التعليم العالي: برامج جديدة للمعلمين .. وتطبيق نظام"كوزون" سبتمبر المقبل    "حزب المؤتمر" يطالب بإجراء "كشف هيئة" للراغبين في الالتحاق بكليات التربية    الأوقاف: فتح باب التقدم للراغبين في الحصول على منحة الماجستير والدكتوراه    خبير تكنولوجي: الذكاء الاصطناعي بدون رقابة قد يتحوّل إلى خطر على البشرية    "الرقابة النووية" تواصل حملاتها التوعوية لطمأنة المواطنين ومواجهة الشائعات    الشيوخ يحيل تقارير إلى الحكومة ويطالب بتنفيذ توصياتها    رفعت قمصان: مرسي أراد إقالتي في أول قرار رئاسي له لهذا السبب    التنظيم والإدارة يعلن انتهاء تسجيل الرغبات بمسابقة معلم رياضيات    بعد الضربة الأمريكية لإيران.. ما مصير أسعار النفط الأيام المقبلة؟    المراجعة الخامسة لصندوق النقد.. توجيهات رئاسية بشأن الاقتصاد المصري    إزالة 7 طواحين ذهب في أسوان ضمن المرحلة الثانية من الموجه ال 26    أيمن الجميل: تدشين منطقة جرجوب الاقتصادية الخاصة نقطة مضيئة للاستقرار والتعاون بين أفريقيا وأوروبا رغم الصراعات والحروب فى المنطقة    نوربيتكو: معدل الإنتاج تخطى 16 ألف برميل زيت يوميًا    وزير الإسكان يتفقد المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين بجهاز مدينة بدر ويتابع موقف المشروعات    من بينها مصر والهند والبرازيل.. الحزام الصناعي الجديد بالأسواق الناشئة يتجه لتجاوز الاقتصادات الكبرى    إسرائيل تعلن إعادة فتح مجالها الجوي لإعادة مواطنيها العالقين بالخارج    وزير الخارجية يلتقي بمستشار الشئون الخارجية في بنجلاديش    وزير الخارجية التركي يلتقي نظيره الإيراني في إسطنبول    وزير الرياضة يبحث آخر الأعمال الخاصة باستضافة مصر لدورة الألعاب الأفريقية    "عليك نسيان كرة القدم".. كازورلا من خطر بتر القدم إلى قيادة أوفييدو للدوري الإسباني    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع الأمين العام للاتحاد الافريقي    "عيب والناس فهمت أنا بتكلم عن مين".. إكرامي يوجه رسالة غامضة بسبب الأهلي    كريم رمزي: ريبيرو استنزف لاعبي الأهلي تكتيكيا.. وبورتو ليس في أفضل حالاته    مشوار استثنائي حافل بالإنجازات .. ليفربول يحتفي بمرور 8 سنوات على انضمام محمد صلاح وبدء رحلته الأسطورية    شباب ورياضة الأقصر تستهدف 3600 مستفيد ب44 نشاطًا على مدار أسبوع    إصابة فتاة ونفوق ماشية في حريق منزلين شمالي قنا    إصابة عامل إثر انهيار جزئي لمنزل في السيالة بالإسكندرية - صور    الأرصاد الجوية : الطقس غدا شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة والعظمى بالقاهرة 35 درجة    حيازة مخدرات تقود عاملا للمؤبد وتغريمه 100 ألف جنيه بالقليوبية    ضبط عناصر إجرامية وتجار مخدرات وأسلحة ومصرع عنصر خطير بأسوان    ضبط المتهمين بتسلق طائرة هيكلية في الشرقية    وزير الصحة يشهد حفل الإعلان عن تدشين تمثال السير مجدي يعقوب    هنو: تمثال مجدي يعقوب يُجسد مسيرته الملهمة ويُعد رمزًا للقيم النبيلة    دار الأوبرا تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو بحفل فني على مسرح الجمهورية    أحمد عزمي يكشف مصير فيلم «المنبر»| خاص    «أبراج» بارعة في التواصل الرقمي وتجنب اللقاءات المباشرة    "قلقتينا عليكي".. ملك زاهر تخطف الأنظار بإطلالة أنيقة    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    الأزهر للفتوى: الغش في الامتحانات مُحرَّم وينفي عن المسلم كمال الإيمان    وزير الصحة يستقبل نظيره التونسي لتعزيز سبل التعاون وتبادل الخبرات    وزير التعليم العالي ومجدي يعقوب يشهدان بروتوكول بين جامعة أسوان ومؤسسة أمراض القلب    6 مشروبات لخفض ضغط الدم بشكل طبيعي    هيئة الرعاية الصحية تطلق برنامج "عيشها بصحة" لتعزيز الوقاية ونمط الحياة الصحي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    وكيل صحة قنا يعتذر لمريض غسيل كلوي في منزله.. تعرف على السبب    مصرع شخص وإصابة آخر إثر سقوط حائط عليهما داخل فيلا بالتجمع الأول    زينة تُفاجئ جمهورها بدور مذيعة في فيلم "الشيطان شاطر"    خامنئي يبدأ مسار تسليم الراية.. كيف تختار إيران مرشدها الأعلى؟    جوارديولا يفتح الباب أمام عمله في أمريكا الجنوبية    "حياة كريمة" تقترب من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه.. أكثر من 500 قرية تم تطويرها و18 مليون مستفيد    الحرس الثورى الإيرانى: الطائرات المشاركة بالهجوم على إيران تحت المراقبة    زلزال بقوة 5.2 درجة قرب جزر توكارا جنوب غربي اليابان    غسلو 90 مليون جنيه.. سقوط شبكة خطيرة حاولت تغطية جرائمها بأنشطة وهمية    كورتوا: لا نلتفت للانتقادات وعلينا الفوز على باتشوكا لانتزاع الصدارة    الحرس الثوري الإيراني: القدرات الأساسية للقوات المسلحة لم يتم تفعيلها بعد    مصدر إيراني: نقلنا معظم اليورانيوم من منشأة «فوردو» إلى موقع آخر    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على سالم يكتب :اليأس والخوف وانعدام الأمن وضياع الأمل
نشر في الوفد يوم 14 - 04 - 2013

ما قرأته للتو ليس عنوان مقالي فقط، بل هو عنواني الذي أسكنه. لا أستطيع القول بأن هذا هو حال المصريين جميعا، لكنه في القليل وصف لحالي وحال أصدقائي ومعارفي وكل من ألتقي بهم. لقد تعلمت من قبل أن الكاتب ليس من حقه أن يفرض أحزانه على القارئ، غير أنني عاجز الآن عن الالتزام بذلك بعد أن تجاوزت أحزاني قدرتي على استيعابها، ووجدت أن من حقي على القارئ الذي أبهجته أحيانا أن يشاركني فيها بنصيب.
أربعة من رجال الشرطة المصرية خطفوا منذ عامين في صحراء سيناء بعد الثورة، ثلاثة من الضباط وأمين شرطة، ثم اختفوا.. وهذه الأيام نقرأ ونسمع عن مفاوضات دارت بين خاطفيهم وسلطات مسؤولة.. هم موجودون في مكان ما في غزة، أسرى عند تنظيم ما، وقبلها تم اختطاف خمسة جنود مصريين، يقال إن أحدهم، وكان مسيحيا، أقيم عليه حد الحرابة وقتل بدعوى أنه كافر (مصدر هذه المعلومة وغيرها في هذا الشأن هو السيدة دعاء زوجة أحد الضباط المخطوفين). قيادة حماس بواسطة ممثليها تنفي كل ذلك.. أحد هؤلاء المسؤولين قال في مداخلة تليفونية لزوجة أحد الضباط: «أنا أدعوك لزيارة غزة لكي تتأكدي بنفسك أنه ليس عندنا».. ثم منظومة من الكلمات التي تنضح بالاستهانة بعقول المشاهدين. غير أن السيدة زوجة الضابط المخطوف لم تفقد أعصابها، وأخذت تذكر له أسماء كل من اشترك في خطفه، واسم الجهة التي تحتجزه.
أسمع كثيرا كلمات كبيرة مثل «الأمن القومي» و«تراب أرض الوطن»، أما ما أفهمه منها أنا حقا فهو أن رجال الشرطة الأربعة المأسورين هم الأمن القومي لمصر والمصريين، هم تراب أرض هذا الوطن، وهو ما يعني بوضوح أن قيادة أخرى للمصريين كان لا بد أن تحارب، ليس من أجل استعادتهم فقط بل من أجل جلب من خطفوهم وأسروهم في غير حرب إلى قاعة العدالة في مصر.
الشهور القليلة الماضية من حكم جماعة الإخوان لمصر أثبتت أن الشعب المصري، بأغلبية ضئيلة، اختار للحكم مجموعة من البشر يبدو أنهم أضاعوا أعمارهم في فهم الدين فأهملوا فهم الدنيا أو عجزوا عن فهمها، وأخطر ما عجزوا عن فهمه فيها هو أصول الحكم. أصول الحكم لا طلاسم فيها ولا غموض، إنها أصول وقواعد التعامل بين البشر في كل مجالات الحياة على كل مستوياتها.. لا أحد يسمح لبلطجي بخطف أولاده، وعليه أن يحارب بكل الأسلحة التي يمتلكها لاستعادتهم ومعاقبة كل من ارتكبوا هذه الجريمة وكل من تعاون معهم أو تستر عليهم. هذه جريمة ارتكبت في حق المصريين وعلى الحكومة المصرية أن تدافع عنهم أو تعلن عجزها عن ذلك أو تترك الأمر للقادرين عليه. أما إذا كنا عاجزين جميعا عن حماية أنفسنا فعلينا أن نندثر ونختفي من الوجود لينفذ فينا حكم التاريخ.
الانطباع الوحيد الذي يخرج به أي مصري حول هاتين الواقعتين وواقعة قتل الجنود على الحدود عند رفح، أن الحكومة المصرية تجامل حماس في غزة، أو أنها ليست حازمة في التعامل مع هذا الأمر. الذي قيل ونشر حتى الآن يفيد بأن جماعات جهادية مسلحة في غزة لا صلة لها بحكومة حماس المقالة، هي المسؤولة عن هذه الحوادث. حتى مع الإقرار بذلك فهذه تقسيمات داخلية لا شأن لنا بها، الحكومات تعرف الحكومات فقط، وما يحدث في قطاع غزة تسأل عنه الحكومة المقالة هناك، تلك الحكومة الصديقة التي نستقبل زعماءها هنا في مصر ونتفاوض معهم ونساعدهم في التفاوض مع الآخرين، ونساعدهم فوق الأرض وتحتها. لو أن الحكومة المصرية جادة حقا بشأن هؤلاء الضباط - وأنا أنصحها بأن تكون جادة - فعلى الأقل كان بوسعها أن تبلغ هؤلاء السادة - إثباتا لحسن نيتهم - بأنهم في المرة القادمة التي ينزلون فيها أرض مصر عليهم أن يصطحبوا معهم رجال الشرطة المختطفين، أو يؤجلوا زياراتهم إلى أجل غير مسمى، مع الاحتفاظ بالطبع بحقنا في محاكمة من ارتكبوا هذه الجريمة.. هذا أبسط ما يمكن عمله. على الحكومة المصرية وعلى الجماعات الفلسطينية الجهادية أن تعرف أن حياة المصريين عند المصريين أكثر أهمية من كل قضايا الأرض، وأننا إذا كنا قد خسرنا مائة ألف شهيد في حروبنا مع إسرائيل كثمن مدفوع لوقوفنا مع الشعب الفلسطيني فنحن على استعداد لدفع المزيد من أجل الحفاظ على حياة المصريين وكرامتهم وكبريائهم.
لم ندخل عين الإعصار بعد في مصر، وما يخبئه لنا النظام والزمن قد يكون أسوأ بكثير مما عشناه منذ الثورة حتى الآن. لا أحد يتعلم من أخطائه، غير أننا في كل الأحوال لا بد أن نتحمل بصلابة فترة الرئاسة الأولى لكي تمر بأكبر قدر من السلام. الخروج عن الشرعية يؤدي بنا إلى الوقوع في لا شرعيات متتابعة ومهلكة، هذا ما يجب أن يعرفه قادة الشارع السياسي. ليس المطلوب إزالة نظام جماعة الإخوان، بل المطلوب هو خطوط دفاعية تحمي الناس من القوانين المنهمرة على رؤوسهم. لا أعتقد أننا سنرى مرة أخرى تلك الطوابير التي لا نهاية لها أمام صناديق الانتخابات في تلك الأيام التي امتلأت فيها قلوب المصريين بالأمل والصدقية. ولعل ذلك هو ما دفع مجلس الشورى لإصدار قانون جديد شدد في مادة منه عقوبة الغائبين عن الانتخابات بغير عذر وجعلها غرامة قدرها خمسمائة جنيه، طبعا الذين أصدروا هذا القانون يعرفون جيدا أن هناك قرى بأكملها في مصر لا يوجد فيها هذا المبلغ، حتى لو فتحت جيوب الناس جميعا وعصرتها عصرا، ويعرفون أيضا أنه لا يمكن عمليا تطبيق هذه العقوبة على المصريين تماما كما فشلوا في إرغامهم على الالتزام بحظر التجوال في مدن القنال. لقد سئم المصريون هذه اللعبة وتأكدوا أن طرود الديمقراطية والعيش والحرية والكرامة الإنسانية التي تسلموها كانت كلها فارغة لا بضاعة فيها. تستطيع إرغام أي مواطن مصري على الالتزام بقانون أصدرته لحماية الحكومة أو للانتقام من خصومها، ولكن ما هي الطريقة التي ترغمه بها على الذهاب إلى صناديق الانتخابات وقد امتلأ قلبه باليأس منها وعدم جدواها؟ هناك طريقة واحدة هي أن يؤمن بأنك صادق وجاد وتعمل بالفعل من أجله، وأنك ستحميه في الأرض والبحر والجو، وأنه عندما يخطف بعض القتلة المجرمين أولادك أو يقتلونهم على أرضك فإنك ستقيم الدنيا ولا تقعدها وتحارب بكل ما تحمله من أسلحة من أجل سلامتهم وعودتهم إلى أهلهم وبلدهم.
هذا عصر يتحرك فيه المواطن ويمارس عمله في حماية الدولة وليس في حماية الأسرة أو الطائفة أو القبيلة أو العشيرة.. وإذا عجزت الدولة عن أداء هذا الدور، فلا أحد في حاجة إليها.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.