فى الحادى والعشرون من فبراير الماضى دخلت القوات المسلحة الروسية إلى منطقة دونباس بشرق اوكرانيا ومنذ ذلك التاريخ والحرب الروسية الاوكرانيه مشتعله ولا أحد يعلم متى ستنتهى وتضع اوزارها تسببت الحرب التى تخطى عمرها الزمنى منذ إندلاعها للآن أكثر من 40 يوما فى إلحاق خسائر كبيرة جدا بالعديد من الدول بما فيها الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها دول الإتحاد الأوروبى، وتتفاوت حجم الخسائر بين كل دولة وأخرى حسب قوتها الإقتصادية وتنوع مواردها، أما أشد الدول تضررا من هذه الحرب الملعونة فهى الدول المستورده للغذاء خاصة القمح والذرة، والعدد الأكبر من الدول المستوردة للغذاء بالطبع يقع فى أفريقيا ومنطقة الشرق الأوسط بالإضافه إلى دول البلقان وبعض الدول الآسيوية. الحرب وتهديد الوضع الغذائى العالمى تمثل تجارة الحبوب فى روسياواوكرانيا 25% من حجم التجاره الدوليه ، أى ربع تجارة الكره الارضيه فى هذه التجاره بالغة الأهمية والتى تصل قيمتها على مستوى العالم كله إلى 120 مليار دولار وهو رقم ضخم للغايه يعكس اولا ، مدى أهمية وجود روسياوأوكرانيا كدول منتجه ومصدره، وثانيا يعكس مدى حجم الضرر الذى سيلحق بالدول المستورده التى لديها نقص حاد فى إنتاجها المحلى من الحبوب وبالطبع على رأس هذه الدول كما سبق الإشاره دول افريقيا والوطن العربى ويكفى فى هذه النقطه أن نشير إلى أن أوكرانيا تنتج سنويا مالا يقل عن 15 مليون طن من الذره، وأكثر من 18 مليون طن من القمح ناهيك عن إنتاجها الكبير من الدواجن حيث تصدر لدول الخليج سنويا نحو 150 ألف طن منها 135 ألف طن للملكه العربيه السعوديه وحدها ، اما روسيا ذلك الدب العملاق فيكفى أن نقول عنه بأن يحتل المرتبه الأولى فى قائمة أكبر 10 دول منتجه ومصدره للقمح حيث تتجاوز صادراتها سنويا نحو 40 مليون طن بذياده تقدر بأكثر من 15 % عن الولاياتالمتحدهالامريكيه التى تحل فى المرتبه الثانيه برصيد صادرات يصل إلى 26 مليون طن. قبل الحرب كانت صادرات أوكرانيا من الذره تشق طريقها عبر موانىء البحر الاسود ،وبعد ذلك يتم نقلها عبر السكك الحديديه ،ثم يتم تحميلها على السفن إلى موانىء الدول المستورده سواء فى أوروبا او أفريقيا ولكن بعد اندلاع الحرب لم تستطع أوكرانيا تصدير جزء كبير من إنتاجها من الذره، فى الوقت أغلقت فيه روسيا الملاحه البحريه فى بحر آزوف لتتعقد الأمور وتتفاقم الازمه الغذائيه العالميه رويدا رويدا خاصة ان الدولتين كما ذكرنا آنفا من أهم وأكبر الدول المنتجه والمصدره. ** مؤشرات تعكس حجم الضرر كل المؤشرات تشير إلى أن الوضع الغذائى سيزداد سؤا مع إستمرار الحرب ،وقد بدأت بالفعل هذه المؤشرات الخطيره تطفو على السطح ويكاد يشعر بها كل السكان الموجودين على كوكب الأرض وابرز هذه المؤشرات الخطيره هو ارتفاع أسعار النقل البحرى بنسبه وصلت إلى 300 % ، و تراجع الصادرات الاوكرانيه من الحبوب إلى 500 ألف طن بعد أن كانت صادراتها تصل إلى 5 ملايين طن وهذا التراجع سيؤدى إلى نقص حاد فى الإمدادات والصادرات إلى الدول التى كانت تعتمد على الاستيراد من اوكرانيا بصوره كبيره ، ونفس ما يقال عن الحاله الاوكرانيه يقال عن روسيا التى تراجع إنتاجها وصادراتها من القمح إلى أدنى معدلاته منذ سنوات وسنوات ، ورغم ظهور دول منتجه ومصدره على السطح بشكل كبير خلال فترة الحرب ولم تكن تظهر بشكل كبير من قبل مثل الهند التى قفزت صادراتها من القمح إلى 7.8 مليون طن ، والبرازيل التى زادت صادراتها من القمح أيضا إلى 6 ملايين طن ، وامريكا التى وصل إنتاجها من الذره لأول مره منذ سنوات طويله إلى 384مليون طن .. رغم ظهور كل هذه الدول بشكل كبير إلا أنها لن تستطيع أن تصل إلى مرتبة اوكرانيا وروسبا فى إنتاج وتصدير القمح والذره. من أهم المؤشرات الخطيره على الإطلاق التى ظهرت بسبب الحرب الروسيه الاوكرانيه هو موجة التضخم الرهيبه التى لم يشهدها العالم من قبل ، فهناك ارتفاع جنوني و فاحش فى اسعار السلع الغذائيه على وجه التحديد ،وطال ارتفاع الأسعار دون تفرقه كل أصناف الغذاء بدءاً من البطاطس مرورا بالطماطم وورق العنب واللوبيا والفاصوليا وإنتهاء بالبقوليات والذره والدقيق ، وأصبح المواطن فى كل مكان يعانى من جراء هذه الزيادات الجنونيه والفلكيه فى الأسعار، والاخطر من إرتفاع الأسعار فى حالة إستمرار الحرب هو نقص السلع وإختفاؤها من الأسواق نتيجة نقص الإمدادات عن طريق الاستيراد للاسواق والسلاسل التجاريه وجميعنا يعلم ويدرك تماما ان الإنتاج المحلى لا يكفى للاستهلاك ونحن فى مصر نصنف على أننا بلد مستورد صاف للغذاء ،لأن إنتاجنا لا يكفينا وهو امر معقد يتطلب الهدوء من الحكومه قبل إتخاذ اية قرارات ودراستها جيدا من جانب المختصين وأصحاب الشأن . الأمر الآخر على الحكومه أن تضع خطه للتوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجيه وأهمها القمح والذره وحان الوقت لاتخاذ قرارات حاسمه وجريئه فى هذا الشأن ،فلا يعقل أن نستورد سنويا نحو 10 ملايين طن ذره بمئات الملايين من الدولارات ، ولا يعقل أيضا أن نستمر أكبر مستورد للقمح على مستوى العالم من عشرات السنوات ونستورد سنويا من 11الى 13 مليون طن بمليارات الدولارات ويكفى