أكد اقتصاديون أن مصر تواجه تبعات أزمات عالمية ومحلية كبيرة، أثرت بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية في الداخل، وزاد من هذا التأثير مجموعة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة وعلى رأسها قرارات التعويم، بالإضافة لوجود المؤسسات الاحتكارية، وكذلك دور الأجهزة الرقابية التي لا يمكن لها حماية أكثر من 102 مليون مواطن في آلاف الأسواق المنتشرة بربوع مصر، وكان ذلك سببًا في طرد المستثمرين والمنتجين وتراجع عجلة الإنتاج واختفاء السلع، وترتب عليه موجة ارتفاع الأسعار. قالت الأستاذة الدكتورة سالي فريد أستاذ الاقتصاد رئيس قسم السياسة والاقتصاد في كلية الدراسات العليا الإفريقية بجامعة القاهرة إن هناك عددًا من السياسات لضبط الأسواق والسيطرة على الأسعار، منها وضع معدلات و هوامش للأرباح ثابتة، ووضع أسعار استرشادية يسترشد بها المواطن مع الرقابة والمتابعة والتفتيش. وطالبت أستاذ الاقتصاد في حديثها ل الوفد بمساءلة من يخالف القوانين، مشيرة إلى ضرورة أن يكون هناك نوعا من السيطرة من خلال الأجهزة الرقابية، ووضع هوامش ربح معيارية لكل مجموعة سلعية، بالإضافة يلتزم بها المواطنين. وأوضحت أن السلع غير الأساسية يمكن أن يتم الاستغناء عنها أو تقليلها بشكل كبير على عكس السلع الأساسية، هذا بالإضافة إلى توفير سياسات احترازية وتعزيز نظم إدارة المخاطر، وإجراء إصلاحات تتعلق بالشفافية والمساءلة، فضلا عن سياسات حفز الاقتصاد ومواجهة الفقر وضخ السيولة والترکيز على قواعد الحوکمة. وقال الدكتور يوسف إبراهيم مدرس الاقتصاد في المعهد العالي للإدارة، إن هناك أزمة اقتصادية كبرى تواجه المجتمع، وذلك من آثار وتبعات الأزمات العالمية كالأزمة الروسية الأوكرانية وتفشي الأوبئة التي كبلت البلاد خسائر اقتصادية كبيرة، وطالت هذه الأزمات الأسواق المصرية بشكل كبير. وأكد إبراهيم في حديثه ل الوفد أن الحديث عن الأدوات الرقابية وتأثيرها على الأسواق ليس محله الآن، فالأدوات الرقابية لن تجدي مع 102 مليون مواطن، وآلاف من المتاجر والأسواق المنتشرة في ربوع مصر - حسب قوله. وأوضح مدرس الاقتصاد بالمعهد العالي للإدارة أن ضبط الأسواق والسيطرة على الأسعار لن يتأتى إلا من خلال سياسات اقتصادية تأتي في مقدمتها سيارة زيادة الإنتاج للتصدي لظاهرة انخفاض الكميات ومن ثم ضبط الأسعار، مشيرًا إلى أن من بين تلك السياسات أيضا تشجيع المستثمرين وتقديم الحوافز المناسبة وتعزيز إجراءات تشجيع المنتجين بما يخدم توفير الطلبات في الأسواق إلى جانب الأدوات الرقابية، ومن ثم سيكون التغيير المنشود. من جانبه قال الدكتور وائل النحاس المستشار الاقتصادي وخبير أسواق المال إنه يجب الاعتراف أن هناك أزمة حقيقية خلفتها حزمة الإجراءات الحكومية في الآونة الأخيرة وعلى رأس تلك الإجراءات كانت قرارات التعويم التي أثرت على الأسواق بشكل كبير وكانت سببًا في طرد المستثمرين من الأسواق. وأوضح النحاس في حديثه ل الوفد أن تلك الإجراءات تسببت أيضًا اختفاء السلع بسبب تغيير سعر الصرف، لذا بات هناك حاجة ماسة لمراجعة أية قرارات أو إجراءات حتى لا تكون سببا في اتخاذ آليات أو تدخلات تكون ضد السوق. وأضاف خبير أسواق المال أن تسيير حركة الاقتصاد و الأسواق تحتاج لتطبيق هامش ربح حقيقي ومجدي لتحفيز المستثمرين والمنتجين من جديد وتسيير العجلة، بعودة الصناعة والإنتاج وضخ السلع في الأسواق مرة أخرى. قال الدكتور علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد وعضو الجمعية المصرية للإحصاء والتشريع إن ضبط الأسواق والسيطرة على الأسعار يحتاج إلى تفعيل دور الجهات الرقابية وتطبيق القانون وتغليظ العقوبات على المخالفين، وذلك إلى جانب استخدام التوسع في نشر منافذ بيع السلع الاستهلاكية بأسعار عادلة لتعديل مفهوم المنافسة في السوق. وأكد الإدريسي في حديثه لجريدة الوفد أن السياسات الاحتكارية لدى التجار تُعد واحدة من الأسباب الرئيسية ذات التأثير السلبي على الأسعار والمستهلكين وعلى معدلات التضخم، مشيرًا إلى ضرورة تشديد الرقابة من خلال تفعيل دور وزارة التموين ومراقبة السوق جهاز حماية المستهلك لمنع المؤسسات والأساليب الاحتكارية التي تضرب بالقوانين عرض الحائط وتكون سببًا في اختلالات الأسعار واختفاء السلع من الأسواق. وشدد أستاذ الاقتصاد على ضرورة العمل على زيادة الإنتاج لتوفير احتياجات المواطنين وتلبية حاجة الأسواق الأمر الذي سينعكس بشكل إيجابي وحقيقي على الأسعار لتبدأ في الانخفاض ولو بشكل تدريجي، وكذلك سرعة العمل على حل مشاكل الاستيراد والقضاء على السوق السوداء، وبداية تشغيل المصانع لزيادة عجلة الإنتاج.