ارتفاع أسعار النفط وسط توقعات بإعادة ملء الاحتياطي الإستراتيجي الأمريكي    متى تصبح العمليات العسكرية جرائم حرب؟.. خبير قانوني يجيب    «البنتاجون»: أوستن أكد لنظيره الإسرائيلي ضرورة ضمان تدفق المساعدات إلى غزة    «الأرصاد» تكشف موعد انتهاء رياح الخماسين.. احذر مخاطرها    عاجل.. تعطيل الدراسة بالسعودية وعمان وتحذيرات بالإمارات واليمن بسبب الطقس    أول ظهور ل أحمد السقا وزوجته مها الصغير بعد شائعة انفصالهما    بتهمة التحريض على الفسق والفجور.. القبض على حليمة بولند وترحيلها للسجن    طريقة عمل الآيس كريم بالبسكويت والموز.. «خلي أولادك يفرحوا»    جامعة إيرانية تقدم منح دراسية لطلاب وأساتذة جامعات أمريكا وأوروبا المطرودين بسبب الاحتجاجات    بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن نجم الفريق    ملف رياضة مصراوي.. فوز الأهلي.. قائمة الزمالك.. وتصريحات كولر    حسن مصطفى: كولر يظلم بعض لاعبي الأهلي لحساب آخرين..والإسماعيلي يعاني من نقص الخبرات    وفاة الفنانة حسنة البشارية عن عمر ناهز ال 74 عاما    مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني يواصل تصدره التريند بعد عرض الحلقة ال 3 و4    الصليبي يبعد نجم برشلونة عن الملاعب حتى 2025    بعد تثبيت الفائدة بالفيدرالى الأمريكي..سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الخميس 2 مايو 2024    لاعب الزمالك السابق: إمام عاشور يشبه حازم إمام ويستطيع أن يصبح الأفضل في إفريقيا    سعر الموز والخوخ والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 2 مايو 2024    مُهلة جديدة لسيارات المصريين بالخارج.. ما هي الفئات المستحقة؟    عاطل ينهي حياته شنقًا لمروره بأزمة نفسية في المنيرة الغربية    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا بعد اقتحام منزله في مخيم الجلزون شمال رام الله    واشنطن: العقوبات الأمريكية الجديدة ضد روسيا تهدف إلى تقويض إنتاج الطاقة لديها    كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية؟    احذر الغرامة.. آخر موعد لسداد فاتورة أبريل 2024 للتليفون الأرضي    هاجر الشرنوبي تُحيي ذكرى ميلاد والدها وتوجه له رسالة مؤثرة.. ماذا قالت؟    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    بشروط ميسرة.. دون اعتماد جهة عملك ودون تحويل راتبك استلم تمويلك فورى    هذه وصفات طريقة عمل كيكة البراوني    أهمية ممارسة الرياضة في فصل الصيف وخلال الأجواء الحارة    "ديربي إنجليزي والزمالك".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    هل يستحق ربيعة الطرد؟.. حكم دولي يفجر مفاجأة بشأن صحة ركلة جزاء الإسماعيلي أمام الأهلي    صندوق مكافحة الإدمان: 14 % من دراما 2024 عرضت أضرار التعاطي وأثره على الفرد والمجتمع    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 2 مايو في محافظات مصر    ترابط بين اللغتين البلوشية والعربية.. ندوة حول «جسر الخطاب الحضاري والحوار الفكري»    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    بسام الشماع: لا توجد لعنة للفراعنة ولا قوى خارقة تحمي المقابر الفرعونية    أخبار التوك شو|"القبائل العربية" يختار السيسي رئيسًا فخريًا للاتحاد.. مصطفى بكري للرئيس السيسي: دمت لنا قائدا جسورا مدافعا عن الوطن والأمة    الأنبا باخوم يترأس صلاة ليلة خميس العهد من البصخة المقدسه بالعبور    يوسف الحسيني : الرئيس السيسي وضع سيناء على خريطة التنمية    اشتري بسرعة .. مفاجأة في أسعار الحديد    حيثيات الحكم بالسجن المشدد 5 سنوات على فرد أمن شرع فى قتل مديره: اعتقد أنه سبب فى فصله من العمل    مفاجأة | عقوبة قاسية لتجار الذهب في السوق    برج الميزان .. حظك اليوم الخميس 2 مايو 2024 : تجاهل السلبيات    أول تعليق من الصحة على كارثة "أسترازينيكا"    لبنان.. الطيران الإسرائيلي يشن غارتين بالصواريخ على أطراف بلدة شبعا    بعد أيام قليلة.. موعد إجازة شم النسيم لعام 2024 وأصل الاحتفال به    حي الدقي ينظم قافلة طبية لأهالي مساكن روضة السودان وصرف العلاج بالمجان    مفاجأة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم في مصر بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال    مسؤول أمريكي: قد يبدأ الرصيف البحري الجمعة المقبلة العمل لنقل المساعدات لغزة    القوات الأوكرانية تصد 89 هجومًا روسيًا خلال ال24 ساعة الماضية    الوطنية للتدريب في ضيافة القومي للطفولة والأمومة    أكاديمية الأزهر وكلية الدعوة بالقاهرة تخرجان دفعة جديدة من دورة "إعداد الداعية المعاصر"    ميدو: جوميز مرحب ببقاء هذا اللاعب مع الزمالك في الموسم المقبل    حمالات تموينية للرقابة على الأسواق وضبط المخالفين بالإسكندرية    النيابة تستعجل تحريات واقعة إشعال شخص النيران بنفسه بسبب الميراث في الإسكندرية    بقرار جمهوري.. تعيين الدكتورة نجلاء الأشرف عميدا لكلية التربية النوعية    وزير الأوقاف: تحية إعزاز وتقدير لعمال مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عثمان ميرغنى يكتب :مفاجآت الخرطوم
نشر في الوفد يوم 15 - 05 - 2013

خلال أربعة وعشرين عاما في السلطة، قام النظام السوداني بعدة استدارات، ونكص عن الكثير من شعاراته السياسية، وبدل في مواقفه مرات ومرات من أجل التشبث بالحكم. رفع في
بداياته شعار «نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع»، فقضى على المشروعات الزراعية وباع الكثير من أراضي الدولة في صفقات لا تزال تثير الكثير من التساؤلات، وتبعث على القلق من أن يستيقظ السودانيون يوما ليجدوا أنهم باتوا لا يملكون من بلدهم سوى الأراضي القاحلة. سخر السودانيون من الشعار السابق فأضافوا إليه «ونضحك مما نسمع» بعد أن بلغ الغلاء حدودا غير مسبوقة أجبرت الغالبية العظمى من الناس على اختصار عدد وجباتهم اليومية.
تبنى «نظام الإنقاذ» شعار الجهاد «لدحر التمرد» في الجنوب، معلنا أنه لن يفرط في شبر واحد من أرض الوطن، فانتهي الأمر بتفتيت البلد، واتساع الحروب في الشمال لتمتد اليوم من حدود دارفور إلى جنوب كردفان والنيل الأزرق. قال النظام إنه لن يفاوض أو يساوم في وحدة السودان، لكنه وقع في النهاية على وثيقة الانفصال، وشارك رئيسه في احتفال جوبا بإعلان دولة الجنوب، بينما بشر مسؤولوه بأن في «الخلاص من عبء الجنوب» خيرا كثيرا للشمال.
في ظل هذا السجل الحافل بالكثير من الإخفاقات والتراجعات، تقلبت المواقف وتبدلت الشعارات، وصدر الكثير من التصريحات المتناقضة والمحيرة، لأن النظام لم يثبت على أي من سياساته باستثناء سياسة التشبث بالحكم مهما كان الثمن. آخر هذه التصريحات المحيرة تمثل فيما صدر عن الرئيس عمر البشير الأسبوع الماضي بشأن العلاقة بين دولتي السودان وتعبيره عن الثقة بأنه سيأتي يوم يتوحد فيه الشطران من جديد أو ينشأ بينهما اتحاد. مصدر الحيرة، أن هذا الكلام يصدر عن رئيس النظام الذي أشرف على انفصال الجنوب، بل لعب دورا كبيرا فيه وأسهم في خلق الظروف التي قادت إليه. فلو كان هذا النظام حادبا على الوحدة وحريصا عليها، فلماذا لم يستفد من فترة الست سنوات التي أعقبت اتفاقية السلام عام 2005 وانتهت باستفتاء تقرير المصير للجنوب في عام 2011. وكان يفترض أن تخصص لتنفيذ برامج وسياسات تجعل خيار الوحدة جاذبا بدلا من المماحكات والمناورات والتصريحات العدائية التي أسهمت في توجيه الجنوبيين نحو خيار «نعم للانفصال»؟
الواقع، أن النظام أهدر تلك السنوات، وأجج أجواء العداء مع الجنوب، ولم يخف بعض مسؤوليه ومحازبيه رغبتهم في رؤية الجنوب ينفصل، على أساس أن ذلك سيسهل عليهم إعلان ما أطلقوا عليه «الجمهورية الثانية» وتنفيذ مشروع «الحركة الإسلامية» التي خططت لانقلاب «الإنقاذ» وأرادت فرض توجهاتها على السودان لتجعله أولى جمهوريات «الإخوان» في المنطقة العربية. فهؤلاء كانوا يرون أن الجنوب يقف عائقا أمام إعلانهم جمهوريتهم الإسلامية، وأنه لا بد من التخلص من عبئه ولو أدى ذلك إلى «التفريط» فيما يزيد على خمس البلد وربع مواطنيه وأكثر من ثلاثة أرباع الموارد النفطية. وكانوا يحسبون أنه حتى بعد الانفصال سينجحون في الحصول على نسبة كبيرة من نفط الجنوب من خلال فرض رسوم عالية على عبور نفطه وتجارته عبر أراضي الشمال. فدولة الجنوب الوليدة بلا منافذ بحرية، ونفطها لكي يجد طريقه إلى التصدير لا بد أن يمر عبر أنابيب الشمال للوصول إلى ميناء بورتسودان، كما أن نسبة كبيرة من تجارتها تعتمد على الشمال. ومن خلال هذه السطوة الاقتصادية، ظن منظرو نظام «الإنقاذ» أنهم قادرون أيضا على حسم الملفات العالقة من ترسيم الحدود إلى مصير أبيي، ومن تقاسم الموارد المائية إلى قضايا جنوب كردفان والنيل الأزرق عبر ما سمي «المشورة الشعبية». لكن حساب الحقل غير حساب البيدر، كما يقولون، فجاءت النتائج بغير ما توقعه أهل «الإنقاذ»، وتردت العلاقات بين الشمال والجنوب إلى حد الاصطدام العسكري والحرب بالوكالة، وتوقفت صادرات النفط حتى بات اقتصاد البلدين على شفا الانهيار.
أمام حرج موقفه الداخلي، لا سيما بعد موجة أحداث الربيع العربي، بدأ نظام «الإنقاذ» سلسلة من التراجعات والمفاجآت، فعاد إلى طاولة المفاوضات مع الجنوب ليقبل بالقليل مقارنة بما كان يطالب به في مسألة الرسوم على عبور النفط، وليقدم تنازلات في مسائل الترتيبات الأمنية، بل وتراجع أيضا عن لغة التهديد باستخدام العصا و«تأديب الجنوبيين» و«دخول جوبا»، ليتبنى لهجة تصالحية جديدة. هكذا رأينا البشير يتوجه في زيارة إلى الجنوب، ثم يعود ليتحدث للسودانيين عن أن نظامه يسعى إلى إعادة اللحمة بين الدولتين وعن ثقته بأنه سيأتي يوم يتوحد فيه شطرا السودان.. إنها مفاجآت أهل الحكم في الخرطوم، أو ربما هي مناوراتهم من أجل الاستمرار في السلطة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.