قال الدكتور محمد على بشر وزير التنمية المحلية: «إن الوزارة تسعى لرفع دخول موظفى المحليات لسد باب الرشاوى والقضاء على مافيا الفساد داخل الجهات المحلية»!، كما أعلن الوزير أنه قد تم إعداد مشروع قرار يعرض على مجلس الوزراء فى اجتماعه القادم برئاسة الدكتور هشام قنديل بحظر توصيل أية مرافق للمبانى المخالفة بسائر المحافظات، ووقف التعامل على المبانى المخالفة بالبيع والشراء والتسجيل العقارى، وأنه لا نية مطلقًا لدى الحكومة لتقنين أوضاع مخالفات المبانى، أو أية مخالفات أخرى سواء خلال موسم الانتخابات أو غيره، وأن ما يتردد فى هذا الشأن مجرد شائعات، كما تقرر إلغاء ما يسمى بالعدادات الكودية كباب خلفى لتوصيل الكهرباء للمبانى والمنشآت المخالفة»!، وما أراه فيما صرح به الوزير عن نية الوزارة السعى «لزيادة دخول العاملين بالمحليات لسد باب الرشاوى والقضاء على مافيا الفساد» أن الوزير قد ربط بين شيئين لا رابط بينهما من أى نوع!، فما علاقة «الرشوة» و«نشاط مافيا الفساد» فى المحليات بالأعمال التى تقوم بها هذه المحليات!، فإذا أتينا إلى التحديد الواجب هنا لهذه الأعمال فلابد أن ننص عليها بالأعمال المتعلقة برخص الهدم والبناء!، فهذه الأعمال فى الواقع هى البوابة الواسعة للرشوة واتساع مافيا الفساد بالمحليات، ولا مبالغة فى هذا التحديد بعد أن أصبح هو المعلوم بالضرورة عند الكافة ممن يرغبون فى استصدار رخصة تصرح بهدم عقار بصرف النظر عن أحواله التى تستدعى هدمه أولا تستدعى ذلك طالما كان الذى يريد هدم عقار هو صاحب المصلحة فى ذلك!، فإذا أراد تحقيق مصلحته كان عليه أن يدفع «المعلوم» لذوى الشأن فى المحليات حتى يظفر برخصة الهدم!، وليفعل ما يشاء بعد ذلك بالأرض التى أزيل البناء من عليها!، وهنا يأتى دور الحصول على رخصة بإقامة مبنى!، وهذه لابد للحصول عليها من «معلوم» آخر!، فإذا نصت الرخصة على مواصفات محددة للعقار موضوع رخصة البناء، بات على الذى يبنى أن يدفع «معلومًا» ثالثًا مقابل أن يخالف كيفما شاء فيما يبنى بما هو خارج عن الذى قضت به الرخصة!، حتى إذا فرغ هذا من إنشاء بنائه المخالف!، كان عليه أن يدفع «معلومًا» رابعًا ليتسامح معه الحى المحلى فيما خالف به!، أو للتهوين من حدة المخالفة وفجورها بإزالات شكلية لا تخل بجوهر المخالفة!، ليأتى بعد ذلك السعى لتوصيل المرافق كالكهرباء والمياه إلى وحدات العقار المخالف!. فهل كل هذا النوع من «المعلوم» يدفعه صاحب المصلحة فى هدم أو بناء مخالف لشعوره بالظلم الواقع على العاملين فى المحليات بمرتباتهم وحاجتهم الماسة إلى زيادتها!، حتى إذا زيدت دخولهم توقفوا عن قبض المعلوم بأنواعه حتى يسد باب الفساد المستشرى بالمحليات والنشاط المحموم الذى تقوم به مافيا الفساد!، وما تعلمه الناس أن هؤلاء الذين يريد الوزير زيادة دخولهم لا يبدو أنهم يشبعون خلال سنوات طويلة من العمل فى المحليات وقبض المعلوم بأنواعه!، ويظل سامر الرشوة ومافيا الفساد منصوبًا مستمر العرض بتمثيليات «التصالح» مع المخالفين بالغرامات الهزيلة لكى تصل لمبانيهم المخالفة المياه والكهرباء!، وهذا لا يعادل على الإطلاق مكاسب المنتفعين باستمرار الفساد ونشاط المافيا!، ولا يعادل كذلك وبنسبة أفحش مكاسب أصحاب الإنشاءات المخالفة بالمعلوم! مما يؤكد أننا فى حاجة إلى علاج جذرى للقضاء على فساد المحليات!.