تواجه إدارة الرئيس الامريكي باراك اوباما موقفا يجعلها بين شقي الرحى، فهي تتعرض لضغوط من جانب قيادات الكونجرس لوقف إمداد الجيش المصري بالأسلحة في ظل نظام جماعة الإخوان وفي الوقت نفسه، فإن مصنعي الأسلحة الامريكيين الذين يمثلون لوبى ضغط لا يستهان به في أي انتخابات امريكية يرفضون هذه الفكرة لما سينتج عنها من إلغاء عقود قائمة بالفعل ، ووقف خطوط إنتاج تعمل لإمداد مصر بالأسلحة، وبالتالي خسائر فادحة وضياع آلاف الوظائف.. وكشفت مجلة "فورين بوليسي" الامريكية عن مناقشات داخل الكونجرس الامريكي حول تعديل إتفاق المعونة الامريكية إلى مصر. أوضح السيناتور الجمهوري ماركو روبيو أن هذه التعديلات تهدف إلى إعادة هيكلة المعونة الامريكية إلى مصر لتتوافق مع مصالح دافعي الضرائب الامريكيين.. أعرب روبيو عن اعتقاده بأن مصر ليست بحاجة إلى دبابات أو طائرات مقاتلة، فهي لن تتعرض لغزو في المستقبل القريب. وأضاف أن المساعدات الخارجية ليست عمل خيري ، مما يعني وضع شروط على كل 10 سينتات تمنحها الولاياتالمتحدة في إطار المعونة. واقترح السيناتور الجمهوري جون ماكين إدخال تعديلات على المعونة العسكرية دون التدخل في المعونة الاقتصادية. ودعا ماكين إلى اقتصار التغيير على أي عقود جديدة دون التأثير على العقود الحالية بين مصر والشركات الامريكية التي تمولها المعونة. وطالب ماكين الإدارة الامريكية بإبلاغ الكونجرس حول كيفية إنفاق المعونة العسكرية ، وكيفية إنفاقها بشكل أفضل يحقق مصالح مصر والولاياتالمتحدة. وطالب السيناتور الجمهوري راند بول بقطع جميع السماعدات عن مصر حتى يعلن الرئيس محمد مرسي باللغتين الانجليزية والعربية التزامه بمعاهدات كامب ديفيد. واقترح السيناتور الجمهوري جيمس انهوف تعليق بيع الطائرات إف 16 إلى مصر. ولا تقتصر الضغوط التي يواجهها اوباما على الكونجرس، فقد شن جوردن سيكولو المدير التنفيذى للمركز الأمريكى للقانون والعدالة هجوماً حاداً ضد الإدارة الأمريكية بسبب استعدادها تقديم أسلحة متطورة إلى الحكومة المصرية التى يقودها الإخوان . وأوضح سيكولو فى مقال على موقع «ذا مورال ليبرال» أن المركز الأمريكى للقانون والعدالة يعمل حاليا مع أعضاء الكونجرس الأمريكى لوقف إرسال هذه الأسلحة إلى مصر. وأضاف أن حوالى 150 ألف أمريكى وقعوا على التماس لوقف تقديم الهدية المتمثلة فى طائرات ودبابات متطورة إلى مصر. وأضاف أن الولاياتالمتحدة مستعدة لإعطاء حكومة الإخوان 200 دبابة إم1 إم إيه إبرامز و20 طائرة مقاتلة إف 16. ووصف هذه الأسلحة بأنها تمثل أكثر أسلحة أمريكية متطورة. وقال «سيكولو» إن هذه الصفقة ستؤدى إلى زيادة الدبابات التى تمتلكها مصر بمقدار 20% والطائرات بمقدار 10%. وأوضح أن الطائرات المقاتلة وحدها ستكلف دافعى الضرائب الأمريكيين 213 مليون دولار. وأضاف أن آخر شىء تحتاج الولاياتالمتحدة أن تفعله هو اقتراض المزيد من المال من الصين لإعطاء أسلحة متطورة لحكومة متشددة معروفة بمعاداتها للسامية وتؤيد الهجمات ضد إسرائيل على حد وصفه. على الجانب الآخر ، تواجه إدارة اوباما ضغوطا من مصنعي الأسلحة الامريكيين التي تقضي مصالحهم باستمرار تزويد مصر بالأسلحة.. وأكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية نقلا عن مسؤلين امريكيين أن أي تأخير أوقطع للمعونة الامريكية إلى مصر التي تبلغ 1.3 مليار دولار قد يؤدي إلى كسر عقود مع مصنعي الأسلحة الامريكيين، مما يعني وقف خطوط إنتاج.وأوضح مسؤل امريكي أن البنتاجون يشتري أسلحة للقوات المسلحة الأجنبية مثل مصر، وتكلفة هذه العقوبات قد تصل إلى ملياري دولار يتحملها دافعي الضرائب الامريكيين ، وليس قيادات الجيش المصري إن توقفت هذه المبيعات. فقد وقعت شركة جنرال دينمكس عقد قيمته 395 مليون دولار لإرسال أجزاء من 125 دبابة إم1 ايه1لتكوينها في مصنع بمصر. ونقلت الصحيفة عن مسؤل في وزارة الخارجية الامريكية وجود وظائف امريكية تعتمد على العلاقات العسكرية المصرية الامريكية. وأضاف المسؤل أن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية السابقة وزملائها كانوا يتطلعون إلى أهداف الأمن الوطني والقضايا المحلية. وأضافت أن معظم أموال المعدات الامريكية يعود إلى الشركات والمنظمات الامريكية في صورة أسعار للسلع أو الخدمات. ونقلت الصحيفة عن لورا سيبيرت المتحدثة باسم شركة لوكهيد مارتن أهمية العلاقة بين الشركة ومصر منذ تسليم أول طائرات إف 16 إلى مصر في بداية الثمانينات. وأوضحت الصحيفة أن مكونات الدبابات إم1 ايه1 تصنع في مصانع بولاية ألاباما، فلوريدا، ميتشجن واوهاويو، والعديد من هذه الولايات حاسمة في الانتخابات. وسالت بوابة الوفد الالكترونية ديفيد شينكر مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى حول تاثير المساعدات العسكرية الامريكية لمصر فقال: " لا شك في أن المساعدات العسكرية من خلال الجيش أو المساعدات الإنسانية تؤثر على الاقتصاد الامريكي، فالمساعدات الخارجية الامريكية تمثل 1% من ميزانية الولاياتالمتحدة والمعدات والمساعدات التقنية تقوم بها شركات امريكية". وأضاف أن إلغاء أو تعليق عقود قد يكون معقدا جدا، فقد تضيع الكثير من البضائع والوظائف الامريكية، بالإضافة إلى أن هذه العقود ممولة من خلال دولارات المعونة الامريكية من خلال نظام يدعى "تمويل التدفق النقدي" الذي يسمح لحكومة مصر بدفع قيمة هذه العقود على مدى سنوات عديدة، وإذا ألغت الحكومة الامريكية أو علقت هذه العقود فإن واشنطن قد تكون مسؤلة قانونيا للدفع لهذه الشركات الامريكية. ومن الواضح أن إدارة اوباما ستستجيب لهذا الخيار لعدة أسباب. واعتقد ان واشنطن ستفكر بعمق في سبل تغيير نظام المعونة العسكرية في المستقبل نظرا لتغير طبيعة العلاقات الامريكية المصرية. ففي حالة الحاجة إلى المزيد من المرونة فإن إدارة الولاياتالمتحدة سيكون لديها خيارات أفضل وأقل قسوة." أوضح شينكر أن الإدارة الامريكية اتبعت منهج ودود في التعامل نظام جماعة الإخوان في مصر. وأشار إلى أن واشنطن أشادت بالرئيس محمد مرسي لدوره في التوسط في اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس واسرائيل في غزة. في نفس الوقت الإدارة مترددة في انتقاد مرسي لأسلوبه في إقرار الدستور المصري الذي لا يرقى لأن يكون ديمقراطيا إن لم يكن ديكتاتوريا. وأضاف أن تصريحات الإدارة الامريكية بدت داعمة لأسلوب مرسي لعرقلة القضاة والدفع بالدستور المعيب عبر استفتاء شعبي. وأوضح أن الكونجرس الامريكي مثل الكثير من المصريين قلق بشأن التوجه الإسلامي للدستور الجديد ،مشيرا إلى وجود مناقشات هامة في واشنطن بشأن مستقبل العلاقات الثنائية، إلا أن الإدارة الامريكية لا تزال تظهر التزاما بشأن العلاقات العسكرية مع مصر، بالإضافة إلى أن المعونة الامريكية تعتبر التزاما لدعم معاهدة كامب ديفيد للسلام. وأضاف أن الولاياتالمتحدة لديها الكثير من الشكوك حول نوايا مرسي والإخوان المسلمين ، إلا أنها لا تزال تثق في الجيش المصري. وتوقع الليفتانت جنرال جيمس دوبك الخبير في معهد دراسات الحرب بواشنطن – فى رده على اسئلة بوابة الوفد الالكترونية - أن تحترم الإدارة الحالية التزاماتها مع مصر، معربا عن اعتقاده باستمرارها حتى تتخذ التغيرات الداخلية في السياسيات المصرية المنحى الراديكالي، فالولاياتالمتحدة منذ حكومة الرئيس الامريكى السابق رونالد ريجان تتمسك بموقف ثابت، وهو تقديم مساعدات عسكرية إلى مصر لتحفيزها على الحفاظ على السلام القائم منذ فترة طويلة مع اسرائيل. وفي حال اتخذت مصر إجرءات قد تؤثر على معاهدة السلام مع اسرائيل ،فإن الإدارة الحالية أو أي إدارة سيكون عليها إعادة تقييم المساعدات الامريكية. وأوضح أن ممارسات الحكومة المصرية الأخرى غير المتعلقة بمعاهدة السلام قد تثير مناقشات داخل الولاياتالمتحدة حول استمرار المساعدات، ولكن هذه الحالة ستصنف في إطار ما يمكن أن يجري فيما يتعلق بالعلاقات بين دولتين. وأوضح أن الولاياتالمتحدة تدرك أهمية مصر الاستراتيجية في الإقليم ومخاوفها الأمنية المشروعة. وأضاف أن المساعدات الامريكية مخصصة أساسا لمعدات جديدة أو الحفاظ على معدات مشتراه سابقا، إلا أنه يمكن استيعاب المعونة من خلال منظور آخر ، وهو السماح لمصر بإنفاق نسبة أكبر من أموالها على بنود التنمية الاجتماعية والاقتصادية الضرورية. وأضاف الليفتانت جنرال جيمس دوبك أن الهدف الثانوي الآخر لاستمرار المعونة الامريكية هو الحفاظ على العلاقات العسكرية بين الولاياتالمتحدة ومصر من خلال التبادل التدريبي والتعليمي. وهذه العلاقة مهمة لكلا الدولتين كما شهدنا في الثورة الأخيرة. وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة تواجه مرحلة من التقشف المالي مما قد يؤثر على جميع أشكال الإنفاق الحكومي، وفي حال انخفضت المعونة الامريكية لهذه الأسباب ، فإن المناقشات الدبلوماسية الطبيعية قد تهديء أي صعوبات أو سوء فهم. وأوضح أن البعض في الولاياتالمتحدة ومصر قد يسعى لفتح مناقشات حول إعادة صياغة المعونة الامريكية ليؤكد على مساعدات عسكرية أقل ومساعدات اقتصادية أكثر أو إعادة صياغة لموازنة المساعدات العسكرية الامريكية ضد كل أشكال التهديدات التي تواجهها مصر، وليس فقط التقليدية. وأيا كانت شكل الصيغة الجديدة للمعونة ، يجب أن تكون بناءا على اتفاق بين الولاياتالمتحدة ومصر وليس من خلال طرف واحد. وتوجهت بوابة الوفد الالكترونية الى البروفيسور فريدريك وليام سيمولين مدير دراسات الأمن الوطني في جامعة سيركيوز لمعرفة توقعاته حول استمرار المعونات من عدمه فقال:" المعونة ستستمر طالما تحملت مصر مسؤلياتها في قيادة المنطقة خاصة من خلال احترام معاهدة السلام مع اسرائيل."