أكد خبراء حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني أن مشروع قانون التظاهر الذي يناقش في مجلس الشوري استعدادا لتمريره كغيره من القوانين الإخوانية تم إصداره في مناخ تسعي فيه أجهزة الدولة ومؤسسة الرئاسة وحزب الحرية والعدالة إلي التعبير عن ضيقها وتذمرها بالمظاهرات السلمية المنددة بسياسات الرئيس وتوجهاته واستمرار الدعوة إلي المليونيات سواء في ميدان التحرير أو أمام قصر الاتحادية.. وأضافوا أن محاولة إقرار القانون تأتي في ظل تصاعد الدعوات المطالبة بإسقاط النظام في جمعة 25 يناير التي وصفها الكثيرون بأنها موجة ثانية من الثورة ضد النظام القائم، «وجمعة الرحيل» التي شهدت إطلاقاً للخرطوش علي المتظاهرين أمام قصر القبة. انتقد تقرير حقوقي للمؤسسة العربية لدعم المجتمع المدني بعنوان «قراءة في مشروع قانون التظاهر الخاص بوزارة العدل» تصريحات المستشار أحمد مكي وزير العدل الذي صاغ المشروع ومضمونة والمتعلقة بأن «هذا القانون جاء لأن الشعب أساء فهم التظاهر ويجب وضع ضوابط له حتي لا يساء استخدامه»، موضحاً أن القانون جعل التظاهر مباحاً في جميع أماكن الجمهورية ولكن بعيداً عن مؤسسات الدولة الحيوية بهدف حماية الدولة ومؤسساتها والمتظاهرين»، مشيراً إلي أن التظاهر دليل علي فقد مؤسسات الدولة لدورها ولا يعني أن الثورة قامت عن طريق التظاهر لإسقاط الرئيس السابق حسني مبارك أنه يجب إسقاط من سيأتي بعده عن طريق التظاهر. وقال التقرير: إن تصريحات وزير العدل تفصح رغبته في وضع قيود علي التظاهر السلمي بما اسماه «ضوابط»، بينما تتضمن القضاء علي هذا الحق تماماً، وموقف رافض للتظاهرات التي حدثت أخيراً ضد الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين بمبرر الحفاظ علي الدولة، في حين أنه يراها مباحة ضد النظام السابق، وهو موقف متناقض من الحق في التظاهر، وأكد التقرير أن وزير العدل تظاهر مع مئات القضاة أمام دار القضاء العالي عام 2006 - قبل توليه موقعه الوزاري - احتجاجا علي إحالة القاضيين محمود مكي وهشام البسطويسي إلي التأديب بعد تصريحاتهما عن تزوير انتخابات برلمان 2005. وأضاف التقرير أن وزارة العدل طرحت مسودتين للمشروع، وتتضمن المسودة الأولي 26 مادة، بينما تشمل الثانية 24 مادة، جاءت المسودة الثانية بعدد من التعديلات منها إلغاء العقوبات علي الجرائم المتعلقة بالسب والقذف لوجود نص يعاقب علي هذه الجرائم في قانون العقوبات، بالإضافة إلي تخفيض الحد الأقصي للأماكن التي نص القانون علي وجود حرم لها أثناء التظاهر مثل مجلسي الشعب والشوري والقصور الرئاسية ودور العبادة والسفارات، ليكون 200 متر بدلاً من 500 متر وهي اختلافات شكلية لا تمس مضمون القانون المقيد للتظاهر، وبالنسبة لموقف المشروع من المعايير الدولية يشير التقرير إلي أن الأصل في حق التظاهر السلمي هو اباحته للافراد مجتمعين في حدود القانون في مجتمع ديمقراطي الذي ينظمه وأكدته المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية التي أشارت إلي أنه لا يجوز وضع قيود علي ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. وقال التقرير: إن المجتمع الديمقراطي يحترم مبادئ الأممالمتحدة والاعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان ولا يقتصر هذا الحق علي الأحزاب السياسية بل يشمل كافة التجمعات المهنية. وأضاف أن المادة 50 من الدستور الجديد تعترف بهذا الحق وتؤكد أن للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية، غير حاملين سلاحاً بناء علي إخطار ينظمه القانون، كما سبق أن أقر الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011 في المادة 16 «للمواطنين حق الاجتماع الخاص غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلي إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة في حدود القانون». وأضاف التقرير أن القضاء الإداري انتهي إلي ضرورة وجود نوع من التوازن بين ممارسة هذا الحق الأصيل للمواطنين، وبين الحفاظ علي النظام العام والسكينة العامة للدولة حتي لا يجب أن يتذرع بالحفاظ علي النظام العام للحد من ممارسة الاجتماع أو الحجر علي الحريات العامة، وبالتالي فإن سلطة الإدارة في منع الاجتماعات العامة استثنائية تخضع ممارستها لرقابة القضاء الإداري للتحقق من مشروعيتها، ومن ثم يبقي أي تقييد لحقي الاجتماع والتظاهر السلمي غير دستوري. وأشار التقرير إلي أن المشروع يعترف نظرياً بالحق في التظاهر السلمي، ويبيح حق للمواطنين حق الدعوة إلي المظاهرات وتنظيمها والانضمام لها وفقًا للأحكام والضوابط التي يحددها هذا القانون (المادة الثانية).. ويتضمن المشروع أن يكون للمتظاهرين الحق في التعبير الحر عن آرائهم ومطالبهم بصورة فردية أو جماعية مستخدمين في ذلك أية وسيلة مشروعة بما في ذلك مكبرات الصوت واللافتات التي تعبر عن آرائهم وميولهم بمراعاة الأحكام الواردة في هذا القانون (المادة الثالثة).. واشترط المشروع ألا يؤدي ممارسة الحق في التظاهر بما اسماه الإخلال بالأمن أو النظام العام، تعطيل مصالح المواطنين، قطع الطرق أو المواصلات، تعطيل حركة المرور، الاعتداء علي الممتلكات أو حرية العمل، أو تهديد جدي لأي مما تقدم. وأكد التقرير أن الشروع يضع قيوداً أهمها ضرورة قيام منظمي المظاهرة بإخطار مكتوب سواء بشكل مباشر أو بالبريد المسجل بمكان المظاهرة إلي قسم أو مركز الشرطة المزمع بدء المظاهرة في دائرته، قبل موعدها بخمسة أيام علي الأقل، وميعاد بدايتها ونهايتها والأسباب التي دعت لتنظيم المظاهرة، والمطالب التي ترفعها وخط سير المظاهرة المقترح، والأعداد المتوقع مشاركتها فيها وأسماء ثلاثة من منظمي المظاهرة، وعناوينهم، ووسائل الاتصال بهم، ويُشكل وزير الداخلية لجنة في كل محافظة برئاسة مدير الأمن، تتولي مع منظمي المظاهرة، مراجعة الضوابط والضمانات الكفيلة بتأمينها وحماية الأرواح والممتلكات العامة أو الخاصة. كما يُحرر محضر للاجتماع يوقع عليه من منظمي المظاهرة، ويجوز لهذه اللجنة في حالة الضرورة بالاتفاق مع منظمي المظاهرة تحويل خط سيرها إلي خط مغاير لأسباب طارئة تتعلق بتأمينها أو مدير الأمن المختص الاعتراض علي المظاهرة بطلب يقدم إلي قاضي الأمور الوقتية بإلغائها أو إرجائها أو نقلها لمكان أو خط سير آخر، متي وجدت أسباب جوهرية لذلك، ويصدر قاضي الأمور الوقتية قرارًا مسببًا بذلك علي وجه السرعة. ويحظر مشروع القانون علي المتظاهرين ارتداء الأقنعة أو الأغطية التي تخفي ملامح الوجه أو الكتابة أو الرسم بالألوان أو الطباشير أو بأية مادة اخري علي الممتلكات العامة أو الخاصة، كما يحظر حمل لافتات أو إلقاء أي عبارات أو أناشيد أو أغان، تعد من قبيل السب والقذف، كما يحظر أيضاً إهانة أي هيئة من هيئات الدولة ومؤسساتها أو الإساءة إليها. واستثني المشروع ميدان التحرير بإصدار مجلس الوزراء قراراً بتحديد منطقة كافية في ميدان التحرير وفي أماكن أخري سواء في القاهرة أو غيرها يباح فيها التظاهر دون تقييد بالإخطار أو الوقت.. وحظر المشروع التظاهر أمام بعض الأماكن الا قبلها ب 200 متر، وهي القصور الرئاسية، والمجالس التشريعية، ومقر الوزارات، ومقار السفارات والبعثات الدبلوماسية، ودور وأبنية المحاكم، والمستشفيات، ودور العبادة، والأماكن الأثرية، والسجون وأقسام ومراكز ونقاط الشرطة وسائر معسكراتها، والمناطق العسكرية. ويجوز لمجلس الوزراء إضافة مواقع أخري تكون حمايتها لازمة لتحقيق اعتبارات الأمن والنظام العام. وأشار التقرير إلي حظر إقامة منصات الخطابة والخيام أمام المواقع المبينة بالمادة السابقة، أو إقامة خيام أو غيرها بغرض المبيت. العقوبات وانتقد التقرير مواد المشروع الذي يضم 5 مواد عقوبات من «20– 24» مشدد وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه كل من ثبت تقاضيه مبالغ مالية من جهات أو أشخاص من داخل أو خارج مصر لتنظيم مظاهرات تهدد الأمن العام، ويعاقب بذات العقوبة كل من عرض أو قدم المبالغ النقدية المشار إليها أو توسط في ذلك.. ويعاقب بالحبس الذي لا يقل عن ثلاثة أشهر وبالغرامة التي تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من خالف نص المادة الرابعة عشرة، وتعدلت في المسودة الثانية إلي «الحبس الذي لا يقل عن أسبوع» وهي الجرائم التي تشمل «التعدي علي الممتلكات العامة والخاصة، وغلق الطرق أو الميادين أو وضع المتاريس، وحرق إطارات أو أخشاب، وحمل أسلحة أو ذخائر»، وتضمنت المادة 23 العقاب بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من ارتكب أياً من الأفعال المبينة بالمادة الخامسة عشرة. وأكد التقرير أن المسودة الأولي للمشروع تضمنت عقوبات «الحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من خالف نص المادة الخامسة عشرة، أصبحت تلك المادة رقم 16 في المسودة الثانية، وهي التي تتضمن «حمل لافتات أو إلقاء أي عبارات أو أناشيد أو أغان، تعد من قبيل السب والقذف، أو يكون من شأنها تحقير أو ازدراء الأديان السماوية، أو تثير الفتنة، أو تحرض علي العنف أو الكراهية، إهانة أي هيئة من هيئات الدولة ومؤسساتها أو الإساءة إليها بما يجاوز حرية التعبير السلمي.. وتم حذف هذه العقوبات في المسودة الثانية باعتبار أن قانون العقوبات يتضمن تلك العقوبات. واستندت قراءة تقرير المؤسسة العربية إلي أن فلسفة المشروع تهدف إلي التقييد ووضع عشرات المحظورات علي المتظاهرين سواء فيما يتعلق بالمكان الخاص بالتظاهر أو بوضع مساحة بين المكان المقترح ونطاق المظاهرة، أو بنشاط المشاركين في التظاهرة وبمحاولة الإعلان عن هدفها.. كما يضع عشرات القيود علي سلوك المتظاهرين من خلال حظر تعليق اللافتات أو الرسم بالألوان أو الكتابة بالطباشير أو بأية مادة أخري، أو نصب الخيام أو وضع المنصات للخطابة أمام الأماكن المشار إليها. وأوضح التقرير أن مشروع القانون يجهض حق الاعتصام السلمي، كما يسعي للتعتيم الإعلامي علي هدف المظاهرة من خلال منع نصب منصات للإعلام بهدف التظاهر. أو حمل لافتات أو إلقاء أي عبارات أو أناشيد أو أغان بمبرر أنه قد تعد من قبيل السب والقذف، أو إهانة أي هيئة من هيئات الدولة ومؤسساتها أو الإساءة إليها، وبالتالي فهو يمنع المتظاهرين من إلقاء الهتافات. وأضاف التقرير أن المشروع ملىء بمواد كثيرة تؤدي إلي تقييد الحق في التظاهر، سواء في اشتراط تقديم إخطار قبل المظاهرة ب3 أيام بدلاً من 5 أيام في المسودة الأولي، وهي فترة طويلة، لا تتماشي مع المظاهرات التي يتم الدعوة إليها لأسباب عاجلة، كما أنها تعطي الحق وزارة الداخلية في تحويل مسار المظاهرة. ويعطي المشروع الحق لوزير الداخلية برفض التظاهرة أو التظلم أمام قاضي الأمور الوقتية بإلغائها أو إرجائها أو نقلها لمكان أو خط سير آخر، متي توافرت إحدي الحالات المنصوص عليها في المادة الرابعة، ومضمونها إذا رأي أن ممارسة الحق في التظاهر قد تؤدي إلي الإخلال بالأمن أو النظام العام، أو تعطيل مصالح المواطنين، أو قطع الطرق أو المواصلات، أو تعطيل حركة المرور، أو الاعتداء علي الأشخاص والممتلكات أو حرية العمل، أو تهديد لأي مما تقدم، وهي تضم أسباباً تتصف بالعمومية والغموض والتقدير الذاتي ويمكن للاستناد إليها في رفض المظاهرة. وانتقد التقرير منع التظاهر أمام عدد من الأماكن تصل إلي 12 موقعاً وهي القصور الرئاسية، والمجالس التشريعية، ومقر الوزارات، ومقار السفارات والبعثات الدبلوماسية، ودور وأبنية المحاكم، والمستشفيات، ودور العبادة، والأماكن الأثرية، السجون وأقسام ومراكز ونقاط الشرطة وسائر معسكراتها، والمناطق العسكرية. وبعضها ينتشر في مختلف محافظات الجمهورية وغير قابل للحصر مثل أبنية المحاكم والمستشفيات ودور العبادة والاماكن الأثرية والسجون واقسام الشرطة، المناطق العسكرية. فهي موجودة في كل مكان تقريبا سواء بالقاهرة أو بالمحافظات الأخري. وبالتالي يمنع التظاهر فعليا أمام المباني الحكومية الا بمساحة 200 متر. وقال التقرير: إن الرخصة المعطاة لوزير الداخلية أو مدير الأمن في ندب من يراه لإثبات حالة المظاهرة قبل فضها هي رخصة جوازية وليست الزامية، فبإمكانه إصدار الأمر بفض التظاهر دون استخدام هذه الرخصة. وكشف التقرير أن المشروع به 4 مواد تفرض عقوبات مختلفة علي المتظاهرين منها ما يتضمن تشويه المتظاهرين باتهامات العمالة لآخرين بعقاب من يثبت تلقيه مبالغ مالية من داخل أو خارج مصر مقابل التظاهر. ووضع المشروع 5 طرق سمح من خلالها للشرطة بفض التظاهر بشكل متدرج بادئاً بالإنذار الشفوي المسموع من قائد الشرطة الميداني، ثم استخدام الغاز المسيل للدموع، واستخدام خراطيم المياه، والهراوات البلاستيكية، وإطلاق الخرطوش في الهواء والأخيرة تمثل النقطة الايجابية الوحيدة في المشروع لكن لا يوجد ضمانة باستخدامها إذا ما أطلق الخرطوش علي أجساد المتظاهرين وفي أعينهم.. وأنه رغم حظر المشروع استعمال القوة بأزيد مما بالطرق السابقة «أي بإطلاق النار الحي» علي سبيل المثال إلا في حالتين وقوع اعتداء علي النفس أو المال أو بناء علي أمر من قاضي الأمور الوقتية، والحالة الأولي يمكن من خلالها أن تدعي قوات الشرطة حدوث اعتداء من المتظاهرين علي المال العام أو علي الشرطة ذاتها لكي تبرر إطلاق النار الحي علي المتظاهرين، ولم يلزم المشروع الشرطة بإطلاق النار في الهواء. أو استخدامها بما يتناسب مع الخطر الذي يمكن أن يشكله المتظاهرون.