المسابقات و«الأبلكيشن الوهمى» أحدث الحيل لخداع الخريجين تطوير الأساليب الرقابية ضرورة لعودة الأمان الوظيفى وترسيخ دولة القانون ضوابط صارمة لتشغيل الشباب بقانون العمل.. وعقوبات رادعة تصل لإغلاق المنشآت حيل جديدة وخدع وهمية للنصب على الشباب حديثى التخرج تحت مسمى التوظيف، صفحات وهمية تنشر السراب وتزينه بوظيفة مرموقة ومرتب مغرٍ، ويتسابق شباب الخريجين للحصول على وظيفة الأحلام، وفى النهاية يكتشفون أنهم يجرون وراء سراب. يتم خداع هؤلاء الشباب بعدة طرق: الأولى تبدأ بمسابقة وهمية وتحصيل رسوم «استمارة الأبليكيش» للاستيلاء على أموال الباحثين عن عمل، وهناك خدعة أخرى لاستدراج الشباب للنصب عليهم بزعم التوظيف وإلزامهم بالتوقيع على إيصالات أمانة تصل إلى 50 ألف جنيه، وحيلة ثالثة بتقديم عروض وهمية تكون أقرب للواقعية، عن طريق العمل من المنزل والحصول على آلاف الجنيهات شهريًا ولا يشترط الخبرة، وينتهى الحال بالشاب دون وظيفة وقد خسر أمواله.. فلم يعد أحد بمأمن من الخدع والحيل التى يدبرها محتالو الوظائف. وأمام هذه الظاهرة تزداد أهمية مشروع قانون العمل لعودة الأمان والاستقرار الوظيفى وردع المحتالين، حيث يلزم كل الشركات التى تعلن عن وظائف خالية، أن ترسل مسبقًا لمديرية القوى العاملة التابعة لها بأن لديها وظائف خالية ويتم الإعلان من خلال المديرية نفسها مما يسهم فى خلق مناخ عمل مستقر ويحقق المزيد من التقدم والإصلاح المؤسسى. خلال الفترة الماضية، ظهر عدد كبير من قضايا النصب والاحتيال والخدع المبتكرة على المتقدمين للوظائف بشركات التوظيف والحصول على مبالغ مالية تبدأ من 150 جنيها، بحجة توفير فرص عمل لهم بمهن مختلفة ومرتبات مجزية، فعندما يتم تحديد موعد المقابلة لملء استمارات العمل داخل معظم شركات التوظيف الخاصة، يكتشف الشباب أنهم سقطوا ضحايا لعمليات النصب تحت ستار التوظيف.. وزادت معدلات السرقات من خلال القضايا التى تضبطها وزارة الداخلية بمختلف مديريات الأمن مؤخرًا، حيث تم ضبط تشكيل عصابى تخصص فى النصب على شباب الخريجين وادعاء قدرتهم على توفير فرص عمل لهم مقابل 15 جنيها لكل استمارة بالشرقية. وفى أواخر العام الماضى تم ضبط اثنين من مسئولى إحدى شركات التوظيف بالطالبية، احترفا النصب والاحتيال على شباب الخريجين ممن يبحثون عن «فرصة عمل»، واتخذوا من شركتهم وكرًا لممارسة تلك الأعمال الإجرامية، كما عثرت الإدارة العامة لمباحث الأموال العامة على 247 عقد عمل وهمى بمقر الشركة منسوبة للعديد من الشركات، و35 خطاب ترشيح بأسماء أشخاص لشغل وظائف ومهن مختلفة و714 وثيقة تعارف مدونا بها بيانات لبعض الضحايا، وكمية كبيرة من المستندات الشخصية الخاصة بالضحايا، وبمواجهة المتهمين أقرا بمزاولة نشاطهما. كما تم القبض على نصابين محترفين يتعاونان معا فى الاحتيال على الباحثين عن عمل ووعدهم بتوظيفهم بقطاع أمن شركات وزارة الطيران المدنى مقابل مبلغ 25 ألف جنيه من كل شاب. الضحايا: شركات تبيع «الوهم» لنا «الوفد» التقت عددا من الشباب ضحايا هذه الشركات الوهمية، الذين أكدوا أنهم توجهوا لهذه الشركات على أمل الحصول على وظيفة، ولكنهم لم يحصوا على شيء سوى الوهم، وقال أدهم جمال «22 عامًا»، طالب بالفرقة الثالثة بكلية الحقوق جامعة حلوان إنه تعرض للنصب من خلال شركة توظيف للعمالة الحرة بحلوان، حيث قابل أحد المسئولين وعرض عليه وظيفة أمن ثابتة وتعهد بإعطائه راتباً قدره 4 آلاف جنيه وبعد التقدم منذ عام ودفع رسوم الأبلكيشن 150 جنيها، قال له: هنبعتلك على الواتس والايميل لتحديد موعد المقابلة، وأضاف أدهم: رغم أن الوظيفة بعيدة عن مجال دراستى وافقت عليها لتدبير نفقات التعليم، ولكن لم يهتم أحد بالرد على حتى الآن ولم أسترد قيمة الاستمارة أيضا. وأضاف أسامة أحمد، الحاصل على ليسانس حقوق: «إن إعلانات التوظيف المضللة من أخطر المشكلات التى تواجه الباحثين عن عمل، فقد تقدمت لإحدى شركات التوظيف فى عام 2019 ودفعت رسوم المقابلة 250 جنيها، أملًا فى الحصول على وظيفة مرموقة، ولكننى اكتشفت أنها عملية نصب لجمع المال من المتقدمين بطريقة خادعة وغير مشروعة، وأطالب بمراقبة تلك الشركات من قبل الجهات الرقابية وإغلاقها، وردع هؤلاء المحتالين، كما أنصح الجميع أن يكونوا على قدر كبير من الوعى بالوظائف الوهمية «علشان ماحدش يضحك علينا مرة تانية». ويحكى الشاب العشرينى «جمال» الشهير ب«جاك»، قصته مع عمليات النصب بإحدى شركات التوظيف، قائلا: تقدمت لوظيفة مندوب مبيعات، وطلب منى دفع ثمن الاستمارة للحصول على فرصة عمل ثابتة، وبعدها بشهر لم تصلنى أى رسالة، وأدركت وقتها أنى وقعت فى أيدى النصابين و«فخ» عروضهم الوهمية، لذا أطالب بالإسراع فى إصدار مشروع قانون العمل لمنع وردع هؤلاء المحتالين وإيقاف نشاط تلك الشركات. أما عبدالواحد كامل، خريج المعهد العالى للحاسبات ونظم المعلومات، فيطالب مؤسسات الدولة برفع مستوى الوعى لدى الشباب بخطورة تلك الشركات، وإيجاد صيغة واضحة لرصد وتتبع محتالى الوظائف لمكافحة عمليات النصب الناتجة عنها. ويضيف الرجل السبعينى إيهاب مهنا، أب ل«3 شباب» أن شركات التوظيف تبيع الوهم للشباب بادعائها توفير وظائف مميزة بمرتبات مغرية وهو على عكس الحقيقة، فهذه المكاتب غير مرخصة هدفها الوحيد هو جمع الأموال بكل الحيل غير المشروعة من جيوب الشباب حديثى التخرج، ممن يقعون ضحايا لعمليات الاستغلال والاحتيال المتنوعة. الأمل فى قانون العمل يرى طارق نجيدة المحامى بالنقض والدستورية العليا ضرورة الإسراع بتعديل قانون العمل، الذى ينظم ضوابط عمل شركات التوظيف والرقابة والتفتيش عليها والشروط الواجب توافرها فى الإعلانات التى تنشر عن فرص العمل، ومنع تقاضى الشركة أى مبالغ من المتقدم نظير تشغيله دون وجه حق وبالمخالفة لأحكام القانون، لأن التقدم للعمل لا يكون بمقابل مالى. مضيفًا أنه يجوز إيقاف نشاط الشركة بشكل مؤقت لحين الفصل فى مدى ثبوت تلك الحالات، أو زوال المخالفات، لأنه ليس من المعقول أن كل من يعلن عن توفير فرص عمل للشباب أو يتقاضى قيمة استمارة التقديم يكون قد ارتكب جريمة. وشدد المحامى بالنقض والدستورية العليا على ضرورة تعديل النص العقابى وتغليظ العقوبة وشمولها لكل الشركات المخالفة للقانون فيما يخص علاقات العمل، كما أنه فى حالة عدم اجتياز المتقدم للاختبارات –إن وجدت– فيجب استرجاع رسوم التقدم للوظيفة، مما يسهم فى خلق مناخ عمل مستقر، وأمان وظيفى. لافتًا إلى أن المادة «12» من مشروع القانون تلزم كل الشركات التى تعلن عن وظائف خالية بها، أن ترسل مسبقًا لمديرية القوى العاملة التابعة إليها، بأن لديها وظائف خالية ويتم الإعلان من خلال المديرية، وهو ما يساعد على التعرف على مدى جدية الشركة المعلنة من عدمه. خبراء: محتالو الوظائف خطر من جانبه، قال الدكتور سمير عبدالفتاح، أستاذ علم الاجتماع السياسى ووكيل معهد إعداد القادة سابقًا بجامعة عين شمس، إنه من المؤسف وقوع العديد من حالات النصب المتنوعة خلال الآونة الأخيرة من قبل محتالى الوظائف، ممن يقدمون عروضًا وظيفية عبر الصفحات والحسابات الوهمية لشركات التوظيف، ويشرط أن يسدد الضحايا مقدمًا قيمة رسوم استمارات التقديم أو شيكات الائتمان أو أتعاب التوظيف، ويقومون باصطياد ضحاياهم من الشباب حديثى التخرج وسرقة أموالهم دون توفير عمل لهم، وهو ما يؤثر بالسلب على المجتمع وأفراده. مطالبًا بضرورة بث برامج توعوية توضح عدد الوظائف التى يتم توفيرها فى كل من القطاع العام أو الخاص، وأن يتم الإعلان عنها بشكل موثق ومعتمد من خلال وزارة القوى العاملة والهيئات مباشرة، مع الابتعاد عن إعلانات التوظيف المضللة على الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعى، وعلى شباب الخريجين تقديم بلاغات فورية ضد المكاتب الوهمية غير المرخصة لينالوا عقابهم القانونى، بالإضافة إلى إحالة الموظفين المخالفين والتجاوزات المتعلقة بالفساد المالى فى هذا الشأن إلى الجهات الرقابية المختصة لاتخاذ اللازم بشأنها. ووافقه الرأى الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية مشيرا إلى أن المتقدم لأى وظيفة غير ملزم بدفع أى رسوم لأى طرف، وإذا اشترط ذلك فيجب التعهد بإعادتها إذا لم يتم قبوله للوظيفة، سواء كانت الشركة تابعة للقطاع العام أو الخاص، لأنها تندرج تحت مسمى النصب، لأنها بذلك تستولى على أموال المتقدمين للوظائف بأساليب احتيالية مختلفة، وتصيبهم بالإحباط وفقدان الأمل فى المستقبل. وأوضح «أستاذ علم الإجتماع» أهمية تفعيل دور وزارة القوى العاملة فيما يختص بمتابعة إعلانات الوظائف ومراقبة سجلات شركات التوظيف الرسمية، والتأكد من رد الأموال التى حصلوا عليها من المتقدمين، مما يخلق استقرارا فى علاقات العمل، كما يجب على شباب الخريجين التقدم بشكاوى رسمية ضد مسئولى تلك الشركات عند التعرض لعمليات نصب لينالوا عقابهم القانونى. مضيفًا أنه فى حالة تكرار تلك الأفعال الإجرامية من عمليات التوظيف الوهمية فيجب إغلاق الشركة وملاحقة أصحابها، إلى جانب أهمية التركيز على الجانب التوعوى لتقديم النصح والإرشاد للشباب حتى لا يقعوا ضحايا لعمليات النصب المتنوعة.