محافظ كفر الشيخ يلتقي أهالي البرلس ويستمع لمطالبهم    تراجع الدولار أمام الجنيه 5 قروش خلال تعاملات اليوم    رئيس الوزراء يتابع التنسيق بين السياستين المالية والنقدية لدعم الاقتصاد    أمطار غزيرة تضرب غزة.. ودمار واسع في خيام الفلسطينيين    منسق السلام بالشرق الأوسط: اتفاق غزة هش ويحتاج لضمانات    عاهل الأردن يدعو واشنطن إلى ضم المملكة لبرنامج الدخول العالمي    أمم أفريقيا 2025، المغرب صاحبة الضيافة تبحث عن اللقب الغائب    سكاي: يونايتد وسيتي يتنافسان على سيمينيو.. وشرط جزائي لرحيل اللاعب في يناير    السواد يعم قرية الجبلاو بقنا بعد دفن ضحايا سقوط ميكروباص في الترعة    إحالة أوراق متهم بقتل سيدة في طما إلى مفتي الجمهورية    مصرع شاب تحت عجلات قطار المنوفية    "أم كلثوم.. الست والوطن" فيلم جديد عن كوكب الشرق بالوثائقية    نائبًا عن رئيس الوزراء... وزير الأوقاف يشهد الجلسة الختامية لمؤتمر الإفتاء الدولي    حلمي عبد الباقي يرد على توجيه اتهامات له في التحقيق: غير صحيح    خالد الجندي: لن ندخل الجنة بأعمالنا    وزير الصحة يبحث الموقف التنفيذي لمشروع ميكنة "التأمين الشامل"    قضايا الدولة تشارك النيابة الإدارية في فعاليات ندوة مناهضة العنف ضد المرأة    محافظ أسيوط ورئيسة القومي للطفولة والأمومة يفتتحان مقرًا جديدًا لدعم حقوق الطفل|فيديو    صدور رواية "ظل الإمام" للكاتبة نهلة النمر عن مركز الحضارة للتنمية الثقافية    نداهة فرسان الشرق بالرقص الحديث في مسرح الجمهورية    استمرار إقبال المصريين بالسعودية في اليوم الثاني لجولة الإعادة من انتخابات النواب    بيان رسمي جديد من إدارة الزمالك بعد إجراءات النيابة العامة    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل جواهرجى البحيرة إلى يوم 12 يناير    اعتدى على أطفال وصورهم.. تجديد حبس مدرب أكاديمية الكرة بالمنصورة    البورصة تخسر 22 مليار جنيه بختام تعاملات منتصف الأسبوع    إغلاق ملف فيتوريا رسميًا.. تسوية نهائية بين المدرب واتحاد الكرة في «CAS»    ذا بيست.. دوناروما أفضل حارس مرمى في العالم 2025    زلزال بقوة 3.8 درجة على مقياس ريختر يهز أنطاليا التركية    وزير التعليم ومحافظ أسوان يواصلان جولتهما التفقدية بزيارة المدرسة المصرية اليابانية    إطلاق النسخة الثانية من جائزة «الراوي» في احتفالية مميزة بالقاهرة    نهاية قصة "توشيبا العربي" بعد سنوات من التعاقد بمصر    الندوة الدولية الثانية للإفتاء تدين التهجير القسري وتوضِّح سُبل النصرة الشرعية والإنسانية    اتحاد طلاب دمياط يساهم لأول مرة فى وضع جداول امتحانات الفصل الدراسى الأول    الكشف علي 177 حالة بمبادرة "من أجل قلوب أطفالنا" بمدارس القليوبية    الصحة تُحذر من تخزين المضاد الحيوي واستعماله مرة أخرى    ركيزة في بناء الوعي.. محافظ الغربية يستقبل مدير أوقاف الغربية الجديد    * رئيس هيئة الاستثمار يثمن دور "نَوَاه العلمية" في تعزيز الابتكار والمعرفة ويؤكد دعم الهيئة المستمر للقطاع العلمي    بريطانيا تتعهد بتقديم 805 ملايين دولار لدعم الدفاع الجوي الأوكراني    المؤبد ل«عامل» بتهمة قتل شاب في مشاجره بالسلاح الناري بالمنيا    حماس: 95% من الشهداء بعد وقف إطلاق النار مدنيون.. ولا يحق لإسرائيل استهداف رجال المقاومة    ب 90 مليون جنيه، محافظ بني سويف يتفقد مشروع أول مدرسة دولية حكومية    هل تلتزم إدارة ترمب بنشر ملفات إبستين كاملة؟ ترقّب واسع لكشف الوثائق قبل الجمعة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 16ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ أسوان: صرف علاج التأمين الصحي لأصحاب الأمراض المزمنة لمدة شهرين بدلا من شهر    من المنزل إلى المستشفى.. خريطة التعامل الصحي مع أعراض إنفلونزا h1n1    وزير الرياضة يبحث مع السفير الإماراتي تعزيز التعاون المشترك    توروب يتمسك بمستقبل الأهلي: شوبير عنصر أساسي ولا نية للتفريط فيه    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    ارتفاع تأخيرات القطارات على الوجه القبلي بسبب الإصلاحات    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    الجيش الأوكراني يعلن إسقاط 57 مسيرة روسية    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صالح القلاب يكتب:ماذا يريد الروس ولماذا يحولون دون تنحي الأسد؟!
نشر في الوفد يوم 18 - 04 - 2013

آخر معارك روسيا «السياسية» في الأمم المتحدة إلى جانب نظام بشار الأسد، الغارق في دماء شعبه حتى عنقه، تلك المرافعة «الحامية الوطيس» التي خاض غمارها أمام الجمعية للأمم المتحدة المندوب الروسي فيتالي تشوركين، رافضا تحت التهديد والوعيد إعطاء المقعد السوري في هذه الهيئة الدولية للمعارضة السورية، على غرار ما حدث في آخر قمة عربية، حيث أُعطيَ، وبالتصويت بالأغلبية، مقعد سوريا لهذه المعارضة التي تم الاعتراف بها ممثلا شرعيا للشعب السوري.
كان تشوركين قد كشف عن أحد أسباب التدخل الروسي، وعلى هذا النحو الذي من المفترض أنه لم يعد هناك أي مجال لسكوت العرب عنه، عندما حذر في اجتماع سابق لمجلس الأمن الدولي من أن وجود «المسلحين»، والمقصود هنا مسلحو المعارضة السورية، في مرتفعات الجولان، قد يزعزع الأمن بين سوريا وإسرائيل. كل هذا والمعروف أن هذه الجبهة بقيت صامتة صمت أهل القبور لأكثر من 30 عاما، والواضح أن روسيا تريد استمرار هذا الصمت إلى الأبد، ما دام أنها تتمسك كل هذا التمسك بنظام بشار الأسد. وهنا، فإن ما بات مؤكدا ومعروفا أن روسيا، خدمة للتوجهات الإسرائيلية بالنسبة لهذه الأحداث التي غدت تعصف بنظام بشار الأسد، قد دأبت، بتدخلاتها السياسية والعسكرية في هذه الأزمة، التي غدت عاصفة وملتهبة على هذا النحو، على إطالة أمد هذه الحرب، وكأن المقصود، بل إن المقصود، هو إفشال كل فرص الحسم كي تأكل سوريا نفسها، وكي تتحول الدولة السورية إلى دولة فاشلة على غرار ما بقي عليه الصومال ولسنوات طويلة، وهذا بالفعل هو ما يريده الإسرائيليون، الذين حاولوا في البدايات دعم «صمود» بشار الأسد، لكنهم ما لبثوا أن اتخذوا هذا الاتجاه كبديل للخيار الآنف الذكر، عندما تأكدوا أن زوال هذا النظام في نهاية الأمر حاصل لا محالة. بلا أدنى شك هناك لروسيا دوافع وحسابات غير هذه الحسابات والدوافع الإسرائيلية، ولهذا فإن وزير خارجيتها سيرغي لافروف، الذي نقل عنه وزير خارجية إحدى الدول العربية أن بلاده لن تغير مواقفها تجاه الأزمة السورية إطلاقا، بقي يسارع، كلما شعر باحتمال انهيار بشار الأسد وقبوله بالتنحي والمغادرة استجابة لما تصر عليه المعارضة، إلى التأكيد على أن هذا التنحي غير وارد وغير ممكن، وأن الرئيس السوري صامد، ولن يستجيب إلى كل المطالبات العربية والدولية بتنحيه كحل لهذه الأزمة المستفحلة.
وحقيقة أن كل متابع لمواقف روسيا تجاه هذه الأزمة منذ بدايتها في عام 2011، وحتى الآن، عندما يسأل نفسه: ماذا يريد الروس يا ترى، وما مصالحهم في سوريا التي تجعلهم يقاتلون إلى جانب بشار الأسد ونظامه بكل هذه «البسالة»! وبالسياسة والأسلحة وبالخبراء العسكريين، وربما بالمقاتلين أيضا؟! فإنه لا يجد إلا المصلحة الإسرائيلية! وبالطبع، وحتى لا نكون كمن يضع كفّ يده فوق عينيه حتى لا يرى الحقائق كلها، وحتى يبقى تفكيره محصورا في مسرب واحد، فإنه لا بد من التأكيد على أن للروس مصالح أخرى غير هذه المصلحة الإسرائيلية، هي التي تجعلهم يتخذون هذا الموقف ويرفضون أي حل سياسي وسلمي للأزمة السورية، التي باتت تهدد دول الجوار كلها، خاصة الدول العربية، وفي طليعة هذه الدول المملكة الأردنية الهاشمية، التي قدرها كدولة أن تكون في هذا الموقع الجغرافي، الذي بقي يتعرض لارتدادات كل أزمات وتقلبات الشرق الأوسط، ومن بينها هذه الأزمة التي سبقتها أزمات كثيرة، في مقدمتها أزمة القضية الفلسطينية.
فروسيا، التي تحاول استعادة «مجد» الاتحاد السوفياتي السابق ومكانته، في ذروة الحرب الباردة وصراع المعسكرات، بادرت، وبسرعة، إلى ركوب موجة الأزمة السورية، ومنذ البداية، لتسديد حسابات كثيرة مع الولايات المتحدة، ومن بين هذه الحسابات إنهاء صيغة القطب العالمي الواحد، التي بدأت ببدايات عقد تسعينات القرن الماضي، لحساب عالم متعدد الأقطاب، والمعروف أن كلا من الصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا قد أيدت هذا التوجه الروسي، الذي بدأ فعليا مع بداية وصول فلاديمير بوتين إلى موقع رئاسة الدولة الروسية. وكذلك، فإن من بين هذه الحسابات، التي تسعى موسكو لتسديدها بدماء السوريين وعذاباتهم مع الولايات المتحدة، مشكلة قواعد الصواريخ الاستراتيجية التي أقامتها واشنطن في بعض دول أوروبا الشرقية، ومشكلة إعلان الأميركيين عن أن منطقة بحر قزوين تشكّل بالنسبة إليهم منطقة مصالح حيوية، وأيضا مشكلة التدخل الأميركي السافر في بعض الجمهوريات الإسلامية التي كانت حتى بدايات تسعينات القرن الماضي جزءا من الاتحاد السوفياتي، والتي هي الآن تدور في الفلك الروسي من خلال صيغة شبه فيدرالية بائسة، من غير الممكن أن تستمر.
وكذلك أيضا فإنه لا بد من إدراج مسرحية التهديد بالصواريخ النووية، لكل من اليابان وكوريا الجنوبية، التي لجأ إليها الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في هذا الإطار، على اعتبار أنها جزء من مبارزة تبادل عض الأصابع بين الروس والأميركيين، وهنا فإن أغلب الظن أن سيول (عاصمة كوريا الشمالية) من غير الممكن أن تلجأ إلى هذه اللعبة الخطيرة، حتى وإن كان رئيسها الشاب أراد تثبيت وجوده كزعيم عالمي على خطا جده كيم إيل سونغ، ما لم تحصل على موافقة مسبقة من موسكو، وأيضا من بكين، وكذلك ما لم تكن قد تلقت تشجيعا من فلاديمير بوتين، الذي بات يقلد جوزيف ستالين في تصرفاته الإمبراطورية؛ إن في الداخل وإن في الخارج، وغدا مصابا بداء العظمة، وبات يتصرف على أنه أهم رجل في الكرة الأرضية. إن هذا هو واقع الحال، وهذا هو ما يريده فلاديمير بوتين من الحفاظ على استمرار الأزمة السورية، وما يريده أيضا من بشار الأسد ومن كيم جونغ أون، وذلك مع أن الرئيس الروسي كان قد أبلغ رئيسا عربيا التقاه أخيرا في موسكو بأنه يعرف أنه من الصعب استمرار الرئيس السوري بالصمود، وأنه يعرف أيضا أن هذا الرئيس غدا يعيش هاجس توفير ملجأ آمن له ولعائلته ولبعض كبار رموز نظامه خارج سوريا.. ولكنه (أي الرئيس الروسي) قد بادر إلى الرفض المطلق، عندما عرض عليه هذا الرئيس العربي أن يتم توفير مثل هذا اللجوء في روسيا الاتحادية.
إن الروس يعرفون أن بشار الأسد ساقط لا محالة، وأن هاجس إيجاد ملجأ له ولعائلته وأطفاله بات يسيطر عليه ويشغل باله أكثر مما تشغله المعارك المحتدمة التي غدا ميدانها يمتد من حلب في الشمال وحتى درعا في الجنوب، ومن الحسكة ودير الزور في الشرق وحتى حمص في الغرب، ولكن، ومع ذلك، فإنهم (أي الروس) مستمرون بالعناد وبالمكابرة؛ أولا لأنهم يريدون المزيد من تسديد الحسابات مع الولايات المتحدة، وثانيا لأنهم يسعون لضمان أن يكون النظام البديل لهذا النظام السوري مقبولا من قبل الإسرائيليين، وقادرا على ضبط الأوضاع على جبهة الجولان، على غرار ما بقيت عليه الأمور خلال الثلاثة عقود الماضية. وهكذا، فقد بات من المؤكد ومن الواضح أن الروس يلعبون لعبة عامل الوقت، وأنهم يريدون أن تكون هذه الحرب طويلة، وتستمر ربما لعشرات الأعوام، حتى وإن وصل عدد القتلى السوريين إلى المليون وأكثر، وحتى وإن وصل عدد المهجرين إلى الملايين؛ فالمهم بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو تثبيت نفسه لاعبا رئيسا في معادلة الصراع الدولية، وهو أن يبقى يعض على أطراف أصابع الأميركيين، ويسدد حساباته معهم من خلال هذه الحرب القذرة التي يشنها بشار الأسد على شعبه؛ فالدول، خاصة الدول الكبرى، لا تعرف إلا لغة المصالح والمصالح فقط، ولذلك فإن ما بات معروفا هو أن هذه الدول، وفي الوقت الذي تكثر فيه من الحديث عن الإنسان والقضايا الإنسانية، لا تفكر إلا في مصالحها الخاصة فقط، وهذه هي أحداث التاريخ لا تزال في متناول اليد، ودروسها لا تزال واضحة ومعروفة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.