أثار ما حدث في الأيام الاخيرة من فوضى بسبب رفض بعض رجال الشرطة أداء عملهم، استياء عامة المواطنين الذين يدفعون ثمن هذه الفوضى التي يقوم على رعايتها فلول الحزب الوطني والبلطجية وتجار المخدرات. ويؤكد الفقهاء أن الإسلام نهي عن ترك الشرطي لعمله تحت أي دافع حتى ولو كان نتيجة اداء واجبه هو القتل لانه يكون وقتها استشهاد في سبيل الله، مؤكدين أن هذه الظروف تستدعي اكثر من غيرها فى اي وقت التضحية فى اداء الواجب للمرور بالبلاد من هذه الازمة الراهنة. في البداية أكد الدكتور عبد الفتاح ادريس رئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر: ان رجال الداخلية مثلهم مثل سائر العاملين في قطاعات الدولة، فهم اجراء في اجهزة الدولة بمقتضى عقد ايجار ابرم بينهم وبين المؤسسة التي ينتمون اليها، وبناء على هذا العقد يجب ان يقوموا بمهام عملهم المنوط بهم خلال ساعات العمل الرسمي وذلك لقوله تعالي " ياايها الذين امنوا اوفوا بالعقود". وأشار الى انه وفقا للعقد المبرم عليهم الالتزام بما تفرضه هذه العقود على كل طرف في التعاقد ، موضحا انه اذا كان هؤلاء يحصلون على رواتبهم كاملة غير منقوصة فانهم يجب عليهم ان يؤدوا اعمالهم على اكمل وجه بموجب ما يحصلون عليه من راتب . واوضح استاذ الفقه المقارن ان التقاعس عن اداء هذه الاعمال المنوطة بهم يوجب عليهم جزائين "دنيوي واخروي ".ولفت على ان الجزاء الدنيوي يتمثل في "الاخلال" بما يأخذونه من رواتب من قبل المؤسسة التابعين لها وذلك لانهم لم يقوموا بالواجب مقابل راتبهم ويعد هذا الفعل من قبيل السحت واكل اموال الناس بالباطل ، ويضاف لهذا الاخلال انه يجب ان يحقق معهم لعدم ادائهم لاعمالهم واخلالهم بواجبهم وان يلقوا جزاء مناسبا . ونبه على انه في حال ثبوت حق المتضررين من غياب رجال الشرطة بحدوث ضرر في اموالهم وانفسهم يحق لهم اقامة الدعاوي القضائية للحصول على مقابل ما تكبدوه من اضرار لحقت بهم على الجانب المعنوي والمادي . انتقل ادريس للجزاء الاخروي والذي يوضح انه يكون بناء على اخلالهم بعقد تم ابرامه بينهم وبين جهة عملهم ، علاوة على اكلهم لاموال الناس بالباطل وكل هذه الافعال هي من قبيل الكبائر التي توعد الله اصحابها، لان ببعدهم عن عملهم فتح المجال للبلطجية والمجرمين لتهديد الشعب والناس وكل هذه الامور من قبيل الكبائر . من جهته اعتبر الدكتور محمد الشحات الجندي امين عام المجلس الاعلى للشئون الاسلامية ان الظروف الراهنة التي يمر بها المجتمع بعد الثورة تقتضي تضافر جهود كل افراد المجتمع من اجل توفير الامن والاستقرار واستعادة الامان بين ربوع المجتمع والوطن. واكد الجندي ان مسئولية الشرطة هي دعم المهام الوطنية التي يقوم بها القوات المسلحة التي حملت على عاتقها منذ اندلاع الثورة وحتى الان هذه المسئولية ايمانا منها بضرورة دعم اهداف وطموحات الثورة في تغيير وجه الحياة على ارض مصر . واشار امين عام مجلس الشئون الاسلامية انه مازال الوضع في حاجة الي كل جهود افراد الشرطة للقيام بواجبهم في دعم وحماية الوطن وتوفير الامن لافراده وبث الطمانينة والسكينة على مستوى الجمهورية كلها، مدام هناك العديد من المواطنين في الاماكن النائية بل وفي بعض الاماكن المتكدسة بالسكان والعامرة بهم تعاني نقصا من رجال الشرطة مما يجعل الفرصة مواتية للعابثين لترويع العاملين والقيام بأعمال البلطجة يدعمهم في ذلك المسفيدون من هذه الفوضى من فلول النظام السابق. ولفت الى ان هذه الظروف تفرض على رجال الشرطة وهم من واقع وطنيتهم واداء لمسئوليتهم في العودة لمواقع عملهم بكل الجمهورية لحماية المكاسب التي حققتها الثورة المجيدة ، ومن هذا المنطلق يجب ان يكون رجال الشرطة قادرين على تحمل مسئوليتهم خاصة في هذه المرحلة التي تتطلب حشد كل الجهود ولدعم الاستقرار والسلام والامان من اجل استعادة فرص الاستثمار والتنمية التي لن ينهض المجتمع بدونها وهو مرهون بتوفير الامن المتحقق في قوله تعالي: "فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وامنهم من خوف " . واوضح الشحات ان النص الكريم ربط بين الامان وتوفير ضروريات الحياة ، مما ينتظر معه كل افراد الشعب ان يعود بعض رجال الشرطة الذين لم يعادوا الي اماكنهم الي بذل المزيد من الجهود الذي يكون الضمان الوحيد لانطلاق ثورة الشعب نحو تحقيق اهدافها لتحقيق حياة كريمة للافراد . واختتم الشحات حديثه بقوله: ان الامتناع وتقاعس رجال الشرطة عن اداء عملهم يعد اخلالا بالتزام ديني ووطني لأن توفير الامان والسكينة والاطمئنان هو سمة المجتمع وبدونه لاتستقر الحياة وتتحقق التنمية ويأمن الانسان على نفسه وماله وعرضه وهذه كلها مقومات المجتمع المسلم. بدوره قال الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه بجامعة الأزهر والعميد السابق لكليتي الشريعة والقانون بالقاهرة: إن اداء رجال الشرطة لاعمالهم هو من قبيل الواجبات الشرعية لانه في حالة توقفهم عن اداء اعمالهم سيؤدي ذلك الي حدوث الفوضى في المجتمع وتسلق القوي على الضعيف وانتشار السرقات والجرائم فلا يستطيع المجتمع ان يعيش حياة مطمئنة لان الفوضى هي خطر على كل الناس وليس الضعفاء فقط ولكن الاقوياء ايضا لأن كل قوي هناك من هو اقوى منه . واكد ان امتناع رجال الشرطة عن عملهم هو اثم مدام الوطن يحتاج اليهم في ظل هذه الظروف مدام الوطن بحاجة اليهم ولكن اذا ما كانت البلاد في الظروف العادية فلهم ان يتركوا عملهم وقت ماشاءوا .وشدد على البلد الان بحاجة الي رجالها لوقف اعمال السلب والنهب التي انتشرت في المحتمع والتي ينطبق بصددها الاحكام العسكرية بين الوقت والاخر. وطالب استاذ الفقه رجال الشرطة بالعودة الي اماكنهم لعودة امان المجتمع واستقراره وتحقيق اهداف الثورة . واتفق معه الدكتور عبد المعطي بيومي عميد كلية أصول الدين سابقاً، عضو مجمع البحوث الإسلامية الذي اكد ان دور الشرطة لايتوقف فقط في الحفاظ على الانفس ولكن يمتد للحفاظ على المال والعرض والنسل والممتلكات فالحفاظ على هذه الاشياء هو من قبيل الحفاظ على مقاصد الشريعة التي اقرتها ودعت اليها . واوضح بيومي ان الانسان ينصرف الي عمله ليعمر الارض والحياة وقد اوكل مهمة الحفاظ على عرضه ونفسه ونسله و ماله الي الجهاز الذي كلفته السلطة التشريعية للحفاظ على هذه الاشياء وحمايتها . واشار بيومي الي ان الانسان لايستطيع ان يعيش في هذه الحياة بمفرده بحيث يؤدي عمله ويعمل على الحفاظ على امن حياته وولده وماله ، فعليه ان يستشعر بالامن حتى يتفرغ لاداء الدور الذي خصص له .ونبه بيومي على ضرورة الضرب بيد من حديد ومعاقبة كل من يقصر في عمله من افراد هذا الجهاز، فقد خصص لافراد هذا الجهاز المال والوقت من اجل اداء دور معين وثم يتخلون عن اداء هذا الدور او يؤديه بصورة عكسية . وأكد الشيخ على عبد المهدي وكيل وزارة الاوقاف على دور الشرطة المحوري والبالغ الاهمية في الحفاظ على الامن العام للدولة موضحا ان كلمة الامن العام تحمل في مجملها الحفاظ على المال والعرض والنسل والمال والعقل . ودعا وكيل وزارة الاوقاف افراد الشرطة بالقيام بعملهم على اكمل وجه من اجل نشر الامن في ربوع مصر حتى ننهض من هذه الكبوة ونوفر للجميع جوا من العمل يستطيع من خلاله اعادة البناء والتنمية ، داعيا افراد الشعب بالكف عن المظاهرات حتي نستطيع ان نساير عجلة التنمية . وبين عبد المهدي ان الامن والامان منظومة متكاملة لاتقتصر على احد دون الاخر وانما هي تتم بالتكاتف بين الافراد والشرطة مما ينعكس على الانتاج . ودعا افراد الشرطة الي التواجد الدائم في الشارع من اجل الحفاظ على الامن ، محذرا لهم من التراخي عن اداء اعمالهم التي اوجدوا من اجلها ، ودعا الشعب المصري الي ضرورة نسيان الماضي والاخطاء التي ارتكبت في حقهم ونتعامل معهم في ظل صفحة جديدة بيضاء معاملة انسان للانسان وليس انسانا لمؤسسات. .