انتقد الدكتور عقيد محمد محفوظ منسق عام «ائتلاف ضباط لكن شرفاء» المبررات الواهية لحكومة الإخوان لمنع رجال القوات المسلحة والشرطة من التصويت الانتخابى، إذ يهدف إلى ضمان عدم تأثير الجيش والشرطة فى العملية الانتخابية. قال «محفوظ»: قد يبدو هذا المبرر للوهلة الأولى منطقياً, ولكن بمطالعة قانون مباشرة الحقوق السياسية تهدم هذا المبرر من أساسه, لأن هذا القانون لم يمنع كلاً من رجال القضاء والنيابة العامة - ورؤساء اللجان الانتخابية العامة والفرعية وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات - وأعضاء لجنة انتخابات الرئاسة, من التصويت الانتخابى, رغم مسئوليتهم الأصيلة والمباشرة عن مجريات العملية الانتخابية, بما فيها فرز الأصوات والتوقيع على محاضر الفرز وإعلان النتائج.. واستطرد قائلاً: لعل الواقع يثبت أن حق التصويت الممنوح لهذه الفئات, لم يؤد إلى أى مؤثرات على العملية الانتخابية.. وتساءل محفوظ: ما المبرر إذن من حرمان الشرطة والقوات المسلحة من ذات الحق الممنوح لهذه الفئات؟! وأكد «محفوظ» أن منع الشرطة من التصويت الانتخابى يهدف إلى إبعاد الشرطة عن العمل السياسى.. وأضاف: ولعل هذا المبرر يبتعد كثيراً عن الصحة, لأن التصويت في الانتخابات ليس عملاً سياسياً بالمرة, لأنه فى جوهره, اختيار بين حزمة من البرامج المجتمعية التى تطرحها الأحزاب أو يطرحها المرشحون، للتنافس على أصوات الناخبين، وتتضمن تلك الحزمة برامج اجتماعية واقتصادية وتعليمية وصحية وضريبية، وبرامج أخرى تتعلق بجوانب الحياة كافة، وبالتالى فإن منع ضباط وأفراد الشرطة من التصويت, يؤدى إلى منعهم من المشاركة في حاضر ومستقبل المجتمع الذى يعيشون فيه, ويمنعهم من اختيار الأفضل لمستقبلهم ومستقبل أسرهم, من خلال سلبهم الحق فى اختيار من يطرحون هذه البرامج ليحكمونهم أو ليمثلونهم فى البرلمان، وبالتالى, طالما أن حق التصويت الانتخابى ليس عملاً سياسياً بأى حال من الأحوال, فلماذا إذن منع الشرطة من ممارسة هذا الحق؟! وأضاف أنه يتمثل فى أن منع رجال القوات المسلحة والشرطة من التصويت يهدف إلى إبعادها عن التنافسات الانتخابية والانتماءات الحزبية التى قد تنتقل إلى صفوف أجهزة الأمن, بما قد يضر بوحدتها.. وهذا مردود عليه، بأن الواقع المعاش فى الدول الديمقراطية يثبت عدم صحة هذا المبرر, لأن مسألة تصويت الشرطة فى تلك الدول, لم تؤثر بأى حال في وحدة أجهزة الأمن بها. وهذا المبرر مردود عليه بأن الطبيعة النظامية لأجهزة الشرطة والطبيعة العسكرية للقوات المسلحة لا يمكن اعتبارها سبباً لتنفيذ التعليمات المخالفة للدستور وللقانون، وذلك لأن أجهزة الشرطة والجيش فى النظم الديمقراطية لها نفس الطبيعة، ولكنها لا تلتزم إلا بالدستور والقانون.. وبالتالى فإن الالتزام بالتعليمات حتى لو كانت مخالفة للقانون، ينبع من سبب آخر يتمثل فى منع أجهزة الأمن – فى الدول غير الديمقراطية - من التصويت فى الانتخابات, مما أدى إلى أن يصبح ولاء هذه الأجهزة للسلطة وليس للدستور والقانون، وذلك لأن سلب جهاز الأمن والجيش لحقهما فى التصويت - فى النظم غير الديمقراطية - يؤدى إلى أن يصبح الضباط والأفراد أطوع للتواطؤ مع السلطة طالما لا يمكنهم من خلال الصندوق الانتخابى تغييرها، وأغلب الدراسات السلوكية والسيكولوجية أثبتت أن أي فئة من فئات المجتمع في حال تهميشها, فإما أنها تتواطأ مع السلطة أو تنقلب عليها, وهذا ما يحدث مع أجهزة الأمن فى الدول غير الديمقراطية لأنها لا تمتلك قدرة الانقلاب علي السلطة, وبالتالي يصبح جهاز الأمن في تلك الدول تابعاً للسلطة.. وبالتالى، فإن كل تلك المبررات التى يتم بموجبها منع الشرطة والجيش من التصويت فى الانتخابات, بالإضافة إلى إنها مبررات ليست منطقية من وجهة نظر الواقع, فإنها أيضاً تتناقض مع البديهيات الديمقراطية المعمول بها فى كل دول العالم.. ولكن تبقى مسألة أخيرة قد تثير القلق, وتتمثل فى أن البعض سيرى بأن حداثة عهد ضباط وأفراد الشرطة بممارسة التصويت الانتخابى, قد تؤدى ببعض التيارات السياسية إلى استغلال أصواتهم وتوجيهها لخدمة مصالح ضيقة، وبالتالى لابد من توفير عدد من الضمانات الواضحة لمنع أى استغلال لأصوات الجيش والشرطة من خلال النظام الحاكم، وذلك من خلال: - منع التصويت في مقرات الجيش والشرطة، وبأن يكون التصويت فى المقرات الانتخابية التى يقوم المواطنون بالتصويت فيها. - وضع عقوبة رادعة تصل إلى العزل من الوظيفة لكل مسئول عسكرى أو شرطى يثبت تورطه فى توجيه مرؤوسيه للتصويت لصالح حزب أو تيار أو مرشح معين. - تمكين الشرطة والجيش من التصويت المبكر قبل عدة أيام من موعد بدء الانتخاب بأسبوع، فى حال تعارض تصويتهم مع أعمال تأمينهم للعملية الانتخابية، أو تعارض ذلك مع مسئولياتهم العسكرية. وأضاف محفوظ قائلاً: لا يجوز لمجلس الشورى تجاهل قرار المحكمة الدستورية العليا الذى مارسته بموجب حقها الدستورى فى الرقابة السابقة على قانون مباشرة الحقوق السياسية، وقررت فيه عدم دستورية منع الشرطة والجيش من التصويت الانتخابى، لأن ذلك سيجعلنا ندفع أمام المحكمة الدستورية عند تحديد جلسة لنظر الدعوى رقم 235 لسنة 31 قضائية دستورية التى دفعنا فيها بعدم دستورية منع الشرطة من التصويت الانتخابى، وسيجعلنا ندفع بضرورة ممارسة المحكمة لحقها فى الرقابة اللاحقة على دستورية القوانين طالما لم يتم الالتزام بمقتضى قرارها الذى أصدرته بموجب الرقابة السابقة. الأمر الآخر، أن تجاهل مجلس الشورى لقرار المحكمة الدستورية لو حدث، ولم يعترض على ذلك رئيس الجمهورية على ذلك، فإن هذا سيجعل كلاً من مجلس الشورى ورئيس الجمهورية يخضعان لحكم المادة رقم 80 من الدستور التى تنص على الآتى: (كل اعتداء على أى من الحقوق والحريات المكفولة فى الدستور جريمة لا تسقط عنها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضاً عادلاً لمن وقع عليه الاعتداء.. وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية عنها بالطريق المباشر).. وبالتالى سنقوم برفع دعوى جنائية ضد من اعتدى على حق ضباط وأفراد الشرطة والجيش فى التصويت الانتخابى رغم إقرار الدستور لهذا الحق.