«سلامتك في سرية بياناتك».. إطلاق حملة «شفرة» لتوعية المجتمع بخطورة الجرائم الإلكترونية    اسعار اللحوم اليوم الخمبس 16-5-2024 في الدقهلية    الحكومة الإيطالية تبيع كمية من أسهم شركة إيني بقيمة 1.5 مليار دولار    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    رئيس وزراء اليابان يدين محاولة اغتيال نظيره السلوفاكي    اليوم.. الرئيس السيسي يشارك في القمة العربية بالبحرين ويلتقي عددا من القادة العرب    عاجل.. قصف مدفعي وغارات جوية في محيط معبر رفح    بوتين: العلاقة بين الصين وروسيا عامل استقرار في العالم    نجم المنتخب: أتمنى تتويج الأهلي والزمالك ببطولتي دوري الأبطال والكونفدرالية    الأهلي يُبلغ مروان عطية بقرار عاجل قبل مباراة الترجي التونسي بدوري الأبطال    حالة الطقس اليوم الخميس 16-5-2024 في محافظة قنا    طلاب الصف الثاني الثانوي بالدقهلية يؤدوا امتحان الرياضيات البحتة    طلاب الصف الثاني الثانوي في القاهرة يؤدون امتحان "الجبر والتفاضل"    طلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة يؤدون امتحان اللغة العربية داخل 1223 لجنة    بعد عرض الحلقة 7 و8.. مسلسل "البيت بيتي 2" يتصدر تريند "جوجل"    توقعات الأبراج وحظك اليوم 16 مايو 2024: تحذيرات ل«الأسد» ومكاسب مالية ل«الحمل»    حلم ليلة صيف.. بكرة هاييجي أحلى مهما كانت وحلة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 16-5-2024    تخفيض 25% من مقابل التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري.. تفاصيل    إبراهيم عيسى: "في أي لحظة انفلات أو تسامح حكومي البلاعات السلفية هتطلع تاني"    تشكيل برشلونة المتوقع أمام ألميريا في الدوري الإسباني    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الخميس 16-5-2024 بالمصنعية    شقيقة ضحية «أوبر» تكشف القصة الكاملة ل حادث الاعتداء وترد على محامي المتهم (فيديو)    ترامب عن بايدن بعد تعليق المساعدات العسكرية لإسرائيل: متخلف عقليا    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    تراجع الوفيات بسبب جرعات المخدرات الزائدة لأول مرة في الولايات المتحدة منذ الجائحة    "في الخلاط" حضري أحلى جاتو    طريقة طهي الكبدة بطريقة صحيحة: الفن في التحضير    رضا عبد العال: «حسام حسن كان عاوز يفوز بكأس عاصمة مصر عشان يستبعد محمد صلاح»    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟ أمين الفتوى بجيب    الانخفاض يسيطر.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 16 مايو بالمصانع والأسواق    قدم الآن.. خطوات التقديم في مسابقة وزارة التربية والتعليم لتعيين 18 ألف معلم (رابط مباشر)    فوائد تعلم القراءة السريعة    وزير النقل يكشف موعد افتتاح محطة قطارات الصعيد الجديدة- فيديو    بوتين يصل إلى الصين في "زيارة دولة" تمتد ليومين    الرئيس السيسى يصل البحرين ويلتقى الملك حمد بن عيسى ويعقد لقاءات غدًا    تين هاج: لا نفكر في نهائي كأس الاتحاد ضد مانشستر سيتي    4 سيارات لإخماد النيران.. حريق هائل يلتهم عدة محال داخل عقار في الدقهلية    ماذا قال نجل الوزير السابق هشام عرفات في نعي والده؟    بعد 40 يوما من دفنها، شقيقان وراء مقتل والدتهما بالدقهلية، والسر الزواج العرفي    رئيس الترجي يستقبل بعثة الأهلي في مطار قرطاج    طلعت فهمي: حكام العرب يحاولون تكرار نكبة فلسطين و"الطوفان" حطم أحلامهم    طريقة عمل الدجاج المشوي بالفرن "زي المطاعم"    منها البتر والفشل الكلوي، 4 مضاعفات خطرة بسبب إهمال علاج مرض السكر    كم متبقي على عيد الأضحى 2024؟    أسما إبراهيم تعلن حصولها على الإقامة الذهبية من دولة الإمارات    الدوري الفرنسي.. فوز صعب لباريس سان جيرمان.. وسقوط مارسيليا    «فوزي» يناشد أطباء الإسكندرية: عند الاستدعاء للنيابة يجب أن تكون بحضور محامي النقابة    «الخامس عشر».. يوفنتوس يحرز لقب كأس إيطاليا على حساب أتالانتا (فيديو)    قصور الثقافة تطلق عددا من الأنشطة الصيفية لأطفال الغربية    ماجدة خير الله : منى زكي وضعت نفسها في تحدي لتقديم شخصية أم كلثوم ومش هتنجح (فيديو)    وزير النقل يشرح تفاصيل تعويض الأهالي بعد نزع ملكيتهم في مسار القطار الكهربائي    رئيس تعليم الكبار يشارك لقاء "كونفينتيا 7 إطار مراكش" بجامعة المنصورة    هولندا تختار الأقصر لفعاليات احتفالات عيد ملكها    كامل الوزير يعلن موعد تشغيل القطار الكهربائي السريع    وزير التعليم العالي ينعى الدكتور هشام عرفات    حسن شاكوش يقترب من المليون بمهرجان "عن جيلو"    سعر الزيت والسكر والسلع الأساسية بالأسواق اليوم الخميس 16 مايو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توصيلة المدرسة.. عذاب فى الذهاب والإياب
معاناة يومية ل 23 مليون طالب
نشر في الوفد يوم 17 - 11 - 2021

«توصيلة المدرسة».. أزمة تتجدد كل عام، وتصدر قلقا رهيبا لعشرات الملايين من أولياء الأمور والطلبة.. الأزمة لها شكل فى المدارس الحكومية، وشكل آخر فى المدارس الخاصة.. ففى المدارس الحكومية ليس أمام التلاميذ والطلاب إلا السير على الأقدام أو «الشعبطة» فى الأتوبيسات أو «الحشر» فى ميكروباصات متهالكة، أو الذهاب للمدرسة ب«التوكتوك» أو الدراجة البخارية ولكل منها مخاطر عديدة.
فى المدارس الخاصة القلق مختلف، يتعلق برفع أسعار اشتراك «الباص» المدرسى عاما بعد آخر دون رابط ولا حسيب.
بعض أولياء الأمور حلوا الأزمة بشكل خاص، بالاتفاق مع أحد قائدى السيارات الملاكى أو الميكروباص أو الاتوبيسات الخاصة، على توصيل أبنائهم لمدارسهم وجامعاتهم مقابل مبلغ شهرى طوال فترة الدراسة.
ورغم أن الفكرة موفرة مادياً، ومريحة إلى حد ما للطلاب، إلا أنها تخلف العديد من المخاوف أبرزها غياب المعايير الواجب توافرها فى أتوبيسات نقل الطلاب والتلاميذ خاصة الأطفال، بالإضافة إلى عدم معرفة مستوى السائق فنياً وأخلاقياً، فضلا عن عدم وجود وسيلة لمحاسبته اذا اخطأ او تعرض احد الطلاب للخطر بسببه.
من جهتها حاولت الحكومة تخفيف حدة الأزمة، بتخفيض اشتراكات مترو الأنفاق وأوتوبيسات النقل العام للطلبة، ولكن هذا الحل قاصر على الطلاب الذين يعتمدون على وسائل النقل العامة فى الذهاب إلى مدارسهم، وهم عدد قليل من اجمالى عدد الطلاب الذى يتجاوز 23 مليون طالب.
الملف التالى يرصد أبعاد أزمة «توصيلة المدرسة» ويطرح - من خلال الخبراء - حلولا عملية للقضاء عليها.
وسائل نقل متهالكة.. وسائقون «أرباب سوابق»
لم يكن لأولياء الأمور أن يلتزموا الصمت أمام أزمة «توصيلة المدرسة»، وكان الحل الأشهر الذى لجأ إليه عدد غير قليل من أولياء الأمور، هو الاتفاق مع سائق سيارة ملاكى، أو أتوبيس خاص على توصيل أبنائهم مقابل مبلغ شهرى خلال فترة الدراسة، ورغم ان الفكرة موفرة مادياً، إلا انها تنطوى على العديد من المخاوف أبرزها عدم ضمان توافر معايير الأمان فى السيارات التى تنقل ابنائهم للمدارس، وعدم معرفة المستوى الأخلاقى والمهنى لسائقيها، فضلا عن غياب وسائل محاسبته اذا اخطأ او عرض احد الطلاب للخطر.
تقول هناء عبدالحميد، ربة منزل: لدى طفلة فى الصف الأول الإعدادى، ونعانى فى منطقة فيصل من تهالك وسائل نقل الطلبة لمدارسهم فأغلب الميكروباصات يقودها صبية أو أرباب سوابق ومسجلين الخطر، ونخاف على أولادنا من الركوب معهم ولذلك ألجأ للاشتراك فى أتوبيس مجمع لأهالى المنطقة، ولكنه رحلة عذاب للطلبة لأنه يقوم بتحميل أكثر من 150 طالبًا رغم أن حمولته 50 طالبًا فقط ولكن هذا هو المتاح وما باليد حيلة.
وأضافت: «أدفع لابنى 500 جنيه شهريا اشتراك فى الأتوبيس المجمع، وكل يوم أضع يدى على قلبى منذ خروجه من المنزل حتى يعود إليه سالما».
وأكد عدد كبير من أولياء الأمور أن سائقى الميكروباص يستغلون موسم المدارس لرفع أجرة التوصيل، ولا يجد أولياء الأمور أمامهم سوى الموافقة.
وفى المقابل أكد على مصطفى صاحب مكتب لتوصيل طلبة المدارس بمنطقة الوراق، أن الأهالى يبحثون دائماً عن وسيلة آمنة لتوصيل أبنائهم إلى مدارسهم خاصة البعيدة عن منطقة مجمع المدارس، وليس كل الطلبة فى المدارس الحكومية، فهناك أكثر من دورة للمدارس الخاصة نظراً لارتفاع سعر «باص» المدارس الخاصة، الذى لا يقل عن 4 آلاف جنيه سنوي وهذا ما يدفعهم للجوء إلى مكاتب التوصيل أو المشاركة بينهم فى توصيل الطلبة، وأسلوب المحاسبة يتم كل فصل دراسى وأحصل فى كل فصل دراسى على 1200 جنيه من كل طالب والترم يستمر حوالى 4 أشهر وتشمل فترة الامتحانات.
سائقو الميكروباص من جانبهم يستبعدون استغلال توصيلة المدرسة لرفع الأجرة.. ويقول يوسف على - سائق - «لدى سيارة «سوزوكى» 7 راكب استخدمها فى توصيل الطلاب لمدارسهم ودورة المدارس تستغرق ساعتين فى الذهاب ومثلها فى الرجوع وأقوم بتوصيل طلبة المدارس الابتدائية من منطقة فيصل إلى مجمع مدارس منطقة الجيزة، وأحصل من كل طالب على 550 جنيهاً شهرياً وهذا أوفر لأولياء الأمور فالميكروباص سيكلفهم 700 جنيه شهرياً، بخلاف أنه غير آمن ولكن السيارة الخاصة آمنة.
وأضاف: «لا يمكننا تحميل السيارة بطلاب أكثر من سعتها الطبيعية، وأقصى ما يمكن أن نفعله فى حالة زيادة عدد الطلبة هو أن يتم جلوسهم بجانب بعضهم، هذا لن يؤثر عليهم، لأن «المشوار» لا يتخطى عشر دقائق».
«التوك توك».. الناقل الحصرى لطلاب القرى والعشوائيات
فى القرى والمناطق الشعبية، يعتبر «التوك توك» هو البطل الرسمى، والناقل الحصرى للطلبة، يليه الدراجات العادية والبخارية «الموتوسيكل».
وخلال جولة ل«الوفد» فى منطقة امبابة وضواحى الجيزة، كان المشهد الأكثر تكرارا هو قيادة أطفال صغار السن ل«تكاتك» نقل الأطفال إلى مدارسهم رغم أن القانون يمنع قيادة الاطفال جميع المركبات!
وكان المشهد الأكثر رعبا هو ركوب أكثر من 12 طفلا فى توك توك واحد، تتدلى أطرافهم خارجه، بشكل كارثى، يهدد بقطع تلك الأطراف إذا ما مر بجوار التوتوك سيارة مسرعة.
يحكى أحمد حليم 43 عاماً من سكان امبابة، حكايته وابنه مع توتوك المدرسة قائلا: «فى أول يوم دراسى انقلب توك توك فى شارع إمبابة الرئيسى بالاطفال،، وأصيب جميع الاطفال بجروح شديدة وكسور فى مناطق متفرقة من الجسم».
ويضيف: بعد هذه الواقعة منعت ابنى تماما من ركوب التوك توك، وقطعت من قوت اولادى مبلغًا اكبر لكى ادبر له تكاليف الذهاب للمدرسة بالميكروباص».
واقعة أخرى رواها حسن ابراهيم 35 عاماً من سكان امبابة، فقال: «ابنى فى المرحلة الابتدائية وكان مشتركًا هو وزملاؤه
مع سائقي توك توك لتوصيلهم للمدرسة وأثناء رجوعه فى أحد الأيام، تسابق سائق التوتوك مع سائق سيارة ميكروباص، فسقط الأطفال من التوك توك، وأصيبوا باصابات عديدة، وكاد بعضهم يموت دهسا تحت عجلات السيارات المسرعة فى الشارع، وانتهى الأمر بأن اتفق صاحب التوك توك مع اهالى الطلبة المصابين على عدم تحرير محضر فى قسم الشرطة حرصاً على لقمة عيش السائق!
وأضاف: «أناشد أهالى الطلاب عدم استخدام «التكاتك» كوسيلة مواصلات للاطفال بسبب الحوادث الخطيرة والاهمال الذى يحدث من السائقين مما يعرض الاطفال للخطر، أثناء ذهابهم وعودتهم من المدارس.
فاطمة حسان ربة منزل 45 عامًا – تروى حكايتها من التوتوك وتوصيلة المدرسة فتقول: «لدى 3 أطفال فى المرحلة الابتدائية والاعدادية والمدرسة بعيدة عن منزلنا ولا يوجد غير التوك توك لنقل الطلبة، والبديل سيارات ميكروباص متهالكة، تمثل خطورة كبيرة على ركابها، ولكننا مضطرون للتنقل بها، وسداد 5 جنيهات فى كل توصيلة للمدرسة».
وقال محمد ناصر 39 عاماً عامل، إنه يخشى على ابنه التلميذ بالصف الثالث الإبتدائى من ركوب الميكروباص المتهالك بمنطقة الوراق، مما اضطره لتوصيله بنفسه بالدراجة البخارية «الموتوسيكل» لأن مجمع المدارس بعيد عن محل إقامته ولا توجد مواصلات آمنة لنقل الطلبة».
وتقول امنية محمود 36 عاماً من سكان كفر طهرمس، أم لطفلين فى المرحلة الابتدائية، إنها أثناء دفعها المصروفات المدرسية لطفليها، فوجئت بارتفاع مصاريف الاشتراك الخاصة بالأتوبيس المدرسى للعام الجديد لتصل إلى 700 جنيه عن قيمتها العام الماضى».
وتضيف: «بعد أن علمت بزيادة قيمة اشتراك اتوبيس المدرسة وقعت فى حيرة شديدة، فمن ناحية لا يمكننى الاستغناء عن الاشتراك خوفاً على أبنائى من الحوادث التى تقع أثناء عبور الاطفال الطريق، ومن ناحية أخرى وجدت نفسى مضطرة للبحث عن 1400 جنيه لسداد الزيادة فى اشترك الاتوبيس، لان البديل هو أن يذهب أبناى ب«توك توك» وهو ما يعرضهما لمخاطر لا حدود لها، خاصة فى ظل رعونة سائقى «التكاتك».
وتابعت: كنت أحتاج وسيلة مواصلات واحدة لتوصيل ابنائى إلى المدرسة ووجدت أجرة السيارة الميكروباص 5 جنيهات وهو ما يعنى أن أدفع 20 جنيهًا فى اليوم، مواصلات مدرسية، وأمام هذا الحال قررت استبدال أتوبيس المدرسة بميكروصات خاصة لتوصيل الاطفال إلى المدارس مقابل 300 جنيه شهريا، مع أن الميكروباص بدون لوحات معدنية ومتهالك ولا يصلح للركوب»!
اشتراك «الباصات».. وجع لأولياء الأمور!
فى المدارس الخاصة، توصيلة المدرسة أزمة لها شكل خاص، وأولياء الأمور يشكون من ارتفاع اشترك «الباص»، رغم اعلان وزارة التعليم مؤخرًا أنها لم توافق على زيادة اشتراكات الباص المدرسى هذا العام.
«جيهان أحمد» أحد أولياء الأمور- تقول إنها مجبرة على نقل ابنتها فى أوتوبيس المدرسة، لأنها تكون فى عملها هى وزوجها، لافتة إلى أن المدرسة تستغل حاجة أولياء الأمور لأتوبيسات المدرسة وترفع الأسعار بشكل كبير، حتى أصبحت أتوبيسات المدارس «بيزنس» لأصحاب المدارس.
نرمين عثمان، موظفة، وأم لثلاثة أبناء بالمدارس الخاصة تقول: «زيادة مصروفات المدارس بالتزامن مع زيادة اشتراكات الأتوبيسات هو قرار خاطئ وجاء فى وقت غير مناسب بالمرة، وتتساءل: «هانجيب منين»؟
وأضافت «بحثت كثيرًا عن مدارس خاصة عربى بأسعار معقولة حتى وجدت إحدى المدارس تبعد عن مسكنى بمسافة طويلة، ومصروفاتها بسيطة، إلا أننى فوجئت بارتفاع أسعار اشتراكات الباصات فقمت بالبحث عن وسيلة لنقل أولادى للمدرسة، تكون فى متناول يدى، وبالفعل اتفقت مع بعض أولياء الأمور على تأجير سيارة ميكروباص ودفع مبلغ لصاحبها شهريًا مقابل توصيل الأطفال للمدارس، وبعد أن كنت أسدد 200 جنيه لكل طفل وصل الاشتراك هذا العام لنحو 300 جنيه على الأقل، وما يحدث يعد استغلالًا من قبل أصحاب الميكروباصات للتربح من وراء أولياء الأمور.
وتشاركها الرأى نهى سيد - ربة منزل قائلة: «يسود اعتقاد خاطئ بأن الأغنياء هم من يلجأون لإلحاق أبنائهم فى المدارس الخاصة، لكن ما يحدث أننا نلجأ إليها حتى يتلقى أبناؤنا تعليمًا أفضل، لذا نفاجأ مع بداية كل عام دراسى برفع أسعار المصروفات واشتراكات «الباص» وتلك الزيادة فى أسعار الباصات تعد الثانية فى اقل من عام، فقد سبق أن تم رفع أسعارها العام الماضى بعد زيادة أسعار البنزين، فإلى متى سنظل تحت رحمة أصحاب المدارس الخاصة».
وأضافت: «كنت أدفع 2200 جنيه لكل طفل لاشتراك الأتوبيس طوال العام، أما الآن وبعد زيادة الاشتراك وصل اشتراك الطفل لما يقرب من 2900 جنيه على الأقل، وهذا يعد ظلمًا لأولياء الأمور، فقد أصبحنا ندخر الأموال طوال العام لإنفاقها على مصاريف المدرسة».
من جانبه، أكد بدوى علام رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، أن المدارس الخاصة تؤدى عملية تعليمية ولا يجب حصر دورها فى الزى المدرسى وأتوبيس الطلاب فقط، وللأسف هناك بعض المدارس التى تخالف سياسات وزارة
التربية والتعليم، وتقوم بزيادة مصروفات الباص المدرسى دون صدور نشرة من الوزارة بذلك وهو أمر مخالف من الناحية الإدارية.
وأضاف «علام» أنه لا يحق لأى مدرسة زيادة مصروفات «الباص» بشكل عشوائى، فالزيادة تكون محددة القيمة فى نشرة من وزارة التربية والتعليم، بناء على التكاليف أو أسعار الإيجار من الشركات السياحية، ويحق لأولياء الامور الاطلاع عليها، ولا تتخطى نسبة الزيادة أكثر من 10% لمصاريف الباص المدرسى عن العام الماضى ولا يتم إقرارها على ولى الأمر إلا بصدور نشرة وتعليمات من وزارة التربية والتعليم، ويحق لولى الأمر التقدم بشكوى إلى مديرية التربية والتعليم التابعة لها المدرسة من زيادة مصروفات الباص.
وأشار رئيس جمعية أصحاب المدارس الخاصة، إلى أن قطاع التعليم الخاص يضم حوالى 30% من طلاب مصر، وبالتالى فهو شريك اساسى ومهم فى العملية التعليمية وليس من مصلحته رفع الأسعار وزيادة الأعباء على اولياء الأمور ولكن الأسعار فى ارتفاع مستمر لاسباب خارجة عن ارادته، ومثال ذلك كان سعر الأتوبيس «المينى باص» يتراوح ما بين 350-450 الف جنيه، وهذا العام وصل سعره إلى 700 الف جنيه.. وقال: «بالنسبة لولى الأمر، المدرسة لن تجبره على اشتراك الباص، فالقرار قراره، وله حرية الاختيار ما بين باص المدرسة أو الاستعانة بخدمات شركات خاصة لنقل الطلبة وبعض السيارات الملاكى ايضًا تقدم ذات الخدمة».
..والأزمة مستمرة من سنوات
يؤكد خبراء التعليم أن توصيلة المدرسة تمثل عبئًا كبيرًا على جميع أولياء امور الطلاب.. يقول رضا مسعد الخبير التربوى ورئيس قطاع التعليم العام الأسبق، أنه مع بداية الموسم الدراسى تصبح مشكلة وصول التلاميذ إلى مدارسهم أزمة لكل ولى أمر وخاصة طلاب المدارس الحكومية الذى يلجأ أولياء أمورهم إلى اشتراكات فى باصات متهالكة ولا تصلح للتلاميذ لتوصيلهم.
وأضاف رئيس قطاع التعليم الأسبق، أن المدارس تحكمها لائحة فى زيادة مصروفات الباص المدرسى سنوياً لأنها تنقسم إلى شرائح طبقاً للمنطقة السكنية، ولكن هناك كثيرًا من المدارس تقوم بزيادة كبيرة فى أسعار الباص تتعدى آلاف الجنيهات لبعض المناطق ويقول: «هناك مدارس دولية يبلغ اشتراك الباص بها 12 ألف جنيه سنويا للطالب الواحد وهو مبلغ كبير جداً مقارنة بالخدمة، ولكن يضطر كثير من أولياء الأمور إلى سداد قيمة الاشتراك ؛ خوفا على أولاده من الذهاب بمفردهم إلى المدرسة».
وقالت منى عبدالعاطى وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب، إن الباص المدرسى وتوصيل الطلبة إلى مدارسهم مشكلة كل عام ومستمرة لسنين نظراً لقلة المواصلات مقارنة بعدد طلبة التعليم ما قبل الجامعى والذى يتخطى 20 مليون طالب وهو عدد أكبر من دول كثيرة، ولذلك يعانى الجميع من «توصيلة المدرسة» سواء فى المناطق الشعبية، التى تفتقر مواصلاتها إلى وسائل الأمان لطلبة صغار السن فى المرحلة الابتدائية والاعدادية، أما طلاب المناطق الراقية فيسبب ارتفاع اشتراك الباص المدرسى ضغوطا كبيرة على ميزانية كل أسرة، خاصة فى ظل الارتفاع المتوالى له.
وأضافت وكيل لجنة التعليم بمجلس النواب، أنه يجب تكاتف كل عناصر المجتمع من أولياء الأمور والوزارة لوضع خطة استراتيجية لطلبة المدارس الحكومية تساهم فى توصيلهم إلى مدارسهم بشكل أمن، وبعيد عن وسائل الخطر المتمثل فى «التوك توك» والدراجة البخارية.
وبالنسبة للمدارس الخاصة لابد من الالتزام باللوائح وقوانين الوزارة وعدم زيادة أسعار الباص إلا بقرار رسمى من وزارة التربية والتعليم.
وتقول: «لابد من تواجد مواصفات خاصة بالأتوبيسات الناقلة للتلاميذ، بحيث يكون ارتفاع درجات سلم الصعود أو النزول مناسبا لجسد الأطفال، وتوفير المقابض اللازمة ليمسك بها التلاميذ فى أثناء صعودهم أو نزولهم، بالإضافة إلى أنه يراعى فى تصميم الأبواب عدم إمكان فتحها عند الضغط عليها من الداخل فى أثناء سير الباص، وألا تغلق على التلميذ فى أثناء الصعود أو النزول.
من جانبها، قالت نهى مصطفى مدير مدرسة بإحدى المدارس الخاصة، إن قرار زيادة اشتراكات الأتوبيسات تحدده وزارة التربية والتعليم وعلى كل المدارس الالتزام به، خاصة أن هناك قرارًا وزاريًا ينص على ضرورة أن تضع كل مدرسة لائحة داخلية لنظام العمل بها، وتحدد قيمة المصروفات ورسوم النشاط وأسعار الكتب واشتراكات الأتوبيسات.
وأضافت: «أسعار اشتراكات الباصات شهدت مزيدًا من الارتفاع هذا العام، ولا توجد مدارس لديها أسعار اشتراكات ثابتة لأن المسألة عرض وطلب، لكن أغلب المدارس لا تلتزم بما تقره أو تحدده وزارة التعليم، ولفتت إلى أن المدارس الخاصة واللغات تجد فى اشتراكات الأتوبيسات وسيلة لتحقيق مكاسب مالية بالإضافة لمصاريف الدراسة، مؤكدة وجود مدارس لا تملك الباصات لضعف إمكانياتها، وتلجأ للتعاقد مع شركات نقل، أو ميكروباصات تضع عليها شعار المدرسة».
وتشير نهى مصطفى إلى أن اشتراكات أتوبيسات المدارس الخاصة واللغات تبدأ من 2400 جنيه وحتى 6 آلاف جنيه للعام الدراسى، ويتم تقسيط المبلغ مع أقساط المصروفات، وتختلف تلك المصروفات باختلاف مستوى المدرسة، ونوع الدراسة فيها والمسافة أيضًا، فكلما ابتعد مسكن الطالب عن المدرسة، ارتفعت نفقات الاشتراك.
يذكر أن دولاً عديدة نجحت فى القضاء تماما على تلك الأزمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وبعض الدول العربية كالإمارات، حيث يخصص اللون الأصفر لأتوبيسات المدرسة، وأول من بدأ بتلوينها هى أمريكا الشمالية فى عام 1939، حيث تم وضع معايير خاصة بأتوبيسات المدارس بالولايات المتحدة، ووقع الاختيار على اللون الأصفر كلون أساسى للحافلات المدرسية، وكان السبب وراء اختيار هذا اللون تحديدا هو لفت الانتباه للحافلة وجعلها متميزة عن باقى السيارات فى الطريق، وذلك بعد أن أثبت العلماء أن العين البشرية تلاحظ اللون الأصفر خلال الرؤية المحيطية الجانبية بنسبة أكبر من أى لون آخر، والسبب الآخر هو أن الخط الأسود على اللون الأصفر يتم ملاحظته بشكل أسهل فى وقت الصباح الباكر.
وفى كندا تتوقف حركة السيارات تلقائيا، فى حال توقف الحافلة المدرسية، وذلك حتى لا تصطدم السيارات بأى من الطلاب أثناء عبورهم الطريق، كما تعطى القوانين سائق الحافلة حق التحول إلى شرطى مرور وتسجيل مخالفة بحق السائق المخالف، وهو ما يعرضه لغرامة تتراوح من 500 إلى 2000 دولار.
كما قامت بتزويد العديد من الحافلات بذراع بلاستيك على الجهة الأمامية اليمنى من الحافلات تفتح أوتوماتيكيا عند توقف الأتوبيس لتحميل وإنزال الطلاب، وهذه الأداة تهدف إلى إجبار الطلاب الذين يعبرون إلى الجهة المقابلة من الشارع على الابتعاد إلى الأمام عدة أقدام من مقدمة الحافلة، ما يضمن بأن سائق الحافلة يستطيع رؤيتهم عند عبورهم الطريق، وبالتالى يتجنب صدمهم دون أن يراهم يعبرون.
أما فى دولة الإمارات، فتقدم هيئة الطرق والمواصلات بالتعاون مع حكومة دبى، دليلا إرشاديا للنقل المدرسى، يتضمن مجموعة من المواصفات الخاصة بالشكل الخارجى للحافلة والمقاعد والشكل الداخلى، ويتم الوصف تفصيلا لمسئوليات كل من المدارس والجهات المشغلة وسائق الحافلة، حتى إن مرشدة حافلة المدرسة لا يمكنها مزاولة المهنة دون الحصول على تصريح رسمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.