نشرت مجلة «كتاديان شارجر» الكندية مقالاً في 25/3 تحلل فيه لماذا اتسمت كل خطوات وسياسة الرئيس مرسي بالفشل. تقول المجلة: إنه في السياسة وفي الطبيعة هناك قوانين أساسية، فإذا احترم زعيم سياسي هذه القوانين واتبعها فسينجح، أما إذا تجاهلها فسيفشل وغالباً ما يدفع الشعب ثمناً غالياً لفشله، والرئيس المصري محمد مرسي هو مثال حي لفشل الزعيم السياسي، ويدفع ال 92 مليون مصري حالياً ثمن هذا الفشل. وحتي يكون الرجل زعيماً سياسياً ناجحاً فإن اتباع هذه القوانين ضروري ولكنه لا يكفي، فلكي ينجح يجب أن يتمتع الزعيم السياسي بإمكانيات القيادة، فيكون لديه رؤية، ويكون قائداً لفريق متناغم، ويكون مديراً جيداً ويحسن التواصل مع الغير، ويجيد الاستماع، ويكون واسع الاطلاع، ولا يملك الرئيس مرسي أياً من هذه الصفات. وصل مرسي إلي كرسي الرئاسة في يوليو الماضي، ووعد بالعمل الشاق لتحقيق ثلاثة من أهداف ثورة 25 يناير، أن تطبق الديمقراطية وأن تتحقق التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وكان هذا بالضبط برنامجه الانتخابي عندما رشح نفسه للرئاسة، وكان ذلك سبب انتخابه بأغلبية لم تتجاوز 2٪ من الأصوات زيادة علي منافسه. وتشترط أول قواعد السياسة أنه في حالة الفترات التي تعقب الثورات أنه إذا لم يفي مرسي بوعوده الانتخابية فإن الشعب، كل الشعب سواء من انتخبه أو من لم ينتخبه سيثور ضده حيث سيعتبر كاذباً لا يمكن الوثوق به. وثاني قواعد السياسة تنص علي أنه إذا استخدم مرسي الشرطة لمطاردة وإرهاب الشعب وقتل من يثور ضده، فإنه سيشعل الثورة أكثر وهذا بالضبط هو ما فعله مرسي طوال الشهور الثمانية الأولي من حكمه. وطبقاً لقواعد السياسة فإذا استمر رئيس الدولة في السير علي هذا الطريق فإنه يدفع لمزيد من العنف في الشارع مما سيتسبب آجلاً أو عاجلاً في دفع الجماهير لإسقاطه سواء بمعاونة من الجيش أو بدونه، وستكون هذه نهاية مرسي، وهذا طبعاً إذا لم تتدخل أمريكا - منفردة أو بمعونة من قطر - لإنقاذه. والقاعدة الثالثة في السياسة أنه في حالة وجود اضطراب سياسي كما هو حادث في مصر الآن فإن العملة المحلية ستتأثر جداً، مما يسبب بدوره مزيداً من التضخم، وسيختفي الاستثمار المحلي والأجنبي، وسيرتفع معدل البطالة، وسيزداد الفقراء فقراً، وفي هذه الحالة فعلي التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية السلام. وكنتيجة محتومة لهذه القاعدة الثالثة في السياسة فإن الفقراء سيشتركون في الثورة بأعداد كبيرة، وسيرتفع معدل الجريمة، وهذا بالضبط هو ما حدث في مصر في ضوء قيادة مرسي لها. والقاعدة الرابعة في السياسة تقول إنه إذا أعطي رئيس منتخب لنفسه سلطات ديكتاتورية، وأعلن أن قراراته فوق القانون فإنه يتحول إلي شخص خارج علي القانون، ويفقد شرعيته كرئيس منتخب، فضلاً عن فقدانه احترام مواطنيه ومعاونيه بل والمجتمع الدولي، ويؤدي ذلك بدوره إلي دفع الشعب لعدم احترام القوانين أو أحكام المحاكم، فإذا لم يحترم رئيس الدولة القوانين، فلماذا يحترمها الناس، وهذا هو بالضبط ما شاهدناه خلال الأشهر الثمانية من حكم مرسي. والقاعدة الخامسة في السياسة تقول إنه إذا تحول رئيس منتخب إلي ديكتاتور يتجاهل آراء معارضيه السياسية ويتهمهم بأنهم يدبرون المكائد لحكمه، ويلومهم علي الثورة ضده، وعلي العنف في الشارع، وعلي زيادة معدل الجريمة وغير ذلك من التهم، فإن النتيجة أن الرئيس لن يقبل تحمل نتائج تصرفاته ولن يتعلم من أخطائه وبذلك سيقود بلده إلي كارثة. والقاعدة السادسة في السياسة تقول إن الرئيس المنتخب الذي تحول إلي ديكتاتور لو تدخل في المحاكم ونظام العدالة وقام بتسييس القضايا، فإن نظام العدالة سينهار ويفقد قوته في أن يكون محايداً وعادلاً، وقد تدخل مرسي مراراً وتكراراً في النظام القضائي بتعيين أعضاء من الإخوان المسلمين في مناصب المدعي العام ووزير العدل، ووافق علي دستور جديد لم يوافق عليه في الاستفتاء سوي أقل من 20٪ من الناخبين المقيدين بالجداول. فحالة مرسي كزعيم سياسي فاشل كسر هذه القواعد الستة للسياسة كانت ظاهرة بوضوح في أحداث السبت الماضي. فحكم محكمة علي أحداث العنف العام الماضي في ملعب الكرة في بورسعيد التي أدت إلي وفاة 72 من المشاهدين من مشجعي النادي الأهلي، فجر اضطرابات مجددة في طول البلاد وعرضها، وتسبب في صدامات دموية بين الشرطة والمتظاهرين.. كما نجمت عنه حرائق لعدة مبان، كما انتشرت التظاهرات الواسعة في عدة مدن، بالإضافة إلي الاضطرابات الموجودة بها، وهذه الموجة من العنف أتت في أعقاب حكم المحكمة بأن الانتخابات التي دعا إليها مرسي لبرلمان جديد في أبريل الحالي هي دعوة باطلة طبقاً لقانون الانتخاب الحالي. مازال مرسي يواجه ثورة في بورسعيد، تتسع حتي تشمل القطر كله، وتمرد غير مسبوق للشرطة في طول البلاد وعرضها، كل ذلك ومرسي غير معلوم مقره، فمحكمة بورسعيد عقدت جلساتها في القاهرة لأسباب أمنية أيدت حكم الإعدام علي 21 متهماً وأعلنت حكمها علي الملأ، كما حكمت علي 19 آخرين بعقوبات أخف وبرأت 28 متهماً، وكانت النظرة للحكم أنه كان قاسياً لتهدئة ثائرة مشجعي النادي الأهلي ذوي التنظيم القوي والنفوذ السياسي الكبير، رغم أن هؤلاء المشجعين سينضمون إلي صفوف المعارضة المطالبة بإسقاط حكم مصر. وكان تأييد المحكمة لعقوبة الإعدام لواحد وعشرين متهماً شيئاً غير مسبوق في تاريخ القضاء المصري، حيث إن المفتي لم يكن قد اعتمد أحكام الإعدام هذه كما يقضي القانون المصري، وكان معني الحكم بإعدام هذا العدد أن هيئة المحكمة قد تيقنت أن هؤلاء المتهمين كان لديهم سبق الإصرار وكذلك الوسيلة لقتل 72 ضحية من مشجعي النادي الأهلي، ويصعب تصديق ذلك، والأسوأ من هذا أن المحكمة لم توضح في حكمها دوافع المتهمين بالقتل ولم تحدد من هو العقل المدبر لهذه الجريمة. وإلي هنا ينتهي استعراض المجلة الكندية لخطوات الفشل المتوالية لحكم الرئيس مرسي، والمذهل أن النظام الحاكم كما لو كان يتعمد الفشل ويسعي إليه. فجميع خطوات التوافق الوطني التي سبق للإخوان وللرئيس مرسي شخصياً توقيعها مع القوي السياسية الأخري تنكروا لها ولم يلتزموا بما تعاهدوا عليه، مثل عدم تجاوز أي فصيل سياسي لنسبة معينة للترشح للبرلمان السابق حتي تكون كل القوي السياسية ممثلة خلال الفترة الانتقالية لإرساء مؤسسات الديمقراطية، كما نقض الإخوان تعهدهم بعدم ترشح أحد من جانبهم لرئاسة الجمهورية في أول انتخابات حتي تكون هناك فرص التوافق علي مرشح محايد يمثل كل القوي ويقود سفينة الوطن خلال فترة الانتقال، وكانت نتيجة كل هذه التعهدات المنقوصة والسياسات الفاشلة هي هذا التمزق الذي تعانيه الساحة السياسية، والذي ينذر بشر مستطير بل بحرب أهلية تلوح في الأفق، فإذا أضفنا إلي ذلك الانهيار المتسارع للوضع الاقتصادي والارتفاع الصاروخي المتواصل في أسعار المعيشة فإننا نقترب من ثورة جياع تحرق الأخضر واليابس. والمذهل أن بعض أقطاب المجموعة الحاكمة كما لو كان يتعمد استفزاز الشعور العام ودفع الناس لمزيد من اليأس من أي إصلاح أو حتي إيقاف التدهور في ظل الحكم الحالي، مثل التصريح الصادر مؤخراً بأن النائب العام الذي حكمت المحكمة العليا ببطلان تعيينه باق في منصبه رغم أنف القانون، وأن رئيس الوزراء المسئول عن كل الفشل والضياع السياسي الذي نعيشه باق في منصبه رغم أنف الأغلبية الساحقة التي تطالب بعزله، ثم يخرج علينا الرئيس مرسي بمانشيت عريض علي صدر «الأهرام» 6 أبريل بأنه سيدعو إلي ثورة ثانية للقضاء علي الفساد، إذا تطلب الأمر ذلك، فساد من يا سيادة الرئيس؟.. هل ستدعو للثورة ضد حكمك وعشيرتك؟ نائب رئيس حزب الوفد