تماما مثل «الهبلة ومسكوها طبلة».. انفتحت مجارير الكَذِب وخَرجَ كل من هب ودب مستميتاً ومتمسكاً بكل الحِيَل والأخاديع، يحاول إقناعنا بأننا حققنا الاكتفاء الذاتى من القمح.. وتجد على الفيس بوك وتويتر وفى المنتديات وعلى شاشات الفضائيات وفى الصحف والمجلات وفى المؤتمرات والندوات، حملة موسعة تريد إيهامنا بأن «الحكومة» قد نجحت فى ذلك.. هشام قنديل نفسه قال وبالفم المليان: «إن الحكومة نجحت هذا العام فى تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة تتراوح ما بين 60 65%».. وهذا حاتم صالح رغم أنه وزير الصناعة استهوته الزفَّة وأدلى علينا من دلوه وقال: «إن مصر ستنتج أكثر من 10 ملايين طن قمح، وعما قريب خلال عامين أو ثلاثة علي الأكثر سيكون هناك اكتفاء ذاتي للقمح من انتاج مصري وبسواعد المصريين..». وكله كوم وكلام وزير العدل الجديد كوم آخر.. الرجل ركب الموجة وتكلم هو الآخر فى القمح.. أطلق الوزير المستجد التصريحات، وقال كلاماً أضحكنا لكنه ضحك كالبكاء.. قال المستشار أحمد سليمان بعد لقائه بالدكتور محمد مرسي، يوم الاثنين : « كَرْم ربنا بدأ يفيض علينا.. ومحصول القمح مش لاقيين مكان لتخزينه».. يعنى مشكلة مصر الآن فى زمن الاخوان لم تعد إنتاج القمح، بل أصبحت «فين» نخزنه!!.. ولو أنه سأل زميله وزير الإعلام صلاح عبد المقصود كان قال له «فين» يخزنه.. ولا أحد كان سيعاتب الحكومة أو رئيسها أو أى أحد من أعضائها إذا كان إنتاج القمح مثل العام الماضى أو أقل، لكن حُب الكذب والتسرع والتفنن فى رسم حياتنا وتلوينها باللون «البمبى» وهى أسود من قرون الخروب، جعل المحبين والمريدين والمتملقين للنظام يتغنون بالباطل.. والاخوان أمطرونا بالتهانى بعد أن منَّ الله علينا بسببهم بنعمة القمح الذى لم نكن لنا به عهد من قبل، فعلى أيديهم عرِفناه وزرعناه ورويناه ورعيناه وحصدناه ودرسناه وحققنا منه الاكتفاء، وليس على باقي الشعب إلا أن يشكرهم ويحمد الرب على هذه النعمة قبل أن تزول من وجوهنا.. وأسمع كل يوم كلاماً كالهوس بشأن القمح والغريب أن «معظم» من يتصدون له من غير المختصِّين، وإن شئت فقل من الجهلاء أو الكذّابين.. يا ناس.. ما تقولونه لا ينطلى على عقل طفل، والأرقام تؤكد أن أن مساحة الأراضي الزراعية فى مصر 7.5 مليون فدان فقط، وفقاً لاحصائيات منظمة الأغذية والزراعة «فاو»، ونزرع القمح على مساحة 3 ملايين فدان، وفقاً لاحصاءات الزراعة، وبحسبة بسيطة فإن انتاجها يكون 7.7 مليون طن.. ولتحقيق الاكتفاء الذاتى علينا انتاج 15 مليون طن، تحتاج إلى 5.5 مليون فدان، ولا يتبقى لكافة المحاصيل سوى مليونى فدان فقط.. ولو فعلنا ذلك فسيصبح عود الفِجْل بجنيه، وربطة البقدونس بخمسة، وكيلو الخيار بعشرة، وكيلو الجوافة بخمسين، والمانجة لن تكون كما كانت مع تولى الاخوان أمر البلاد بثلاثة جنيهات.. علاوة على أن القمح يحتاج مياه ونحن نعانى من أزمتها.. وتفقد مصر من أراضيها 30 ألف فدان كل عام من أجود أراضيها فى الوادى والدلتا بالتعدى عليها.. وعدد المصريين يزيد مليون نسمة كل عام.. والفلاح لا يزرع القمح إلا مضطراً، ليحصل منه ومن تِبْنِه على أكل للمواشى، والعائد منه غير مُشَجِع لأنه أقل بكثير من محاصيل أخرى عائدها أكبر.. قضية الاكتفاء الذاتى من القمح يجب ألا يتعرض لها ويُفتى فيها غير المتخصصين الذين يرونها بعين الخبراء، ويجب أن يبتعد عنها الكذَّابون الذين يريدون بكل الحِيَل إثبات أن النظام الجديد قدمه قدم السعد مِش وِش فقر..