الانتخابات البرلمانية القادمة على كف عفريت.. فقانون مباشرة الحقوق السياسية لم يتضمن نصاً صريحاً يوضح كيفية التعامل مع أصوات المصريين بالخارج ولا كيفية الإشراف القضائى الكامل عليها كما نص الدستور. كما لم يتم تحديد دائرة للمصريين المقيمين خارج مصر.. الأمر الذي يؤكده خبراء السياسة والقانون أنه تهديد مباشر لسلامة العملية الانتخابية ودستوريتها. فأصوات المصريين بالخارج في البرلمان القادم مهددة بالطعن بعدم دستوريتها وفقاً لملاحظات المحكمة الدستورية العليا في ردها مشروع قانون الانتخابات المحول إليها من مجلس الشورى.. والذي أعلنت فيه تضمن مشروع قانون مباشرة الحقوق السياسية مواد غير دستورية، ما ينذر باحتمال إرجاء موعد إجراء الانتخابات المتوقع أواخر العام الحالى. فوفقاً للملاحظات التي رصدتها المحكمة أيضاً علي القانون هو عدم تضمنه تحديد دائرة للمصريين في الخارج أثناء عملية الاقتراع أو تحديد كيفية الإشراف القضائي عليها، حيث نص الدستور صراحة علي أن يكون الإشراف القضائي كاملاً علي الانتخابات سواء للمصريين بالداخل أو الخارج، وهو ما يؤكد عدم دستورية هذه المادة، ومن المعروف أن الانتخابات في الخارج تتم تحت إشراف مسئولي القنصليات والسفارات بالبلاد وتصبح القضية في كيفية توفير الإشراف القضائي لتغطية كافة المناطق التي يتواجد بها المصريون خارج مصر.. وكيف سيتم تدبير تكاليف هذا الإشراف إعمالاً للقانون والمسألة كما يقول المستشار بهاء الدين أبو شقة، نائب رئيس حزب الوفد مسألة تنظيمية فنحن أمام نص دستورى واجب الإعمال، فالانتخابات يجب أن تتم تحت إشراف قضائي كامل وليس هناك استثناء ولابد أن يُعمل هذا النص علي عمومه سواء في الداخل أو في الخارج أي أن يأتي ما يخصصه، وبالتالى فإن المحكمة الدستورية وفق قانون مباشرة الحقوق السياسية في الرقابة السابقة تتفق في هذا النص مع صحيح الدستور، والمسألة تظل كذلك طالما نحن أمام نصوص واضحة وصريحة ولابد من أعمالها إلي أن تُلغى بنص مماثل، فالنص الدستوري لا يلغى إلا ب«نص» دستورى آخر.. ولكن تبقي عملية التصويت مشوبة بعدم الدستورية والبطلان وهذه قضية تحتاج إلى تدخل تشريعي لحسمها إذا لم تتم وفقاً للنصوص والحل الآخر أن يكون هناك استثناء وهذا يقتضى تدخلاً تشريعياً. فيما يؤكد المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق أنه من المفترض أن يتم الإشراف القضائى التام بالداخل والخارج وإلا كانت باطلة ورغم أن ذلك يتطلب تكلفة ونفقات فإن تطبيقه ليس مستحيلاً ويجب أن يتم وفي كل البلاد التي بها عدد معقول من المصريين بالخارج سواء بصفة مؤقتة لأغراض السفر والعلاج أو الإقامة بشكل كامل بحكم ممارستهم لأعمال وأنشطة اقتصادية خارج مصر، وعدم الالتزام بتنفيذ ذلك يمثل اعتداء علي حجية الأحكام لأن حكم الدستورية العليا ولو بالرقابة السابقة هو حكم مُلزم للكافة ولابد من تنفيذه ويعتبر عدم تنفيذه جريمة عمدية طبقاً للمادة 123 عقوبات، إذا كان تعطيل التنفيذ هو خلق عوائق مادية بمنع تنفيذ الحكم من الموظفين العموميين أو ممن يماثلونهم ويعتبر الرئيس وأعضاء مجلس الشورى في حكم الموظفين العموميين والعقوبة المقدرة هنا لمنع وتعويق تنفيذ الأحكام هي الحبس والعزل من المنصب أو الوظيفة وعن قضية عدم كفاية القضاء لتغطية الإشراف علي الانتخابات بالداخل والخارج قال المستشار حامد الجمل: هذه حجة باطلة فعدد القضاة 113 ألف قاض في القضاء العادى و2000 قاض في مجلس الدولة والنيابة الإدارية ومن الممكن أيضاً إيفاد عدد كاف منهم إلى الدول الأجنبية والعربية ممكن أن يكون 3 قضاة في كل منطقة للإشراف علي الانتخابات البرلمانية بها وإتمام عمليات الفرز.. وهناك اعتماد مفتوح لتغطية النفقات والتكاليف والصرف علي الانتخابات وهذا واجب دستورى إذ لابد من تخصيص ما يلزم من نفقات للوفاء بهذا الواجب. ويضيف المستشار حامد الجمل أن الدساتير المصرية من سنة 1923 إلي سنة 1971 كلها تنص بالتأكيد علي المساواة بين المصريين أياً كانت ظروفهم وحالتهم مقيمين بالداخل أو الخارج لجميعهم الحق في مباشرة حقوقهم السياسية، ومن المفترض عدم حرمانهم من حقهم سواء في الانتخابات أو الترشح. الانتخابات القادمة مهددة بالفعل إذا لم يتضمن القانون نصاً صريحاً يوضح كيفية التعامل مع تصويت المصريين بالخارج خاصة في ظل عدم تحديد دائرة له. وهذا ما أكده عصام شيحة المستشار القانوني وعضو الهيئة العليا بحزب الوفد وأوضح أن القضية تحتوي علي ثلاثة أبعاد غاية في الأهمية، أولاً: أن المحكمة الدستورية ملزمة بتطبيق نصوص الدستور. ثانياً: أن السلطة القائمة علي التشريع تسعي لافتعال أزمات بغرض تأجيل الانتخابات البرلمانية، ثالثاً: أن قرار المحكمة كشف عدم قدرة مجلس الشورى علي ضبط وصياغة مشروعات القوانين بحرفية. وأكد «شيحة» أن الدستور المصري ساير أحكام المحكمة الدستورية العليا في الإشراف القضائى الكامل علي العملية الانتخابية بما يضمن قاضياً في كل لجنة فرعية ومفاد ذلك ضرورة توافر قضاة للإشراف علي الانتخابات الخاصة بالمصريين بالخارج، خاصة أنه تم تصويت للمصريين بالخارج في 112 دولة وهناك بعض الدول التي تتكون من ولايات متعددة مثل الولاياتالمتحدة بها 52 ولاية فيلزم فيها علي الأقل 52 قاضياً ومعني ذلك أنه في حالة عدم توافر عدد كاف من القضاة علي اعتبار أن كل صندوق له قاض.. تصبح هذه الانتخابات مشوبة بعدم الدستورية علي اعتبار أن السلطة القضائية لا تمتلك العدد الكافى فى أكثر من 112 دولة، بالإضافة إلي أن اللجنة العليا للانتخابات لا تمتلك الموارد المالية الكافية لتمكين القضاة ومساعديهم من بسط سلطانهم علي عملية الانتخابات مما يؤكد في حالة عدم النص صراحة في مشروع مباشرة الحقوق السياسية أو قانون مجلس الشعب رقم 38 سنة 1972 بما أدخل من تعديلات عليه في حالة عدم التزام اللجنة العليا للانتخابات بما نص عليه الدستور والقانون تصبح الانتخابات بعيدة عن النزاهة. الدكتور سمير عليش، أمين عام المركز الوطنى لمساندة المنظمات المدنية يقدم حلولاً لكيفية التغلب على عوائق سلامة تصويت المصريين بالخارج والإشراف القضائى عليها، حيث إن أحد الطرق تتمثل في اعتبار التصويت بالخارج مرحلة رابعة لثلاث مراحل تتم خلالها عملية التصويت في الداخل وبالتالى يتوفر عدد القضاة اللازمين لهذه العملية ويؤكد الدكتور عليش أن عدم وجود مشكلة بالقضاة وعلي الجهات القضائية التعاون علي ذلك فعدد السفارات والمناطق بالخارج محدود يمكن تغطيته بمرحلة مستقلة، الأمر الآخر أن يصدر قانون يعطي للسفراء سلطة الإشراف القضائي وكذلك الدبلوماسيين وهو ما تم في الانتخابات من قبل ولم يتم الطعن عليها وذلك مثلما يحدث مع القبطان في البحار ومنحهم حق عمل التوكيلات وعقود الزواج وغيره، كذلك يمكن أن تتم الاستعانة بالكمبيوتر في عمل دوائر خاصة، إضافة لدوائر جديدة مثلما يحدث في أمريكا التي يوجد بها دوائر عامة.. حتي يتمكن المقيمون بالخارج من ترشيح أنفسهم وانتخاب من يمثلهم أيضاً، وهناك بالفعل شخصيات تريد ذلك ولديها القدرة عليها وربما يحتاج المغتربون لمرشح مثلهم يمثلهم.. وكل ذلك يصنع نوعاً من الارتباط بين المصريين خارج وطنهم بما هو داخل الوطن لأنهم ليسوا «مورد مال» فقط بل «مورد معرفى» أيضاً فنهضة الهند والصين قامت علي أكتاف المغتربين وبناءً علي خبراتهم يصبحون قوة داعمة للوطن.