بعد ظهر 25 يناير 2011 نزلت الى ميدان التحرير وبصحبتي ابنتي مشيرة انتظارا للمشاركة في حدث ما لا نعرفه قد يغير وجه الحياة في بلادنا.. لم نكن نتوقع السيناريو الذي بلغ ذروته يوم 11 فبراير بخروج الرئيس السابق حسني مبارك من المشهد السياسي. وفي غمرة الفرحة تصورت أن ما حدث بمصر ثورة تاريخية عظيمة وبعد أكثر من عامين أستطيع القول بأن ما حدث لم يكن سوى استيلاء تيار سياسي بعينه على السلطة وأن نقاء شباب 25 يناير استغله تيار الإخوان المسلمين لتحقيق هدف واحد هو الوصول الى الحكم حتى لو اقتضي ذلك بيع مصر وتاريخها ومقدراتها وهذا ما حدث ويحدث حتى اللحظة. وعلى ما يبدو أنه كلما بعدنا زمنيا عن حدث ما نستطيع فهمه بشكل أكثر موضوعية ووعيا بما كان وأعتقد جازما أن من يحكم مصر منذ أكثر من عامين هي السفيرة الأمريكية آن باترسون وهي أقوى شخصية أجنبية حكمت وتحكمت بمقاليد الأمور في مصر بعد المندوب السامي البريطاني، والسيدة باترسون تجيد اللغة العربية ولها خبرة في العمل سفيرة في دول مهمة وحليفة للولايات المتحدة مثل باكستان وعملت كذلك قنصلا ومستشارة اقتصادية في سفارة الولاياتالمتحدة في المملكة العربية السعودية هذا اضافة الى عملها سفيرة بالوكالة للولايات المتحدة في الأممالمتحدة. وإذا سلمنا بأن السيدة باترسون هي من تتحكم في تحريك عرائس السياسة في مصر فوق خشبة هذا المسرح العبثي وأنها أدارت اللعبة حتى وصل حاخامات الإخوان الى السلطة فالسؤال الطبيعي: كيف تعاملت هذه المرأة النحيلة الجسد الباهتة العينين مع جنرالات المجلس العسكري بعد الثورة؟ وكيف استطاعت نزع ما تبقي من أسنان عواجيز هذا المجلس لتصل بهم إلى تلك الحالة الهزيلة التي هيأت لحاكم يفتقر لأبسط مهارات الحكام أن يخلع جنرالين مثل طنطاوي وعنان بهذه البساطة وحتى اللحظة لم يفتح أي منهما فمه بكلمة واحدة؟ الأمر الثاني أنه اذا كانت السفيرة باترسون تعتمد في عملها بكل تأكيد على تقارير استخباراتية من ال «سي آي ايه» ومن الموساد ومن جهات متعددة لا نعلمها فالسؤال الضروري: ماذا كان موقع الفريق أول عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات العسكرية - حتى إقالة طنطاوي وعنان- مما تفعله الساحرة الأمريكية آن باترسون وهو بحكم منصبه السابق من المفترض أنه يعلم ما لا نعلم نحن عن تفاصيل ما حدث وكان يجب عليه أن يعلم قيادته العسكرية بنية وعزم رجل الاتحادية والمندوب السامي الأمريكي عزل أكبر رأسين بالقوات المسلحة.. ومع كل الاحترام للفريق السيسي الذي لا أدعي أنني أعرف الكثير عنه مثل سائر المصريين إلا أن ما يشغلني هو لو أن الفريق السيسي شخصية وطنية مستقلة عاشقة لمصر التراب والهوية والتاريخ فكيف يتعامل مع نظام كل ولائه لجماعة خرجت من عباءتها كل تيارات الإرهاب والعنف والتطرف والكراهية؟ كيف يوفق الفريق السيسي بين ضرورة الإخلاص لنظام يمزق مصر ويثير بها الفتن ويرهن مستقبل أجيالها القادمة لسماسرة ومقامرين بالإقليم وخارجه وبين ما تفرضه الوطنية الخالصة على صاحبها من واجب الدفاع عن حاضر الأمة ومستقبلها وثرواتها ومقدراتها وأمنها القومي؟ وأعود إلى المرأة التي يبدو أنها تحكم مصر – آن باترسون – وبدون تنظير إذا كان وصول الإخوان للسلطة لم يكن ممكنا دون مباركة أمريكية ضغطت على عواجيز المجلس العسكري فرضخ الجميع فالطبيعي الآن أن تكون هذه الساحرة هي التي تسير دفة الأمور في مصر وحيث لا حدود فاصلة بين صدر الأم الأمريكية ورضيعتها إسرائيل فإن مصر في خطر داهم وقد لا يهم كثيرا حاخامات الإخوان ماذا يحدث – المهم - أين نحن الآن.. إنها الكارثة.