رئيس جامعة القاهرة يترأس لجنة اختيار المرشحين لعمادة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية    ارتفاع الذهب في مصر استجابة لتحرك السعر العالمي    أسعار الخضروات اليوم الجمعة 10-5-2024 في الدقهلية    إزالة 32 حالة تعدي على أراضي الدولة ضمن حملات الموجة ال 22 في الشرقية    رفع 29 ألف طن مخلفات بالمنوفية خلال أبريل الماضي    مصدر رفيع المستوى: الحكمة في إدارة التفاوض لا تمنع مصر من حماية أمنها القومي بكل السبل    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    مواعيد أهم مباريات اليوم الجمعة 10-5-2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    مباريات الدوري السعودي اليوم.. 3 مواجهات قوية وظهور «شريف» أمام موسيماني    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    ليلة سقوط اللصوص.. القبض على 6 متهمين بارتكاب جرائم سرقات متنوعة بالقاهرة    ماس كهربائي وراء نشوب حريق محل بأكتوبر    انطلاق فعاليات القوافل التعليمية لطلاب الثانوية العامة بالشرقية    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    مواعيد قطارات القاهرة إسكندرية المكيفة 2024 بعد التعديل لموسم الصيف    جامعة المنيا تحصد 4 مراكز متقدمة في مهرجان إبداع على مستوى الجمهورية    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    بروتوكول تعاون بين «تيودور بلهارس» و«طب الزقازيق» في مجالات التعليم والتدريب    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف منطقة اللبونة في بلدة الناقورة جنوبي لبنان    سويلم: الحضارة المصرية رائدة في وضع تقنيات للري تعد الأقدم بالتاريخ    وزارة التموين تسلم 2.3 مليون طن قمح محلى من المزارعين حتى الآن    "لديه ذبذبة".. مهاجم الزمالك السابق يتحدث عن فرص الزمالك للفوز بالكونفدرالية    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    "يا عزيز عيني" فانتازيا أسطورية تحكي عن إيزيس وأوزيريس بطنطا    الفنانة يسرا اللوزي تشيع جنازة والدتها عقب صلاة الجمعة    هنا الزاهد وشقيقتها فرح يرقصان في حفل زفاف لينا الطهطاوي (صور وفيديو)    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    حصاد جامعة حلوان الأسبوعى    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد عبدالحليم محمود بالشرقية    6 تخصصات.. "صحة مطروح" تطلق قافلة طبية في العلمين    ترفع الكوليسترول وتضر القلب.. 5 أطعمة احذر تناولها على الإفطار    تجنب 4 أطعمة لتقليل خطر الإصابة بالسرطان    وزير العمل يتابع إجراءت تنفيذ مشروع "مهني 2030" مع "اللجنة المختصة"    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    فريدة سيف النصر ضيفة عمرو الليثي في «واحد من الناس».. الإثنين    مصرع ضابط شرطة إثر اصطدام «ملاكي» ب«جمل» على الطريق ببني سويف    «التنمر وأثره المدمر للفرد والمجتمع».. موضوع خطبة الجمعة اليوم بالمساجد    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    سعر متر التصالح في مخالفات البناء بالمدن والقرى (صور)    10 علامات ابحث عنها.. نصائح قبل شراء خروف العيد    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    القسام تعلن مقتل وإصابة جنود إسرائيليين في هجوم شرق رفح الفلسطينية    حماس: لن نترك الأسرى الفلسطينيين ضحية للاحتلال الإسرائيلي    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    تاو يتوج بجائزة أفضل لاعب من اتحاد دول جنوب إفريقيا    نشوب حريق بمصفاة نفط روسية بعد هجوم أوكراني بالمسيرات    أول مشاركة للفلاحين بندوة اتحاد القبائل الإثنين المقبل    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملحمة أرض الفيروز من التحرير إلى التطهير والتنمية المستدامة
فى ذكرى تحرير سيناء ال40

الهدف كان عدم التفريط فى شبر واحد من بوابة مصر الشرقية وخط الدفاع الأول عن أمنها القومى
تحتفل مصر والقوات المسلحة فى مثل هذا اليوم الموافق 25 إبريل من كل عام، بعيد تحرير سيناء من يد الاحتلال الاسرائيلى.. وذلك برحيل آخر جندى إسرائيلى فى عام 1982 - باستثناء منطقة طابا-، لتمثل سيناء ملحمة الشعب والجيش على مدار 22 عامًا منذ احتلالها فى عام 1967، حيث بدأت مصر بمرحلة الصمود ثم الكفاح المسلح و حرب الاستنزاف التى مهدت لقيام حرب أكتوبر المجيده عام 1973، ثم مفاوضات الفصل بين القوات فى عامى 74 و75، مرورًا بمباحثات كامب ديفيد التى انتهت بمعاهدة السلام فى عام 1979 وعودة الأرض المصرية، وأخيرًا ملحمة استعادة طابا التى استردتها مصر بمعركة دبلوماسية وقانونية، توجت فى 30 سبتمبر 1988 م، عندما أعلنت هيئة التحكيم الدولية فى الجلسة التى عقدت فى برلمان جنيف حكمها فى قضية طابا، والتى حكمت بالإجماع أن طابا أرض مصرية، وفى 19 مارس 1989م، رفع الرئيس الراحل حسنى مبارك علم مصر على طابا.
إن ملحمة استعادة سيناء ستظل علامة مضيئة ومشرقة فى التاريخ المصرى الحديث، مثلت التحام الجيش والشعب وكانت الدرس العظيم الذى استلهمه المصريون خلال ثورتهم المجيدة فى 25 يناير وتبعتها ثورة 30 يونيه لتصحيح المسار، ليقف الشعب والجيش فى خندق واحد رافعًا راية الوطن ولا شىء بعده، ثم استكمال مشوار التنمية والتطوير لأرض الفيروز، بعد أن طهرتها القوات المسلحة من براثن الإرهاب الأسود الذى استقدمته الجماعة الإرهابية من الدول التى انهارت وأصبحت مرتعًا للإرهاب ليكون ظهيرًا لها فى حكم مصر، فأرض الفيروز هى بوابة مصر الشرقية وخط الدفاع الأول عن أمنها القومى.. انها سيناء التى دفع الشعب من أجلها كل غالٍ ونفيس وقدم فيها الجيش الروح والدم لتعود إلى احضان الوطن، ويعود المصريون مرفوعى الرأس بين الأمم.
سيناء والتنمية المستدامة
فى ذكرى العزة والكرامة يجب أن يتذكر المصريون تضحيات قواتهم المسلحة التى استعادت الأرض فى ملحمة اكتوبر العظيمة، وأيدت ارادة الشعب فى 25 يناير وحافظت على وحدة المصريين وارادتهم فى 30 يونيه، ويجب أن يدرك الجميع أن الحرب على الإرهاب خاصة فى سيناء انما كانت جزءا من تحرير الإرادة المصرية، لتنطلق عمليات التنمية فى مختلف مدن وقرى سيناء مثلها مثل باقى ربوع مصر التى تشهد مشروعات قومية عملاقة فى مختلف المجالات، وفى مقدمتها مشروعات البنية التحتية وانشاء المدن الجديدة سواء سكنية أو صناعية، والتى تمهد الطريق لتحقيق التنمية المستدامة.
لقد استطاعت القوات المسلحة أن تعيد أحكام سيطرتها على أرض سيناء الغالية، خاصة شمال سيناء بعد أن امتلأت جبالها وقراها ومزارعها بالإرهابيين الذين ساعدتهم الجماعة الإرهابية لبسط سيطرتها على مصر، وجعلهم شوكة فى ظهر القوات المسلحة، بل وبلغ الأمر منتهاه عندما هددت الجماعة الإرهابية خلال اعتصام رابعه بتحويل سيناء إلى قنبلة موقوتة من خلال الجهاديين والتكفيريين، وظلت العناصر الإرهابية تنظم عملياتها ضد القوات المسلحة، والشرطة، وضد اهالى سيناء الشرفاء على مدار سنوات، واستفحل الإرهاب ووجد له أعوانًا من اخطر التشكيلات والعصابات ومن يعاونهم من تجار السلاح و زراعة المخدرات وتهريبها وتجار المسروقات والبضائع المهربة، وجميعهم كانوا يحصدون مليارات الجنيهات عندما ارتبطت مصالحهم جميعًا بوجود العناصر الإرهابية، حتى حانت لحظتهم وأطلقت القوات المسلحة العملية الشاملة للقضاء على الإرهاب فى سيناء، وأحكمت سيطرتها بالقضاء على العناصر الإرهابية، مع الأخذ فى الاعتبار الحفاظ على أرواح المدنيين وأهالى سيناء الشرفاء، وكان بإمكانها ان تدمر كل شىء وتقضى على الإرهاب خلال أيام معدودة، لكن عقيدة القوات المسلحة حالت دون ذلك.
ومع نجاح العملية الشاملة للقضاء على الإرهاب فى سيناء، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى مئات المشروعات التنموية فى سيناء، ضمن خطة شاملة لتحقيق التنمية المستدامة، ضمن خطة طموحة وغير مسبوقة لتعمير أرض الفيروز وجعلها منطقة جاذبة للاستثمار والسكان وربطها بالدلتا والمحافظات، كما وضعت الدولة تنمية محافظات القناة على رأس أولوياتها باعتبارها حلقة الوصل بين سيناء وباقى محافظات الجمهورية، وذلك عبر تنفيذ مشروعات قومية وتنموية عملاقة تضمنت إنشاء مناطق ومجمعات صناعية وزراعية وتعدينية، ومجتمعات عمرانية حديثة، ومد الطرق والجسور والأنفاق، بالإضافة إلى الاهتمام ببناء الإنسان وتوفير كل سبل العيش الكريم.
وارتكزت خطة التنمية الشاملة على عدة محاور، فى مقدمتها اعادة بناء وتطوير البنية التحتية للمدن والقرى، اضافة إلى انشاء مدن جديدة، وتنفيذ مشروعات قومية وتنموية كبرى للنهوض بسيناء ودعم المواطن السيناوى وتوفير فرص عمل للشباب فى مختلف القطاعات.
وتنوعت هذه المشروعات لتشمل مختلف المجالات، وكان فى مقدمتها تنفيذ الأنفاق الجديدة أسفل قناة السويس، وهى أنفاق تحيا مصر بالإسماعيلية، وأنفاق 3 يوليو جنوب بورسعيد، ونفق الشهيد أحمد حمدى 2، والتى تعتبر شرايين حياة جديدة لربط سيناء بجميع أنحاء مصر، بالتزامن مع استكمال منظومة الكبارى العائمة والتى تنتشر على طول الخط الملاحى لقناة السويس لخدمة المناطق السكانية والتجارية والحيوية بين الشرق والغرب، كما تم إنشاء شبكة واسعة من الطرق ضمت إنشاء 26 طريقًا بأطوال 2022 كم، اضافة إلى
تطوير مطار البردويل الدولى للأغراض المدنية، وتطوير مطار العريش الدولي، وكذلك تطوير ميناء العريش البحرى.
وتضمنت خطة التطوير كذلك إنشاء مدن جديدة وتزويدها بجميع الخدمات الحديثة، وفى مقدمتها مدينة رفح الجديدة، ومدينة بئر العبد الجديدة، ومدينة سلام مصر والتى تصنف كعاصمة اقتصادية جديدة وتبعد عن بئر العبد بمسافة 40 كم، اضافة إلى إنشاء تجمعات عمرانية جديدة مصممة على أحدث التقنيات شمالًا وجنوبا، اضافة إلى تنفيذ نحو 54 ألف وحدة سكنية وإخلاء محافظات سيناء ومدن القناة من المناطق العشوائية غير الآمنة، وذلك بالتوازى مع تنفيذ 32 مشروعًا لمياه الشرب بتكلفة 3.3 مليار جنيه، بالإضافة إلى تنفيذ 59 مشروعًا للصرف الصحى بتكلفة 6.9 مليار جنيه.
وفيما يتعلق بإنشاء وتطوير المنشآت التعليمية، تم إنشاء جامعة الملك سلمان ولها 3 أفرع فى الطور وشرم الشيخ ورأس سدر، إضافة إلى جامعة العريش والعديد من المدارس الجديدة والمعاهد الأزهرية ورفع كفاءة المدارس الحالية، وفى القطاع الصحى تم رفع كفاءة وتطوير عددٍ من المستشفيات المركزية والوحدات الصحية ووضع حجر الأساس لأخرى جديدة، فضلًا عن تطوير ورفع كفاءة عدد من نقاط الإسعاف مع توفير عدد كبير من الأجهزة والمستلزمات الطبية.
وحول مشروعات توفير المياه واستصلاح الأراضى الزراعية ودعم الثروة السمكية، فقد زادت مساحة الأراضى المستصلحة والمنزرعة بنسبة 118.4%، لتسجل 225 ألف فدان فى سبتمبر 2021 مقارنة ب 103 آلاف فدان فى يونيو 2014
حيث تم تنفيذ 13 مشروعًا لمعالجة مياه الصرف الصحى والزراعي، بإجمالى طاقة تصل إلى نحو 7 ملايين م3/يوم، أهمها محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر بإجمالى طاقة 5.6 مليون م3/يوم، وستساهم هذه المحطة فى استصلاح 348 ألف فدان من إجمالى 476 ألف فدان مقرر استصلاحها بشمال سيناء، وتشمل محطات المعالجة أيضًا، محطة معالجة مياه مصرف المحسمة بطاقة مليون م3/يوم، فضلًا عن أنه يتم رى نحو 75 ألف فدان عن طريق سحارة سرابيوم من مياه المصرف المعالجة، والتى من المخطط أن تصل إلى 117 ألف فدان، كما تم تنفيذ 23 محطة تحلية مياه بحر، بإجمالى طاقة تصل إلى 358.2 ألف م3/يوم، فى حين تم تشغيل وصيانة 425 منشأة رى من قناطر وأفمام وكبارى وبرابخ وسحارات، وإدارة وصيانة شبكات الترع والمصارف بطول 1506 كم، كما تم تنفيذ 5907 أحواض سمكية ضمن مشروع الفيروز للاستزراع السمكي، وكذلك تم تنفيذ 4140 حوضًا سمكيًا ضمن المرحلتين الأولى والثانية لمشروع قناة السويس للاستزراع السمكى.
وجاء قرار إنشاء المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بنطاق سيناء ومدن القناة بمثابة إعادة الحياة إلى الاستثمار المستدام فى سيناء، حيث تضم المنطقة 4 مناطق صناعية و6 موانئ بحرية، وذلك بنحو 18 مليار دولار استثمارات فى البنية التحتية داخل المنطقة، ساهمت فى توفير 80 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، فضلًا عن توطين الصناعات المختلفة بهذه المناطق.
︎ذكريات ملحمة التحرير
وبالعودة إلى اللحظات الأولى لوقوع النكسة واحتلال سيناء فى عام 1967، كان قرار الشعب والجيش المصرى أنه لا سبيل إلا الحرب، وما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة، وانه مهما كان الثمن والتضحيات فلن يكون هناك قبول بسياسة الأمر الواقع التى استخدمها العدو فى انتزاع الأراضى العربية، ولن يتم التفريط فى حبة رمل واحدة من سيناء، فلم يأخذ الجيش وقتًا لتأكيد هذه المفاهيم على الأرض، بل رفض الهزيمة وبدأت المعارك بعد أيام من وقوع النكسة ليعلم القاصى والدانى أن مصر لن تقبل إلا بعودة أرضها، وأن العدو لن يهنأ فى سيناء، واستمرت معارك التحرير على مدار 22 عامًا حتى استرد المصريون ارضهم بالصمود والحرب والمفاوضات، وذلك بعودة منطقة «طابا» وهى اخر شبر من سيناء تم تحريره، وجسدت قضية طابا ملحمة وطنية رائعة تضافرت فيها جهود مؤسسات الدولة العسكرية والدبلوماسية والقانونية.
الصمود وإعادة البناء وحرب الإستنزاف
تعد نكسة 1967 حربًا لم تحارب فيها مصر، حيث تم توجيه ضربات عدائية استباقية دمرت سلاح الطيران فى مرابضة ودمرت كافة المطارات المصرية، وتم احتلال سيناء، ومنذ الساعات الأولى للاحتلال أعلن المصريون شعبًا وجيشًا أن ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة، وسميت هذه الفترة بمرحلة الصمود لاحتواء آثار الهزيمة واستمرت لما يقرب من 14 شهرً، وكانت أهداف هذه المرحلة تتجسد فى اعادة بناء القوات المسلحة ورفع قدراتها القتالية وتعويض ما فقده الجيش من السلاح، وذاك رغم تأكيدات الخبراء العسكريين أن الجيش المصرى يحتاج على أقل
تقدير إلى 20 عامًا حتى يعيد بناء نفسه والدخول فى حرب، كما استهدفت هذه المرحلة جمع المعلومات واستطلاع واكتشاف نشاط العدو على الجبهة وداخل سيناء، الأمر الذى مهد لانطلاق حرب الاستنزاف والتى تعد مفتاح النصر للعبور العظيم فى اكتوبر المجيد، فقد أتاحت للجيش المصرى تحقيق عنصر المواجهة مع العدو، وتعرف القادة على اسلوب وأفكار العدو من خلال المعارك التى تكبد فيها العدو خسائر فادحة وكشفت نقاط ضعفه.
نصر أكتوبر وعودة سيناء
كان الرئيس السادات قد أيقن بعد المماطلة غير المبررة من الولايات المتحدة بضرورة تحريك المياه الراكدة والدخول فى الحرب مع إسرائيل، واعتمدت فكرة الحرب على اقتحام قناة السويس على طول القناة وانشاء رؤوس كبارى وتوغل القوات بعمق ما بين 15 و20 كم مؤمنة بقوات الدفاع الجوى، ثم تطوير الهجوم إلى خط المضايق الجبلية واحتلاله، وبذلك تصبح القوات الاسرائيلية فى ارض مكشوفة وسط سيناء.
وكانت هناك عقبات كثيره أمام العبور على رأسها قناة السويس والتى تعد من اصعب الموانع المائية، ثم الساتر الترابى الذى يميل بزاوية 80 درجة ويستحيل اجتيازه بالمركبات، ثم خط بارليف الذى جعلته إسرائيل منشآت هندسية ضخمة مزودة بكل وسائل القتال وخصصت له اسرائيل ما يقرب من 65% من قواتها للدفاع عن سيناء، واستطاعت القوات المسلحة أن تهزم جميع هذه العقبات قبل بداية الحرب وتدرب جنودها البواسل على معركة العبور عشرات المرات، حتى جاءت اللحظة الحاسمة فى يوم 6 اكتوبر عام 1973، وحين أشارت عقارب الساعة نحو الثانية و5 دقائق ظهرًا وجه أكثر من 2000 مدفع ثقيل النيران نحو مواقع العدو فى نفس اللحظة التى عبرت فيها سماء القناة 208 طائره تشكل القوة المكلفة بالضربة الجوية الأولى التى أصابت مراكز القيادة والسيطرة الاسرائيلية بالشلل التام، فى حين كان أكثر من 8 الاف مقاتل قد بدأوا النزول إلى مياه القناة واعتلاء القوارب المطاطية والتحرك تحت لهيب النيران نحو الشاطئ الشرقى للقناة.. ثم بدأت عمليات نصب الكبارى بواسطة سلاح المهندسين، ليعبر المصريون المستحيل وتنهار أسطورة الجيش الذى لا يقهر، ومع وقف اطلاق النار وكنتائج مباشرة للنصر العظيم وتحطم اسطورة الجيش الذى لا يقهر استعادت مصر السيادة الكاملة على قناة السويس، كما استردت جزءا من أرض سيناء، وبعد اليوم ال 16من بدء حرب أكتوبر بدأت المرحلة الثانية لاستكمال تحرير سيناء عن طريق المفاوضات السياسية.
وقد صدر القرار رقم 338 الذى يقضى بوقف جميع الأعمال العسكرية بدءًا من 22 أكتوبر 1973م، وهو القرار الذى قبلته مصر ونفذته مساء يوم صدور القرار، إلا أن خرق القوات الإسرائيلية للقرار أدى إلى إصدار مجلس الأمن قرارًا آخر يوم 23 أكتوبر يلزم جميع الأطراف بوقف إطلاق النار، وتوقفت المعارك فى 28 أكتوبر 1973 بوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال على أرض سيناء.
مباحثات الكيلو 101
كانت مباحثات الكيلو 101 على مدار شهرى أكتوبر ونوفمبر 1973 وفيها تم الاتفاق على تمهيد الطريق أمام المحادثات السياسية؛ للوصول إلى تسوية دائمة فى الشرق الأوسط، حيث تم التوقيع فى 11 نوفمبر 1973 م على اتفاق تضمن التزامًا بوقف إطلاق النار ووصول الإمدادات اليومية إلى مدينة السويس وتتولى قوات الطوارئ الدولية مراقبة الطريق ثم يبدأ تبادل الأسرى والجرحى.
اتفاقيات فض الاشتباك الأولى والثانية
فى يناير 1974 وقع الاتفاق الأول لفض الاشتباك بين مصر وإسرائيل، والذى حدد الخط الذى ستنسحب إليه القوات الإسرائيلية على مساحة 30 كيلومترًا شرق القناة وخطوط منطقة الفصل بين القوات التى سترابط فيها قوات الطوارئ الدولية، وفى سبتمبر 1975 تم توقيع الاتفاق الثانى الذى بموجبه تقدمت مصر إلى خطوط جديدة مستردة حوالى 4500 كيلو متر من أرض سيناء.
زيارة السادات للقدس
فى شهر نوفمبر عام 1977 أعلن الرئيس أنور السادات فى بيان أمام مجلس الشعب انه على استعداد للذهاب إلى إسرائيل، ثم نفذ الزيارة وألقى كلمة فى الكنيست الإسرائيلى طارحًا مبادرته بأنه ليس واردًا توقيع أى اتفاق منفرد بين مصر وإسرائيل دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
مؤتمر كامب ديفيد
فى 5 سبتمبر عام 1978 وافقت مصر وإسرائيل على المقترح الأمريكى بعقد مؤتمر ثلاثى فى منتجع كامب ديفيد بالولايات المتحدة، وتم الإعلان عن التوصل لاتفاق يوم 17 سبتمبر، وتم التوقيع على وثيقة «كامب ديفيد» فى البيت الأبيض فى 18 سبتمبر 1978، والتى ضمت وثيقتين لتسوية شاملة للنزاع العربى الإسرائيلى، الأولى حول إطار السلام فى الشرق الأوسط، والثانية تناولت إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل.
معاهدة السلام 26 مارس 1979
وقعت مصر وإسرائيل معاهدة السلام والتى نصت على إنهاء الحرب بين الطرفين وإقامة السلام بينهما، وسحب إسرائيل كافة قواتها المسلحة وكذلك المدنيين من سيناء إلى ما وراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وتستأنف مصر ممارسة سيادتها الكاملة، وبذلك نجد أن الانسحاب الاسرائيلى من سيناء مر ب3 مراحل، الأولى تمثلت فى النتيجة العملية المباشرة للحرب، وانتهت فى عام1975 بتحرير المضايق الإستراتيجية وحقول البترول الغنية على الساحل الشرقى لخليج السويس، وكانت المرحلة الثانية والثالثة من الانسحاب تطبيقًا لبنود معاهدة السلام حيث تضمنت المرحلة الثانية انسحابا كاملا من خط العريش - رأس محمد والتى انتهت فى يناير1980 وتم خلالها تحرير32 ألف كم2، وخلال المرحلة الثالثة انسحبت إسرائيل إلى خط الحدود الدولية الشرقية لمصر وتم تحرير سيناء فيما عدا الشبر الأخير ممثلا فى مشكلة طابا التى أوجدتها إسرائيل.
عودة «طابا»
لقد تحولت معركة تحرير طابا إلى ملحمة مكملة لنصر أكتوبر العظيم، وفور ظهور المشكلة أعلنت مصر أن أى خلاف على الحدود يجب أن يحل وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام التى تنص على أن تحل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير هذه المعاهدة عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حلها بالمفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم، وقد ضم فريق الدفاع المصرى 24 خبيرا بينهم 9 من أقطاب الفكر القانونى، وكان بينهم الدكتور وحيد رأفت نائب رئيس حزب الوفد رحمه الله، اضافة إلى 2 من علماء الجغرافيا والتاريخ منهم يونان لبيب، و5 من أكبر الدبلوماسيين بوزارة الخارجية، و8 من العسكريين وخبراء المساحة العسكرية، وفى 29 سبتمبر 1988 أصدرت هيئة التحكيم التى انعقدت فى جنيف بالاجماع حكمها لصالح مصر وأعلنت أن طابا مصرية، وفى 19 مارس 1989 استعادت مصر منطقة طابا وعادت إلى سيادتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.