سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رئيس الاستئناف:خطأ التأسيسية أنها دللت أقليات هامشية على مدار تاريخ مصر الدستورى لم يتعرض مشروع دستور للشد والجذب والقيل والقال مثلما يتعرض له الدستور المزمع صياغته هذه الأيام، والذى يأتى عقب واحدة من أنبل وأعظم ثورات الشعوب على مدار التاريخ
على مدار تاريخ مصر الدستورى لم يتعرض مشروع دستور للشد والجذب والقيل والقال مثلما يتعرض له الدستور المزمع صياغته هذه الأيام، والذى يأتى عقب واحدة من أنبل وأعظم ثورات الشعوب على مدار التاريخ، فقد تم حل الجمعية التأسيسية الأولى بحكم قضائى وتقف الجمعية الثانية على حافة الانهيار خاصة بعد إحالة القضاء الإدارى قانون تشكليها للمحكمة الدستورية العليا لبيان مدى دستوريته، إضافة إلى الانسحابات المتتالية والتى قد تنسف شرعية اللجنة وأسباب وجودها على خلفية الاتهامات الموجهة من القوى المدنية بأن المسودة الأولية لا تلبى طموحات المصريين عقب ثورتهم العظيمة خاصة فى مجال الحريات العامة وأنها تؤسس لدولة دينية. ومن هنا كانت هذه القراءة لمسودة الدستور والتى اختص بها المستشار مؤمن عبد اللطيف رئيس محكمة الاستئناف لجريدة "المصريون".. (1) أسباب عراقيل عمل اللجنة التأسيسية يتحدد مصير مصر بصدور الدستور غير أن عراقيل تنشب أظافيرها فى الجمعية التأسيسية المنتخبة التى عهد إليها نواب الشعب المصرى بذلك العمل الكبير وتوشك أن تمنع صدوره. تلك ثلاثة عراقيل من خارج الجمعية التأسيسية تتصدرها الخيانة، وليس لأصحابها أوجه خطابى، فإن الفكر لا يتوجه إليهم وهم بمنأى عنه. والثانية هى نقص العلم إذ كشف الجدل الراهن عن افتقاد القواعد العلمية وفقه فلسفة القانون وأصوله والعلم بتاريخه لدى البعض ممن لا يجوز أن يوسموا بفقده. والثالثة الخطأ غير الحكيم وهو مسلك يصدر عمن لا شك فى إخلاصهم غير أنهم يخطئون ويندفع بهم الخطأ نحو الاشتراك فى عرقلة إصدار الدستور. غير أن ثمة ما يسىء إلى عمل الجمعية التأسيسية من داخلها ويعطله، وذلك سببان: الأول هو عدم إدراك أن فلسفة الدستور هى وضع النظم العامة لأصول الحكم فى الدولة دون إمعان فى التفاصيل وعلة ذلك – لدينا - هى أن الدستور نظام قانونى جامد لا يتعرض بيسر لتغيير أحكامه، أما القانون فبمكنته أن يتابع تغيرات الواقع المادى ليسر إصداره من سلطة التشريع وهو يسمح بنقاش فكرى هادئ طويل للآراء المتعارضة والزمن يمحص التعارض. وأُذكر بأن القانون الأساسى كان الاسم الأشهر الذى تنادى للمطالبة به الوطنيون ببلادنا فى القرن التاسع عشر، واليوم يؤدى الإغراق فى التفاصيل إلى بطء عمل الجمعية التأسيسية، وسيؤدى من ناحية أخرى إلى نتيجة أخطر هى اصطدامه بعد صدوره بالتغيرات الاجتماعية والسياسية التى ستؤدى إلى حتمية تعديله لمواجهة التغيرات، وما عسى أن تسفر عنه تجارب التطبيق من وجوب تعديل نظمه ثم يجابه صعوبة التعديل. الخطأ الثانى من الجمعية التأسيسية أنها ترغب فى إرضاء جميع الأطراف مهما كانوا أقليات ضئيلة، مع أن تلك الرغبات تتعارض فيما بينها بحيث يستحيل إجابتها معا. إن معنى الديمقراطية وجوهرها هو حكم الأغلبية وحرية الرأى للأقلية ذلك أنه يستحيل الجمع بين الآراء المتناقضة، فلا مفر إذا اختلفت الآراء واستحال الجمع بينها من سيادة رأى الأغلبية. إن محاولة الجمع بين آراء متناقضة يتمسك بها أصحابها لا تفضى إلا لعجز القرار وليس للأقلية سوى احترام رأى الأغلبية وإلا زال معنى الحرية. إن الواجب على أعضاء الجمعية التأسيسية أن يضعوا مشروع الدستور بما يوجبه صالح الأمة العام ووفق الحقائق العقلية والفكرية التى يقتنعون بها دون أن تعوقهم اعتراضات لا تقتنع أغلبية الأعضاء بها والأغلبية فى كل نظام ديمقراطى هى المنوطة وحدها بإصدار القرار. إن الجمعية التأسيسية منتخبة من نواب الأمة ومن ثم فهى تمثل الأمة، والكلمة الأخيرة الجازمة ستكون لإرادة الأمة باستفتاء حر فليس للمعارضين غير أن يتوجهوا بآرائهم إلى الأمة مصدر السلطات، أما سعى الأقليات المعارضة لفرض آرائها فليس غير طريق للفوضى والاستبداد. (2)جدل غير مفهوم حول الشريعة الإسلامية نصت المادة الثانية من مسودة الدستور على أن "جمهورية مصر العربية دولة إسلامية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع"، وقد روج العلمانيون إلى أن تلك المادة تعنى مبادئ عامة من قبيل المساواة والحرية والإخاء كشعار الثورة الفرنسية، وهو ظن لا صلة له بالعلم الصحيح. وكنت قد بينت أن كلمة "مبادئ" لا وجود لها فى الفقه الإسلامى غير أنها اصطلاح حديث يعنى "القواعد الأساسية"، وأن المحتم أن فى مقدمة المبادئ الأساسية للشريعة وجوب الالتزام بأحكامها طاعة لرب العالمين أو ليس ذلك قاعدة أساسية فى الشريعة الإسلامية؟ أم أن مبادئ الشريعة هى فقط مبادئ الثورة الفرنسية؟ إن معنى كلمة الشريعة أنها خطاب الله سبحانه وتعالى للبشر ولا شك فى أنه أمر ملزم إذا كانت صيغته آمرة، وأن أول وأهم مبادئ هذه الشريعة أى قواعدها الأساسية إيجاب الالتزام بها، فما معنى أنها مبادئ الشريعة وهى لا توجبها؟ وإذ كانت المادة الثانية تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، فإن تقديمها بوصفها المصدر الرئيسى يعنى أنه لا يجوز تطبيق غيرها إذا ما وجد حكم فيها، فإذا لم يوجد حكم كان آنئذ ما يسميه الفقه الإسلامى "المصالح المرسلة"، وهو الأصل الفقهى الرفيع الذى تتحقق به مرونة للتشريع الإسلامى تحقق له الكمال والذى يتيح إصدار القوانين التى تحكم المصالح التى تَجِدُّ باختلاف الزمان والمكان كقواعد قوانين الضرائب والجمارك وتنظيم المبانى والبعثات الدبلوماسية وقواعد المرور فى إطار القواعد العامة للشريعة وروحها. وقد قيل إنه لا يجوز النص على "أحكام الشريعة" لأن آراء الفقهاء تختلف فيها فلا يُعْرَف بأيها يؤخذ. وهو قول أبعدُ إيغالا عن العلم ذلك أن كل قانون تختلف آراء الفقهاء كذلك فى تفسير نصوصه ولا يكون ذلك علة لمبدأ رئيسى مزعوم هو عدم الالتزام بأحكام القانون. لقد ابتكر علماء الفقه الإسلامى علما معياريا منطقيا خالدا هو علم أصول الفقه وهو علم يضع القواعد العقلية التى يفهم العقل بمقتضاها حكم الله على وجهه الصحيح وقد أطلق النبى الكريم للأمة إذا التزمت بالاجتهاد الصحيح حق الاختلاف، فقال اختلاف أمتى رحمة. إن كل ما توجبه الشريعة هو أن ينبنى الاستدلال الفقهى على الأصول الفقهية الكلية وقواعد الدلالات، فإذا التزمت الأمة بهذا الاستدلال العلمى كان حتما ألا تخرج عن حكم الشريعة، وإذا اختلف العلماء المجتهدون فى فهم الأحكام الشرعية كانت آراؤهم جميعا أحكاما فى رحاب الشريعة، إذ أن هذا الاختلاف معفو عنه، كما أن اختلاف فقهاء القانون فى فهم نصوصه لا يخرج بآرائهم عن أن تكون جميعا أحكام القانون. واختلاف الرأى هو الأصل الثابت فى جميع علوم البشر لا تكاد تخرج عنه سوى العلوم الرياضية التى تتخذ موضوعا لها معانى مجردة مبدؤها – فى الفلسفة – نظريات مفترضة الثبوت وليست قطعية الثبوت. والآن، فإذا كنا نتحدث عن مبادئ الشريعة الإسلامية أى قواعدها الأساسية، فلا شك فى أن من قواعدها الأساسية الالتزام العلمى فى الاستدلال بقواعد أصول الفقه وهى ما أصفها بأنها المنهج العلمى لعلم الفقه وهل يمكن القول بأن الالتزام الأصولى بنصوص القرآن الكريم والسنة ليس بمبدأ أساسى من مبادئ الشريعة الإسلامية، وأن الآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول" – سورة النساء آية 59"، ليست مبدأ أساسيا فى شريعة رب القرآن! إن المادة الثانية كافية إذن لتطبيق الشريعة الإسلامية ولا شك فى أننى أنظر بتقدير إلى المحاولات غير الضرورية، لإزالة كلمة "مبادئ" أو إضافة مادة أخرى لتفسيرها، فهى مطالب تستهدف منع احتمالات غير علمية لإساءة تفسير هذه المادة غير أن من الخطأ الخَطِر الدعوة للامتناع عن الموافقة على دستور سديد إذا لم يتحقق هذا المطلب. وتلك معركة طواحين الهواء. يجب منح كل الجهد لصدور الدستور وانتخاب البرلمان الحر، وآنئذ فإن لنواب الأمة تحقيقَ آمالها بسيف الدستور الذى يُرادُ تعطيلُه. (3) السلطة القضائية فى باب واحد إن سلطات الدولة ثلاث بحسب طبيعة عملها وماهيتها، وهى السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة القضائية، فى تعريفنا لها هى السلطة المختصة بفرض قواعد القانون على أشخاص معينين، إدارة أو أفرادا، فى واقعة معينة مخاطبين بالسلوك فيها بمقتضى القانون لدى مخالفة السلوك لقواعده وبفرض جزاء القانون على من يخالف تلك القواعد. ويتحقق وصف السلطة القضائية فى مصر لكل من المحكمة الدستورية العليا والقضاء العادى ومجلس الدولة، وهو ما يوجب أن توضع معا فى باب واحد فى الدستور يحمل عنوان "السلطة القضائية"، وذلك هو ما صنعه حقا مشروع الدستور. غير أن بيانا صدر عن المحكمة الدستورية العليا برفض هذا التصنيف ويحتج بأن هذه المحكمة فوق السلطة القضائية كما احتجت بيانات صادرة عن بعض القضاة بأن اجتماع هذه الهيئات فى باب واحد هو اتجاه لدمجها معا أى إلغاء استقلال كل منها عن الآخر. إن ما ورد بمسودة الدستور تصنيف سديد يجمع هيئات السلطة القضائية تحت العنوان النظرى الصحيح الذى يقابل عنوانى السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وقد أوردت المادة الثالثة من الدستور الأمريكى أن "تخول السلطة القضائية للولايات المتحدة لمحكمة عليا واحدة وللمحاكم الأدنى مرتبة"، وأورد الدستور الألمانى جميع المحاكم تحت عنوان "الهيئة القضائية"، وتنص المادة 92 منه على أن "السلطة القضائية مخولة للقضاة وتمارسها المحكمة الدستورية الاتحادية والمحاكم الاتحادية المنصوص عليها فى هذا القانون الأساسى ومحاكم الأقاليم"، ولم تفرق كل الدساتير المصرية الصادرة بعد إنشاء مجلس الدولة بينه وبين محاكم القضاء العادى، بل لم تنص على اسمى القضاء العادى ومجلس الدولة اجتزاء بعنوان "السلطة القضائية وحدها"، ثم بالنص على قواعد مشتركة أساسية مصحوبة بنص عام تكرر فى تلك الدساتير هو أن "ينظم القانون جهات القضاء ويعين اختصاصاته". (4) المحكمة الدستورية العليا ليست فوق الشعب تتبنى نظرية الرقابة القضائية على دستورية القانون على أن القاضي يطبق القانون وفق التدرج التشريعي، والدستور قانون هو القانون الأسمى يليه التشريع الصادر عن السلطة التشريعية المسمى باسم "القانون" بمعنى خاص، ثم اللائحة التي تصدر من السلطة التنفيذية بناءً على القانون. ولما كان لا يجوز للقاعدة القانونية الأدنى أن تخالف القاعدة القانونية الأعلى، فإن القاضي يراقب قانونية اللائحة ويراقب دستورية القانون، وتتخذ رقابة الدستورية إحدى صورتين إما رقابة الامتناع عن تطبيق القانون في دعوى معينة إذا رأى القاضي أن القاعدة القانونية المنطبقة عليها تخالف قاعدة دستورية أو صورة رقابة الإلغاء بأن يحكم القاضي ببطلان القانون، فتزول كل آثاره، والدول القليلة التي تأخذ بهذا النظام تعقده لمحكمة واحدة بالدولة. إن سلطة رقابة الامتناع عن تطبيق القانون غير الدستوري هي السلطة المثلى، وعلة ذلك عندي أن القاضي الذي يصدر حكمًا في دعوى ما، ويمتنع في الحكم عن تطبيق القانون لا يلزم غيره من القضاة بما قضى به، إذ إن حجية الحكم في الدعوى حجية نسبية مقصورة عليها، وعلى أطراف الدعوى لا تمتد إلى غيرها فلا تقيد القاضي الذي أصدره نفسه في الدعاوى الأخرى، وعلى ذلك فإن النشاط الفكري القانوني سيظل حرًا كما هو واجب الفكر، وإمعان النظر وتبادل الرأي سيظل متاحًا بما يثري القانون، وترى هل الحقائق في القانون جازمة قطعية؟، وحيث لا يكاد يوجد قطع في العلم، فحتى مقدمات العلوم الرياضية فإنها مفترضة، إن أحكام المحاكم جميعًا والقاضية بتفسير القانون هي أحكام نسبية ليس لها إلزام في غير الدعوى التي تقضي فيها، وليست لها غير قيمة أدبية، وكما أسلفنا فإن العلم بطبيعته يفيض بتعارض الآراء، وتلك الحرية هي مناط رفعة العقل. إن القانون تشريع صادر عن نواب الشعب، فهو منسوب إلى الشعب، وأعضاء المحكمة التي تقضي ببطلانه لا يمثلون الشعب تمثيلًا نيابيًّا، فكيف يمكن لعدد محدود من أعضاء المحكمة هو في مصر تسعة عشر عضوًا لم ينتخبهم أحد أن يصدروا هذا الأمر الجازم الملزم للمجتمع السياسي بأكمله؟ لا ريب في أن رقابة الامتناع أكثر رأفة، إذ تسمح بإعادة النظر وإمعان الفكر وتبادل الرأي وفق قاعدة نسبية حجية الأحكام. وقد يرى – وهو واقع ثابت – قضاة آخرون بل قد يرى أكثرهم أن ما تقضي به المحكمة الدستورية غير صحيح، ومع ذلك تملك تلك المحكمة بعدد محدود من أعضائها نقض إرادتهم ونقض إرادة سلطات الأمة ليس في دعوى نسبية، وإنما بحكم مطلق دائم - من بعد - ما بقي الدستور، وذلك نقض محقق للديمقراطية. لقد انتقد ناقدون استشارة البرلمان لهيئة دينية علمية بحتة، واعتبروا أن تلك الهيئة ستكون سلطة كهنوتية رغم أنها لا تقدم غير مشورة علمية في تفسير القانون لا تلزم أحدًا أفلا يلاحظون أن المحكمة الدستورية مكونة من عدد محدود، ولا يمكن الدعوى بأنهم يمثلون أمتهم، ولا يمكن الدعوى بأنهم يمثلون القضاء، ثم يملك هذا العدد سلطان التفسير والإلزام المطلق. لو أن الشعب كان هو الذي انتخبهم لأمكن أن يقال إن الشعب قد عرف لهم حكمتهم واختارهم بإرادته فإنهم ممثلوه، ولو أن القضاة هم الذين اختاروهم لأمكن القول أن القضاء أدرى بمن يختار. غير أن قانون المحكمة الدستورية العليا كان قد خص رئيس الجمهورية وحده أي السلطة التنفيذية بتعيين رئيس المحكمة دون أية ضوابط على اختياره، وهو ما جرى منذ إنشائها كما نص على أنه يعين الأعضاء من بين اثنين يختار أحدهما رئيس المحكمة الذي سبق لرئيس الجمهورية اختياره، وتختار الثاني الجمعية العمومية ويظل التمييز بينهما إذنًا لرئيس الجمهورية، وإذا كان قد أجرى تعديلًا على القانون قبيل الثورة أوجب موافقة الجمعية العمومية على اختيار رئيس المحكمة أفلا يكون للشعب أن يقلق من أن المحكمة - وقد سبق اختيارها بأكملها من السلطة التنفيذية – سوف تظل مغلقة على نفسها للأبد. لنر مسالك الدول القليلة التي أخذت بهذا النظام في قواعد اختيار أعضاء المحكمة الدستورية وتُراها هل مضت بعيدًا عن الشعب. في الولاياتالمتحدة يتشارك رئيس الجمهورية والكونجرس في اختيار أعضاء المحكمة الاتحادية العليا، ولما كان رئيس الجمهورية وأعضاء الكونجرس جميعًا منتخبين بانتخاب حر غير زائف، فإن اختيار أعضاء المحكمة هو كلمة وكلاء الشعب. وفي فرنسا يتكون المجلس الدستوري من تسعة أعضاء يعينهم كل من رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ بحصص متساوية، ومدة العضوية تسع سنوات لا تتجدد، ويكون رؤساء الجمهورية السابقون أعضاء بالمجلس مدى الحياة. وفي ألمانيا فإن البوند ستاج ممثل الشعب المنتخب بانتخابات عامة حرة بتعبير الدستور الألماني والبوندسرات الذي يتكون من أعضاء حكومات الأقاليم ينتخبان أعضاء المحكمة الدستورية الاتحادية مناصفة بينهم. وقد حاولت الجمعية التأسيسية إصلاح بعض نظم المحكمة الدستورية العليا، فوضعت قاعدة لتعيين أعضائها بأن تختار الجمعية العمومية لمحاكم عليا ثلاث هى محكمة النقض، ومحكمة استئناف القاهرة، والمحكمة الإدارية العليا، قضاة المحكمة الدستورية وهو ما يكفل ضمانَا دستوريًّا حقيقيًّا لاستقلال المحكمة الدستورية عن السلطة التنفيذية وحيدتها. ولما كانت جميع القوانين التي قد يطعن عليها بعدم الدستورية هى إما مطبقة أمام القضاء العادي أو القضاء الإداري، فإن ذلك النظام سيكفل اختيار أكفأ القضاة وأكثرهم خبرة منهما معًا. وقد قيل إنه يجب أن يُختار الأعضاء من هيكل المحكمة الدستورية بأن يكونوا من هيئة مفوضي الدولة بها، وأن يعين هؤلاء بعد تخرجهم من كلية الحقوق، ونسي أصحاب هذا الرأي أن القانون الدستوري ليس تخصصًا حقيقيًّا يمكن إنشاء هيكل قضائي كامل له مقصور عليه، ولو حدث ذلك سيكون أولئك المفوضون الذين يعينون بالهيئة بالضرورة أبعد رجال القانون عن العلم بالقانون، إذ لن يتمرسوا بالقوانين المختلفة، ويجابهوا النزاعات القضائية المتعددة، ويتدارسوا علوم القانون المتباينة، كما ينظر القاضي آلاف القضايا في سنة واحدة. إن بحث وثيقة الدستور ليس علمًا يبدأ به الدارس، وإنما هو بحث يبدأ به بعد أن ينتهي من امتلاك شتى علوم القانون.