هم مواطنون بالدرجة الأولى، ولهم حقوق وواجبات كفلها لهم الدستور مثل الآخرين، ولايمكن إغفال دورهم في المجتمع، حيث يقومون علي إقرار الأمن والنظام في البلاد، وبالرغم من ذلك فهم محرومون من ممارسة حقوقهم السياسية، حيث تحظر المادة الأولي من قانون مباشرة الحقوق السياسية تصويتهم في الانتخابات. ودفع ذلك أحدهم لإقامة دعوي قضائية نيابة عن نصف مليون من زملائه، أمام المحكمة الدستورية العليا للطعن على هذه المادة التي تحرمهم من التصويت الانتخابي، علما بأن هناك فئات كالقضاة تمارس نفس دورهم في الإشراف علي العملية الانتخابية، ويمكنهم الإدلاء بأصواتهم فيها". فضباط الشرطة يؤدون عملهم على أكمل وجه، ويحاول الصالحون منهم الوصول إلي حقهم في التصويت الانتخابي كما فعل رافع الدعوى المقدم محمد محفوظ الذي قال ل"بوابة الأهرام": "رصدت وجهات النظر المؤيدة والمعارضة لمشاركة ضباط الشرطة في التصويت في العملية الانتخابية". والبداية كانت عندما قام محفوظ رئيس قسم العلاقات العامة بمديرية أمن الإسكندرية سابقا، بطلب تسجيل اسمه في كشوف الناخبين باعتباره أحد المواطنين الذين كفل لهم الدستور هذا الحق، ولكن قوبل طلبه بالرفض من قبل قيادات وزارة الداخلية، وفقد علي إثرها وظيفته بعزله منها، ومن ثم قام برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية العليا حملت رقم 235 لسنة 31 قضائية دستورية بتاريخ 3 نوفمبر 2009، للدفع بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من قانون مباشرة الحقوق السياسية التي تمنع ضباط الشرطة من الإدلاء بأصواتهم، ولم يتم البت فيها حتي الآن. يقول "محفوظ": في ظل القانون رقم 73 لسنة 1956 الخاص بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية، يحظر علي أفراد الشرطة أن يدلوا بأصواتهم في الانتخابات، وذلك بالمخالفة للدستور، لأنه من الأفضل والأصلح للديمقراطية، أن تضطلع الفئات في المجتمع كافة، بحقها في التصويت الانتخابي، لأنه حيثما يتم كفالة حق التصويت الانتخابي لأفراد الشرطة، فإنما ستكون السيادة للدستور والقانون وليس للأوامر والتعليمات، ولو امتلك هؤلاء، حق التصويت فإنهم سيتحولون إلى كتلة تصويتية، وبالتالى سيتنافس المرشحون والأحزاب على اجتذاب أصواتهم، مما يؤدى إلى تحسين أوضاعهم الوظيفية والمعيشية والحقوقية، ويسمح لهم بإنشاء نقابة أو رابطة تساندهم فى مواجهة سلطة وزارة الداخلية، وتعديل قانون الشرطة، ذلك القانون الذى يتيح لوزارة الداخلية التحكم في الضباط والأفراد وإجبارهم على طاعة الأوامر والتعليمات حتى لو كانت مخالفة للقانون، وإلا سيتم معاقبتهم بالنقل إلى المحافظات النائية أو الإحالة إلى مجالس التأديب أو الإحالة إلى الاحتياط أو المعاش المبكر أو الفصل من الخدمة كما حدث معي. يلفت المحامي حسام محفوظ، وكيل الضابط محمد محفوظ في الدعوي المقامة أمام المحكمة الدستورية العليا، النظر إلي أنه بالرغم من إقرار مرسوم بقانون جديد لمباشرة الحقوق السياسية مؤخرا، إلا أنه غفل مرة أخري تعديل مادته الأولي الخاصة بمنح أفراد الشرطة حق التصويت في الانتخابات العامة، حيث ينص البند الثانى من المادة (1) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956، والمعدل بمرسوم بقانون رقم 110 لسنة2011 على الآتى: (يُعفى من أداء هذا الواجب - واجب إبداء الرأى فى الاستفتاء أو الانتخابات - ضباط وأفراد القوات المسلحة الفرعية والإضافية وضباط وأفراد الشرطة طوال مدة خدمتهم بالقوات المسلحة أو الشرطة). ويقول: من الواضح أن هذه المادة مشوبة بعدم الدستورية لمخالفتها، وقد استندادنا في عريضة الدعوي علي كل من المادة (3) من الدستور التي تنص علي أن "السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور"، والمادة (40) من الدستور التى تنص على أن: "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة"، والمادة (62) من الدستور التى تنص على أن: "للمواطن حق الانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقا لأحكام القانون, ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى"، وبالتالى تتجلى المخالفة الدستورية بتلك المادة المشار إليها من قانون مباشرة الحقوق السياسية فى الآتى. أولا: تجاهلت تلك المادة مبدأ المساواة فى الحقوق والواجبات العامة، رغم أن هذا المبدأ يمثل صلب البناء الدستورى الذى يهدف إلى عدم التمييز بين المواطنين، ووصفت هذه المادة إبداء الرأى فى الانتخابات والاستفتاءات بأنه واجب وذلك بالمخالفة للدستور الذى وصف إبداء الرأى والتصويت بأنهما حق، فى حين أن الذى وصفه الدستور بالواجب هو المساهمة فى الحياة العامة، وبالتالى فإنه لا يمكن الإعفاء من هذا الحق، لأن هذا الإعفاء يصبح مظهرا للحظر والحرمان وليس مظهرا للانعدام والحد من أعباء التكليف. ويدعم هذا الرأي بقوة المحامي نجاد البرعي، المدير التنفيذي لمؤسسسة المجموعة المتحدة الحقوقية، ويقول: لايجوز منع أي مصري من حق التصويت في الانتخابات، ولابد من فتح باب التصويت لضباط الشرطة، لأن هذا يعود بالنفع علي المجتمع، وبالتالي فإن منع أفراد الشرطة من التصويت الانتخابي يؤدي إلى عزلتهم عن المجتمع الذي يعيشون فيه، ومن مصلحة أي مجتمع أن يكون جهاز الأمن به نابعا من الشعب، ومرتبط به، حيث إن جهاز الأمن يجب أن يكون ولائه الأول للدستور والقانون، وليس للجالسين على مقاعد الحكم.