تحت عنوان "اسمحوا لتونس لتبني ديمقراطية خالية من التدخل الفرنسي"، قالت صحيفة (جارديان) البريطانية إنه على الرغم من استقلال تونس عن فرنسا في عام 1956، إلا أن الساسة ووسائل الإعلام الفرنسية لا يزالون يتدخلون في شؤونها. وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ حرق العلم الفرنسي في شوارع تونس لأول مرة في عام 1956. شاهدنا ذلك المشهد مجددا الأسبوع الماضي، في شارع الحبيب بورقيبة، حيث وقف المتظاهرين أمام السفارة الفرنسية يهتفون "Degage..اخرج" وكان النداء هذه المرة لم يكن موجها إلى الرئيس السابق، "زين العابدين بن علي"، ولكن إلى فرنسا. ولفتت الصحيفة إلى أنه خلال انتفاضة عام 2010، طالب "ميشيل أليو ماري"، وزير الخارجية السابق في حكومة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، فرنسا بتقديم المساعدة للدكتاتور "بن علي" لقمع المظاهرات ضده. وفي إطار برنامجها الاشتراكي الجديد يبدو أن الرئيس الفرنسي الحالي "فرانسوا أولاند" لم يتعلم من أخطاء "اليو ماري"، ومنذ عدة أسابيع، شنت وسائل الإعلام الفرنسية ما يراه بعض التونسيين بأنه حملة لتشويه سمعة تونس ما بعد الثورة. وتعليقا على اغتيال "شكري بلعيد"، أحد زعماء المعارضة التونسية، أعلن وزير الداخلية الفرنسي، "مانويل فالس"، أن تونس ليست نموذجا للربيع العربي بسبب "الديكتاتورية الفاشية الإسلامية" لقاده الإخوان المسلمين والسلفيين، والتي تشكل تهديدا للحقوق والحريات في بلد لم يكن سوى رحلة لمدة ساعتين من فرنسا. وأضاف أن فرنسا لا يمكن أن تتغاضى عن هذا، وسوف تدعم العلمانيين والحداثيين ضد الظلاميين(الإسلاميين). وتزامنت تصريحات "فالس" مع حملة سياسية داخل البلد، والدعوة إلى إسقاط الحكومة المنتخبة وتبديلها بهيئة غير منتخبة. ودعا رئيس الوزراء السابق "الباجي قائد السبسي" إلى حل الجمعية التأسيسية الوطنية المنتخبة، على أساس أنه فقد شرعيته، وذلك للسماح ل"مجلس الخبراء" بتولي دور صياغة دستور البلاد. وفي خضم هذا التوتر الداخلي، فسر تحيز وزير الداخلية الفرنسي الصارخ تجاه جزء من المشهد السياسي التونسي بأن فرنسا تسعى لفرض خياراتها الخاصة على الناخبين التونسيين. ويبدو أن الساسة الفرنسيين لم يستطيعوا استيعاب أن الانتقال إلى الديمقراطية يتطلب وقتا وجهدا، كما هو الحال تنطوي على إعادة بناء مؤسسات الدولة واستئصال الفساد وإنشاء نظام قضائي. وختمت الصحيفة قائلة: استغرقت فرنسا أكثر من قرن لبناء ديمقراطيتها بعد الثورة الفرنسية. فهل لها أن تنكر حق التونسيين لمواجهة نفس المصير؟!.