يبدو أن أغنية الفنان الكبير وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب «الجندول» التي يقول مطلعها «مسافر زاده الخيال» لم تعد صالحة للغناء في عصرنا الحالي وبعد ثورة يناير للأسف الشديد بعد أن تحول الخيال الي العذاب، وأصبح السفر خصوصا الي الصعيد رحلة عذاب حقيقية لا تميز بين قطار عادي وآخر إسباني فاخر، ولا تفرق بين رحلة الذهاب أو الإياب، فالكل في الهم شرق!! رحلتي الأخيرة الي مسقط رأسي «قنا» تحولت إلي رحلة عذاب حقيقية لم أكن أتوقعها أبدا أو بمعني أدق لم أكن أتوقع أن يصبح سفري الي موطني الأصلي كابوسا حقيقيا لم تعرف فيه عيناي النوم من شدة الأرق والقلق والتوتر، لطول المسافة التي تحولت الي 16 ساعة تقريبا بعد أن كانت 8 ساعات فقط، وتكرر هذا في الذهاب والعودة لتزامن سفري مع إضراب سائقي القطارات مؤخرا للمطالبة بزيادة الرواتب والحوافز بنسبة 10٪. لقد ركبت في رحلة الذهاب القطار 934 الإسباني الفاخر وقرابة محطة أبوتشت كان التأخير حوالي الساعة قلت في نفسي هذا يحتمل المهم أن يصل القطار الي قنا، كانت وساوس تدور داخلي حول احتمال تعطل القطار في نجع حمادي بعد أن قرأت خبرا عن ذلك قبل سفري بلحظات، أو بسبب إضراب سائقي القطارات المعلق وقتها لحين استجابة قيادات السكك الحديدية لمطالبهم، وحدث التوقع الأول وهو قطع شريط السكك الحديدية في نجع حمادي بسبب مشاجرة بين عائلتين لاختطاف طفل من إحداهما وعدم تحرك الشرطة، وعندما علمت بنبأ قطع السكك الحديدية توقعت أن يطول لساعات وتحركت لركوب سيارة أجرة ولكني وجدت سائقي الميكروباص يستغلون الأمر أسوأ استغلال ويرفعون تعريفة الركوب الي قنا الي 70 ثم 100 جنيه رغم أنها لا تتعدي في الأحوال العادية من 15 الي 20 جنيها والأسوأ من ذلك أن الأجرة موحدة سواء الي قنا أو الأقصر وأسوان، مع احتمال تعطل الميكروباص لتعطل الطريق أيضا. وضاعف من رحلة العذاب تعطل التكييف في الدرجة الأولي الفاخرة فما بالك بالدرجة الثانية، كما استقل باعة جائلون القطار يعرضون بيع المأكولات والمشروبات الخفيفة علي الركاب ووجوههم توحي بأنهم مسجلون خطر وليسوا بائعين وبلغ الأمر ذروته عند ركوب ماسح أحذية توحي سحنته القاسية وعيناه القلقتان المتربصتان أنه خارج من المؤبد توا، كان يفتش بعينيه في حقائب الركاب أكثر مما ينظر الي أحذيتهم وبعد طول انتظار تحرك القطار الملعون ليصل الي قنا في الخامسة إلا الربع عصرا. رحلة العذاب الي قنا تكررت أيضا في رحلة العودة الي القاهرة بالقطار 997 الذي يتحرك الثامنة مساء وبدلا من أن يصل الرابعة فجرا إذا به يصل الخامسة والنصف صباحا رغم انتهاء إضراب السائقين مؤقتا وعدم تعطل القطار في نجع حمادي، وعندما سألت كمساري القطار عن سر التأخير قال انها المزلقانات اليدوية وعندما تتحول الي آلية ستعود القطارات الي انتظامها ومتي تصبح آلية.. هكذا سألت، فأجاب بسخرية: عندما تتحقق أهداف الثورة!!