التدبر فى كتاب الله من صفات المتقين وقال الشيخ عطية صقر رحمه الله يقول الله تعالى{ ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم } الحجر: 87 ، اختلف العلماء فى المراد بالسبع المثانى ، فقيل هى : الفاتحة ، وهو أصح الآراء ، لورود الحديث بذلك ، فقد روى البخارى عن أبى سعيد الخدرى قال : مر بى النبى صلى الله عليه وسلم وأنا أصلى، فدعانى فلم آته حتى صليت ، ثم أتيته فقال : " ما منعك أن تاتينى"؟ فقلت : كنت أصلى ، فقال ألم يقل الله : { يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم }؟ الأنفال : 24 ، ألا أعلمك أعظم سورة فى القرآن قبل أن أخرج من المسجد؟ فذهب النبى صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرته فقال : "الحمد لله رب العالمين ، هى السبع المثانى والقرآن العظيم الذى أوتيته " وجاء فى البخارى أيضا عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "أم القرآن هى السبع المثانى والقران العظيم " وأم القرآن هى الفاتحة كما جاء فى الحديث " الحمد لله أم القران وأم الكتاب والسبع المثانى " رواه الترمذى وقال : حديث حسن صحيح ، وهذا نص يغنى عن الأقوال الأخرى فى المراد بالسبع المثانى ، ومن هذه الأقوال أنها السور السبعة الطول أى الطويلة : وهى البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال مع التوبة لعدم وجود التسمية بينهما ، وهذا هو رأى ابن عباس كما رواه النسائى عن سعيد بن جبير عنه ، وقيل : المراد بالسبع المثانى أقسام القرآن من الأمر والنهى والتبشير والإنذار وضرب الأمثال وتعديد النعم وأنباء القرون ، وهناك أقوال أخرى لا تستند إلى نص ، فالصحيح هو الأول . ووصف الفاتحة بأنها المثانى لأنها تثنى وتكرر فى ركعات الصلاة والقرآن كذلك يوصف بالمثانى كما قال سبحانه { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله } الزمر: 22، لأبها تثنى وتتكرر على مر الزمان ، كذلك تتثنى فوائدها وتتضاعف ، على ما يفيده قول النبى صلى الله عليه وسلم " ولا تنقضى عجائبه " رواه الترمذى ، وهى أيضا مأخوذة من الثناء والمدح والشرف ، لأن القرآن مجلبة لذلك كله ، فى نظمه وهدايته وقراءته وتعلمه ونشره وتعليمه والتخلق بأخلاقه وتطبيق أحكامه ، والقرآن كذلك مثانى لما يلاحظ فيه من الثنائية ، بمعنى الاقتران ، أى اقتران آية الرحمة بآية العذاب ، والوعد بالوعيد والجنة بالنار، والهدى بالضلال.