السيسي: القوات المسلحة لها دور محوري في مسيرة التنمية الشاملة للدولة    سائق يعتدي على مسئول لجنة ضبط السرفيس بالقليوبية أثناء أداء عمله في كفر شكر    لسعة دبور في الجولان السوري المحتل تنهي حياة جندي إسرائيلي    بيراميدز يتقدم على الجيش الرواندي بهدف زيكو في الشوط الأول    هل يعود أشرف حكيمي لريال مدريد الصيف المقبل بتدخلات من مبابي؟    انطلاق برنامج "الاقتصاد 24" على شاشة القناة الأولى    أول صورة للوحة الأثرية المختفية من مقبرة خنتي كا بسقارة    6 نصائح لعلاج فطريات اللسان عند الكبار والصغار    بسعة 30 سريرا، نائب وزير الصحة يفتتح وحدة الرعاية المركزة بمستشفى صدر المنصورة    هالاند يقود جوارديولا لانتصاره رقم 250 في الدوري الإنجليزي على حساب برينتفورد    محافظة الجيزة ترفع «الفريزة» والفروشات بطريق المريوطية واللبيني فيصل بحي الهرم    نشاط فني مكثف.. علاء مرسي بين الكوميديا والدراما والسينما    وكيل صحة الأقصر.. يعلن بدء حملة التطعيم المدرسي للعام الدراسي 2024 / 2025    السكة الحديد تُسير الرحلة ال23 لإعادة الأشقاء السودانيين إلى وطنهم    الدوري الإنجليزي.. أستون فيلا يفوز على بيرنلي بهدفين لهدف    فابريس: نحترم الأهلي ولكننا نؤمن بحظوظنا في تحقيق المفاجأة    تامر حسني يطلق من كان يا مكان إهداء لمهرجان نقابة المهن التمثيلية لتكريم رموز المسرح المصري    دور المقاومة الشعبية في السويس ضمن احتفالات قصور الثقافة بذكرى النصر    برينتفورد بتشكيلة هجومية أمام مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي    حماس: تصعيد استيطاني غير مسبوق في الضفة لابتلاع مزيد من الأراضي الفلسطينية    بلومبرج: البنك الأهلي المصري الأول في السوق المصرية بمجال القروض المشتركة    وزير التموين: تكثيف الرقابة والتصدى الحاسم لحالات الغش التجارى    تأجيل محاكمة 71 متهما بخلية الهيكل الإدارى بالتجمع لجلسة 21 ديسمبر    سيارة مسرعة تنهي حياة طفل أثناء عبوره الطريق بصحبة والدته في العجوزة    طرح 11 وحدة صناعية جديدة بمجمع المطاهرة بمحافظة المنيا    احزان للبيع ..حافظ الشاعر يكتب عن : في يوم المعلم… منارة العلم تُطفئها الحاجة..!!    سعر الذهب اليوم الأحد 5 أكتوبر 2025.. عيار 18 بدون مصنعية ب4483 جنيها    القاهرة الإخبارية: انتهاء عمليات الاقتراع في عموم المحافظات السورية    «فيروز الطفلة المعجزة».. مهرجان الإسكندرية يستعيد بريقها في ندوة مؤثرة    أفضل 5 أبراج تنجح في التدريس أولهم برج القوس فى يوم المعلم العالمى    روبيو: لا يمكن تجاهل تأثير الحرب في غزة على مكانة إسرائيل في العالم    هل يشارك كيليان مبابي مع منتخب فرنسا فى تصفيات كأس العالم رغم الإصابة؟    ارتفاع حصيلة ضحايا الانهيارات الأرضية والفيضانات في نيبال إلى 42 قتيلا    حكم الذكر دون تحريك الشفتين.. وهذا هو الفرق بين الذكر القلبي واللساني    مستشفى الغردقة العام تستقبل الراغبين فى الترشح لانتخابات النواب لإجراء الكشف الطبي    «بس ماترجعوش تزعلوا».. شوبير يعتذر ل عمرو زكي    إزالة 50 حالة تعدٍّ واسترداد 760 فدان أملاك دولة ضمن المرحلة الثالثة من الموجة ال27    رئيس الوزراء يترأس اجتماع اللجنة الرئيسية لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الخدمية التابعة لها    رئيس جامعة المنيا يهنئ السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    تعليق مفاجئ من الجيش اللبناني بعد تسليم فضل شاكر لنفسه    سر إعلان أسرة عبد الحليم حافظ فرض رسوم على زيارة منزل الراحل    مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي يكرم فناني ومبدعي المدينة (صور)    وزارة الإسكان السعودي تحدد نقاط أولوية الدعم السكني 2025    موعد أول يوم في شهر رمضان 2026... ترقب واسع والرؤية الشرعية هي الفيصل    «اطلع على كراسات الطلاب وفتح حوارا عن البكالوريا».. وزير التعليم يفتتح منشآت تربوية جديدة في الإسكندرية (صور)    شهيد لقمة العيش.. وفاة شاب من كفر الشيخ إثر حادث سير بالكويت (صورة)    «صفر مساهمات وإيقاف قيد محتمل».. ماذا جنى الزمالك من صفقة عبدالحميد معالي؟    وزير الصحة: تم تدريب 21 ألف كادر طبي على مفاهيم سلامة المرضى    مرسوم جديد من «الشرع» في سوريا يلغي عطلة حرب 6 أكتوبر من الإجازات الرسمية    الأوقاف تعقد 673 مجلسا فقهيا حول أحكام التعدي اللفظي والبدني والتحرش    مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة الشرقية    3 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب«السوق السوداء»    سوريا تنتخب أول برلمان بعد بشار الأسد في تصويت غير مباشر    عقد مؤتمر في القاهرة لعرض فرص الاستثمار الزراعي والتعدين بالولاية الشمالية في السودان    عودة إصدار مجلة القصر لكلية طب قصر العيني    السيسي يضع إكليل الزهور على قبري ناصر والسادات    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في بني سويف    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إزالة المقابر بين المنفعة العامة وحفظ التراث
نشر في الوفد يوم 21 - 12 - 2022

محافظة القاهرة تقرر نقل 2700 مقبرة.. والخبراء: هدم للتاريخ
هل تتخيل يوماً أن تدفن ويتم إزالة مقبرتك من أجل بناء محور مرورى وعدة كبارى؟.. هذا السؤال هو الآن الشغل الشاغل للآلاف من الأهالى وذوى الشخصيات التاريخية التى أثرت فى تاريخ هذا الوطن.
بعدما أخبرهم عمال مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعى والإمام الليثى، بضرورة نقل رفات آبائهم وأجدادهم المدفونين فى هذه المقابر منذ عشرات ومئات السنين، فى إطار خطة لتوسعة وتطوير ميدان السيدة نفيسة ومحيطها حتى السيدة عائشة، إضافة إلى محاور مرورية وكبارى فى محيط الإمام الشافعى والليثى.
رفض وإدانة واسعة لإزالة المقابر.. وسكرتير المحافظة: لن نتعرض للمقابر التاريخية والهدف تطوير مسار آل البيت
بالتأكيد سيكون شعورك لا يمكن وصفه بسبب الحزن والحسرة التى ستتملكك فى آن واحد، لأنه من غير المنطقى أن تفكر الدولة فى ضياع تاريخ وقيمة هذه الأماكن، من أجل بناء أى شىء مهما كان، فهذا التراث لا يمكن تعويضه بأى ثمن، خاصة أن هناك العديد من الحلول البديلة التى طرحها الخبراء والمتخصصون فى هذا المجال لكن دون جدوى.
فقد أعلنت محافظة القاهرة عن نقل 2760 مقبرة بمحيط السيدة نفيسة والإمام الشافعى والإمام الليثى، تلتقى مع مسار كوبرى السيدة عائشة الجديد المقرر إنشاؤه، الذى يبدأ من طريق صلاح سالم بالقرب من مسجد المسبح وينتهى عند نادى الأبطال بالقرب من بحيرة عين الصيرة ومحور الحضارات، للربط بين ميدان السيدة عائشة ومحور الحضارات.
ومن المقرر أن يتم إنشاء كوبرى بديل لكوبرى السيدة عائشة وهدم الكوبرى القديم، بعد إزالة 47 عقاراً بميدان السيدة عائشة ونقل الأسر للأسمرات، وذلك لكثرة الحوادث وتسببه فى أزمات مرورية دائمة.
ليست هذه هى المرة الأولى التى سيتم إزالة مقابر تاريخية، فقد تمت إزالة مقابر لشخصيات تاريخية ومسؤولين مصريين قبل ذلك مثل أحمد يكن باشا وزير خارجية مصر الأسبق، ومقبرة يوسف صديق عضو مجلس قيادة ثورة 1952، وجانب من مقبرة أمير الشعراء أحمد شوقى، والفنان فؤاد المهندس، والأديب إحسان عبدالقدوس، إلى جانب مئات المقابر لمواطنين وأجانب فى نطاق القرافة العظمى للقاهرة بمدافن الإمام الشافعى والسيدة نفيسة وصحراء المماليك.
خبراء يطالبون بتوثيق مدافن القاهرة والمقابر التاريخية.. وحملة للحفاظ على التراث الجنائزى
وأحدث هذه الشخصيات الأديب يحيى حقى، المدفون فى محيط السيدة نفيسة، التى من المقرر هدم مقبرته مع 2760 مقبرة أخرى، حيث أعلنت ابنته الكاتبة نهى حقى مؤخراً عن فشل كل استغاثاتها بالمسئولين لعدم هدم مقبرة والدها لكن دون جدوى، وسيتم نقلها إلى مدينة العاشر من رمضان.
وقالت على حسابها الشخصى بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، «سيتم هدم المقبرة ونقلها إلى العاشر من رمضان.. آسفة يا صاحب القنديل وعزائى أنك عند بارئك فى رحمة الله وفى جنة الفردوس، أما الجسد ما هو إلا ثوب يخلعه الإنسان عند الموت، وذكراك ستظل ذكرى عطرة فى جبين الزمان بما قدمت وكتبت وتركت محبة وتقديراً، لا يمكن أن يهدم مهما مرت الأيام فأنت فى جبين الزمان واحد من عطر الثقافة والفكر والأدب والفن كله وقنديلك مضيء فى أفق تراث وطنك مصرنا الغالية».
وقد دفعت إزالة هذه المقابر بعض المهتمين بالتراث المصرى إلى إطلاق حملة للحفاظ على التراث الجنائزى فى مصر الممتد من العصر الإسلامى وحتى العصر الحديث تحت عنوان «إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية» إلا أن جهودهم لم تكلل بالنجاح، بعد إصرار الحكومة على الاستمرار فى المشروع.
ومن ضمن هذه الدعوات دعوة الدكتورة جليلة القاضى، المعمارية المتخصصة فى حفظ وإعادة إحياء التراث المعمارى والحضرى، التى دعت إلى توثيق مشاهد ومدافن القاهرة قبل أن تزال، واستجاب لدعوتها عدد من الفنانين التشكيليين الذين كونوا مجموعة تحت اسم «فنانون من أجل توثيق جبانات القاهرة التاريخية»، استطاعوا توثيق نحو 120 مدفناً حتى الآن، من ضمن آلاف المدافن بالقاهرة، ولديها مكتبة بها آلاف الصور عن شواهد القبور، التى تعد بطاقة شخصية بها معلومات عن تاريخ ميلاد ووفاة المتوفى.
هذه القبور تضم رفات شهداء من ثورة 1919 وكل الحروب والثورات التى وقعت بعد ذلك، بما فيها حروب الاستنزاف والعدوان الثلاثى إلى حرب أكتوبر 1973، وغيرها.
وبالفعل نظمت المجموعة يوم 4 ديسمبر الماضى، معرض «علامة إزالة» فى أتيليه القاهرة، لعرض لوحات المجموعة التى وصلت إلى 120 مدفناً.
قال اللواء إبراهيم عوض، سكرتير عام محافظة القاهرة، المتحدث الرسمى، إن ما تم وضعه من علامات فى مقابر محيط السيدة نفيسة تعتبر علامات مبدئية تمهيداً للحصر النهائى.
وأضاف عوض أن ما سيحدث فى محيط مسجد السيدة نفيسة هو جزء من مشروع تطوير مسار آل البيت، حيث سيتم توسعة مداخل ومخارج الميدان، وتنفيذ صحن كبير وشماسى عالية تشبه الموجودة فى مسجد الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وسيتم اتصال مسجد السيدة نفيسة بالسيدة عائشة عن طريق ممشى آل البيت.
وفيما يتعلق بمقابر الإمام الشافعى والليثى، قال عوض إنه سيتم إنشاء كوبرى خلف نادى الأبطال ليتصل بالإمام الشافعى وشارع الطحاوية، حتى كوبرى الفردوس ليكون موازياً لشارع صلاح سالم، مشيراً إلى أنه لن يتم التعرض لمقابر تاريخية.
قامت الوفد بجولة على هذه المقابر وخاصة الموجودة فى شارع الطحاوية لوحة فى غاية الجمال والرقى، مبنية على الطراز المعمارى المملوكى والعثمانى، وبداخلها زخارف ونقوش مكتوبة بأنواع مختلفة من الخط العربى من الصعب تعويضها إذا تمت إزالتها، وأهمها مقبرة مصطفى رياض باشا، رئيس وزراء مصر والمشير عبدالقادر باشا حلمى أحد القادة الكبار أيام الحكم الخديو إسماعيل والفريق أحمد حمدى باشا ياور خديوى مصر، ولكنها من المقابر ذات الطراز المعمارى المتميز بلمسة عثمانية ومملوكية فريدة.
عندما تحدثنا إلى الدكتورة جليلة القاضى، الخبيرة المعمارية، قالت إن قرار نزع ملكية الجبانات للمنفعة العامة نُشر فى الجريدة الرسمية فى ديسمبر من العام الماضى، وهو قرار صادر من رئيس الوزراء.
وطالبت القاضى الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، بالتراجع عن هذا القرار، خاصة أنه من الممكن إنشاء نفق أو ترام بدلاً من الكوبرى، متسائلة أى منفعة عامة تلك فى إزالة موقع تراثى عالمى وهو جزء من القاهرة التاريخية وأى منفعة عامة تلك التى تستبيح حرمة الموتى، وأى منفعة عامة تلك التى تتعدى على رموزنا الثقافية والوطنية، الذين ساهموا فى نهضة هذا الوطن ورفعته؟
وأشارت المعمارية المتخصصة فى حفظ وإعادة إحياء التراث المعمارى والحضرى، إلى أن المنفعة العامة هى الحفاظ على تراثنا وتوريثه للأجيال القادمة، كما ورثته الأجيال السابقة لنا، مضيفة: «لقد قالوا لأصحاب المدافن، سوف نشيد لكم حديقة فى موقع مدافنكم بعد إزالتها بالجرافات، أى قسوة وفظاظة تلك وهل يمنع وجود
المدافن إنشاء حديقة؟!
وأوضحت القاضى أن معظم جبانات العالم حدائق كبرى، متمنية من الحكومة إعادة تشجير الجبانات التاريخية وإضافة قيمة جديدة لهذا التراث بدلاً من إزالتها.
ولفتت إلى تنظيم حملة إنقاذ جبانات القاهرة التاريخية مؤخراً معرض «علامة إزالة»، لعرض لوحات مجموعة «فنانون من أجل توثيق جبانات القاهرة التاريخية»، الذى شهد لأول مرة منذ القرن الثامن عشر، توثيق فنانين مصريين لمنشآت القرافة، وهى من خلدها من قبل الفنانون المستشرقون بأعمالهم، الحقيقية أو
الخيالية وأيضا الفنانون الذين صاحبوا الحملة الفرنسية، حيث نجد فى مجلدات كتاب وصف مصر عدة لوحات عن الجبانات.
وأشارت إلى أن مشاهد المنشآت الجنائزية للمماليك فى الجبانة الشرقية حظيت باهتمام كبير من قبل كثير من الفنانين المستشرقين وكذلك طريق الحج الذى أنشأته شجر الدر وكان يصل حتى مكة ويمر بهذه المنشآت العظيمة، مؤكدة أن أسماء هؤلاء الفنانين المصريين المعاصرين سوف توضع بجانب فنانين آخرين أجانب فى معظمهم، احتفوا فى عصر آخر بالعمارة الجنائزية للمصريين المحدثين، وسجلوها لتظل شاهدة على عظمة تراثنا واستمرار جذوره الثقافية على مر العصور، تلك الجذور التى يحاولون اقتلاعها الآن، متابعة: «ستبقى تلك الأعمال أبداً وتورث للأجيال القادمة جيلاً بعد جيل».
وقال الدكتور سامح العلايلى، عميد كلية التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة الأسبق، إن القاهرة مدينة مليئة بالمناطق التراثية ذات القيمة الكبيرة، وعند التعامل معها يجب أن يكون هناك حرص ودراسات مسبقة عن طريق علماء متخصصين، لكن هذا لم يحدث فى المشروعات التى يتم تنفيذها حالياً.
وأضاف «العلايلى» أن هناك بالتأكيد حلولاً بديلة عن إنشاء هذه المحاور فى مدينة القاهرة، لكن لا نستطيع تحديد أى منها إلا بعد دراسات مستفيضة.
وأوضح عميد كلية التخطيط العمرانى الأسبق أن إنشاء محاور مرورية سريعة وسط القاهرة ذات الكثافات العالية تسير فيها السيارات مسألة غير علمية، وخير مثال على ذلك ما حدث فى منطقة مصر الجديدة، ولذلك كان لا بد أن يتم طرح أفكار هذه المشروعات على مجتمع المعرفة والخبراء والكل يدلى برأيه فيها، وعند الاتفاق على أمر ما يتم تنفيذه.
وأكد «العلايلى» أن المناطق التراثية فى القاهرة يجب ألا يتم المساس بها، وإذا كنت مسئولاً تنفيذياً الآن فسوف أتخذ قراراً بإلغاء هذا المشروع، وعدم التفكير فيه من الأساس، لأنه لا قيمة له والطرق السريعة الموجودة حالياً تكفى، متسائلاً لماذا الإفراط فى إنشاء المحاور السريعة وسط المدن المكتظة والمزدحمة.
وأشار إلى أنه علمياً من المفترض أن يكون الطريق السريع خارج المدن، ولا توجد مدن بداخلها طريق سريع، لأن ذلك تفكير غريب جداً، قائلاً، «ما ينفعش نقطع المدينة بطرق سريعة.. روح شوف باريس ولندن مش هتلاقى أى طريق سريع جواها.. والطريق فيها يكفى ثلاث سيارات أو أربع منهم حارة مرورية للطوارئ كمان.. إنما اللى بيتقال عن عمل 6 و7 حارات فى كل ناحية ده غلط.. طب الناس اللى عاوزة تمشى على رجليها تعمل إيه».
ولفت «العلايلى» إلى أن الطرق منتج من منتجات التخطيط فى منطقة ما سواء بإعادة تخطيطها أو تحسينها، ويتم من خلالها الوصول إلى نتائج من ضمنها توطين خدمات معينة وشبكة الحركة المرورية، وقد تم وضع مخطط لتحسين المرور فى القاهرة الكبرى منذ نهاية السبعينيات لكن لم يتم الأخذ به، ويتمثل فى ضرورة تحسين مستوى أداء النقل العام لأنه يخفف حركة السيارات فى المدينة، وبالتالى لن يكون هناك حاجة إلى كل هذه المحاور من الأساس والمليارات التى يتم إنفاقها عليها.
فيما قال سامح الزهار، الباحث فى الآثار الإسلامية والقبطية، إنه إذا كانت الحكومة لديها إصرار على هدم المقابر فى محيط السيدة نفيسة والإمام الشافعى والليثى، فإن ذلك يجب أن يكون وفقاً لآليات علمية، لأن الهدم مسألة مرفوضة.
وأضاف الزهار أنه إذا استمر إصرار الحكومة على المشروع فإنه يجب الحفاظ على المقابر التاريخية، لأنها ترتبط بهذه البقعة من العالم، وإذا تم نقلها سيكون ذلك تفريغاً للمنطقة من مضمونها وضياع لقيمتها، مشيراً إلى أن التاريخ ليس فقط ما يتم روايته، فالتاريخ ينقسم إلى جزأين الأول التاريخ السردى وهو بنسبة 50% والثانى الجغرافيا المرتبطة بالأماكن التاريخية.
وأوضح الباحث فى الآثار الإسلامية والقبطية، أنه بناء على ذلك لا يجب تفريغ الأبنية التاريخية وخاصة غير المسجلة فى وزارة الآثار، لأنها لا تجد من يدافع عنها، مضيفاً: «للأسف عندنا تجربة تاريخية مريرة فى توسعة شارع البنهاوى فى تسعينيات القرن الماضى، عندما ضيعنا فيها مقابر شخصيات تاريخية مهمة مثل عالم الاجتماع ابن خلدون والمؤرخ تقى الدين المقريزى وغيرهم».
وأشار إلى أننا بهذه التجرية المريرة فقدنا قيمة سياحية كبيرة جداً، كان من الممكن أن تدر علينا دخلاً بالعملة الصعبة، لأن محبى هؤلاء الشخصيات يحبون دائما زيارة قبورهم والمجىء إليها، وبالتالى الخسارة تكون كبيرة على المستويين الثقافى والاقتصادى.
ولذلك يجب ألا نكرر الخطأ الآن مع مقابر السيدة نفيسة والإمام الشافعى، وإذا أرادت الدولة تنفيذ مشروعها فإنه من الممكن إزالة القبور الحديثة التى لم يمر عليها سنوات طويلة، لكن إزالة المقابر التاريخية مرفوض رفضاً تاماً، لافتاً إلى أنه من الممكن استغلال المقابر التاريخية فى الترويج السياحى وإقامة خدمات ترفيهية فى محيطها، وليس إزالتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.