مصر تعيش لحظات تاريخية صعبة، وهناك تحد كبير للشعب في إما نكون أو لا نكون، بعد أن حاصرتنا المشكلات والأزمات من كل جانب في الداخل والخارج.. أكبر تحد من الداخل هو تحقيق أهداف الثورة التي أصبحت بعيدة المنال في ظل استمرار سياسة الجماعة في السيطرة والاستحواذ علي مفاصل ومقدرات الدولة.. أحلام الثورة والثوار في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، تتبخر يوماً بعد يوم في ظل قيادة الإخوان والرئيس الإخواني.. ما أعطي مبرراً لقوي ثورة وطنية ومعارضة لجمع توقيعات لسحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.. أداء رئاسي وحكومي ضعيف بعد مرور أكثر من 10 شهور علي تولي مقاليد البلاد. الرئيس يهتم كثيراً بالسفر إلي الخارج بغض النظر عن عائدات هذه الرحلات علي الوطن.. ذهب إلي الصين وإيران وباكستان والهند وقطر والسودان والبرازيل وغيرها من الدول مثل روسيا التي لم تحقق رحلته إليها أية منفعة علي الوطن، فلماذا كل هذه الرحلات المكلفة لميزانية الدولة، خاصة أن رئيس الدولة يستقبل بأقل ما يمكن استقباله لدولة في حجم مصر وتأثيرها الإقليمي والدولي، كما حدث في قطر حين استقبله ولي العهد، وفي روسيا حين استقبله عمدة القرية التي توجد بها مزرعة الرئيس بوتين. الأزمات تحاصر مصر، خاصة الداخلية منها مثل مشكلات الأمن وتدهور الاقتصاد إلي حد الخطر، حيث تدهورت قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية بنحو 15٪، ما يعني انهيار قيمة مدخرات المصريين بهذا القدر الكبير، إضافة إلي الغلاء الفاحش الذي صاحب انهيار قيمة الجنيه.. لقد تزايدت أعداد البطالة بسبب إغلاق العديد من المنشآت والشركات أبوابها بسبب حالة الكساد والركود الاقتصادي.. وبسبب الغياب الأمني وكثرة الوقفات الاحتجاجية والإضراب عن العمل وزيادة المطالبات الفئوية فوق قدرة الحكومة والقطاع الخاص.. الحالة الأمنية في تحسن ولكن البلطجة في ازدياد، بحيث أصبحت الشرطة هدفاً للبلطجية والخارجين علي القانون.. ولا يمر يوم إلا ونجد أن هناك شهيداً من الشرطة قد سقط بعد أن أصبحوا مستهدفين من البلطجية والخارجين علي القانون الذين أصبحوا يحملون الأسلحة البيضاء والنارية جهاراً نهاراً ويا ويله من يتصدي لهم.. وبالتالي انعكست صورة هذا الانفلات علي الإنتاج، حيث هناك من يفرض إتاوات علي أصحاب المصانع.. وكذلك أدي إلي هروب السياحة من مناطق كثيرة، كما في الأقصر وأسوان والقاهرة، فإلي متي يستمر هذا الوضع الذي يفقد الثقة في البلاد داخلياً وخارجياً. لا تتوقف الأزمة الداخلية عند حدود الانهيار الأمني والأخلاقي والاقتصادي، ولكن هناك طريقاً مسدوداً دخلت فيه العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والمعارضة ممثلة في جبهة الإنقاذ.. الرئاسة تتخذ من القرارات وتصدر قوانين ثم تدعو المعارضة للحوار.. والمعارضة التزمت الحوار مع مؤسسة الرئاسة في بادئ الأمر.. ولكن الأمر تحول تماماً بعد أن أدركت أن مؤسسة الرئاسة تريد توريطهم بحجة المشاركة.. ثم تتخذ من القرارات والقوانين ما يحلو لها.. ما جعل جبهة الإنقاذ تفرض لاءاتها وترفض الجلوس مع مؤسسة الرئاسة في حوار بسبب عدم التزام الرئيس وعدم وفائه بتعهداته، ما أوصل البلاد إلي طريق مسدود.. فإلي متي تستمر هذه الحالة من عدم التوافق الوطني وعناد الرئيس، وفي نفس الوقت رفض جبهة الإنقاذ إجراء أية حوارات إلا بعد تحقيق شروطها ما أفقد المواطن ثقته في الرئيس وجماعته وحكومته والمعارضة أيضاً.. الذي جعل البعض ينادي بنزول القوات المسلحة والاستيلاء علي السلطة وإنهاء حكم المرشد.. ولكن الجيش ممثلاً في وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي رفض نزول القوات إلي الشارع مرة أخري، وطالب الحكومة والمعارضة بالجلوس علي طاولة المفاوضات للتوصل إلي توافق وطني للخروج من هذه الأزمة المستفحلة. التحديات الداخلية كثيرة ولكن هناك التحديات الخارجية التي تحاصر الوطن من كل جانب، من الجنوب ومن الشرق وحتي الغرب من إسرائيل وغزة وسيناء إلي الوضع الأمني والسياسي المتدهور في ليبيا الذي يؤثر علي مصر من حيث تهريب الأسلحة الخفيفة والثقيلة والذخائر.. فما من يوم يمر إلا ويتم ضبط مدافع جرينوف وقذائف وصواريخ مضادة للطائرات وكميات غير محدودة من الأسلحة النارية التي لا يضبط منها إلا أقل القليل.. والباقي يتسرب إلي الأسواق من الشرق، إسرائيل تتربص بنا وغزة التي تصدر لنا عناصر من حماس وتحرص علي إنشاء أنفاق جديدة يومياً لتعويض الأنفاق التي تقوم القوات المسلحة بهدمها أو إغراقها بالمياه لمنع التهريب.. إضافة إلي استفحال وجود عناصر من تنظيم القاعدة الدولي في سيناء، ومحاولة جعلها مركزاً للإرهاب في الشرق الأوسط.. السودان تفتت وأصبحت دولتين ما يزيد من الأعباء علي الأمن القومي المصري، خاصة بعد وعود بعض الإخوان ومنهم الرئيس بحق السودان في منطقتي حلايب وشلاتين المصريتين اللتين تزيد مساحتهما علي مساحة قطر بثلاثة أضعاف، ويوجد بهما معادن ومناجم وإمكانيات هائلة لاستخراج الذهب واليورانيوم والزراعة.. كذلك هناك مخاطر كبيرة جداً من جراء إنشاء إثيوبيا سد الألفية وسد النهضة اللذين يستغرق ملئهما أكثر من ست سنوات.. تمثل سنوات عجافاً علي الأمن المائي المصري. التحديات كثيرة وخطيرة داخلياً وخارجياً والمتربصون بمصر كثيرون، ولابد من اليقظة بعيداً عن استدعاء الجيش، إلا إذا كانت هناك ضرورة قصوي لنزوله.. لابد من توقف الجماعة عن أخونة الدولة، فمن حقها استقطاب وتعيين وزراء ينتمون إليهم بصرف النظر عن معايير الجودة والخبرة والكفاءة.. ولكن ليس من حقهم أخونة الوزارات والشركات حتي لا ينقلب السحر علي الساحر وتصبح مقاومة الأخونة واجباً وطنياً.. وحتي لا يتم استدعاء الجيش للشارع مرة أخري.. لابد من فتح صفحة جديدة بين الإخوان والقوي الوطنية والاجتماع علي قلب رجل واحد حتي لا تنهار مصر، فمصر هي الباقية.. أفيقوا أيها السادة، فالذئاب تتربص بمصر.. أفيقوا قبل فوات الأوان.. ارفعوا أيديكم عن مصر.