زوجات: الحكم نصر كبير.. ولكن مازال ممنوع التنفيذ خبير قانونى: الدعوى عينية وتختص بكل حالة منفردة جمعية نهوض: انتصار للمرأة فى عهد الرئيس السيسى الأطفال هم اول ضحايا الخلافات الاسرية، وحينما تصل العلاقة بين الزوجين الى طريق مسدود يبدا الزوج فى افتعال العراقيل أمام الزوجة لإجبارها على الخضوع لاوامره وبدورها تلجأ الزوجة الى تحرير محضر إثبات حالة، وتتوالى القضايا. أخطر قضايا الزوجية وأكثرها ايلاما كانت قضايا إثبات النسب، عندما يرفض الاب الاعتراف بأبنائه، وعندها لم يكن أمام الزوجة سوى « الدوخة» بين مكاتب المحامين و قاعات المحاكم، حتى تثبت نسب الطفل لأبيه، وطوال تلك الفترة كان الطفل يظل معلقا بلا اوراق رسمية تثبت اسمه أو نسبه. ومؤخرًا حدثت انفراجة كبيرة للأمهات مع صدور حكم من محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية على حق الزوجة فى استخراج شهادة ميلاد للمولود.. الحكم مزج الفرحة بالخوف، فالسيدات اعتبرن الحكم انتصارا لهن ونهاية لصراع طويل لإثبات نسب الأطفال، وفى المقابل اعتبره الرجال بابًا لفرض سيطرة المرأة على الرجل ووسيلة لتحرر المرأة بشكل اكبر وعودة ظاهرة "السنجل مازر" والتى تعنى عودة ظاهرة الانجاب بدون زوج وقيده بالسجلات.. أما فقهاء الإسلام فأكدوا على أهمية احترام المرأة ومعاملتها بالحسنى. الوفد استمعت لآراء الرجال والنساء ورصدت راى خبراء القانون ومدى تأثير ذلك الحكم على حالات الزواج والطلاق وما رأى الدين فى تلك الحالات التى ألزم فيها الرجل بحسن معاملة زوجته. الاجراءات القانونية لتسجيل المواليد تبدا عقب وضع الام طفلها، حيث يتوجه الزوج الى مكتب الصحة خلال خمسة عشر يوما، أما فى حالة سفر الزوج تمتد المهلة الى 90 يومًا ويتم اصطحاب المولود مع ابيه او من له صفة تأييد الطفل كالعم او الجد للاب، وذلك لعمل بصمة قدم له وسحب استمارتين لملء البيانات مع احضار عقد الزواج وبطاقتى الزوج والزوجة بالإضافة الى شهادة من مكان الولادة او الطبيب المسؤول. ومنذ أيام بعد صدور حكم محكمة القضاء الإدارى بالاسكندرية والذى أصبح نهائيًا لا يقبل الطعن، واشتمل على حظر إهانة الزوجة وحرمانها من حقها فى استخراج شهادة ميلاد لطفلها نتيجة الخلافات الزوجية أثناء الحمل شريطة إثبات العلاقة الزوجية وتبليغ مكتب الصحة إما عن طريق مديرى المستشفيات والمؤسسات العقابية أو ممن حضروا الولادة من الاقارب حتى الدرجة الثانية مع شهادة من الاطباء تؤكد حدوث الواقعة وتاريخها. والمفاجأة أن هذا الحكم ليس الأول وليس جديدًا فى دنيا القضاء ففى عام 2015 صدر نفس الحكم، ومن نفس المحكمة ايضا وقضى بوقف تنفيذ قرار الحكومة السلبى بالامتناع عن إثبات واقعة ميلاد طفل فى السجلات المعدة لقيد المواليد، وإلزام الحكومة بإثبات واقعة ميلاد الطفل فى سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده دون الاعتداد باعتراض والده وعائلته باعتباره إيذاء بدنيا ونفسيا للأم. وقالت المحكمة إن المشرع الدستورى ارتقى بحقوق الأم تجاه وليدها كاشفا عن حقه الطبيعى فى أن يكون له اسم يميزه عن غيره وأوراق ثبوتية , وأنه لا يجوز للحكومة الاستجابة للأب كيدا للأم لحرمان طفلها من حقه الدستورى فى تمتعه بأدلته الثبوتية لشخصيته، فالخلافات الزوجية والعائلية لا يجب أن تمتد لحرمان الأم التى التصق بها طفلها من حقه الطبيعى بحكم الطبيعة التى خلقها الله عز وجل، فى أن يكون له وثيقة ميلاد دالة على إنسانيته. وذكرت المحكمة أن قانون الطفل لم يقصر الإبلاغ عن ميلاد الطفل لوالده فقط بل جعل ذلك الحق كذلك للأم شريطة إثبات العلاقة الزوجية, بل عقد المشرع للأم الأفضلية فى التبليغ عن وليدها عن جميع أهل الزوج، واذ قدمت الزوجة عقد الزواج الشرعى وما يفيد ميلاد الطفل على فراش الزوجية. عام 2019 قضت محكمة القضاء الإدارى، الدائرة الثانية فى الدعوى رقم 38531 لسنة 72 ق، بقبول الدعوى المقامة من إحدى السيدات لطلب استخراج شهادة ميلاد لابنتها مجهولة الأب، وإلزام سجلات مصلحة الأحوال المدنية بإثبات قيد طفلتها «بصفة مؤقتة» فى السجل المدنى حيثيات الحكم أوضحت أن المشرع الدستورى قد ألزم الدولة بكافة أجهزتها الإدارية والتنفيذية والتشريعية تغليب مصلحة الطفل الفضلى فى جميع الإجراءات التى تتخذ حياله، والتى يأتى على قمتها حقه أن يكون له الاسم الدال على شخصيته القانونية، وذلك تقديرا منه أن الاسم ليس مجرد بطاقة شخصية أو رقم قيد، وإنما هو «علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود». ولا نكتفى بحكم المحكمة فقط، فالمادة 15 من قانون الطفل المعدل عام 2008 أكدت حق الأم فى تسجيل مولودها فى مكتب الصحة حال غياب الأب، إلا أن عددًا كبيرًا من النساء ما زلن يعانين من تجاهل بعض موظفى الصحة للقانون، فلا يستطيعن تسجيل أطفالهن إلا فى وجود الأب أو العم أو الجد من ناحية الأب..هذا الواقع لم يتغير كثيرا منذ 2008، ولا يتوقع متخصصون أيضا أن يحدث حكم محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الصادر خلال الأسبوع الجارى قالت الدائرة بأحقية الزوجة مشاركة الزوج فى استخراج شهادة ميلاد للمولود، ورغم أنه حكم نهائى وبات غير قابل للطعن، لكن قوة الواقع والأعراف والبيروقراطية أحيانا تتغلب على أحكام قضائية باتة. معاناة قصص وحكايات تنفطر لها القلوب لأمهات فشلن فى استخراج شهادة ميلاد لأبنائهن..» ابتسام عبد الغنى « واحدة ممن لم تفرح بصدور حكم باحقية الزوجة فى استخراج شهادة ميلاد لطفلها فمازالت تعانى من امتناع الجهات الحكومية عن إصدار شهادة ميلاد رغم أن المحكمة اقرت ذلك وعبرت عن حزنها قائلة: « حينما صدر الحكم اتجهت الى السجل المدنى لاستخراج شهادة ميلاد ولكنى فوجئت بامتناع الموظف عن صدور الشهادة واخبرنى ان السجل المدنى لا دخل له بالحكم الصادر واخبرنى اننى يجب ان أحصل على حكم قضائى خاص بى لإصدار شهادة ميلاد للطفل . أما حكاية رشا محمد فكانت قبل سنوات طويلة وقت ولادة ابنها، إذ اختفى زوجها بسبب خلافات بينهما، بعد ان نفذ تهديده لها بتركها و ابنها التى كانت حاملاً فيه، وفوجئت بعدما أصبحت أمًا بعد فترة الحمل والتى انفعلت حينما تحدث عن الحكم قائلة « نعلم ان الحكم لن ينفذ الا لكل حالة ولكن هل هذا يعنى اننا نظل ندور فى حلقة ولا يتم النظر الى المعاناة التى تعانيها كل ام على خلاف مع زوجها ام اننا نترك أطفالنا دون قيد فى السجلات، فمنذ ولادة الطفل ولا أستطيع استخراج شهادة ميلاد له، وحينما لجأت الى جد الزوج اخبرنى اننى «ناشز» وخالفت طاعة زوجى رغم المعاناة والإهانة التى أجدها منه ومن أهله وحينما قررت الابتعاد عنهم لجأوا الى الضغط علىّ بورقة الطفل واننى لن استطيع تسجيله والأكثر حزنا انهم لا ينظرون لمعاناة الطفل القادمة والتى ستستمر لفترة طويلة ولكن الاهم هو إذلالى وخضوعى لإرادتهم . واشارت «رشا» الى الكثير من مسؤولى مكاتب الصحة ان مبررات حرمان الأم من حق تسمية الابن وتوثيقه فى السجلات الرسمية له انه قد يكون الطفل من أب آخر وجاء بعلاقة غير شرعية، ويتم إلصاقه فى الزوج المكتوب اسمه بعقد الزواج، وهو اتهام مسبق بتعميم الخيانة على كل الأمهات، بالإضافة الى استمرار تعنت الجهات المسؤولة عن استخراج شهادات الميلاد بدعوى أنه لم تصلها تعليمات رسمية تلزمها بالتعامل مع الزوجة فى حال غياب الأب، لأن المحكمة ليس من دورها مخاطبة المؤسسات الصحية بمضمون الحكم. جمعية نهوض وتنمية المرأة اصدرت بيانًا أشادت بالحكم الصادر والذى يمنع الرجل من حرمان الزوجة من استخراج شهادة ميلاد طفلها، واصفة القرار بأنه انتصار جديد للمرأة المصرية ومكسب يضاف إلى المكاسب التى تحصدها مؤخرًا فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى، مضيفة ينهى الحكم المعاناة التى تواجهها العديد من الأمهات جراء تعنت الزوج وأهله ورغبتهم فى الانتقام من الزوجة والنكاية لها وإذلالها، من خلال اقتصار أمر تسجيل الطفل على الوالد الشرعى. وطالبت جمعية نهوض وتنمية المرأة، الدولة بإلزام الجهات الإدارية والتنفيذية المختصة ومنها وزارة الصحة بفروعها فى جميع المحافظات -بسرعة تنفيذ هذا القرار، ومعاقبة كل من يمتنع عن تنفيذه بأشد العقوبات، حتى يفوت الفرصة على بعض الأزواج فى التلاعب بالثغرات والنكاية بزوجاتهم، وفى انتظار البت فى باقى القضايا الشائكة التى تحول دون قيام الأم فى التصرف فى الأمور التى تخص أطفالها. وأكدت أن جمعية نهوض وتنمية المرأة هى جمعية تسعى إلى الوقوف بجانب المرأة المصرية وأطفالها وهدفها الأساسى هو تكوين «أسرة صحية» وهمها الأول هو تحقيق مصلحة الطفل الفضلى. حسين حلمى المستشار القانونى لحزب الوفد أكد ان تلك القضايا تأتى تحت مسمى الدعاوى العينية، وهى تعنى أن كل حالة مستقلة بحكم خاص بها فلا يجوز ان يشمل الحكم جميع الحالات لاختلاف ظروف الدعوى، فبعض الزوجات ليس لديهن عقود زواج رسمية وإنما عقود عرفية. وأشار حلمى إلى انه اثناء الحملة الفرنسية على مصر كانت تحدث حالات اغتصاب وكان الطفل المولود جاء دون رغبة الفتاة وكان ينسب الطفل الى الجد، وهذا يحدث الآن فى بعض القرى المصرية لذلك فالحكم يجب ان يشمل كل حالة مفردا. عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية أكد أن حق انتساب الطفل لابيه هو أحد الحقوق التى اقرها الله- تعالى-، وحرمان الزوجة من استخراج شهادة ميلاد لطفلها لا يتناسب مع طبيعة الحق فى التسمية، مشيرا إلى أن حق تسمية المولود يجب أن يكون مكتسبًا للأم لأن نسبة الطفل إلى الأم محققة. كما أنه حق للمولود قبل أن يكون إنصافاً لأمه. وأشاد النجار بحكم المحكمة الذى اعطى الأم الحق فى استخراج شهادة ميلاد لمولودها، مؤكدا أن حرمان الأم من حق استخراج شهادة ميلاد الأبناء سببه منع النزاعات المحتملة حول نسب الأطفال.