شىء مؤلم ومخزٍ فى آن واحد، كثرة الشهداء الذين يتساقطون يومياً بهذه الكثافة فى ربوع الوطن. إن كثرة أعداد الشهداء والمصابين الذين خضمت دماؤهم أرض الوطن، يثير فى النفوس الحزن العميق والأسى الدفين مما تفعله جماعة «الإخوان المسلمين» الحاكمة. فبعد خيبة الأمل الكبرى التى أصابت الناس فى الرئيس وجماعته، وكثرة الدماء التى تسيل والتعذيب الذى يحدث لخلق الله، فإنه بات ضرورياً وواجباً أن ترحل هذه «الجماعة» عن حكم البلاد. منذ وصول «الإخوان» إلى سدة الحكم وأعداد المصريين الذين يتساقطون كالعصافير فى تزايد مستمر لدرجة أنه لا يمر يوم دون أن تسمع عن رحيل مصرى إما فى أحداث الاتحادية وإما فى التحرير وإما فى بورسعيد وإما فى السويس وإما فى الإسماعيلية وطنطا وخلافها من بلدان مصر، ما يعنى أننا فعلاً أمام كارثة قادمة، فكثرة الأعداد التى تسقط لا تفسير لها إلا أن مصر تعيش عصر الدولة الفاشلة بكل المقاييس. لو حصرنا أعداد الشهداء والمصابين خلال حكم «الجماعة» لقاربت أعدادهم الشهداء خلال الثورة فى أيامها الأولى، ما يعنى أن الدم المصرى بات رخيصاً لدى الرئيس وجماعته وأعوانه وأذناب جماعته الذين لا يعرفون سوى سياسة القمع والقهر والظلم، والسؤال: متى تتوقف بحور الدم الجارية فى مصر؟!.. ومتى ينعم المصرى بالأمان والاطمئنان؟!..ومتى يصبح الدم المصرى غالياً؟!.. ومن يستطيع أن يرد لهذا الشعب العظيم كرامته التى تمرمطت فى الوحل بسبب سياسة «الجماعة» الحاكمة؟! هل هناك من يستطيع الإجابة عن السؤال الذى ينتشر بين المصريين الآن؟ ما هو التغيير الذى طرأ على حياة المصريين منذ خلع النظام السابق، سوى تغيير رأس النظام بما هو أشد وأعتى، مضافاً إلى ذلك بحور الدم التى تجرى أنهاراً على أرض الكنانة، والخوف الشديد والرعب الذى ينتاب خلق الله خاصة الغلابة منهم وما أكثرهم فى العشوائيات والأحياء الفقيرة. متى يفيق النظام السائر قدماً نحو تأصيل سياسة القمع والإرهاب؟!.. ومتى يكون الرئيس رئيساً لكل المصريين؟!.. ومتى يكون الدكتور مرسى الذى جاء بشرعية الصندوق وفياً للذين منحوه أصواتهم؟ كل الدلائل والمؤشرات والشهداء الذين يتساقطون والمصابون الذين امتلأت بهم المستشفيات، تؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك، أن هذا لن يحدث ولن يتغير هذا النظام الحاكم طالما أنه لا يعرف سوى سياسة الإقصاء والاستحواذ، ويشغله بالدرجة الأولى «أخونة الدولة». ويخطئ نظام الإخوان تمام الخطأ عندما يتصور أن شعب مصر يمكن أن يهدأ أو يسكت على ظلم أو قهر أو ديكتاتورية، فمصر على مدار تاريخها الطويل ثائرة ورافضة لكل طغيان، والطبيعة قد تهدأ قليلاً أو كثيراً لكن لا يمكن لها أن تتغاضى عن حق لها.. المصريون على مدى تاريخهم لا يعرفون الخنوع ولا يعرفون أن يظلمهم أحد، والنظام السابق الذى استمر ثلاثين عاماً خير عبرة لمن تسول له نفسه أن يظلم هذا الشعب أو يدوس له على طرف، كما يقول أبناء البلد. وبما أننا الآن أمام «جماعة» لا تعرف سوى العمل السرى ورئيس فقد شرعيته التى جاء بها، فالأكرم لهم جميعاً أن يتنحوا جانباً ولكن ما تعانيه الدولة من فشل ذريع على جميع المستويات، مضافاً إلى ذلك مصريين أبرياء يتساقطون إما شهداء وإما مصابين كالعصافير كما قلت سابقاً، ويبقى ماذا ينتظر الرئيس وجماعته؟! هل ينتظر حتى تتم إبادة هذا الشعب الرائع?! إذا كان هذا تفكيرهم فهم واهمون لأن مصر الولادة لا يمكن أن تصاب بالعقم الوطنى.