ناضلوا سنوات فشٌردوا على أيدى النظم الراعية لأصحاب الأعمال.. بذروا بذور الثورة فى قلوب المصريين فخونوا.. طالبوا بحقوقهم فظلموا على أعتاب حكام لا يعرفون معنى العدل.. ابتكروا ثقافة الغضب الاحتجاجى وعندما ثار الشعب مثلهم انقلبوا عليهم وأطلقوا على رايتهم «الفئوية».. كافحوا من أجل تغيير النظام فجاء نظام أقصاهم من العمل السياسى.. زرعوا الثورة فحصدها الإخوان المسلمون.. هذا ملخص طريق عمال مصر فى شعار رفعوه قبل الثورة بما يقرب من 6 سنوات «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» حتى جاءت بادرة النهاية إلى لا شيء يذكر, وتضحيات تهدر أمام إصرار جماعة لا تريد مشاركة لأحد أو اعترافا بنضال غيرها حتى أرغمت عمال مصر على رفع شعار جديد بأن «ثورة واحدة لا تكفى» لتحقيق أهدافهم. العمال فى برامج مرشحى الرئاسة ما بعد الثورة بالقراءة المتأنية في برنامج مرشحى رئاسة الجمهورية فيما يخص العمال، نجد أنهم تشابهوا فى النص وفى عدم إنصاف الطبقة العمالية، كما لا تعبر برامجهم عن العمال ولا عن آمالهم وطموحهم في «عصر جديد أو وطن أفضل» كما عنون شفيق برنامجه، ولا هو «مشروع نهضة.. إرادة شعب» كما عنون محمد مرسي برنامجه، لأن برنامج كل منهما يحتوي في طياته بالنسبة للعمال نفس السياسات التي ناضلوا ضدها في العقدين الأخيرين. سياسات الخصخصة أغلقت المصانع وشردت العمال، العامل أو الموظف يعمل لعشرات السنين ويخرج للمعاش دون أن يثبت أو يؤمن عليه، فيخرج ليجد نفسه وأسرته دون أي معاش أو دخل بعد أن يكون قد وصل لسن لا يستطيع فيها العمل، وفي أحسن الأحوال يجد معاشا ضئيلا لا يكفيه وأسرته. نفس قانون العمل بما فيه من تعسف وظلم وحقوق لصاحب العمل في فصل العامل، وإن استطاع فليذهب للمحكمة وتبقي قضيته بها سنوات عديدة، وهو دون أي دخل، وإن كسب القضية فليس في القانون ما يجبر صاحب العمل علي تنفيذ حكم المحكمة. وجاءت الكثير من المتشابهات فى ظلم العامل المصرى ببرامج كل من شفيق ومرسى, وخاصة بقضية الأجور التى تشكل رأس مطالب العمال, فشفيق تحدث عن الحد الأدني دون أن يتطرق للأقصي، والإخوان تحدثوا عن الحد الأدني والحد الأقصي, فالحد الأدني لديهم 700 جنيه محسوباً فيها ليس الأجر الشامل فقط، بل وحصة التأمينات التي يدفعها العامل وصاحب العمل، أي أن ما يتقاضاه العامل في يده ربما لا يصل ل 500 جنيه شهرياً، وعن الحد الأقصي 35 ضعفا وليته عام علي كل موظفي الدولة بل في كل وحدة ومؤسسة علي حدة. العمال فى زمن النهضة حمل برنامج مرسي «مشروع النهضة» نصوصا صريحة بأنه ضد الحرية النقابية، فقد تحدث فقط عن العمل علي تعديل في قانون النقابات العمالية والذي يحافظ علي اتحاد العمال الذي كان وما زال أداة في يد الدولة والأمن ضد العمال ومصالحهم، والذي نجح الإخوان فى الهيمنة عليه بعد التخلص من مجاور ورجاله عقب تنحى مبارك, كما تحدث علي استحياء عن العمل علي ترشيد سياسة الخصخصة وضبطها. واكتفى بنص «تعديل قانون 35 (قانون النقابات القديم الذي ينص علي اتحاد عمال واحد) بزيادة الحرية والحيلولة دون التفتت»، ليس هذا فقط بل وجدناه يعمل علي إحياء كل الأشكال التنظيمية التي ماتت فتحدثوا عن وضع خطة لتطوير دور الاتحاد التعاوني الزراعي، وتفعيل نقابة العاملين بالزراعة والري، وذلك في مواجهة التنظيمات النقابية التي نشأت من رحم ثورة 25 يناير سواء نقابات العمال أو الفلاحين، ولسد الطريق أن يُنشئ الفلاحون والحرفيون أشكالا تعاونية جديدة تناسبهم وتعبر عنهم وعن مصالحهم بحق. وكان التهرب عنوانه فى قضية هامة وهى تثبيت العمالة المؤقتة , فقد أتي في برنامجه «العمل علي تثبيت العمالة المؤقتة أو توفير مرتبات وظروف عمل تضمن الاستقرار والمساواة» إذا استطاعت الحكومة توفير مرتبات مساوية لزملائهم المثبتين، وتضمن لهم الاستقرار. كما أكد على تعديل بعض مواد قانون 12 لسنة 2003، بما يضع توازنا عادلا بين صالح العمل ورجال الأعمال وبين تحقيق مرتبات وظروف عمل أفضل للعامل، معني هذا أن أيا منهما لا ينتوي إصدار قانون عمل جديد يحمي الطرف الضعيف في المعادلة وهو العامل، وخصوصاً ضد الفصل والذي يضمن للعامل بقية حقوقه. وجاء بمشروع النهضة أيضا عبارات كثيرة فضفاضة منها «تحسين الظروف المعيشية للعمال والفلاحين»، أو «القضاء علي الفقر والبطالة»، و«تفعيل وتنظيم الدور الاجتماعي لرجال الأعمال» وعبارات مثل «تبني استراتيجية لمكافحة الفقر والنهوض بالمناطق الفقيرة»، «الحفاظ علي دعم السلع الأساسية لمحدودي الدخل، و تحسين جودة السلع المقدمة علي البطاقات التموينية» في برنامج شفيق لا معني لها. تصريحات لا علاقة لها بالواقع وكان قد ذكر، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، محمد بديع أن مشروع النهضة الذي يتبناه الإخوان المسلمون سيعيد العمال الي مكانتهم، والي دورهم الفعال والرئيسى في بناء النهضة وإعادة تعمير مصر واسترداد حقوقهم، وفتح مصانعهم، واسترداد شركاتهم لدفع عجله الانتاج والتقدم والنهوض بمقدَّرات البلد في جميع مجالات البناء والإنتاج. وكثيرا ما شدد فى الحديث حول حقوق العمال والفلاحين وكيف ضاعت «في العهد البائد، وكيف اكل عرقهم وجهدهم طبقة من الحكام الظلمة وأرباب السلطان والمقربين منهم». وأوضح «بديع»، أن الصراع الطبقي في أنحاء الأرض، سواء في العالم الرأسمالي الذي يستغل فيه أصحاب رؤوس الاموال صغار العمّال ويأكلون حقوقهم لتحقيق أعلي معدلات الربح والانتاج، أو في العالم الشيوعي الذي يحول العالم الي ترس مطحون في آلة الإنتاج لا يعترف له بحقوق ولا حرية ولا كرامة. نهضة ولكن جاء بنص مشروع النهضة الذى يخالف حديث المرشد وحديث الرئيس عن دور الاتحاد أنه «كان ضياع مبادئ العدالة الاجتماعية سببا من أسباب قيام ثورة 25 يناير وتطبيق العدالة الاجتماعية أحد أسبابها ومشروع النهضة لديه رؤية في إقامة العدالة الاجتماعية وحل مشكلاتها من بطالة وغلاء أسعار وعنوسة وأطفال الشوارع وغيرها وهذه الرؤية تتمثل فى مواجهة الغلاء, مكافحة ظاهرة الفقر, معالجة مشكلة البطالة , علما بأن نسبة البطالة وصلت الى 12% وحددوا أجلا قصيرا لحل الازمة وأجلا طويلا وعن الأجل القصير تضمن إنشاء صندوق قومى لمنح إعانات بطالة وتسهيل الإجراءات للحصول على الإعانات وذلك من وجود مشروع قانون ينظم ذلك مع وجود قاعدة بيانات حقيقية عن البطالة, إعادة تشغيل الطاقات المعطلة الموجودة في جميع نواحى القطاع القومى, إعادة النظر في سياسات الخصخصة مع الحفاظ على المشروعات العامة الناجحة, العمل على تحسين مناخ الاستثمار وتذليل عقبات انطلاق القطاع الخاص, وبالطبع تفاقمت هذة الازمات ولم يتم اتخاذ أى تدابير توحى بتطبيق أى منها بعد مرور ما يزيد علي 9 أشهر من حكم الاخوان ولا نعلم متى يبدأ الأجل القصير. والأهم فى مشروع النهضة الذى أكد نيته فى تحسين أوضاع العمال والفلاحين, وإعادة هيكلة الأجور في مصر، حيث يكون هناك حد أدنى يكفى متطلبات الحياة وفى نفس الوقت يوجد حد أقصى له علاقة بالحد الأدنى, علما أن قد تقدم نائب سلفى بمشروع لمجلس الشورى يتضمن تحديد حد أقصى وتم وضعه فى ادراج المجلس, ولم تخرج الأمور عن الحد الأقصى الذى تباهى الرئيس فى حواره الأخير بتطبيقه وهو ما لم يحدث على أرض الواقع. طلع فنكوش لم يعول عمال مصر كثيرا على وعود مرسى البراقة رغم بعض البنود التى رفضها العمال وقادتهم, فرفضوا هذا الشروع منذ بدايته ولكن تأكدت لهم افكارهم بتصريح المهندس خيرت الشاطر أن مشروع النهضة - على عكس ما يوحي به الإعلام - ليس له برنامج واضح محدد نهائي يفرض على الناس. وإنما يتم تجهيز مشروع مبدئي مقترح ليطرح للحوار لكل النخب والقوى السياسية في مصر ويتم النقاش فيه حتى تستقر أغلب الاتجاهات الفكرية والقوى السياسية على الصورة النهائية للمشروع. وهو ما اعترض عليه الكثير على أساس أن المصريين انتخبوا مشروع النهضة على أنه جاهز للتنفيذ وبالتالي لا حاجة للتحاور مع القوى السياسية. وبعيدا عن تصريحات قادة الجماعة فبالعين المجردة يري الكثير أنه لا يوجد أي انعكاس لمشروع النهضة على الواقع السياسي المصري في الستة أشهر الأولي لتولي الرئيس مرسي. وفى نفس السياق أكد المهندس كمال خليل، مؤسس حزب الفلاحين، أن ثورة 25 يناير حتى الآن لم تقدم أي جديد خاصة للعمال من العدالة الاجتماعية أو استعادة حقوقهم المهدرة، مؤكدًا أن نظام الرئيس محمد مرسي والمخلوع مبارك وجهان لعملة واحدة لا فرق بينهما واصفًا مشروع النهضة بأنه وهم مثل «الفنكوش». واستنكر خليل عدم تنفيذ قرار القضاء بعودة شركات المراجل البخارية وطنطا للكتان للقطاع العام وعدم التفاته لعمال مصانع وبريات سمنود وحلوان وسماد طلخا فى مطالبهم بتطوير ماكينات مصانعهم ورفع أجور عمالهم وزيادة حوافزهم المادية. العمال فى الدستور «الإخوانى» وبعيدا عن أوهام مشروع الإخوان المسمى بالنهضة تجدد حلم العمال بذكر الدستور, واختاروا أن يناضلوا من أجل الوصول الى نقطة أمان, ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى الفن، فالدستور لم يشارك في كتابته العمال فكان نصيب العمال والفلاحين في التأسيسية اثنين عن العمال وواحدا عن الفلاحين، ولكنهم لا يعبرون عن هذه الفئات». وجاءت نصوص الدستور تتحدى العمال منتقمة من ثورتهم ..ففى المادة 14: التي تنص علي. ويجب ربط الأجر بالإنتاج، وتقريب الفوارق بين الدخول وضمان حد أدني للأجور بما يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحدا أقصي في أجهزة الدولة لا يستثني منه إلا بناء علي قانون في كونها تربط الأجر بالإنتاج. فجاء تساؤل: «ماذا لو قرر صاحب العمل إيقاف الإنتاج، فهو ما يبرر لصاحب العمل عدم دفع الأجور، ولم يتم ربطه بما يجد أن يكفيه من سكن ملائم وغذاء وقدرة علي العلاج وتعليم الابناء، ولم يربطه بالحد الأقصي وربطهما بنسب التضخم. وفي المادة 27، التي ذكرت الارباح، لم تحدد نسبتها، واكتفي بقول «إن للعاملين نصيبا في الأرباح وهو ما يفتح المجال وراء امكانية تقليلها عما هي الآن». أما المادة 64، «العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن، تكفله الدولة علي أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. ولا يجوز فرض أي عمل جبراً إلا بمقتضي قانون» لم يذكر في هذه المادة سن العمل ولم تذكر إعانة البطالة في الوقت الذي تجيز في إحدي مواده عمالة الاطفال وهذا تناقض مع نصوص مشروع النهضة الإخوانى التى استفاضت فى حماية الاطفال وتدبير أمر البطالة للتخلص منها. والمادة 70، تجيز فصل العامل حيث نصت علي «أنه لا يجوز فصل العامل إلا في الحالات المنصوص عليها في القانون، هذا القانون الذي فصل بسببه مئات العمال ومازالت قضاياهم تتداول بالمحاكم سنوات، وحتي في حالة الحصول علي حكم قضائي بالعودة في يد صاحب العمل عدم التنفيذ». بالإضافة الي كل هذه الحقوق المنقوصة يعطي الدستور لاصحاب المصانع ورجال الأعمال أسلحة، ويحصنهم حتي في حالة عدم التزامهم بواجباتهم في التشغيل ودلل علي ذلك في اربع مواد وهي (م21- م24-م29- م30) وكلها تؤكد صيانة الملكية الخاصة وحظر وعدم جواز فرض الحراسة أو نزع الملكية أو التأميم أو مصادرة الأموال إلا للصالح العام وبموجب قانون ومع التعويض العادل مقدما، مع العلم بأن بعض هذه المواد كانت في دستور 71، ولكنه في المادة 32 منه عرف الملكية الخاصة بأنها التي تتمثل في رأس المال غير المستغل وهو ما أغفلته مسودة الدستور الحالية. وهو ما ينذر باغلاق مصانع جديدة وتشريد الآلاف من العمال. أما عن الحريات النقابية فعلي الرغم من ورود حق تأسيس النقابات بحرية في م52، إلا أنه عندما امتنع عن كتابة عبارة بالإخطار بعد قوله «وتكون لها الشخصية الاعتبارية»، والتي ذكرها في المادة السابقة مباشرة بالنسبة للأحزاب والجمعيات، خصوصاً لو وضعنا هذا النص جنباً إلي جنب مع ما ورد في المادة 6 والتي تنص علي (حق التعدد بالنسبة للأحزاب والجمعيات) ولم تذكر النقابات فهو تأكيد لعدم رغبة النظام الإخوانى فى دعم حرية النقابات المستقلة ومشروع التعددية النقابية الذى يمثل شوكة فى ظهر كل النظم السياسية بكافة أشكالها. ومن هنا تعددت أشكال التعسف ما بين نظام مبارك مرورا بمن حكموا المرحلة الانتقالية وصولا الى حكم مرسى وجماعة الإخوان المسلمين، فجميعهم لم يقدموا حلولا للعمال بل دعموا اقصاءهم من العمل السياسى وكبت تحركاتهم الاحتجاجية بقوانين تقيدها, حتى جعلوا العمال فى حالة انعقاد ثورى مستمر وبدلا من البحث عن حلول والسماع لهم فمازال الرئيس يحتضن قادة الاتحاد الرسمى ضاربا بتواجد العمال الحقيقيين عرض الحائط.