علمت "المصريون" أن جماعة "الإخوان المسلمين" تلقت رسالة تهديد من أجهزة الأمن بشن ضربات أمنية عنيفة ضد قياداتها وكودارها في حال نزولها إلى الشارع ومشاركتها في المظاهرات الاحتجاجية التي تطالب بإسقاط نظام الحكم، الأمر الذي يفسر عدم إعلانها المشاركة في تظاهرات "يوم الغضب" التي جرت الثلاثاء، بناء على دعوة نشطاء على الإنترنت. وتضمنت رسالة التهديد باعتقال قيادات من مكتب الإرشاد – أعلى هيئة داخل الجماعة- وإحالتهم إلى محاكمات عسكرية في حال إصرار الجماعة على المشاركة في أي وقفات احتجاجية أو مظاهرات شعبية، ولم تقتصر الأمر على مظاهرات "يوم الغضب" بل شمل الفعاليات المناهضة للنظام خلال المرحلة المقبلة. واستجابت الجماعة للتهديدات الحكومية، وذلك بأن أصدرت تعليمات لكوادرها وشُعبها بعدم المشاركة في المظاهرات والاعتصامات التي أصابت مصر بالشلل خلال الساعات الماضية، وإن كان قد أتاحت المجال أمام بعض أعضائها للمشاركة في هذه المظاهرات ولو بشكل رمزي. ولم يظهر أي من قيادات أو أعضاء مكتب الإرشاد في المظاهرات حرصا على النأي بالجماعة عن أي علاقة لهذه التظاهرات. من جانبه، أكد الدكتور كمال حبيب الخبير في شئون الحركات الإسلامية، أن موقف "الإخوان" من الفعاليات السياسية الأخيرة كان غامضا، حيث لم تشارك الجماعة بشكل واضح ولم يكن لمنتسبيها ظهور واضح، وإن كان البعض ردد بأن الجماعة تركت لعناصرها الحرية في المشاركة بشكل رمزي في هذه التظاهرة. ولم يستبعد حبيب أن تكون الجماعة وصلتها تهديدات حكومية صريحة، وفضّلت عدم المخاطرة بتحدي الحكومة في هذه الفترة، خاصة وأن الحكومة حاولت تحميل "الإخوان" مسئولية ما حدث وربما تكون هناك نية لتطورات ما في المرحلة القادمة. وكانت مصادر أمنية وجهت اتهامات للإخوان ب "الاندساس" بين المشاركين في مظاهرات "يوم الغضب" واتهمتهم برشق قوات الأمن بالحجارة، وحملتهم المسئولية عن مقتل مجند شرطة لقي مصرعه خلال الاحتجاجات التي شهدها ميدان التحرير يوم الثلاثاء نتيجة قذفه بالحجارة. من جهتها، وصفت جماعة "الإخوان" تلك التصريحات بأنها "قمة الفشل السياسي، ومحاولة مفضوحة من النظام الحاكم لاستجداء الإدارة الأمريكية بالوقوف بجانبه بتماديه في استخدامه لفزاعة الإخوان المسلمين". وأكدت الجماعة أن "الإخوان" مع باقي القوي السياسية مستمرون في نضالهم الدستوري والقانوني السلمي لإطلاق الحريات وإلغاء قانون الطوارئ وحل مجلس الشعب المزور، وملاحقة الفساد ومحاكمة المفسدين، والدفاع عن حقوق الشعب المنهوبة مهما كلفهم ذلك من تضحيات، باعتبارهم جزء أصيل من هذا الوطن يحافظون عليه وعلي منشآته ومؤسساته ويدعون المصريين جميعًا للحفاظ عليها لأن هذه المنشآت والمؤسسات باقية بينما الأشخاص زائلون". وطالبت الجماعة بالإفراج فورا عن كافة المعتقلين في مظاهرات "الغضب"، ومحاسبة المسئولين عن استخدام العنف والقوة ضد المتظاهرين والذي وصل لحد قتل بعضهم، كما يطالبون بسرعة الإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين وإصدار عفو عام عن كل من صدرت ضدهم أحكام من محاكم استثنائية بسبب مواقفهم السياسية، وعلي رأسهم المهندس خيرت الشاطر نائب المرشد العام ورجل الأعمال حسن مالك والكاتب الصحفي مجدي أحمد حسين وكل سجناء الرأي. في سياق متصل، اتهم المهندس سعد خليفة مسئول "الإخوان" بالسويس قوات الأمن بقتل ثلاثة من المتظاهرين من أبناء السويس خلال احتجاجات "يوم الغضب" بدم بارد، وإصابة أكثر من 100 آخرين تم نقلهم للعلاج بمستشفى السويس العام ومستشفى التأمين الصحى وبعض المستشفيات الأخرى. وقال إن المظاهرات كانت سلمية تماما ولم تسجل أية أحداث تخريب للممتلكات العامة أو الخاصة لكن المشهد تغير تماما بعد أن قامت قوات الأمن بإطلاق الرصاص المطاطى وقنابل الغاز على المواطنين، وأكد أن "دماء الذين ماتوا في المظاهرات فى رقبة أجهزة الأمن التي أطلقت عليهم الرصاص". وعن أسباب خروج هذه الأعداد الهائلة بالمظاهرات، قال خليفة إن السويس طوال تاريخها مدينة ثائرة وتكره الظلم وأهلها ضد الحكومة ويكرهون سياساتها وتعتبر من أكبر معاقل المعارضة في الجمهورية. وأشار إلى أن شباب "الإخوان" شاركوا بفعالية فى مظاهرات الغضب مع إخوانهم الشباب الوطني الثائر والغاضب ضد الظلم والاستبداد. وقال إن السويسالمدينة الباسلة التي منعت "السفاح شارون"- في إشارة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرييل شارون- من الوصول للقاهرة واحتلال مصر في حرب 1973 ستتصدى للظلم والاستبداد الذي يمارسه النظام الحاكم. من جانبه، قال القيادي الإخواني الدكتور محمد جمال حشمت إنه شارك هو وابنه خالد وشباب "الإخوان" في المظاهرات التي جرت بوسط القاهرة وقد اعتقل نجله الذي كان من بين المعتصمين فجر الأربعاء. وأوضح أنه كان شاهد عيان على قيام عدد من الضباط بقيادة البلطجية والمسجلين خطر للاشتباك مع المواطنين ومحاولة تخريب الطابع السلمى للمظاهرة أثناء الاعتصام ليلا في ميدان التحرير. وقال حشمت إن الحكومة "فقدت أعصابها ورشدها عندما بدأ الاعتصام أمام مجمع التحرير، خاصة وأن الاعتصام كان كفيل بإسقاط الحكومة وإحداث التغيير لو استمر 48 ساعة فقط، وهو ما جعل قوات الأمن تتصرف بعنف. وأشار إلى أن رد الفعل العنيف جاء بعد أن وصلت رسالة مساندة من الولاياتالمتحدة وإسرائيل، عبر إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن الحكومة المصرية مستقرة وليس هناك أية مخاوف من تكرار أحداث تونس. مع ذلك أعرب عن اعتقاده بأن ما حدث من مظاهرات في مصر في يوم عيد الشرطة كان البداية، وأن انتفاضة المصريين ستنتصر، خاصة وأن النظام يصر على الاستمرار في سياسات الاستعلاء والتصرف بغباء.