كنت محقة فى مخاوفى مع غيرى من التقارب المصرى الإيرانى وتشاؤمى من زيارتى مرسى لايران وأحمدى نجاد لمصر، وحذرت فيما حذرت من هذا التقارب من محاولة الإخوان استلهام فكرة الحرس الثورى الايرانى لتأمين كراسيهم فى الحكم وحماية نظامهم الفاشل بقوة النار والحرس الحديدى وتجهيز الميليشيات المسلحة للقيام بهذا الدور، لم أكن من المبالغة فى شىء، ولم أكن بلغة الشباب «أفتكس» من خيالى قصة، فها هو السيناريو يتحقق، وشبكة العنكبوت الإخوانية تلف آخر خيوطها على الشعب لتمتلكه عن بكرة أبيه، وتمتص طاقته وحريته ودماءه حتى آخر قطرة، فبعد التمكين السياسى، ومحاولات التمكين القضائى ومناورات التمكين العسكرى، تسعى للتمكين الأمنى بتكوين الميليشيات المسلحة، تحت مسمى الشرطة المدنية، اللجان الشعبية، للتصدى للمعارضين الذين تصنفهم ك «مخربين ومشاغبين». وتفاصيل السيناريو تم كالآتى يا سادة، دفع عناصر من بين الأمن موالية للإخوان لضرب المتظاهرين والمعتصمين فى أرجاء مصر بقوة وعنف غير مبرر، فيرد عليهم المتظاهرون، ويقع ضحايا وشهداء، يزداد الاحتقان الشعبى ضد الأمن، يظهر هذا الفريق الأمنى بعد استقطاب آخرين رفضهم المزيد من المواجهات ويعلنون العصيان والإضراب عن العمل، وتعلو أصوات الجنود البسطاء «على غير المعتاد» للمطالبة بإقالة وزير الداخلية، تحت زعم أنه يدفع بهم فى المواجهة، وأنهم يدفعون ثمن خلافات سياسية، فتسارع جماعة الإخوان والفصائل الأخرى المتحالفة معها سرا وجهرا بتقديم البديل «المعد سلفا» وهو لجان شعبية، أو بمعنى أدق قوة شرطة إسلامية موازية للشرطة النظامية، لها حق الضبط والتوقيف والتسليم للشرطة وتقديم أدلة الإدانة أو تلفيقها إن لزم الأمر لتصفية كل من يعارض نظام الإخوان. ولحبك هذا السيناريو المعد سلفا والمنفذ آنفا حتى يبتلعه الشعب المسكين، لم يكن صدفة ظهور ميليشيات الإخوان أمام الاتحادية فى عملية الفض الدامى للاعتصام فى مطلع ديسمبر الماضى، ولم يكن صدفة مطالبة فصائل اسلامية بوجود جماعات الأمر بالمعروف، ولم يكن صدفة أن يعلن السلفيون جاهزيتهم لإطلاق لجان شعبية لضبط الأمن، ولم يكن صدفة ان يتقدم حزب الحرية والعدالة بمشروع قانون لمجلس الشورى للتوسع فى شركات الحراسة الخاصة، مع إعطاء هذه الشركات حق الضبطية القضائية واستخدام السلاح، تحت زعم سد الفراغ الأمنى، والتصدى للفوضى، ولم يكن صدفة أن يعقب كل هذا إعلان النائب العام «المثير للجدل» بإعطاء المواطن العادي حق الضبطية القضائية لمواطن آخر في حالة التلبس، صحيح إن حق الضبطية ممنوح للمواطنين ومأموري الضبطية القضائية بموجب المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية الصادر عام 1952، لكن الكشف عن هذه المادة القانونية الآن وفى هذا التوقيت المريب، والدعوة لتفعيلها بقوة مع الاختفاء المتعمد للشرطة، يؤكد سيناريو الإخوان، لإيجاد شرطة إسلامية موازية للشرطة النظامية لحماية نظام الإخوان، وهو السيناريو الذى توج بقول وزير الداخلية تهكما أو صدقا «اعتبرونا انكسرنا فماذا ستفعلون». والدعوة لتشكيل شرطة إسلامية تحت أى مسمى، هو نسخة من الحرس الثورى الايرانى الذى تشكل عقب قيام الثورة الإسلامية عام 1979، وهو الحرس الذى أمر الخميني بتشكيله من قوات تطوعية لتثبيت مكانة المرشد الأعلى وسدنته، وأصبح الحرس أقوى من الجيش النظامى، وأقوى من الشرطة، فهو رأس الحربة لقمع مظاهرات المعارضين للنظام الإيرانى، وأداة القتل والتعذيب والاعتقال، تقوم عناصره بإجبار المواطنين على الالتزام بالزي الإسلامي في الشوارع، وتقيم نقاط تفتيش خاصة يومي الخميس والجمعة لمنع مظاهر اللهو والمرح، ويقوم الآن بحراسة المؤسسات السرية، ويتحكم فى القوة العسكرية ونظم الصواريخ والبرنامج النووي ، يتميز عناصره بالعنف والقوة القتالية العالية، بلغ عددهم الآن 11 مليونا، لرغبة البسطاء في الانضمام اليهم للتمتع بالمزايا التى يتمتعون بها كدخول الجامعات بسهولة والحصول الخدمات الصحية والوظائف برواتب عالية، وأصبحت استغلالهم للنفوذ جزءا من فسادهم بجانب تجاوزاتهم المالية، والتى باتت من أبرز المشكلات المتنامية فى ايران الآن. الحرس الثورى الايرانى عاث فى البلاد فسادا باستغلال نفوذه وبممارسات القهر والقمع، وبلغت كراهية ورفض الشعب له المنتهى، وانتقال منظومة الحرس الثورى لمصر متمثلا فى ميليشيا إسلامية سيكون مصيبة، فمصر ليست ايران، فلم تقم لدينا ثورة اسلامية، بل ثورة شعبية مدنية اختطفها الإخوان، وهذا الحرس الذى يستعد للانطلاق فى شوارع مصر لا يمكن ان يكون حرساً للثورة، بل حرس «لا ثورى»، لأنه سيكرس لمواجهة الثوار والمعارضين، وسيكون هدفه القضاء عليهم وتلفيق التهم والأدلة ضدهم، إن أى تجييش لأى فصيل من الشعب مرفوض.. مرفوض، وصناعة ميليشيات إسلامية أو غير إسلامية مرفوض، ما يفعله الاخوان وحلفاؤهم الآن دعوة للاقتتال الشعبى، لحرب أهلية، وعلينا التمسك بالمادة 197 المتعلقة بالأمن القومى، والمادة 199، والتى بموجبها لا يملك أي حزب ولا البرلمان، تشكيل قوات خاصة ولا ميليشيات، وإعطاءها ضبطية قضائية اللهم بلغت مع غيرى، اللهم فاشهد. هامش: مبروك إعادة فتح سفارة مصر فى الصومال، الصومال أصبح الآن أكثر أمنا من مصر..!