الحماية الاجتماعية أولوية فى التشريعات المصرية    النيابة الإدارية تهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    مدبولى: التصدى للتعدى على الأراضى الزراعية والتعامل معها بحسم    التعليم العالي: «القومي لعلوم البحار» يطلق مبادرة «شواطئ بلا مخلفات بلاستيكية»    بعد إطلاق خدماتها رسميًا.. ما الفارق بين ال4G وال5G؟    الأمين العام للناتو: أوكرانيا مدعوة لحضور قمة الناتو بلاهاي يونيو الجاري    كولومبيا تخطف السعودية 2-1 فى افتتاح بطولة خوفو تحت 20 عاما.. فيديو    بعثة الأهلي تغادر مطار القاهرة للمشاركة في كأس العالم للأندية 2025    المشدد 7 سنوات لنجار مسلح لتعديه عليه طفلة بالقليوبية    أحدث ظهور ل ياسمين صبري رفقة شقيقها |صور    طرح البوستر الرسمي ل«آخر راجل في العالم» استعدادا لطرحه بدور العرض    يوم التروية يتصدر التريند وبداية مناسك الحج تفتح باب الدعاء    منتخب شباب اليد يتوجه إلي بولندا فجر 17 يونيو لخوض بطولة العالم    أول رد من الأوقاف بشأن ندب الأئمة.. ماذا قالت؟    يوم التروية فى الحرم المكى.. دموع ودعاء وتكبير يلامس السماء (صور)    مصرع طالب جامعي بطلقات نارية في الكرنك بقنا    الرقابة المالية تتقدم بمقترحات بشأن المعاملات الضريبية على الأنواع المختلفة لصناديق الاستثمار    ترامب: إبرام اتفاق مع الرئيس الصيني سيكون أمرًا «في غاية الصعوبة»    كريم محمود عبد العزيز يحيي ذكرى ميلاد والده برسالة مؤثرة    «إحلالٌ.. نعم! إغلاقٌ.. لا!»    سنابل الخير.. توريد 304 آلاف طن قمح محلى إلى شون وصوامع البحيرة    أمين الفتوى يوضح فضل قيام ليلة العيد: من الليالى التى لا تُفوّت    الوداد المغربى يستعجل رد الزمالك على عرض صلاح مصدق    حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن 22 صحفيا معتقلا بمناسبة عيد الأضحى    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفياتها خلال عيد الأضحى    محمد بن رمضان يعيد أمجاد هانيبال مع الأهلي.. من هو وما قصته؟    بعد نشرأخبار كاذبة.. مها الصغير تتقدم ببلاغ رسمي ل«الأعلى للإعلام »    نجم الزمالك السابق: وسط الملعب كلمة السر في مواجهة بيراميدز    قرار عاجل من الزمالك بفسخ عقده لاعبه مقابل 20 ألف دولار    بعد اهتمام برشلونة والنصر.. ليفربول يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    وفد من الأزهر والأوقاف والكنائس يهنئ محافظ الإسماعيلية بعيد الأضحى    صعب عليهم نسيان الماضي.. 5 أبراج لا يمكنها «تموڤ أون» بسهولة    محمد رمضان يطرح أغنية أنا رئيسها.. فيديو    القاهرة تستضيف النسخة الرابعة من المؤتمر والمعرض الطبي الإفريقي «صحة إفريقياAfrica Health ExCon»    تكريم مصر إيطاليا العقارية بجائزة شنايدر إلكتريك للاستدامة 2024 في الشرق الأوسط وأفريقيا    برسالة باكية.. الشيخ يسري عزام يودع جامع عمرو بن العاص بعد قرار الأوقاف بنقله    خُطْبَةُ عِيدِ الأَضْحَى المُبَارَكِ 1446ه    زوارق إسرائيلية تختطف صيادًا من المياه الإقليمية بجنوب لبنان    رئيس هيئة الاعتماد يعلن نجاح 17 منشأة صحية فى الحصول على اعتماد "جهار"    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    وزيرة خارجية لاتفيا: سنعمل في مجلس الأمن لتعزيز الأمن العالمي وحماية النظام الدولي    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    رئيس الوزراء: إزالة تداعيات ما حدث بالإسكندرية تمت فى أقل وقت ممكن    إنتر ميلان يفتح قنوات الاتصال مع فابريجاس لتدريب الفريق    ما تفاصيل مشروع قرار مجلس الأمن المرتقب بشأن غزة؟    حسام حبيب: مشكلة جودة أغنية "سيبتك" قد يكون بسبب انقطاع النت أو الكهرباء    زلازل وعواصف وجفاف.. هل تستغيث الأرض بفعل تغيرات المناخ؟    مجلس الوزراء يوافق على اتفاقية مع الاتحاد الدولي للاتصالات لتحقيق التنمية الرقمية    الإسكندرية ترفع حالة الطوارئ بشبكات الصرف الصحي استعدادًا لصلاة عيد الأضحى    مد فترة التشطيبات.. مستند جديد يفجر مفاجأة في واقعة قصر ثقافة الطفل بالأقصر    البابا تواضروس الثاني يهنئ فضيلة الإمام الأكبر بعيد الأضحى المبارك    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    مسابقة لشغل 9354 وظيفة معلم مساعد مادة «اللغة الإنجليزية»    أنشطة ثقافية ومسرح وسينما فعاليات مجانية لوزارة الثقافة فى العيد    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إنهم لا يريدون الإصلاح
نشر في الوفد يوم 28 - 04 - 2013

تشريعات الشوري تستهدف مصالح حزبية ضيقة تمتد إلي سلطة القضاء
لو تصالح النظام من البداية مع الشعب وتخلي عن شهوة الانتقام والإقصاء لتغيرت الدنيا

نشرت «المصري اليوم» في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي حواراً هاماً وصريحاً للمستشار فؤاد جاد الله مستشار رئيس الجمهورية، وأهمية الحوار أنه فضلاً عن كونه مستشاراً.. وأول المقربين إليه، فإنه قول أحد رجال القضاء بين نواب رئيس مجلس الدولة، يقولون عنه إنه شاب نابه، وقد قال فيما قال «إن مرسي يستشير مكتب الارشاد في قراراته، وان الجماعة غير جاهزة لإدارة البلد، وإن الرئيس لا ينفذ مقترحات مستشاريه، وان القضاء والجيش أطهر مؤسسات الدولة وأنه رفض مليونية الجمعة الماضية المسماة بجبهة تطهير القضاة». وللحق فالرجل قال كلاماً صادقاً وحكيماً، ولكنه سرعان ما نشرت «المصري اليوم» صباح اليوم التالي الأربعاء عن نبأ الاستقالة، ونشرت كلماتها وأن سبعة أسباب وراءها، وقد دارت التكهنات والتحليلات عما إذا كانت إقالة أم استقالة.. وعن غضب الرئيس من النشر.. وعن الأسباب الخفية وراءها.
لكن الزمن قد دار بنا ليجلس الرجل علي مقعد الدكتور عبدالرزاق السنهوري رئيس مجلس الدولة الأسبق لفترة، عندما تولي مسئوليته كمستشار قانوني لرئيس الجمهورية، ومجلس قيادة الثورة منذ يوليو 1952، ولهذا كان عليه أن يدرس سيرة ومنهج عمل مستشار الرئيس الأسبق، وأن يحاول أن يسير علي سيرته، في منهج الفتوي والتشريع.. والإصلاح القضائي، ولا يعبأ بالنتائج حتي ولو غدروا به بعد ذلك، إذ تظل سيرة السنهوري عبر التاريخ باقية رغم ما تعرض له من اعتداء صارخ مازال يسجله التاريخ، فما من رأي قانوني أو افتاءات في عهد السنهوري منذ يوليو عام 1952، إلا وكان يعرضها علي قسم الرأي مجتمعاً بمجلس الدولة، ولا ينفرد برأيه أو يستأثر بقراره، منذ الافتاء بشأن هيئة وصاية مؤقتة علي العرش، لتتولي سلطة الملك ويحلف اليمين أمام مجلس الوزراء إلي أن تتولاها هيئة الوصاية الدائمة، وظل الحال كذلك دوماً في المسائل الهامة الكبري، لا يُصدر رأي أو فتوي إلا من خلال مجلس الدولة، وهي الجهة القضائية التي كان يترأسها وقتئذ.
أما عن التشريع فإنه منذ الاعلانات الدستورية.. وأول مرسوم صدر بقانون 178/52 بالإصلاح الزراعي والمرسوم بقانون 241/52 بشأن العفو عن الجرائم التي وقعت منذ عام 1936 وحتي الثورة وقانون تنظيم الأحزاب رقم 179/52، وقانون الغدر، وما بعدها، فإن كافة التشريعات مهما كان نوعها، سواء كانت مراسيم بقوانين أو تشريعات أو قرارات جمهورية، كانت لا تصدر إلا بعد مراجعة قسم التشريع بمجلس الدولة، ويشار إليها في بنود الديباجة، بناء علي ما ارتآه مجلس الدولة، وظل الحال كذلك في عهده، مُطمئناً إلي سلامة الفتوي.. ومشروعية القوانين واحترام المبادئ والقواعد الدستورية في البلاد..
أما عن دور مستشار الرئيس الأسبق في الإصلاح القضائي، فكان السنهوري فقيه الفقهاء، يدعو دوماً إلي تحقق إصلاح قضائي عظيم، مُحذراً الحكومة إذا ما تراخت عن تحقيق الإصلاح المالي والإداري والامتناع عن تنفيذ الأحكام.. ولهذا كان اقتراحه منذ عام 1951 بمناسبة عرض تقرير عن أعمال مجلس الدولة في سنته الرابعة، بإضافة عقوبة الحبس والعزل لكل موظف في الحكومة مهما علا شأنه إذا امتنع عن تنفيذ حكم أو أمر قضائي، كما ندد المستشار الكبير بانحراف السلطة التشريعية في استعمال سلطتها في التشريع متي استهدفت غاية خبيثة، أو مصلحة حزبية أو شخصية، أو كانت في غير مصلحة الناس، في بحث بلغ مائة صفحة كاملة من أبحاثه مازالت حية حتي الآن.. دفاعاً عن مبدأ سيادة القانون.
وتغير زمن الخمسينات والستينات.. وعادت الدنيا بنا تدريجياً إلي الوراء.. حتي سيطرت السلطة التنفيذية علي مقاليد البلاد.. وأحكمت قبضتها علي باقي السلطات.. فأصدرت التشريعات.. والقرارات.. وأهدرت القواعد الدستورية.. واغتصبت السلطة وأحدثت الفتن وأشعلت الحرائق في كل مكان ولم تحقق ثورة يناير تغييراً.. بل ازدادت قبضة من قفزوا عليها سوءاً وعدواناً.. فلا هم استفادوا بعلم القانون.. ولا بالعلوم السياسية.. ولا بالعلوم الانسانية ولا بخبرة الحكماء.. فكان ما كان، حتي بلغت أقصي صورها في التعدي علي السلطة القضائية وعزل بعض اعضائها عنوة وغصباً.. ومحاصرتهم علي منصة دور العدالة.. ومنح جلساتها بالبلطجة والقوة، وإهانة أعضائها، والانتقام والتشفي.. وتألم الرأي العام مما سمعه من أفظع الاتهامات جهاراً نهاراً بغير استحياء.. وامتد التهديد والترويع إلي اعضائها، حتي كان مؤتمر رجال القضاء في ناديهم في مؤتمرهم الصحفي العالمي، ضد الظلم والطغيان.. ونسمع بمناسبة ذلك كلاماً ما أنزل الله به من سلطان.. في اجتماع الرئيس مع اعضاء مجلس القضاء الأعلي للمرة الخامسة، وفي كل مرة نسمع عن الاحترام والامتهان في نفس الوقت ونضرب كفاً بكف، لنبحث عن مهابة العدالة.. ووقارها.. والحصانة والاستقلال لرجالها.. ولم نسمع كلمة واحدة عن الاصلاح القضائي الحقيقي.. والعدالة الناجزة وتيسير سبيل التقاضي.. بعد ان بلغ أمد التقاضي سنوات طوالاً حتي إن قضية واحدة يمكن أن تقصف العمر.. وانحصر الاصلاح في مشروعهم في تخفيض سن الإحالة للمعاش انتقاماً وإصراراً وترصداً وعن سوء قصد وهو ما أطلقوا عليه تطهير القضاة.. يا سبحان الله!!
والذي يتتبع المشهد السياسي منذ غزوة الصناديق.. والاستقواء.. والسيطرة.. والتحكم.. والإرهاب.. والاقصاء.. والانتقام.. وإلهاء الناس.. فلقد ظلت القضايا المتراكمة تزداد تراكماً.. وفساداً.. حتى شهد بها الجميع.. البسطاء.. والعامة من الناس.. ومعظم النخبة الذين اعتقدوا حسن الظن وآمنوا فى سلامة علم النفس أن نتائج الاحساس بالظلم تنتج عدلاً.. ووسط كل ذلك خالفت السلطة والحكومة منهج الفتوى والتشريع الذى كان سائداً منذ الخمسينيات والستينيات، وخالفت المبادئ الدستورية فى استقلال السلطات وقعت كلها فى قبضة واحدة، كما خالفت السلطة التشريعية منهج حسن القصد ودأبت على الانحراف التشريعى.. فقانون العزل السياسى.. وقانون الانتخابات.. والحقوق السياسية.. واختيار الجمعية التأسيسية ونصوص الدستور.. كلها استهدفت مصالح حزبية شخصية لحقها سوء القصد والسمعة حتى امتدت الى سلطة القضاء!!
وشهدت الساحة كل هذه الموبقات فماذا لو، حتى لو كانت تفتح عمل الشيطان، ماذا لو ان النظام القائم كان قد تصالح مع الشعب منذ البداية ولم يخاصمه، ماذا لو تخلى عن الانتقام والتشفى والاقصاء، وتصفية الحسابات أو كان قد حصرها فى أقل القليل فى قمة الرموز، ماذا لو تجنب الاستحواذ والسيطرة والتحكم، ماذا لو تحلى بالسماحة بالحوار والمنطق وحق الاختلاف.. ماذا لو رسخ لحرية الرأى والتغيير وحق التظاهر، ماذا لو آمن بدولة سيادة القانون، والمؤسسات الدستورية، واستقلال السلطات فى الدول وعدم تغول احداها على الأخرى.. وماذا لو بقى الرئيس نفسه بعيداً عن الجماعة والعشيرة.. وظل حكماً بين السلطات.. وأصر على أن يخرج عن العباءة وأن يصبح رئيساً لكل المصريين؟! ماذا لو اتعظوا من الدروس السابقة على مدى أكثر من ستين عاماً ودرسوا أسباب حل الجماعة فى كل مرة منذ مذكرة عبدالرحمن عمار وكيل الداخلية عام 1948 وما بعدها وفى كل العهود؟! لو كان الأمر كذلك لكانت الدنيا قد تغيرت،وكفانا اختلاق الأسباب.. والمكابرة والعناد.. وعدم الاعتراف بالأخطاء،. والبحث عن الأعذار وإلقاء التهم.. بالتآمر والثورة المضادة.. لأن ذلك كله، صار أمراً هزلياً مستهلكاً والناس البسطاء أذكياء.. ومعظم الخلق كشفت الحقائق والأسرار.. لأن عكس ذلك هو الذى حدث، لأنهم يا عزيزى لا يريدون اصلاحاً.. فلم يوفقهم الله!!
وبعد أن قرأنا عن الاستقالة، وأسبابها أيها السادة، وأياً كانت حقيقتها.. استقالة أم إقالة، ومهما كانت الأسباب المعلنة أو الخفية، وأن الاعتذار عن الاستمرار فى العمل بمؤسسة الرئاسة حسبما ورد بنص الاستقالة، وصحتها ان الاعتذار عن عدم العمل وليس «عن العمل» بمؤسسة الرئاسة،وبيان الرئاسة حولها أنها مازالت تدرس أسباب الاستقالة المعلنة،وأياً كانت الاستقالة حقيقة أو مناورة سياسية مع الأخوين مكى وغيرهما.. أو كانت قفزاً من النوافذ قبل فوات الأوان.. فإنها كشفت الحقائق والأسرار.. ولسوف يسجل التاريخ الذى لايرحم مسئولية كل من شارك فى الخطايا والآثام، حتى ولو كانت الاستقالة بعد الأوان!! لأنهم ياعزيزى لا يريدون إصلاحاً!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.