قلت في مقال سابق إن العصيان المدني حق مشروع في أي نظام ديمقراطي، وإن الذين يسفهون من حق المصريين في العصيان، هم فقط جماعة الإخوان الحاكمة وأذنابها وأتباعها الذين لا يعرفون إلا حكم الاستبداد والقهر وإجبار أهل مصر علي اتباع سياسة السمع والطاعة التي تلغي العقل والفكر.. من حق الشعب المصري الذي خرج في مظاهرات واعتصامات واحتجاجات، لرفض القهر والظلم والاستبداد، أن يبحث عن وسائل جديدة مشروعة قانوناً ودستورياً للتعبير عن رأيه. لقد واجه الشعب المصري خلال مظاهراته الرصاص وسقط من سقط شهيداً ومصاباً، وسالت الدماء أمام القصر الجمهوري وأمام الرئيس الذي لم يحرك ساكناً، بل زاد من الطين بلة عندما هدد وتوعد واعترف بصراحة غريبة أنه هو الذي أعطي التعليمات لأجهزة الأمن لمقاومة المتظاهرين في بورسعيد، تلك المدينة الباسلة التي ودعت الشهيد الثاني والأربعين في يومين فقط. سياسة العنف والقهر لا تولد إلا إصراراً علي المقاومة ضد كل هذا الاستبداد والذي تعدي الحدود بشكل ملفت للنظر، في شهر يناير وحده بلغ عدد الاعتصامات والمظاهرات ما يقارب الألف مظاهرة واحتجاج واعتصام ضد حكم الجماعة، ومؤسسة الرئاسة تعيش في حالة غيبوبة وتجاهل لكل ما يجري من مهازل سياسية واقتصادية، وزيادة في ذلك الدم المصري الذي هان علي النظام، بشكل لم يحدث إطلاقاً في عهد النظام السابق.. فلماذا كل هذا العناد ولماذا كل الإصرار علي المضي في تخريب مصر وانهيارها رغم أن الانهيار سيطول الجماعة وأذنابها مثل باقي المصريين الآخرين.. العصيان المدني بات هو الأمل الوحيد الباقي للشعب المصري ضد فساد الجماعة وقهرها واستبدادها، وشعب بورسعيد الذي ضحي بخيرة شبابه علي مر تاريخه الطويل وحتي آخر وقت لايزال يضحي وتعرض للقهر والظلم، بدأ هذا العصيان، وهو حق مشروع له ولباقي المصريين، فليس أمام المصريين الان من طريق إلا العصيان.. وقد تشعر به الجماعة المغيبة عن الواقع والمنفصلة تماماً عن المجتمع.. إذا كانت جماعة الإخوان تري أن الشعب المصري سيسكت أو يهدأ أو يتغاضي عن كل هذه المساخر، فإنها واهمة، ورغم طول المدة التي حكم فيها الرئيس السابق، لم يخنع الشعب حتي أزاح النظام السابق، ولن يمنعه مانع مهما فعل الإخوان من إزاحتهم عن الحكم طالما أنهم مصرون علي اتباع سياسة الفاشية.. ويبدو أنهم لا يتعظون من التاريخ، فكم من عروش هوت علي أصحابها الطغاة، وكم من فاسدين دخلوا مزبلة التاريخ وأصبحوا في حكم المنسيين. الشعب المصري ارتضي بالديمقراطية واختار الرئيس بشرعية صندوق الانتخابات، وتصورت الجماعة أنها بذلك حصلت علي «صك تفويض» من المصريين بارتكاب الحماقات السياسية والاقتصادية وهذا وهم في وهم.. فمن حق المصريين الذين اختاروا الرئيس أن ينقلبوا عليه طالما أنه ينحرف بمسار الثورة عن شعارها الرئيسي «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، ومن حق المصريين الذين اتبعوا الوسائل المشروعة من مظاهرات واحتجاجات واعتصامات وانهال عليهم الرصاص، أن يبدأوا في العصيان المدني.. فهو الوحيد القادر علي ردع الجماعة وازاحتها عن الحكم.