لا أوافق بعض الكتاب والساسة على تأويلاتهم لتصريحات الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع، وأعتقد أن الفاشلين فقط هم الذين يعقدون الآمال على قوى أو شخصيات أخرى لتنفيذ أجنداتهم السياسية، الفاشلون والعاجزون فقط هم الذين يجلسون ويحلمون وينتظرون القادم الذى يحقق لهم أحلامهم، وأظن أن السيسى ليس هذا البطل الوهمي، ولا هو الشخص الذى قد يتورط فيما يهدد منصبه، كما انه وهو الأهم لا يمتلك القدرات التى تؤهله لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية، الذى يقتل جنوده على الحدود ويفشل فى القصاص لهم لا يحق أن يجلس حتى فى منصبه، فكيف نثق فى إدارته؟. قبل أيام دعت بعض القوى السياسية بشكل صريح الجيش إلى النزول والإطاحة بجماعة الإخوان وتوابعها من التيارات الإسلامية، وكانت تضع التصورات والسيناريوهات لكيفية نزول القوات المسلحة وتوقيتات النزول، وكان البعض يقحم خياله ويطلق له العنان مع نشر تصريحات لبعض القادة أو لمن يسمون بمصادر عسكرية، وشاهدنا خلال الأسابيع الماضية العديد من المساجلات والنداءات والتوقعات، ظن من أبطالها أن الوقت قد حان لتغيير النظام، وأن حكم العسكر أفضل بكثير من حكم الإسلامجية، وقد برروا العودة لحكم العسكر بأن السيسى وزملاءه سوف يقبضون على زمام البلاد لفترة قد تصل إلى عام أو عامين، خلالها يطهرون البلاد من الإسلامجية ويضعون المتشدد منهم فى السجون، كما انهم سيقومون خلال الفترة الانتقالية بتشريع القوانين التى تحتاجها البلاد اقتصاديا ونيابيا واجتماعيا وتشريعيا وأمنيا، وقبل وضع هذه القوانين سوف تشكل لجنة من فقهاء القانون مهمتها وضع دستور مدنى للبلاد يعلى شأن المواطنة ويبعد البلاد عن مخاطر العنصرية والعرقية والعشائرية والمذهبية، فى نهاية الفترة يفتح السيسى ورفاقه الباب لانتخابات برلمانية تنقل البلاد إلى دولة ديمقراطية، وبعد أن تكتمل بناية مؤسسات الدولة وأركانها، وبعد ان يعد العسكر للدولة هيبتها، وبعد ان يقضوا على الفوضى والسيولة والفئويات، وبعد ان يعيدوا الأمن إلى البلاد، وبعد ان يعيدوا لوزارة الداخلية هيبتها وقوتها، يعلن السيسى ورفاقه عن فتح باب الترشح لرئاسة الجمهورية، بعض الحالمين وضع على لسان العسكر الشروط التى تدفع به للرئاسة: أن يكون مصريا، عضوا بأحد الأحزاب المدنية، ألا يكون قد شارك أو أسهم فى تشكيل جماعات أو أحزاب ذات مرجعية دينية. الشروط ستختلف وستتعدد من فصيل إلى فصيل، وكل منهم سيضع فى السيناريو الخاص به ما يساعده على الفوز بأغلبية فى البرلمان وبأغلبية فى الرئاسة، ومع اختلاف السيناريوهات والشروط وتعددها ستتفق جميعا على إقصاء الإسلامجية. أصحاب هذه السيناريوهات وهم الفاشلون والعاجزون من القوى السياسية لن يقتنعوا بتغيير المشهد السياسى عبر الصناديق، ولا يرون فى أحلامهم وعجزهم سوى العنف، أن ينزل الجيش ويطيح بالجماعة والاسلامجية، بعد ذلك يركع السيسى ورفاقه ويقدم البلاد لهم على طبق من ذهب، لهذا يؤولون التصريحات التى تصدر من العسكر بما يتوافق وأجنداتهم ويتطابق مع سيناريوهاتهم. بالأمس الفريق السيسى أكد بين الفنانين والإعلاميين ان الجيش على مسافة واحدة، ولن ينزل مرة أخرى للشارع، وطالب القوى السياسية بأن تتوافق، الواهمون اعتقدوا أنه ينذر ويطلق أشارت ضمنية للتيار الإخوانى والإسلامى بأنه إذا لم يتوافقوا مع المدنيين فسوف يطيح بالحكم. العاجزون لم يسألوا أنفسهم للحظة: لماذا يخاطر السيسى بمنصبه وينزل لتحقيق سيناريوهاتهم؟، وهل النزول للشارع بالسهولة التى يرونها؟، وهل امريكا وأوروبا ستسمحان بعسكرة الحكم؟، بمعنى أقرب للواقع: هل نزول العسكر سوف يخدم على مصالح الإدارة الأمريكية؟. كما أن الحالمين لم يسألوا أنفسهم كذلك: هل من فشل فى حماية جنوده فى رفح والقصاص لهم بقادر على تحقيق أحلام القوى الفاشلة؟، كيف نترك البلاد فى يد من عجز خلال عام عن اكتشاف قتلة أولادنا على الحدود؟.