجي متقدم يحتاج الي اسلوب تعامل عقلي وفكري مختلف يواكب مجريات الاحداث السريعة ولكن يحتاج الي جيل الوسط أو الجيل الثاني ليحقق له الأمان والطمأنينة بشأن دوره القادم في الإمساك بزمام الأمور والطمأنينة بشأن دوره القادم في القدرة علي الفعل الخلاق في المجتمع الذي يعيش فيه وذلك من خلال ربطه بجيل الكبار للاستفادة مما حققه من خبرات زمنية تراكمية كانت هي القدر المتيقن للاستفادة التي يمكن الحصول عليها من جيل الكبار.. وفي النهاية نحن نريد لوطننا الحبيب مصر اشخاصاً تجيد فن وفكر الاعتراف بالأجيال فلن يحيا جيل الشباب دون ان يتسق مع المنطق والواقع وهو جيل الوسط فمن المقدر انه لن تكون هناك القدوة المؤثرة الفاعلة لجيل الشباب الا من خلال جيل الوسط ولن يستطيع جيل الكبار الوصول الي عقول هؤلاء الشباب الا من خلال جيل الوسط ايضاً ودعونا نطرح جانباً مايقال عن جيل الكبار بأنه جيل الخبرة لأن الخبرة ليست بالعمر الزمني للانسان وانما هي بمجموعة الخبرات التي اكتسبها الانسان خلال عمره الزمني. HUSSIN_ZOHDY [email protected]