ننشر نص تعديل قانون الكهرباء بعد موافقة مجلس الشيوخ    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار الفاكهة اليوم الاثنين 22-12-2025 في قنا    تحرك شاحنات القافلة ال99 من المساعدات الإنسانية تمهيدا لدخولها من مصر إلى غزة    ترامب يعلن تعيين حاكم لويزيانا مبعوثا خاصا لأمريكا إلى جرينلاند    البيئة تفحص فيديو متداول لظهور تمساح جديد بمصرف عمريط فى الشرقية    مصر تواصل جهودها المكثفة لاستجلاء موقف المواطنين المصريين المفقودين فى ليبيا    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22ديسمبر 2025 فى محافظة المنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    نائب وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    مجلس كلية الطب بجامعة أسيوط يعقد اجتماعه الدوري رقم 799    ألمانيا تعلن تسجيل أكثر من 1000 حالة تحليق مشبوهة للمسيرات فى 2025 .. وتصاعد المخاوف الأمنية    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    ارتفاع أسعار النفط وخام برنت يسجل 60.91 دولارًا للبرميل    خبر هيفرح الملايين| اليوم.. دعوى قضائية لإقرار منحة استثنائية لأصحاب المعاشات    الأرصاد الجوية : أجواء شديدة البرودة وشبورة كثيفة والصغرى بالقاهرة 12 درجة    اليوم.. الحكم على 16 متهما بقضية الهيكل الإداري بالهرم    أهالي "معصرة صاوي" يودّعون أبناءهم.. تشييع جثامين 7 صغار ضحايا "لقمة العيش" بالفيوم    اليوم .. الإدارية العليا تفصل فى 48 طعنا على نتيجة 30 دائرة ملغاة بانتخابات النواب    عزاء الفنانة سمية الألفي بمسجد عمر مكرم اليوم    تعرف علي مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوى بالجيزة    بعد ارتفاعها 116%.. رئيس شعبة المعادن الثمينة يحذر من انكسار سريع لأسعار الفضة وينصح بالذهب    مصرع 16 شخصا فى حادث تحطم حافلة بإندونيسيا    كأس الأمم الإفريقية| اليوم.. جنوب إفريقيا تفتتح مشوارها أمام أنجولا ضمن مجموعة مصر    نيجيريا: تحرير 130 تلميذا وموظفا خطفهم مسلحون من مدرسة الشهر الماضي    نائب رئيس الوزراء الباكستاني ووزير الخارجية التركي يبحثان العلاقات الثنائية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد اليوم 22 ديسمبر 2025    محمود الليثي يشعل رأس السنة بحفل عالمي في فرنسا ويعيش أقوى فتراته الفنية    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    بحضور أبطاله.. انطلاق العرض الخاص لفيلم «خريطة رأس السنة» في أجواء احتفالية    «المهن التمثيلية» تكشف تطورات الحالة الصحية للفنان إدوارد    لجنة تحكيم أيام قرطاج السينمائية توضح سبب غيابها عن حفل توزيع الجوائز    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد اليوم    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 22 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات    مفوضى القضاء الإدارى: ادعاءات وجود عوائق أمام تنفيذ مشروع الزمالك قول مرسل    ريهام عبد الغفور: خريطة رأس السنة محطة استثنائية في مسيرتي الفنية    بحضور عضوي مجلس إدارة الأهلي، محمود بنتايك يحتفل بزفافه على سندس أحمد سليمان    السلفية والسياسة: التيه بين النص والواقع.. قراءة في التحولات الكبرى    متحدث الكهرباء: 15.5 مليار جنيه خسائر سرقات واستهلاك غير قانوني    وزير الاتصالات: مصر تقفز 47 مركزًا عالميًا بمؤشر جاهزية التحول الرقمي    أبناؤنا أمانة.. أوقاف بورسعيد تطلق خارطة طريق لحماية النشء من (مسجد لطفي)| صور    تصعيد ديموقراطي ضد ترامب بسبب وثائق إبستين المثيرة للجدل    أمم إفريقيا - محمود صابر: نهدف الوصول لأبعد نقطة في البطولة    خالد الغندور: توروب رفض التعاقد مع محمد عبد المنعم    اعترافات المتهم بقتل زميله وشطر جثمانه 4 أجزاء في الإسكندرية: فكرت في حرق جثته وخشيت رائحة الدخان    إخلاء عاجل لفندقين عائمين بعد تصادمهما في نهر النيل بإسنا    سائق يقتل زوج شقيقته إثر نزاع عائلي على شقة ميراث بالخانكة    أستاذ بالأزهر يوضح فضائل شهر رجب ومكانته في ميزان الشرع    لعبة في الجول – أمم إفريقيا.. شوت في الجول واكسب البطولة بمنتخبك المفضل    بيان عاجل من المتحدث العسكري ينفي صحة وثائق متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي| تفاصيل    الصحة توضح آليات التعامل مع المراكز الطبية الخاصة المخالفة    تامر النحاس: سعر حامد حمدان لن يقل عن 50 مليونا وصعب ديانج يروح بيراميدز    هاني البحيري: يد الله امتدت لتنقذ أمي من أزمتها الصحية    نجاح عملية معقدة لتشوه شديد بالعمود الفقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    سلوكيات خاطئة تسبب الإصابة بالفشل الكلوي    دعاء أول يوم في شهر رجب.. يزيد البركة والرزق    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 21ديسمبر 2025 فى المنيا    انطلاق الإثارة في أمم إفريقيا 2025.. المغرب يواجه جزر القمر في افتتاح المجموعة الأولى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل الملاّح يكتب : القضاء والثورة في مصر: ما العلاقة؟
نشر في الوفد يوم 03 - 05 - 2013

دفعني إلى كتابة هذه الكلمات التي أعتبرها مقدمة لبحث دستوري سياسي يجب أن يستكمل، ما سمعته في لقاء أجرته قناة عربية مع الفقيه الدستوري أو القانوني عصام إسلامبولي - كما قدّمته المذيعة - الذي قال انه يجب محاكمة الرئيس محمد مرسي على جريمة هروبه مع آخرين من السجن يوم الثورة بمساعدة مجموعة مسلحة من حركة حماس، وأضاف أنه يمكن الطعن بمشروعية ترشح مرسي للرئاسة...
لم أكن أتوقع أن أسمع مثل هذا الكلام من رجل قانون أو فقيه دستوري وقانوني من حيث المبدأ في ظل ثورة شعبية أطاحت نظاماً استبدادياً ديكتاتورياً فاسداً، ولم أكن أتوقع أن أسمع حكم محكمة الجنايات بالإفراج عن الرئيس المخلوع حسني مبارك لمضي سنتين على توقيفه في قضية قتل المتظاهرين، ولم أستطع تفهّم قيام قنوات فضائية باستضافة شخصيات تدافع عن مبارك وتصوره وكأنه قد ظُلم وأخطأ الشعب المصري بحقه وعليه أن يعتذر منه، ولا أستبعد أن يطلب هؤلاء في فترة لاحقة إعادة الاعتبار لمبارك وولديه وقد يطالبون بتنصيب ابنه جمال رئيساً لمصر عسى أن يغفر مبارك للشعب المصري ثورته...! أستغرب هذا المنطق سواء بالمنظور الدستوري والقانوني أو بالمنظور السياسي! وأنا لستُ من مؤيدي الإخوان المسلمين أو من أنصارهم أو من المؤمنين بفكرهم وتوجهاتهم.
بدايةً، لا بد من أن يدرك الجميع أن رجال القضاء هم بشرٌ كسائر البشر يصيبون ويخطئون، وهم ليسوا من جنس الملائكة والقديسين، ومن هذا المنطلق يتم التركيز على ما يُسمى بالمؤسسة أو السلطة القضائية بشخصيتها الاعتبارية وهيئاتها الجمعية، ويتم التشديد على استقلاليتها ونزاهتها.
وهنا أسأل: هل يجوز ان تكون هذه الاستقلالية مطلقة إطلاقاً تاماً تجعل منها سلكا إلهياً؟ ألا يجب أن تبقى هذه السلطة مستقلة في الأحكام التي تصدر عنها ضمن حدود القوانين التي تقرها السلطة التشريعية، ووفقاً لأحكام الدستور الذي يقره الشعب؟ وهل هذه السلطة هي فوق رئيس الجمهورية؟ أم ان رئيس الجمهورية هو الحكم بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية؟
ثم أسأل: هل من العدل وصحيح القانون أن يحكم القضاة وفقاً لنصوص قانونية نافذة قبل الثورة من دون الأخذ في الاعتبار الحالة السياسية العامة للبلاد التي كرستها الثورة؟ علماً أن مبادئ الفقه الدستوري تؤكد ضرورة أن تأخذ المحكمة الدستورية في الاعتبار الحالة العامة للبلاد والمصلحة العامة في أحكامها بالقضايا المتصلة بالدستور.
ومن هذا المنطلق، قلتُ في يوم من الأيام إن قرار المحكمة الدستورية في مصر بحل مجلس الشعب المنتخب، كان قراراً مستعجلاً في غير محله وأعتقد جازماً أنه أضرّ بالثورة وأعاق العملية الانتقالية... فلا بد من أن يأخذ القضاء في الاعتبار ضرورات الثورة ومتطلباتها ويتجاوز حرفية النصوص القانونية ويأخذ بمقاصدها. فمثلاً هل يجوز اتهام المتظاهرين عند انطلاق الثورة بمخالفة القانون الذي يمنع التظاهر والذي كان قد صدر في ظل الحكم البائد؟
وأعود الى قضية هروب الرئيس مرسي وزملائه من السجن عند قيام الثورة والتي اعتبرها الفقيه الدستوري عصام إسلامبولي جريمة تستوجب المحاكمة، لأقول ان التاريخ الحديث يذكر في سيرة الكثير من الثورات هروب قادتها أو بعضهم من السجن للمشاركة في الثورة والانضمام إليها، ولم نسمع أبداً تعرّض هؤلاء للمساءلة والمحاكمة على رغم ان بعض هؤلاء كانوا في دول لديها قضاء عريق يتمتع بالنزاهة والحيادية. وأُذكّر السيد الإسبلامبولي وغيره بأن مرسي وزملاءه كانوا معتقلين لأسباب سياسية وليس لأسباب جرمية جنائية، وعلى كل وطني شريف أن يبتعد عن مثل هذه الطروحات، بل وعليه أن يوجه التحية الى هؤلاء حيث ظلمهم النظام البائد ويظلمهم اليوم من يتحدثون بالقانون والدستور بغير موضوعية متجاهلين مقاصد العدالة، وكان عليه أن يشكر أو على الأقل لا يذكر ان مجموعة مسلحة من حركة حماس قامت باقتحام السجن وتهريب المسجونين - وأقصد السياسيين منهم -. واستكمالاً، أسأل هؤلاء الذين يُقال عنهم إنهم فقهاء دستوريون وقانونيون، ما هو رأيهم وموقفهم من تصرفات نادي القضاة في مصر وتدخّله في شؤون القضاء مخالفاً الأغراض والأهداف التي أُنشئ من أجلها وهي في الأساس اجتماعية بحتة. وهل يحق لنادي القضاة ورئيسه دعوة القضاة الى الاعتصام والتوقف عن العمل؟! وهل يجوز من حيث المبدأ قيام القضاة بالاعتصام والتوقف عن العمل والتظاهر؟! وهل يحق لعدد من أعضاء النيابات التظاهر والاعتصام أمام مقر النائب العام بحجة أن تعيينه من جانب رئيس الجمهورية غير شرعي؟! وهل بمثل هذه التصرفات تُبنى مؤسسات الدولة وتتحقق أهداف الثورة وغاياتها؟ ثم هل هذه التصرفات غير المسؤولة هي ممارسة ديموقراطية أم أنها تأتي في سياق ثورة مضادة بعلم أن من دون علم؟
إن ما يجري في مصر يدعو الى الحزن والقلق، ويدرك كل مراقب محايد موضوعي أن ما يجري ما هو إلا صراع على السلطة بعيداً من المصالح الوطنية العليا لمصر، وأن الإخوان المسلمين في الحكم وارتكابهم بعض الأخطاء كبُرت أم صغُرت لا تجوز معارضتهم بهذه الطريقة طالما ان هدف الثورة هو الانتقال الى نظام ديموقراطي مدني، وعلى المعارضة ان تعطيهم الفرصة وتلجأ الى الوسائل الديموقراطية التي يجب ان تحافظ على أمن البلاد واستقرارها ومؤسسات الدولة وهيبتها وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة، وعلى الجميع أن يجعل من صندوق الانتخابات والاقتراع حَكماً يحكم باسم الشعب الذي تُستمد السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية الشرعية منه.
وعلى الإعلام، بخاصة القنوات الفضائية التي تلعب دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام، أن يبتعد عن الإثارة والانحياز الى طرفٍ معين ويحرص على الموضوعية والحيادية والمهنية التي تتطلب التشديد على عدم المساس بالخصوصيات ومقامات الناس بمختلف مستوياتهم، وألا يستغل مبدأ حرية التعبير وحرية الإعلام لتحقيق أجندات خاصة تؤذي الوطن وتخلط الأوراق.
ولا أُخفي أنني أصبحتُ لا أتحمّل مشاهدة برامج بعض المذيعين والمذيعات الذين يتخاطبون مع ضيوفهم بطريقة غير لائقة ويجعلون من أنفسهم شخصيات مستبدّة غير محايدة، ويتحدثون مثلاً عن الرئيس المصري عندما يذكرونه وكأنه من مرؤوسيهم! ومثل هؤلاء هم الذين يثيرون الفتن ويشوّهون الحقائق ويساهمون في ترسيخ قواعد للتعامل والتخاطب أعتقد جازماً بأنها غير أخلاقية وغير مناسبة لبيئتنا ومجتمعنا، وإن كانت كلها أو بعضها سائدة في الغرب.
أخيراً أُشير إلى أن حديثي عن مصر وما يجري فيها، يعود الى إيماني الراسخ بأن مصر هي الرافعة الأساسية للأمة العربية ومن دونها نبقى جميعاً كالذي يفقد أمه، فنجاح ثورة مصر يعني فتح الطريق لنجاح ثورات الربيع العربي كلها.
وهنا لا بد من التمييز بين إسقاط النظام المستبد وبين تحقيق أهداف الثورة في إقامة نظام ديموقراطي مدني تعدّدي تداولي، وعلينا ان ندرك ان تحقيق هذه الأهداف قد يحتاج الى زمن طويل في ظل ضعف الوعي ووجود جحافل من الانتهازيين والمرتزقة والمنافقين والفاسدين الذين تربّوا وعاشوا في أحضان النظام الاستبدادي الديكتاتوري. وهذا ما يوجب الإسراع بإعداد وإقرار ما يُسمى بقوانين العدالة الانتقالية، وأن تكون سلطة الحكم في المرحلة الانتقالية سلطة ثورية تتمتع بصلاحيات كاملة لا يعترضها قاضٍ هنا أو مستشارٍ أو فقيه هناك...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.