وقفت سيدة محترمة في الأربعينات من العمر أمام المحكمة مرتدية ثياباً علي مستوي اجتماعي عال، وفي كلمات محدودة مركزة تدل علي مستوي ثقافي مميز دار هذا الحوار: القاضي: ما طلباتك؟ الزوجة: أطالب بالخلع. القاضي: هل اكتشفت مثلاً أنه تزوج دون علمك؟ الزوجة: لا.. فهو رجل محترم يحافظ علي بيته وأولاده. القاضي: قد يكون مثل البعض المرضي بالبخل رغم كونهم في مراكز مرموقة؟ الزوجة: بالعكس.. فهو كريم جداً معي ومع أولادي بل أكاد أقول إنني وزيرة مالية المنزل ويسلمني كل شهر المرتب مع الحوافز. القاضي.. وقد احتد: إذن لماذا تطلبين الخلع؟ الزوجة: لأنني أعاني معاناة شديدة من شيء يجعلني أحياناً غير مستقرة نتيجة قلة النوم بسبب يكون غريباً وجديداً، ولكنه مؤذ جداً لي ومؤثر علي عملي في اليوم التالي، حيث إنني أعمل مدير فرع بنك وأحتاج للتركيز في العمل وكيف يكون هذا وأنا طوال الليل أسمع أصواتاً مزعجة، فزوجي يا سيادة القاضي يعاني من مرض «الشخير» أثناء النوم. وفي الواقع أن هذه السيدة المتزوجة لا تعلم أن عدد الحالات التي تطلب الخلع في المحاكم تزداد بسبب مرض «الشخير» وهي ليست الحالة الأولي أو الغريبة التي تعرض أمام القاضي ولكنه سبب غير معلن أمام الكافة في المجالس أو حتي الخاصة. يقول الدكتور ماجد رياض وصفي، استشاري جراحة الأنف والأذن والحنجرة بالمستشفي القبطي وزميل كلية الجراحين الدولية: إن الشخير هو صوت عال للتنفس يحدث نتيجة التنفس عن طريق الفم وبمرور هواء من الفم يؤدي إلي اهتزاز سقف الحلق محدثاً الشخير، الذي في كثير من الأحيان يكون شخيراً فسيولوجياً - أي غير مرضي - نتيجة السمنة المفرطة وقصر الرقبة أو وجود تشوه في الفقرات العنقية أو نقص الكالسيوم، وقد يكون في أيام محددة وليس كل الأيام نتيجة الإرهاق الشديد ما يؤدي إلي ارتخاء العضلات المرافقة للفك السفلي فيتدلي ويتنفس المريض من الفم فيهتز سقف الحلق ومن ثم يحدث صوت الشخير، ولكن هناك الشخير المرضي الذي يحدث نتيجة وجود انسداد بالأنف لأي سبب من الأسباب ومنها وجود لحمية خلف الأنف «وتزداد نسبتها في الأطفال» أو الالتهابات المزمنة للجيوب الأنفية واعوجاج الحاجز الأنفي، بل وحساسية الأنف التي تكثر في هذه الأوقات من السنة، مع تكوين لحمية الأنف سواء نتيجة السحابة أو الالتهابات في الجيوب الأنفية. ويؤكد الدكتور ماجد رياض، أن تشخيص الشخير وعلاجه قد حدث به تقدم كبير في الآونة الأخيرة من معامل النوم أو ملاحظة التنفس أثناء النوم، وقد تحتاج في بعض الحالات لدخول المريض للملاحظة أثناء النوم بالأجهزة التي لا تتوفر في المنزل، ولكن الاتجاه الرئيسي للعلاج هو معرفة السبب الأساسي وعلاجه، الذي يؤدي إلي التنفس عن طريق الأنف بسهولة، فلا يضطر المريض إلي فتح فمه ودخول وخروج الهواء منه، وقد تجري عملية استئصال كلي أو جزئي للهاة «وأشعة الليزر لها دور رائد في هذه الأيام»، ولعلاج الجزء الخلفي من سقف الحلق الرخوي في حالة تورم أو استئصاله اللهاة، وعمليات تصليح اعوجاج الحاجز الأنفي واستئصال اللحمية خلف أو داخل الأنف لها دور كبير في علاج الشخير في كل حالاته. وفي النهاية نقول إن العلم والطب الحديث لا يعالج المرضي ويخفف آلامهم الصحية فقط بل يعالج الكثير من المشاكل الاجتماعية والأسرية التي تهدد كيان الأسرة والمجتمع، ويقلل اتجاه السيدات للمحاكم للخلاص من الكابوس المسمي ب «الشخير».